رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوي وضلالات التُرابي (1) ... بقلم: بابكر عباس الأمين
نشر في سودانيل يوم 29 - 10 - 2009

لا يحتاج المرء إلي كبير عناء لتفنيد فتاوي حسن تُرابي الضاّلة. وذلك لأن بعضها يمكن دحضه بقليل من المنطق ومراعاة مصلحة المسلمين, قبل الرجوع للفقه أو القراّن والسنة. وقد أصبح هذا الرجل وبالاً علي الفِقه, واُصول الإسلام الراسِخة, ومن ضِمنها إمور لا يختلف حولها إثنان ممن سلِمت عقولهم, ورسخ إيمانهم, وحسنت نواياهم تجاه هذا الدين. ولم يتطاول بإطلاق فتاوي وأباطيل تطعن في عدالة الصحابة, وتنسخ أحاديث الرسول فحسب, بل وصل مرحلة إطلاق فتاوي تتضارب مع نُصوص القراّن تضارباً واضِحاً وصريحاً, بحيث أصبح يُحرّف الكلِم عن مواضِعه.
ذكر تُرابي في كتابه "نظرات في الفقه السياسي" أن المسلمين بإمكانهم إستعمال لفظ (God) للدلالة علي الله تعالي. إلا أن هذا اللفظ ذو أصل وثني مُستمد من الحضارة الإغريقية, وله قابلية لصيغ الجمع والتأنيث والتذكير, لأن الإغريق كان لهم إله للخير, وإله للشر, وإلهة للجمال, وإلّهة للجنس... ., مما يؤدي إلي خلل في التوحيد. وذلك لأن التوحيد يعني بتوحيد الصفات, ولا يُوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به النبي الكريم. "وللهِ الأسماءُ الحُسني فأدعُوه بِها وذروا الذين يُلحِدونَ في أسمائهِ سيُجزونَ ما كانوا يعملون." (الأعراف 180).
وهذا أمر غريب, لأن إسم الله هو مفهوم أساسي يُميّز القراّن والإسلام عن بقية الأديان لأنها لا تستخدمه. وحتي مسلمو الغرب وشرق اّسيا - الذين لا يتحدثون العربية - يستخدمون إسم الله للدلالة علي الذات الإلّهية, ولا يستخدمون المُرادِف له في لغاتهم, لأنهم يدركون أن هذا هو اللفظ الذي وصف الله نفسه به والرسول والصحابة وسائر المسلمون. ليس هذا فحسب, بل أن المسلمين, غير العرب, يحرصون علي إستخدام الكلمات العربية المُتعِلقة بالشعائر والعبادات, فتجدهم يستخدمون الكلمات "زكاة" و"صوم" و"حج" و"نِكاح" و"صلاة", ولا يستخدمون المُرادِف لها في لغاتهم تيمُناً بالمسلمين منذ أوائل الدعوة.
صحيح أن هناك قاعدة فقهية تقول بأن الضرورات تبيح المحظورات, تسمح للذي قد يموت جوعاً وليس لديه سوي لحم خنزير, أن يأكل منه. ولكن ليست هناك ضرورة لإستخدام لفظ خِلاف الله لأن ليس فيه مشقّة علي اللسان, مما يعني أن ترابي يريد أن يشغل المسلمين بإمور ثانوية هُم في غِني عنها ولا تُقدّم ولا تُؤخِر. وهذه الدعوة الضالة لن تجد إستجابة حتي لدي المسلمين غير العرب لعِلمهم بخطلها وبُعدها عن الدين.
وقال تُرابي: "إن جميع أهل الكتاب سواء كان الكتاب قراّناً أم توراة أم إنجيلاً فهم مؤمنون, وهم جميعاً يعبدون الله ويسجدون له, لذلك يجب التعاون فيما بينهم والتوحد والوقوف في وجه اللا دينيين" (مجلة الوعي عدد 90 ص4).
