تقارير تكشف ملاحظات مثيرة لحكومة السودان حول هدنة مع الميليشيا    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ميسي: لا أريد أن أكون عبئا على الأرجنتين.. وأشتاق للعودة إلى برشلونة    رئيس مجلس السيادة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتصار للفقراء في المنظور الاجتماعي الاسلامى .. بقلم: د. صبري محمد خليل
نشر في سودانيل يوم 04 - 07 - 2014

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
تمهيد: اعتبر المنظور الاجتماعي الاسلامى الانتصار للفقراء قيمه ايجابيه ، حث المسلمين على الالتزام بها من خلال: أولا : إقرار جمله من المفاهيم والقيم التي تؤسس للانتصار للفقراء، ثانيا : ورود العديد من النصوص التي تحث المسلمين على الانتصار للفقراء ، ثالثا: تقرير جمله من القواعد التطبيقية التي تحقق الانتصار للفقراء في الواقع.
أولا: المفاهيم المؤسسة للانتصار للفقراء في المنظور الاجتماعي الاسلامى:
الانتصار بعد الظلم : من المفاهيم المؤسسة للانتصار للفقراء في المنظور الاجتماعي الاسلامى مفهوم الانتصار بعد الظلم الذي أشارت إليه النصوص كما فى قوله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ *إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(الشورى :41- 43 ) ، ومضمون هذا المفهوم هو رفع الظلم وتحقيق العدل بإعطاء كل ذى حق حقه دون انتقام او تشفى ، يقول الطبري فى تفسير الآيات السابقة ( فَأُولَئِكَ الْمُنْتَصِرُونَ مِنْهُمْ لَا سَبِيل لِلْمُنْتَصِرِ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ بِعُقُوبَةٍ لَا أَذًى ; لِأَنَّهُمْ انْتَصَرُوا مِنْهُمْ بِحَقٍّ , وَمَنْ أَخَذَ حَقّه مِمَّنْ وَجَبَ ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَتَعَدَّ , لَمْ يَظْلِم , فَيَكُون عَلَيْهِ سَبِيل... وَقَوْله " إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس " يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِنَّمَا الطَّرِيق لَكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَى الَّذِينَ يَتَعَدُّونَ عَلَى النَّاس ظُلْمًا وَعُدْوَانًا , بِأَنْ يُعَاقِبُوهُمْ بِظُلْمِهِمْ لَا عَلَى مَنْ انْتَصَرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ , فَأَخَذَ مِنْهُ حَقّه...
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى " وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ "
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَنْ صَبَرَ عَلَى إِسَاءَة إِلَيْهِ , وَغَفَرَ لِلْمُسِيءِ إِلَيْهِ جُرْمه إِلَيْهِ , فَلَمْ يَنْتَصِر مِنْهُ , وَهُوَ عَلَى الِانْتِصَار مِنْهُ قَادِر ابْتِغَاء وَجْه اللَّه وَجَزِيل ثَوَابه )، ويقول القرطبي في تفسير هذه الآيات ( دَلِيل عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ . وَهَذَا يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقْسَام : أَحَدهَا : أَنْ يَكُون قِصَاصًا فِي بَدَن يَسْتَحِقّهُ آدَمِيّ , فَلَا حَرَج عَلَيْهِ إِنْ اِسْتَوْفَاهُ مِنْ غَيْر عُدْوَان وَثَبَتَ حَقّه عِنْد الْحُكَّام ...الْقِسْم الثَّانِي : أَنْ يَكُون حَدّ اللَّه تَعَالَى لَا حَقّ لِآدَمِيٍّ فِيهِ كَحَدِّ الزِّنَى وَقَطْع السَّرِقَة .. الْقِسْم الثَّالِث : أَنْ يَكُون حَقًّا فِي مَال ; فَيَجُوز لِصَاحِبِهِ أَنْ يُغَالِب عَلَى حَقّه حَتَّى يَصِل إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ عَالِم بِه). ومن أشكال الظلم الواجب رفعه ، الظلم الاجتماعي الواقع على الفقراء ، يقول علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه) ( إن الله تعالى فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم ، فان جاعوا أو عروا وجهدوا فبمنع الأغنياء، وحق على الله تعالى أن يحاسبهم يوم القيامة ويعذِّبهم عليه)، ويقول ( ما جاع فقير إلا بما منعه غني.) ، ويقول ( ما رأيت نعمةً موفورة إلا إلى جانبها حق مضيع) .
