مما لا ريب فيه، أن شركة "زين" للهاتف السيار، تسعى جاهدةً إلى أن تُعطي عبارة الإدمان التي يغلب فيها الشُّبهة السالبة، بُعداً لُغوياً جديداً، وإضافة لفظية مهمة. إذ إن الإدمان من الأمور التي يستعاذ منها، ولكن عند "زين" صار من المعاني التي تحمل في طياتها أشياء موجبة؛ لأن الإدمان يقترن بالفشل، وبمضار الأفعال والأعمال. ولما كانت الألفاظ أوعية المعاني، حرصت "زين" على أن يكون لهذا اللفظ مدلولاً مغايراً من الذي ينطبع على ذهنية المتلقي. وأحسبُ أن شركة "زين" ضمن مجاهداتها في تنزيل منتجاتها إلى قاعدة عريضة، تجدها تترفق في شعاراتها بألفاظ فيها قدر من الشُّعوبية، وتنأى ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً من الألفاظ التي يغلب على وصفها أنها ألفاظ صفوية من الصفوة؛ لأنها تريد لخدماتها أن تسوح بين الناس، رفقاً بشعارٍ ميسورٍ، يجد أذناً صاغيةً لدى الشعوبيين والصفويين معاً. وأكبر الظنِّ عندي، أنها اختارت شعار "هسا"، وكان بمقدورها أن تستخدم لفظاً يعطي الدلالة والمدلول ذاتهما، وهو "الآن"، ولكنها أرادت "هسا"، ذاك الجرس المتداول والميسور الطرق بآذان العامة والخاصة. فجاء هذا الشعار في أول مبادرة وطنية عبر شراكة ذكية بين القطاع المصرفي ممثلاً في بنك الخرطوم، وقطاع الاتصالات ممثلاً في شركة "زين"، خدمةً للجمهور. حيث تم تدشين هذه المبادرة تحت هذا الشعار أمس (الأحد) في فندق السلام روتانا بالخرطوم. وكعادة أهل "زين" في الضيافة والاستضافة، وأسلوب الدعوة الذي لا يجد المرءُ منه فكاكاً، فلا غرو أن احتشد العشرات من الساسة ورجال الأعمال والمصارف والاتصالات، وكان الحفل بحضور عددٍ مقدرٍ من قيادات الوسائط الصحافية والإعلامية، ليشهدوا منافع للناس، تمثلت في هذه الشراكة الذكية بين بنك الخرطوم وشركة "زين"؛ لاستهداف خدمة المواطنين بكافة طبقاتهم الاجتماعية، وبمختلف مستوياتهم الوظيفية. إذ إن هذه الخدمة عبارة عن وسيلة تقنية تتيح لكافة حاملي الهواتف النقالة، التمكن من إجراء معظم العمليات المصرفية والخدمات المالية، مثل تحويل الأموال وشراء الخدمات المختلفة، وسداد الفواتير، إلى جانب الاستفادة من خدمات الصرافات العادية، ونقاط البيع، وذلك دون الحاجة إلى فتح الحسابات المصرفية المعتادة بأي مصرف. ولما كنتُ من الذين قَدِمُوا من بلاد بعيدة، عشتُ فيها قرابة الثلاثة عقود، وجدتُ أن هذه المبادرة الوطنية عبر الشراكة الذكية، تُحدث نقلةً نوعيةً في بلادنا السودان. لذلك لم أبرح الحقيقة قيد أنملة، عندما قلتُ إن شركة زين أدمنت النجاح، أي أنها تجاهد مجاهدة صعبة في ترقية مستويات خدماتها لتصل إلى مستوى خدمات تلكم البلدان المتقدمة، علماً وتكنولوجيةً، حيث لم يعد هناك داعٍ لحمل أوراق نقدية، إذ إنك من خلال الصرافات الآلية والهواتف النقالة تقضي احتياجاتك الخدمية المختلفة. وفي رأيي الخاص، أن مثل هذه المبادرات الوطنية عبر الشراكات الذكية، تُسهم إسهاماً فاعلاً في ترقية مستوى الخدمات للمواطنين كافة، إضافةً إلى أن المردود الاقتصادي والاجتماعي لمثل هذه الخدمات، يُسهم إسهاماً فاعلاً في جذب المزيد من الودائع والمدخرات الوطنية إلى القنوات المصرفية، مما يسهم أيضاً في التخفيف من رهق المضاغطات المالية والاقتصادية للعباد والبلاد. وأحسبُ أن ما ذهب إليه الأخ الفريق طيار الفاتح محمد أحمد عروة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة "زين" (هسا)، يأتي في إطار الشراكة الذكية بين بنك الخرطوم وشركة "زين"، التي تستهدف خدمة المواطنين، وتؤكد أهمية التعاون بين كبريات المؤسسات والشركات لتبادل الخبرات، والاستفادة القصوى من البنيات الحقيقية والمتطورة لقطاع الاتصالات، ليتكامل مع بنيات مماثلة في قطاع المصارف، مؤكداً أن تتويج هذه الشراكة بتدشين خدمة "هسا" المتميزة، سيحدث نقلةً كبيرةً في مجال الخدمات الإلكترونية. وأن هذه الخدمة ستُقدم مفهوماً جديداً لاستخدام الهواتف النقالة أكثر من كونها وسيلة اتصال فحسب، بل أداة تُسهم في تطوير وإثراء حياة الناس، لاحتوائها على تقنيات متطورة، تجعل منها وسيلةً مهمةً. أخلصُ إلى أن شركة "زين" وبنك الخرطوم في هذه المبادرة الوطنية، وعبر هذه الشراكة الذكية بين قطاعين مهمين، هما قطاع الاتصالات وقطاع المصارف، يقدمان نموذجاً حياً، ومثالاً واقعاً إلى غيرهما من القطاعات، من خلال إبرام شراكات ذكية تسهم إسهاماً فاعلاً في تقديم خدمات متميزة ذات تقنية عالية، تزيح عن كاهل مستفيدها كثيراً من رهق المضايقات المالية والمعاناة اليومية. عليه نحن في الوسائط الصحافية والإعلامية، ينبغي أن نشجع مثل هذا النوع من التعاون في خلق مبادرات وطنية وشراكات ذكية، ترتقي مراقي عالية في تقديم الخدمات، أياً كانت هذه الخدمات والتسهيلات للمواطن السوداني. وأحسبُ أن الأخ الفريق طيار الفاتح عروة يعي وعياً كاملاً، ويدرك إدراكاً تاماً، بأن شركة "زين" لن تقتصر مجاهداتها في تقديم خدماتها التجارية فحسب، بل تعمل جاهدةً على تطوير الكثير من المرافق والملتقيات، طوعاً واختياراً، في سبيل إظهار قدرٍ ملحوظٍ من مساهماتها في تطوير الخارطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مستصحباً في ذلك أنها ليست شركة همها الأكبر الربحية، والحصول على معدلات قياسية وجوائز إقليمية وعالمية في تحقيق ربحية خالية من مسؤوليات اجتماعية وطنية، تنداح مساهماتها في دوائر مختلفة، بعيداً عن الربح والخسارة. ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: ".. وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". وقول الشّاعر العربي جرول بن أوس العبسي، المعروف بالحُطيئة: مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ ===== [email protected]