هذه ليست دعوة دينية بل سياسية, ولكنها فاشلة بالمقاييس السياسية أيضاً. وذلك لأن أهل الكتاب يقيمون علاقاتهم مع "اللادينيين" علي أسُس مختلفة كالمصالح, لذا نجد لهم علاقات جيدة مع الصين المُلحِدة, والهند الهندوسية, واليابان الشنتونية. وفي حالة أنها دينية مُوجّهة إلي الكنيسة والسنيقوق أوالقساوسة والحاخامات, فهي مدعاة للسخرية. وذلك لأن السياسة الخارجية في الغرب وإسرائيل, لا علاقة لها برجال الدين, وهذا لا يحتاج لخريج سربوني ليفهمه. كما أن النصاري - الذين يدعوهم للوحدة معه - لم ينسو حملته الجهادية ضد إخوانهم في الدين في الجنوب, ووصف قادتهم بربائب الكنائس, كأنما إنتماء المسيحي للكنيسة مسبّة أو مذمّة أو عار.
وذهب أبعد من هذا عندما دعا إلي وحدة الأديان قائلاً: "إنني أدعو اليوم إلي قيام جبهة أهل الكتاب, وهذا الكتاب هو كل كتاب جاء من عند الله." ونادي ب "ضرورة الحفاظ علي الديانات بما يؤدي الي تحقيق توحُّد الأديان." (مؤتمر الأديان, ابريل 1993).
هنا يساوي تُرابي بين القراّن والإنجيل والتوراة, وهو أمر في غاية الخطورة. وذلك لأنه - حسب القراّن - فإن هذين الكتابين قد تمّ تحريفهما, وبالتالي, لا يمكن مساواتهما بالقراّن الصالح لكل زمان ومكان, والذي هو الرسالة الأخيرة للبشر الناسخة لما قبلها. كما أن اليهود والنصاري - الذين يتودّد إليهم ترابي ويدعو للوحدة معهم - لا يعترفون بالإسلام كدين سماوي, ويدّعون أنه من تأليف الرسول. لذا, فمن البدهي أن يواجهوا هذه الدعوة بالسخرية والإستخفاف. وقد دعا للوحدة مع مع اليهود وهم الذين أزاحوا شعباً بأكمله من أرضه, وأسالوا دمه ودِماء المسلمين أنهارا في لبنان ومصر وسوريا. كما هوّدوا القدس وقاموا بالحفريات تحت الأقصي الشريف, وقاموا بالتصفية الجسدية للشيخ أحمد يس وصحبه الأجِلاء.
وعن دعوته لوحدة الأديان, قالت فتوي اللجنة الدائمة للإفتاء السعودية رقم 19302 بتاريخ 25\8\1418: "إنّ الدعوة إلي وحدة الأديان - إن صدرت من مُسلم - فهي تُعتبر رِدّة صريحة لأنها تصطدم مع أصول الإعتقاد, وتبطّل صِدق القُراّن ونسخه لجميع ما قلبه من الكتب والشرائع والأديان. وبناءاً علي ذلك, فهي مرفوضة شرعاً, مُحرّمة قطعاً, بجميع أدلة التشريع من قراّن وسُنة وإجماع." قال تعالي: "ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الاّخرة من الخاسرين." وأضافت اللجنة "إن الدعوة الي وحدة الأديان وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة والغرض منها خلط الحق بالباطل وهدم الإسلام وجر أهله إلي رِدّة شاملة."
وفي فتواه بإمامة المرأة قال ترابيً: "صحيح أن هناك حديث مشهور يقول لا يفلح قوم ولّوا أمرهم إمرأة. ولكنه حديث في مناسبة معينة, في بلد معينة, والفقهاء لهم مذاهب في ذلك." (تجديد الفكر الإسلامي ص 31). أولاً: إتفقت المذاهب الأربعة علي عدم إمامة المرأة للصلاة, بل أن المذهب المالكي يرفض حتي إمامة المرأة للنساء. جاء في كتاب الأشراف للقاضي عبدالوهاب المالكي (1\296) "لا يصح الإئتمام بالمرأة للرجال والنساء." ثانياً: لم يوضح لنا تلك المناسبة التي تمنع أن يكون هذا الحديث مُطلقاً. وهذا يعني, أن بإمكان كل من شاء أن يرفض حديثاً مُعيّناً - مُتّبِعاً هواه - أن يقوم بنسخه بذكر كلام مُعمّم بأن الحديث المُعيّن, قد قِيل في مناسبة معينة, وفي بلدة معينة, دون أن يوضح المناسبة والبلدة, مما يعني فوضي في الدين.
