قام رئيس البرلمان بطرد زعيم المعارضة ورئيس كتلة نواب المؤتمر الشعبي بالمجلس الوطني الدكتور إسماعيل حسين و ذلك في أول سابقة برلمانية من نوعها فبرلمانات السودان علي أيام المحجوب والأزهري وحسن الترابي والصادق المهدي كانت مكانا للفصاحة والبلاغة والجدال بلتي هي أحسن والتي هي أخشن أحيانا) ولكن الأمر لا يبلغ مرحلة الطرد من الجلسة ومنع العضومن الحديث لا سيما وأن هذا العضو هو رئيس كتلة ويحق له الحديث وإبداء الإعتراض ونقطة النظام . وقد عرفت الجمعية التأسيسية التي أعقبت إنتفاضة رجب أبريل 1985م تلك الملاسنة بين الصادق المهدي رئيس الوزراء ورئيس كتلة نواب حزب الأمة (صاحب الأغلبية البرلمانية يومها) وبين النائب عن الحزب الإتحادي الديمقراطي الطيب الشبارقة وكان الشبارقة قد إتهم رئيس الوزراء بالكذب وأنه ليس صادقا إلا في إسمه والإسم يمكن أن يتغير من الصادق إلي الكاذب وتبقي المهدي في مكانها ورد عليه الصادق المهدي قائلا ما دام الأمر أمر أسماء فأنت يا الطيب مع قلب الباء نون يمكن أن تصبح طين الشبارقة وأنتهت الملاسنة عند هذا الحد وضجت القاعة بالضحك وجلب ذلك النائب لنفسه سخرية كان في غني عنها وكان رئيس الجمعية التأسيسية يومها هو البروفسير محمد إبراهيم خليل أستاذ القانون بجامعة الخرطوم وهو من عاصر البرلمانات في السودان وعرف كل شئ عن هذه البرلمانات إلا أن يمنع عضو من الحديث أو يلجأ رئيس البرلمان لطرد عضو من الجلسة مستخدما الشرطة في تنفيذ أوامره وبعد البروفسير خليل ترأس الجمعية التأسيسية الراحل محمد يوسف محمد عن كتلة الجبهة الإسلامية القومية وكان له سمته وأدبه مع كل النواب وما أشرس نواب ذلك الزمان وعرف عن الشيخ حسن الترابي أنه كان يقول إن رئيس المجلس الوطني لا سلطة له ودوره فقط هو توزيع الفرص بين النواب وما يقرره نواب الشعب هو أمر يخصهم ولا شأن لريئس البرلمان به غير أن يوزع الفرص بينهم بعدالة . وعندما جاء إختيار الدكتور الفاتح عز الدين خلفا للأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر في رئاسة المجلس الوطني وجد ذلك إرتياحا لكون الفاتح يمثل جيل الشباب ويستطيع إحداث التغيير من خلال البرلمان ولكن الذي حدث هو العكس حيث كرس الفاتح كثير من الممارسات السابقة وأبدي كثير من الشطط الذي كان يبديه سلفه من القادة السياسيين في المؤتمر الوطني من حملة البندول وأصحاب الحقنة والساطور فأعتبروا يا أولي الأبصار ..وفي الحادثة الأخيرة مع الدكتور إسماعيل حسين حكم الفاتح علي نفسه بضربة واحدة عندما قام بطرد الدكتور إسماعيل حسين من الجلسة وهي جلسة لمناقشة قانون الإنتخابات ورئيس البرلمان كان يبحث عن مناقشين من خارج البرلمان إثراءا للرأي للنقاش والحوار حول القانون ورئيس المجلس وجه الدعوة للأحزاب السياسية من خارج المجلس ولكل من الدكتور الترابي والسيد الصادق المهدي لحضور مداولات المجلس حول القانون ولكنه يمنع أعضاء المجلس من الحديث من تحت قبة البرلمان البرلمان لمجرد أنه يختلف معه في الرأي فكيف يستقيم هذا الأمر . ووالفاتح أطلق النار علي رجليه عندما أمر العضو حسن صباحي وهو من كتلة المؤتمر الوطني بالجلوس ومنعه من الإعتراض علي قراره الخاص بطرد رئيس كتلة المؤتمر الشعبي وقوله بأن هذه ستكون طريقتنا . وعرف عن الفاتح أنه إستجاب لطلب الزبير أحمد الحسن الأمين العام للحركة الإسلامية بالسماح للمثلي المؤتمر الشعبي بحضور الجلسة وهذا يعني أن الفاتح يريد أن يقول بأنه حركة إسلامية وأن الزبير هو شيخه كتلة الحركة الإسلامية بالمؤتمر الوطني . ومن الأغلبية المكانيكية للمؤتمر الوطني في البرلمان يستطيع إجازة تعديل قانون الإنتخابات ولكن المؤتمر الوطني هو الأكثر حاجة لتعديل قانون الإنتخابات من غيره من القوي السياسية والدليل علي ذلك ما أفرزته الإنتخابات السابقة وهو المجلس الوطني الحالي الذي يمتلك في المؤتمر الوطني الأغلبية المطلقة وغاب فيه الرأي الآخر تماما حتي صار لا فرق بين أن ينعقد إجتماع بالنادي القبطي سابقا (مقر المؤتمر الوطني ) وبين قبة البرلمان فقد صار البرلمان نسخة أخري من الحزب الحاكم وإذا كان المؤتمر الوطني يريد أن يتفادي هذا الوضع ومن خلال الإحتفاظ بالأغلبية مع وجود للمعرضة في البرلمان فكيف يأتي نواب المعارضة للبرلمان من أصلو والحزب الحاكم لا زال يتحدث عن التفلت والخلافات بين قياداته في العاصمة والولايات وحلفاءه الذين أفسح لهم في المرات السابقة دوائر إنتخابية هددوا بمقاطعة الإنتخابات وقد تمت إجازة القانون ولكن وسط خلافات بين نواب الحزب الحاكم كادت تعصف بالقانون كما أوردت الصحف ولكل هذه علامات علي أن الطريق الذي يمضي فيه المؤتمر الوطني هو طريق محفوف بالمخاطر مالم يلجأ إلي الحوار الوطني ويحرم علي نفسه إقصاء الآخرين وعلي رئيس البرلمان طرد النواب من الجلسات .elkbashofe@gmail .com ///////////