كان الحديث عن الحوار بين القوي السياسية هو سيد الموقف وقد إنطلق الحوار وحدد رئيس الجمهورية في خطابه بقاعة الصداقة أجندة الحوار الوطني وهي الأجندة الأربعة المعروفة والتي جاءت آليتها المعروفة أيضا (ب7 +7 )وقبل أن تأخذ أجندة الحوار حظها من النقاش والحوار جاء الحديث عن الحوار المجتمعي وهو أيضا مع رئيس الجمهورية فهل الحوار المجتمعي هو بديل للحوار الوطني ؟ وهل فشل الحوار الوطني ولم يعد له وجود ولذلك لجأ المؤتمر الوطني للحوار المجتمعي ؟ والحوار الوطني نفسه ألا يشمل المجتمع إن لم يكن هو من أجل المجتمع والناس فهل هو من أجل إقتسام السلطة بين الأحزاب السياسية بمعني أنه حوار سياسي ليس للمجتمع علاقة به ؟ ولكن بالعودة إلي أجندة الحوار الوطني التي تم إقرارها في لقاء الرئيس بقادة الأحزاب السياسية نجد هذه الأجندة هي أجندة إجتماعية بإمتياز .... فالسلام ووقف الحرب هي عملية إجتماعية من الدرجة الأولي والمجتمع هو الخاسر الأول والأخير من الحروب والنزاعات التي تزهق فيها الأرواح وتضيع فيها الأموال والأنفس والثمرات . والمشكلة الإقتصادية بدورها من أكبر هموم الناس وقضالياهم في ظل الإرتفاع الحاد في الأسعار وتكاليف المعيشة وتدهور قيمة العملة مقابل العملات الأجنبية . والدستور الدائم للبلاد يتحقق من خلال القوي السياسية وتوافقها علي الدستور عبر الحوار الوطني . والسياسة الخارجية وإصلاح علاقة السودان مع الدول والشعوب الصديقة تعود مباشرة علي حياة المواطنين وحركتهم الإقتصادية والإجتماعية وتبادل المنافع بين الشعب السوداني وغيره من الأمم والشعوب . وطالما ان الحوار الوطني هو الذي يحل المشكلات ويضع الحد للقضايا المطروحة منذ إستقلال السودان إلي يومنا هذا ومنها قضية الهوية والدستور الدائم والخدمات والتعليم والنظام الفدرالي وغيرها ..طالما الأمر كذلك فإن الحوار المجتمعي يصبح مثل السلام المجتمعي والسلام من الداخل الذي أضاع فيه السودان وقتا طويلا وفي نهاية الأمر لجأ للحوار المباشر مع حركة التمرد وجاء توقيع اتفاقية السلام في نيفاشا وكان ذلك هو الحل لكون السلام من الداخل لم يكن يخاطب القضايا الأساسية بقدر ما كان تعبير عن أشواق المجتمع السوداني في تحقيق الوحدة الوطنية والسلام والتي ثبت في نهاية المطاف أنها لن تتحقق بمجرد الأشواق والأماني الطيبة .وبعد تجربة نيفاشا وذهاب جنوب السودان عن شماله والمشكلات التي برزت إلي السطح والمطالبة الواسعة بالتغيير من جانب المعارضة والإنشقاقات والتحركات التي شهدها المؤتمر الوطني بما فيها محاولة الإطاحة بالحكومة عبر الإنقلاب العسكري فإن قضية الحوار التي برزت عقب إكل هذا لم تعد ترف ولا نزهة يمكن أن يخرج فيها الحزب الحاكم ولا هي رحلة صيد بإمكانه أالعودة منها بفريسة من الفرائس إلي قصره وحرمه ولكنها قضية فرضها واقع إذا أردنا وصفه بكل وضوح وشفافية فهو قضية صراع علي السلطة شمل كل المنطقة من حولنا وواقع فرضه الربيع العربي الذي أطاح بالحكام المستبدين ولكنه أفرز أيدلوجيات متصارعة وضبابية في الرؤي لدي المواطن الذي يريد إلي جانب الحرية والديمقراطية إستقرارا سياسا وإذا كانت القوي السياسية في السودان قد لجأت للحوار فإن هذه القوي تريد من هذا الحوار أن تتفادي مشكلات العنف والتقشيم والتدويل للقضايا الوطنية والقومية التي يمكن أن تخضع للحوار بين أبناء الوطن الواحد وتجد من خلاله الحل الأمثل وأمامنا الحالة المصرية والحالة الليبية والحالة اليمنية وقد أطاحت الشعوب في كل هذه البلاد العربية بحكامها ولكن القوي السياسية فيها لم تدير الحوار المطلوب لمشكلة التداول السلمي للسلطة لدرجة عدم القبول بنتائج الإنتخابات الحرة والنزيهة كما حدث في الجارة مصر وليبيا من بعدها . وإذا قارنا الحوار المجتمعي بالحوار الوطني نجد أن الحوار المجتمعي بهذا الإسم الرنان لا يحقق الأهداف التي يحققها الحوار الوطني في الشلام والوحدة الوطنية وإقرار الدستور الدائم للبلاد وذلك لإفتقاره للآليات التي يمكتلكها الحوار الوطني وعلي رأسها القوي السياسية هذا في حالة إحسان الظن بالحوار المجتمعي وعدم القول بأن المؤتمر الوطني خرج من الحوار الأكبر إلي الحوار الأصغر وهو حوار النفس والذات بمعني أن (( المؤتمر الوطني يحاور المؤتمر الوطني )) خاصة وأن هذا الحوار قد جاء بين يدي اتحديد الإنتخابات العامة في الثاني من أبريل القادم وهذا التحديد مما أثار حفيظة القوي السياسية التي إعتبرت إعلان اللجنة القومية لجدول الإنتخابات هو رفض من جانب المؤتمر الوطني للحوار الوطني و الحوار المجتمعي يأتي القائم الآن لا يخرج عن الإنتخابات والإستعداد للإنتخابات التي تقتضي التواصل من جانب المؤتمر الوطني مع قوي المجتمع في القبائل والطرق الصوفية وفئات المرأة والشباب والطلاب لتجديد الولاء وهذا حق من حقوق المؤتمر الوطني ولكن من الأفضل للحزب الحاكم أن يقوم بما قام به من حوار مجتمعي عقب الحوار الوطني ومقرراته ونتائجه التي في الغالب الأعم تنتهي إلي فترة إنتقالية تدار بواسطة حكومة قومية تتيح للقوي السياسية فرصة عرض برامجها علي جماهيرها وتترك للشعب الخيار في إعادة تفويض المؤتمر الوطني من جديد إذا أراد الشعب ذلك أو تفويض حزب غيره لإدارة البلاد من خلال عملية ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة وإنتخابات حرة ونزيهة elkbashofe@gmail .com [email protected]