إقرار قيمتي المساواة والعدل : ومن القيم المؤسسة للانتصار للفقراء في المنظور الاجتماعي الاسلامى قيمه المساواة ، التي أشارت إليها الكثير من النصوص ، ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قيل يا رسول الله، من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم) ، وعند البيهقي كما عزاه المنذري في الترغيب والترهيب، وصححه الألباني عن جابر( رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله
أتقاكم) ، والمساواة في المنظور الاجتماعي الإسلامي تعني أن تحكم العلاقات بين الناس في المجتمع، قواعد عامة مجردة ،سابقه علي نشأة تلك العلاقات ،تتمثل في الشريعة، دون إنكار ما يكون بين الناس من تفاوت في المواهب والمقدرات الذاتية ، قال تعالى ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ (الزخرف: 32.) ، وتتصل قيمه المساواة بقيمه العدل التي أشارت إليها أيضا الكثير من النصوص كما في قوله تعالى( إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ( النساء:85)، ومضمون العدل نظام إجرائي لبيان وجه الحق بين المختلفين فيه ، طبقا للقواعد المنظمة لعلاقات الناس قبل الاختلاف وذلك بما يسمي الحكم ( القضاء) ، ثم تنفيذ الأمر الذي ترتبه القواعد في محله.
إيجاب إمامه المستضعفين : ومن المفاهيم المؤسسة للانتصار للفقراء مفهوم
إمامه المستضعفين الذي أشارت إليه الايه ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، هذا المفهوم يشير إلى سنه إلهيه حتمية التحقق عند الالتزام بشروط تحققها ، ومضمونها أن من غايات الاراده الالهيه في التاريخ الانسانى ،إسناد الامامه التي مضمونها هنا السلطة بمفهومها الشامل لأبعادها المتعددة "السياسية ، الاقتصادية، الاجتماعية، الدينية ، الاخلاقيه، الحضارية."للمستضعفين ، اى الجماعة التي تم إلغاء مقدرتها على الفعل ، وان تحقق هذه الغاية مشروط بمعرفه والتزام هذه الجماعة بشروط تحقق هذه السنة الالهيه ، ورد فى تفسير القرطبي ( وَنَجْعَلهُمْ أَئِمَّة " قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَادَة فِي الْخَيْر مُجَاهِد : دُعَاة إِلَى الْخَيْر . قَتَادَة : وُلَاة وَمُلُوكًا ; دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا " [ الْمَائِدَة : 20 ] قُلْت : وَهَذَا أَعَمّ فَإِنَّ الْمَلِك إِمَام يُؤْتَمّ بِهِ وَمُقْتَدًى بِهِ )، وقد اوجب القران الكريم على المسلمين السعي لتحقيق إمامه المستضعفين، حيث لام القران الكريم -على لسان الملائكة - الذين رضوا بالاستضعاف ، ورد على حجتهم في تبرير قبولهم بالاستضعاف ، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، كما قرر القران الكريم أن هناك عقاب اخروى لمن رضوا بالاستضعاف ، شانهم في ذلك شان الذين استكبروا ، قال تعالى ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد) ، ولم يستثنى القران الكريم من هذا العقاب الاخروى إلا المستضعفين الذين لا تتوافر لهم اى امكانيه لتغيير واقع استضعافهم، قال تعالى ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا) ، كما أن اعتبر القران الكريم ان تحرير المستضعفين هو احد أسباب مشروعيه الجهاد في الإسلام (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ والنساء وَالْوِلْدَانِ الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هََذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لّنَا مِن لّدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لّنَا مِن لّدُنْكَ نَصِيراً ).رفض اماره المترفين:
وعلى خلاف إمامه المستضعفين،القائمة عل الاستخلاف الاقتصادي - السياسي، يعرض القران الكريم لاماره المترفين القائمة على الاستكبار/ الاستضعاف
الاقتصادي- السياسي ، قال تعالى (وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا۟ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا 0لْقَوْلُ فَدَمَّرْنَٰهَا تَدْمِيرًۭا ) ﴿ الإسراء / 16)، وقد نقل المفسرون اختلاف القراء في قراءه لفظ (أمرنا ) والمشهور هو قراءه التخفيف، كما اختلف المفسرون في معنى أمرنا مترفيها ،فقال بعضهم أمرنا مترفيها امرأ قدريا ، وقال بعضهم أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها بمعصية الله، وقال آخرون جعلنا مترفيها أمراء ففسقوا فيها ، ولا تعارض بين هذه المعاني فيجوز الجمع بينها ، يقول ابن كثير (اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله " أَمَرْنَا " ، فَالْمَشْهُور قِرَاءَة التَّخْفِيف وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا، فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا أَمْرًا قَدَرِيًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " أَتَاهَا أَمْرنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا " إِنَّ اللَّه لَا يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ قَالُوا مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَخَّرَهُمْ إِلَى فِعْل الْفَوَاحِش فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَاب، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَاتِ فَفَعَلُوا الْفَوَاحِش فَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَة . رَوَاهُ اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر أَيْضًا، وَقَالَ اِبْن جَرِير يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاء قُلْت إِنَّمَا يَجِيء هَذَا عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا " ) ، والمترفين في هذه الايه ليسوا الذين يمتلكون المال فقط ، بل الذين يمتلكون المال ، ويعملون على الإبقاء على الواقع القائم على ثنائيه الاستكبار / الاستضعاف ، ومعارضه تغييره إلى الاستخلاف ، ورد في تفسير ابن كثير ("إِلا قال مترفوها" وهم أولو النعمة والحشمة والثروة والرياسة, قال قتادة: هم جبابرتهم وقادتهم ورؤوسهم في الشر).