هذه أشتات خواطر وذكريات، جمعتها على عجل، لأساهم بها على تواضعها، مع المساهمين الذين تجمعوا في النادي النوبي في أواخر مايو المنصرم، (حسب الجدول المعلن) لتخليد ذكري طيب الذكر المناضل الثوري أستاذنا الراحل حسن عبد الماجد – المحامي – دام ذكره حياً و راحلاً في الخالدين. بفضل نباهته و نبوغه إجتاز الراحل الأستاذ/ حسن عبد الماجد كل الموانع و المعوقات وبطموحه و مثابرته لتأهيل ذاته هزم الظروف الذاتية والموضوعية ليشق طريقه بالتفوق في كل مراحل تعليمه العام. و توَّج نضاله في هذه المسيرة الظافرة بالإلتحاق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم. و أينما وحيثما وجد لم تغب عن باله أبداً، أحوال و ظروف أهله البسطاء و الكادحين في الشمال والتي لا تختلف في شئ عن أحوال و ظروف سواد السودانيين الذين تعرَّف عليها الراحل الأستاذ حسن عبد الماجد من خلال رصيده المعرفي النظري و تجربته الحياتية العملية، و وعيه الباكر والسديد بأسباب الصراع الإجتماعي الدائر في البلاد، فكان أن عرف سر شقاء شعبه والشعوب الأخرى، و حسم إنتماءه منذ يفاعته و فجر شبابه نصيراً للفقراء الكادحين من الشغيلة و المنتجين الحقيقيين للثروات الوطنية، التي يستأثر بنصيب الأسد فيها قلة غير منتجة في المجتمع، بينما يرسف المنتجون الحقيقيون، في قيد الفقر و المرض والجهل، وهم غالب أفراد المجتمع ......... الخ. إذن لم يكن غريباً أن ينتمي الراحل إلي قوي التقدم والإستنارة كناشط فاعل و مؤثِّر متسلحاً بالوعي و الخبرات و القدرات القيادية الفذة، التي أهلته لنيل ثقة الطلاب لينتخبوه رئيساً لاتحاد طلاب جامعة القاهرة فرع الخرطوم، في عهد سياسي عاصف، أحكمت فيه شمولية حكم (17) نوفمبر قبضتها الدكتاتورية الباطشة على البلاد والشعب. تصدى الراحل الأستاذ/ حسن لمهام قيادته لاتحاد الطلاب في تلك الفترة العصيبة، فجعله مع غيره من الاتحادات الطلابية رأس الرمح في مقاومة نظام الحكم القمعي. و لعب الراحل دوراً أساسياً في تعرية نظام الفريق إبراهيم عبود الشمولي و فضحه في البيانات و المخاطبات و الليالي الساسية التي كان يخاطبها، وسدد ثمن مواقفه بالكامل إعتقالاً و محاكمةً و سجناً. لذا سُجِّل إسم الراحل في لوحة الشرف كواحد من أبرز قيادات ثورة أكتوبر الشعبية المجيدة بعد تخرجه من كلية الحقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، و اشتغاله بمهنة المحاماة قدَّم الراحل الأستاذ/ حسن عبد الماجد نفسه في العام 1968م نفسه لأهله بدائرة حلفا السكوت المحس لينتخبوه كمرشح مستقل مدعوم و مؤازر من قوى الاستنارة والتقدم عامةً، واستحق نيل دعم هذه القوى بحسبان أنه كان أحد القادة البارزين في حركة شباب و طلبة الفصيل النشط والفاعل في هذه القوى التى قادت المقاومة لنظام العسكري الشمولي الأول (1958 – 1964م) وصانعة ثورة أكتوبر الشعبية المجيدة كان مجرّد ترشح المحامي الشاب الأستاذ/ حسن عبد الماجد لتمثيل أهله كنائب في الجمعية التأسيسية (البرلمان) ظاهرة سياسية و إجتماعية ذات مغازي و مضامين كثيرة، أولها الخروج عما ألفه الناس، في الوطن عامةً وفي الدائرة خاصةً، من تقديم كبار السن لمثل هذا التمثيل، حيث أنه آثر أن يقدّم نفسه لخدمة أهله و هو في شرخ الصبا، وعنفوان شبابه و عطائه، ومفتتح سنواته العملية في مهنة المحاماة، التي إختار لها مدينة دنقلا حاضرة الشمالية. أما ثاني الظواهر فكان إصطفاف قوى الاستنارة في المنطقة من المعلمين والموظفين العموميين و الطلاب والشباب من الجنسين خلف ممثلهم الشاب الثائر في خروج معلن عن ولاءات الآباء الحزبية والطائفية القديمة ( وهي ذات القوى التي إصطفت وراء الراحل المقيم، الأستاذ محمد صالح إبراهيم، نائب الدائرة في آخر إنتخابات حرة و آخر دورة برلمانية ديمقراطية "1986 – 1989م"). أما الظاهرة الثالثة فقد كانت هي كوكبة المثقفين والمسنتيرين من أبناء المنطقة في الخرطوم، و الذين رافقوا الأستاذ حسن عبد الماجد لمعاونته في حملته الإنتخابية، يتقدمهم صديقه الأستاذ الموسيقار و الفنان المبدع الراحل محمّد وردي. وكان الراحل وردي يحرص دائماً على تقديمه في الليالي و المخاطبات السياسية على أنه أحد قادة ثورة أكتوبر الشعبية المجيدة كناشط سياسي و نقابي بارز ساهم في مقاومة النظام الدكتاتوري و في قيادة الثورة كرئيس لإتحاد طلاب جامعة القاهرة فرع الخرطوم، مما أهله ضمن كوكبة من القادة منهم بابكر عوض الله وعابدين إسماعيل و آخرين، لنيل ثقة الثوار و الدخول بتفويض منهم إلي قصر الرئاسة بالخرطوم لمطالبة عبود بتسليم السلطة لمناديب الشعب من قادة الثورة ممثلين في قيادة جبهة الهيئات المكونة من قيادات النقابات والاتحادات المهنية واتحادات الطلبة والشباب و مثل ترشيح الراحل الأستاذ/ حسن عبد الماجد في دائرة حلفا السكوت المحس في إنتخابات العام 1968م كذلك نقلة نوعية في الوعي السياسي العام والوعي الجديد بالقضايا الحيوية لانسان منطقة الدائرة وفي المقدمة من ذلك كله أهمية نبذ الصراعات غير المبدئية بين مناطقها الثلاث التي تهدر الطاقات في غير ما طائل و ضرورة وحدة صف أبناء الدائرة، و العمل سوياً لانتزاع حقوقهم المشروعة في التنمية والخدمات والحياة الحرة الكريمة. فاز بثقة أهل الدائرة و مثلهم في البرلمان الراحل دكتور محي الدين صابر (محسوب على الحزب الإتحادي الديمقراطي) و لم يكن تفوقه على أساس حزبي أو سياسي بل على أساس مناطقي، بحسبان أن ممثل الدائرة في الإنتخابات السابقة لها، كان محمد عبد الحليم محجوب من السكوت. وتجدر الإشارة إلي أن الراحل الأستاذ/ حسن قد نافس في الإنتخابات المذكورة، بخلاف الدكتور محي الدين كل من: الأستاذ جعفر عثمان المحامي (المرشح الرسمي للحزب الإتحادي الديمقراطي)، و رجل الأعمال السيّد/ عبد العزيز حسن (حزب الأمة). ونال الراحل الأستاذ/ حسن ما يربو على الثلاثة آلاف من الأصوات قاربت ما حصل عليه الأستاذ /جعفر عثمان المرشح الرسمي للحزب الإتحاي الديمقراطي صاحب الأغلبية الجاهيرية في المنطقة