الصراع بين الخير والشر مستمر وسرمدي , لكنه عند اختلاط الامور وكثرة الظلام الدامس تخرج اشعة النور فتضئ المكان وتتضح معالمه اكثر فاكثر . والبنية البشرية يوما ما سيفارقها الكبت الموروث الغايص في سويداء القلوب , ويوما ما ينبلج صبح البشرية الحقيقي الذي تعبر عنه النفس الحقيقية ويكون الانسان قطع خط الرجعي الي البدايات الاولي , البداية الصافية التي خرجت توا من النفخ الالهي , بعد ان تمسح عنها ذاكرة الايام الكبت والاوهام والاباطيل . فصراع الخير والشر لابد ان يحسم لاحد الطرفين ولكنه حقيقة الصراع يجب ان تكون في جهة صراع الافكار حتي تتمايز الاشياء . امثلة هذا الصراع المستمر ذلك الصراع القائم بين الكهنوت وعلماء الطبيعة في قضايا تمس اصل الحياة واصل الكون , ولقد كان ذلك تاريخا ملئ بالدم والدموع والنهايات المأساوية لاصحاب المذهب الطبيعي , وليس الاستاذ محمود محمد طه صاحب الفهم الجديد للاسلام ببعيد عن ذاكرة التاريخ الانساني ولكن شكل الصراع بينة وبين رجال الدين الاسلامي حصر الصراع في فهم الدين الواحد , ونتيجة هذا الصراع اعدم في السادسة والسبعون من عمرة لافكارة الجديدة كل الجدة علي رجال الدين السودانيين وعلماء الازهر الشريف بمصر. وبالرغم ان محكمتنا العليا لاحقا جرمت تلك المحاكمة التي حشدت لها افكار رجال الدين من انحاء المعمورة , وبالضرورة الان ان كل من تتلمذ علي يد الاستاذ وكان عضوا في حزب( الفكرة الجمهورية )-علي حسب فرضية خلو الجرم المزعوم من سوح المحاكم , له الحق في ممارسة العمل الدعوي والحزبي بالطريقة التي يراها الحزب الجمهوري واصحاب الفكرة الجمهورية التي يمكن ان تكون ولا ريب في ذلك اضافة حقيقية للساحة السياسية والفكرية في السودان . اذن لماذا قبل مسجل الاحزاب السياسية الطعون المقدمة من اشخاص وهيئات لا دليل لها في اخر محكمة برأت سوح الاستاذ , ومن المعلوم في القانون ان براءة المتهم شخص او مؤسسة اعتبارية او تجمع نقابي يكون في( اخر محاكمة) هو المعمول به , اما اذا كان عدم قبول طلب تسجيل الحزب الجمهوري بأنه حزب طائفي فهذا قول مردود , فالحزب الجمهوري هو الحزب الوحيد منذ تكوينه في الاربعينات سابقا احزاب اليسار , الذي رفض الوقوع في احضان الطائفية المضمون ,ليس لشئ غير ان الفكرة الجمهورية اصلا من ركايز افكارها الاساسية القضاء علي الطائفية الدينية والعرقية والفكرية . اذن ما هي الحجة التي من اجلها رفضت اوراق اعتماد الجمهوريين ؟ صدقوني لا شيء غير ( الحسادة القديمة) , وما دامت العين الناظرة القديمة موجودة وهي التي ( الضيقة في غوار) لن يقبل تسجيل الحزب الجمهوري رغم حسن الظن العريض عند الاستاذة اسماء محمود ومن معها, الا ان يغسل الله الرين الافتراضي لقلب المحكمة العليا للاستئناف , وحسن ظني العريض انها بلا رين . الفكرة الجمهورية قدمت حلول من وجهة نظرها مهمة لعلاقة الانسان بالانسان وعلاقة الانسان بالله , معتمدة في ذلك علي شعار ( الحرية لنا ولسوانا ) , وهي معتمدة اصلا علي دستور الحزب الجمهوري لعام 1968 م التي المبدأ فيه قايم علي تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة والحرية الفردية المطلقة طالما لم تقاطع حرية الاخرين , الوسيلة في ذلك قيام حكومة جمهورية فيدرالية ديمقراطية اشتراكية , وبعض الفروع التي لا تخرج عن الاصل في دساتير الاحزاب السودانية , وانما يتفوق عليها بالدعوة الي مدنية جديدة دستورها القرأن وجعل انجاب الفرد الحر ممكنا –الفرد الذي يفكر كما يريد, ويقول كما يفكر, ويعمل كما يقول , ثم لاتكون عاقبة قوله, ولا عمله , الا الخير والبر بالناس وبالاشياء تماشيا مع قوله تعالي " يا أيها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون " . لذلك الفكرة الجمهورية واحدة من مجموع الافكار العلمية والعملية للفرد المسلم مستنبطة من ذلك الحياة القادمة في كوكب سريع التطور والتقدم , وهي بذلك فكرة متحدية الافكار الاخري , ولذلك محاربتها لا تتم عن طريق الحجب وانما عن طريق الحجه بالحجة وهو قانون صراع الافكار الذي لا غيره . لذلك مغالي الفكرة الجمهورية يجب ان يقدموا ما عندهم من افكار واقعية في طريق تقدم الامه لا ترجعنا القهقري الي عالم البدايات الاول في عصر الغابه والعصور النارية والحجرية التي قطعها الانسان في ترقيه في دهر دهير . [email protected] ///////