ثانيا : النصوص التي تحث المسلمين على الانتصار للفقراء : وقد وردت الكثير من النصوص التي تحث المسلمين على الانتصار للفقراء بأساليب مختلفة ، حيث وردت العديد من النصوص التي تذم النظرة السلبية للفقراء ، والقائمة على التمييز الاجتماعي ، والتي سادت في المجتمع العربي القبلي الجاهلي ، كما في قوله تعالى على لسان مشركى مكة (وَقَالُوْا لَوْ لاَ نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْم) (الزخرف)، وقوله تعالى في معرض الرد على قول ساداتُ العرب وأغنياؤهم للرسول (صلى الله عليه وسلم) "اجعل لنا يومًا ولهم يومًا - اى الفقراء - " (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَع الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَداوةِ وَالعَشِيّ يُرِيْدُوْنَ وَجهَه وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيْدَ زِيْنَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً...) (الكهف:28-29). كما وردت العديد من النصوص التي تؤسس لنظره ايجابيه للفقراء، قائمه على تقرير المساواة ، واعتبار أن المعيار الصحيح لتقييم الناس هو العمل وليس الوضع المادي كما في قوله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ
أَتْقَٰكُمْ) (الحجرات:13)، وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (رُبّ أشغث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه) . كما وردت العديد من النصوص التي تحث على حب المساكين وتقريبهم ، قال الرسول (صلى اله عليه وسلم) ( ياعائشة أحبي المساكين وقربيهم يقربك الله يوم القيامة )، وأخرج الطبراني وابن حبان في صحيحة عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) قال( أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بخصالٍ من الخير:
أوصاني ألا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين، والدنو منهم..) كما سال الرسول (صلى الله عليه وسلم) الله تعالى أن يحيه ويميته مسكينا ) اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، وأحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة(...قيل ولم يا رسول الله؟ قال:
)إنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا.. )، كما عاش (صلى الله عليه وسلم) - كما هو معلوم فقيرا ، قالت عائشة (رضي الله ( أنه وآله لم يشبعوا من خبز القمح ثلاث ليال متتابعات منذ قدموا المدينة، وكان يمر عليهم الشهران وما أوقد في بيوت رسول الله نار).
ثالثا: القواعد التطبيقية التي تحقق الانتصار للفقراء في الواقع في المنظور الاجتماعي الاسلامى : كما يتضمن المنظورالاجتماعى الاسلامى ، جمله من القواعد التطبيقية ، التي تحقق الانتصار للفقراء في الواقع .
آليات مكافحه الفقر في المنظور الاجتماعي الاسلامى : من هذه القواعد التطبيقية آليات مكافحه الفقر في المنظور الاجتماعي الاسلامى والتي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول :آليات تقوم بتطبيقها الدولة: ومن هذه الآليات:
أولا: الزكاة : قال تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)( التوبة :60).
ثانيا: كفاله الدولة للفقراء: أخرج مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن الرسول (صلى اله عليه وسلم ) قال ( أنا أوْلى بالمؤمنين في كتاب الله, فأيكم ماَّ ترك ديناً وضيعة (عيالاً) فادعوني فأنا وليه )( رواه مسلم, ح/3041).
ثالثا: العطاء: قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)(والله ما احد أحق بهذا المال من احد ،وما من احد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته،فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وعناؤه وحاجته، والله لئن بقيت لهم ليصلن الرجل حقه من المال وهو في مكانهيرعى).
رابعا: إقراض الدولة للمحتاج: ينقل ابن عابدين عن أبو يوسف (يدفع للعاجز- أي العاجز عن زراعة أرضه الخراجيه لفقره - كفايته من بيت المال قرضاً ليعمل ويستغل أرضه ).
القسم الثاني: آليات يقوم بتطبيقها المجتمع : ومن هذه الآليات:
أولا:الصدقات: قال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ( التغابن : 16)، وقال تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ : 39).
ثانيا: كفالة الأيتام والأرامل: قَالَ الرَسُولُ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) (وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا -)( رواه البخاري " 4998"، ومسلم "2983" من حديث أبي هريرة بلفظ قريب). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ). (رواه البخاري "5038" ومسلم "2982").
ثالثا:الكفارات : قال تعالى (...فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ...) المائدة : 89.
رابعا: الأوقاف: وهى تطبيق لقوله ( الله صلى الله عليه وسلم )( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء : صدقة جارية .... )( رواه الترمذي ح/1297).
-عنوان موقع د. صبرى محمد خليل https://sites.google.com/site/sabriymkh/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.