وبإصداره لهذه الفتاوي الضاّلة, يطرح تُرابي نفسه عالِماً مُجدِداً مع أن العالِم له شروطاً مُعينة - ذكرها العُلماء - لا يستوفيها الترابي. وذلك لأنه لم يتخصّص في علوم الدين, ولم يدرس العلوم الشرعية, بل تلقّي تعليماً نظامياً عادياً وتخصّص في القانون ودرسه في الغرب العلماني. ولأهل وحملة ودُعاة العلم صِفات مُحدّدة, جاء ذِكرها في مراجع السلف, وشدّد عليها الإمام مالك ويفتقدها الترابي. ومن ضِمنها حُسن السيرة, العِلم بالناسخ والمنسوخ والمُحكم والمتشابه, العِلم باصول الدين, والمقدرة علي دفع الشُبهة الواردة عليه. قال التابعي الجليل محمد بن سيرين: "أنظروا عمن تأخذون دينكم."
وتُرابي يُدرك في قرارة نفسه أنه ليس بعالِم لذا قال: "الإجتهاد الحُر ليس للعُلماء فقط, وبشروط معينة, بل لكل أحد, لكل فرد, لا بُدّ من أن نجتهد معاُ وجميعاُ فيما هو مُحقق لمصلحة الجماعة." (جريدة المحرر 14\2\1994). ورغم أنه يدرك أنه ليس عالماً إلا أنه لم يمنح نفسه حق الإجتهاد فقط, بل أفتي بأنه مُباح لكل من شاء, رغم الضوابِط التي حدّدها العُلماء وأهل الفِقه لمن يحق له الفتوي والإجتهاد.
وقال مُستخِفاً بتفسير النبي للقراّن: "الرسول بشر مثلنا يُوحي إليه ما حا يفسر القراّن لهذا اليوم لأنه لا يعرف هذا اليوم." (محاضرة جامعة الخرطوم 1\12\1994). ويكمن الإستهتار بالنبي والتطاول عليه, في أن الرسول هو أول من يتلقي الاّية وبالتالي, ليس هناك من أدري بسبب نُزولها وتفسيرها منه. وهوالذي إستمدّ منه الصحابة التفسير الذي وصلنا, مما يعني أن هذا التفسير يصلح لهذا اليوم.
وقال هذا الرجل - المتروك للقاريء وصفه وتصنيفه - عن كُتب التفسير: "إن كتب التفسير عبارة عن حكايات وقِصص واّراء شخصية لمؤلفيها." (مُحاضرة جامعة الخرطوم 1\12\1994). يريد تُرابي أن يطرح نفسه بديلاً عن تفاسير الطبري وابن كثير, والقرطبي والتي يعود الكثير من مرجعيتها إلي أقوال وشُروحات صحابة عايشوا التنزيل, كالخلفاء الراشدين وإبن عباس وعبدالله بن عمر وأُبي بن كعب وإبن مسعود. وهنا يصف هذا الرجل شُروحات وأقوال هؤلاء الصحابة ب "حكايات" و"قِصص" كأنها "ألف ليلة وليلة" أو "علاء الدين والمصباح السحري."
قال الشيخ يوسف الكوة عن فتاوي تُرابي: "أنها لا علاقة لها بالإجتهاد الشرعي وأنها باطلة لأنها ناشئة عن باطل." وقال الداعية الإسلامي الشيخ صادق محمد: "أن تلك الفتاوي تُلزِم قائلها التوبة والرجوع إلي الله وعدم الخوض في مثلها من جديد."
ولم نسمع من مسيحيي وعلمانيي ومُلحِدي السودان تطاولاً علي أصول الإسلام, أو قدحاً فيها بلغو الحديث ولهوه ليُضلّوا به بغير علِم, بل إحترموا مشاعر المسلمين. ولم يمر علي العالم الإسلامي من يقدح مثل هذا القدح منذ عهد عبدالله بن سبأ ومحمد بن سعيد المصلوب.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.