شهد فندق كورال (الهيلتون سابقاً) حفل عشاء مساء أول من أمس (الثلاثاء)، دعا إليه البروفسور مأمون محمد علي حميدة وزير الصحة في ولاية الخرطوم، بمناسبة زيارة وفدٍ من وكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، في إطار التعاون بين السودان واليابان. ويجيء تنظيم هذا الحفل بمناسبة انطلاق المرحلة الأولى لإعداد الخرط والدراسات التفصيلية لثلاثة مستشفيات لرعاية الأمومة والطفولة في ولاية الخرطوم بمنحة تبلغ 20 مليون دولار. وما استوقفني في هذا الحفل أن الوفد الياباني الذي وصل إلى السودان كبير العدد، ومن المتوقع أن يظل في السودان إلى منتصف شهر سبتمبر المقبل، ويضم مهندسين ومعماريين وقانونيين واختصاصيين استشاريين في المعدات والأجهزة الطبية المختلفة، وذلك لإعداد الخرط والتصاميم لتلكم المستشفيات، بدءاً من فحص التربة في المواقع التي ستُشيد فيها هذه المباني، وانتهاءً بالمراحل المختلفة لتشييد هذه المستشفيات، على أن يبدأ العمل فيها مطلع العام المقبل، لتكون جاهزة لتقديم الخدمات الطبية في عام 2017، ضمن الخارطة الصحية لولاية الخرطوم، لتوفير الرعاية الطبية للمواطنين في أطراف الخرطوم، من حيث العناية اللازمة للأمهات والأطفال. وأحسبُ أن اختيار منظمة (جايكا) اليابانية لمحلية أمبدة في ولاية الخرطوم، نسبة لأنها مأهولة بالسكان، حيث يزيد عدد سكانها عن المليون ونصف المليون نسمة، وأن نسبة الولادة فيها تصل إلى 25% من نسبة الولادات في الولاية، إضافة إلى أن هنالك بعض المشكلات التي تواجه مستشفى أمبدة. وفي ذلك قال الأخ البروفسور مأمون حميدة خلال اجتماعه ب(جايكا) للدعم الخارجي، إن مبادرة المنظمة في هذا الخصوص جاءت وفقاً للخارطة الصحية للخرطوم في نشر الخدمات الصحية في الأطراف، خاصة بعد استكمال الدراسات المتعلقة بتأهيل مستشفى أمبدة، وانطلاق العمل به في عام 2015، وذلك من أجل تخفيض نسبة وفيات الأمهات والمواليد في تلكم المنطقة. وكم كان جميلاً من وزارة الصحة الولائية أن تجمع الوفد الياباني الكبير بعددٍ من قيادات الصحف، لمعرفة الأساليب اليابنية في تقديم العون الخارجي، إذ أن رئيس الوفد الياباني تصدى شارحاً لبعض تفاصيل سياسات (جايكا) للدعم الخارجي، منها أنهم يحرصون على تقديم خدمات صحية وغيرها في الأرياف والمناطق الطرفية، لترقية معيشة القاطنيين فيها. وأشاد رئيس الوفد الياباني في كلمته بالحفل بالتعاون الكبير الذي وجده الوفد من وزارة الصحة بولاية الخرطوم، معرباً عن إعجابه بالدراسات والرؤية الواضحة لتوزيع الخدمات الصحية والطبية في ولاية الخرطوم، بطريقة تضمن العدالة للمواطنين، خاصةً الفقراء منهم. أما البروفسور مأمون حميدة، فأكد أن وزارته لها علاقات خارجية مميزة مع العديد من الدول، وأن زيارة الوفد الياباني الحالية تأتي في إطار التعاون بين السودان واليابان عبر منظمة (جايكا) في الشأن الصحي والطبي من أجل العمل على تخفيض نسبة وفيات الأمهات والمواليد، مشيراً إلى طرح عدد من المبادرات بالتعاون في إنشاء مؤسسات ومستشفيات تُعنى بصحة الأمومة والطفولة. وأبان البروفسور مأمون حميدة حرص اليابانيين على إنفاذ مشروعات عونهم بأسلوب إنفاذ المشروعات الممولة باليابان بمتابعتها في مراحلها المختلفة لضمان إنفاذها، وتأكيد جدواها للجهات التي تقدمها، شارحاً أن هذا الحرص يجعل المشروعات الممولة من اليابان تستغرق فترة زمنية طويلة، ولكن يظل اليابانيون يتابعون هذه المشروعات في مراحلها المختلفة حتى تُؤتى أُكلها. أخلصُ إلى أن البروفسور مأمون حميدة استغل سانحة وجود عدد من قيادات الوسائط الصحافية والإعلامية لتصحيح صورة ذهنية رسختها بعض هذه الوسائط في ما يتعلق بالإدعاء بتجفيف مستشفيات وسط الخرطوم، ونقل الخدمات الطبية إلى الأطراف، مؤكداً أنهم في وزارة الصحة بولاية الخرطوم لا يريدون نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف كما يردد البعض، ولكن الصحيح أنهم يريدون تقوية الخدمات الصحية والطبية في المناطق المأهولة بالسكان، والمحتاج قاطنوها من المواطنين إلى الخدمات الصحية والطبية بالقرب من أماكن سكناهم، للمستويين الأولى والثاني، بجانب إقامة مستشفيات ومراكز صحية جديدة، وفقاً للخارطة الصحية لوزارة الصحة بولاية الخرطوم، مضيفاً أن مستشفى الخرطوم سيشهد طفرة كبرى تجعله في المستوى الثالث المرجعي، مشيراً إلى تجربة مستشفى ابن عوف للأطفال الذي أصبح الآن مستشفىً مرجعياً للأطفال، يتفرغ فيه الاختصاصيون والاستشاريون للعمليات والحالات المرضية الدقيقة للأطفال. فهكذا تستقطب وزارة الصحة الولائية العون الخارجي لدعم إنفاذ مشروعات الخارطة الصحية لولاية الخرطوم. وتعمل جاهدةً في سبيل تقديم خدمات طبية راقية إلى المواطنين بالقرب من سكنهم، كما تستقبل مستشفياتها المرجعية مواطن الولاية والولايات الأخرى في غير منٍّ أو أذىً، بحيث تتحمل تبعات أن هذه المستشفيات المرجعية لإنسان السودان أياً كان موطنه. ولنستذكر في هذا الصدد، قول الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " وقول الشاعر اللبناني إيليا ضاهر أبي ماضي: إِنَّ الضَعيفَ بِحاجَةٍ لِنُضارِكُم لا تَقعُدوا عَن نُصرَةِ الضُعَفاءِ أَنا لا أُذَكِّرُ مِنكُمُ أَهلَ النَدى لَيسَ الصَحيحُ بِحاجَةٍ لِدَواءِ إِن كانَتِ الفُقَراءُ لا تُجزيكُم فَاللَهُ يُجزيكُم عَنِ الفُقَراءِ