سوداني ... نعم سوداني وسأظل سوداني ... افتخر بسودانيتي ليس من باب العنصرية أو تفوق الأجناس وليس من قبيل التكبر أوالتغطرس ....فنحن السودانيون (او السودانيين وكلاهما لغويا لا غبار عليهما) أكثر شعوب الأرض تواضعا وخجلا وحياء، ولست مبالغا فالواقع المعاش (علماء اللغة يقولون الأصح أن نقول المعيش) يقول ذلك. ومن حقنا ان نعتد بتقاليدنا ومثلنا السمحة (التي بدأت تندثر شيئا فشيئا)، وقيمنا التليدة (القديمة) الراسخة على مر التاريخ. والشاهد والدافع الذي حفزني وشجعني على كتابة هذا الباب أنني قصدت احد مكاتب شركة (سوداني) للاتصالات لطلب خدمة تقدمها الشركة، ووجدت المكتب، ما شاء الله، مكتظا بالعملاء (أو الزبائن) فالكلمة لها مدلولات كانت غير مستحسنة في بعض الأوقات لارتباطها بالعمالة، وطلبت رقما (نمرة) {وبالمناسبة وللمعلومية كلمة نمرة ليست عربية وهي تركية الأصل وتستخدم في السودان وفي مصر ولا تعرف في السعودية} وكان رقما يشير الى انني سأنتظر وقتا طويلا ريثما يستقبلني احد مقدمدي الخدمة (المأمور)، فبادرت موظف الاستقبال (ياخي انتو ما شركة سودانية وتعمل بالقيم والمفاهيم والتقاليد السودانية التي تحترم (الشياب)، فهل من سبيل الى تقديم رقمي بحكم سني الذي تعدى ستين عاما، فأشار لي الموظف للأسف يا (حاج) {وهي كلمة احترام وتقدير تدل على ان المخاطب كبير السن أو متقدم في العمر}، فاردفت قائلا: طيب ليست لديكم خدمة خاصة للصحفيين (استثناء) ، فرد علي الموظف (برضو لا). وبعد هذا الحوار قلت الله المستعان واردت الجلوس استعدادا لفترة الانتظار التي دون شك ستطول وستطول وفوجئت بسيدة في مقتبل العمر (تشفق) علي وتتفضل علي بالمقعد بكل ادب وذوق واحترام قائلة (تفضل، اصلو دوري قد اوشك)، فشكرتها على الاحترام والتقدير. ولكن يبدو ان موظف الاستقبال كان لايزال يتعاطف معي وقد هزه كلامي بخصوص استثناء المتقدمين في السن والصحفيين من الانتظار طويلا من باب المجاملة والتقدير، والدليل على ذلك انه قد استدعاني قبل ان يأتي دوري وتكرم علي بتقديمي الى الموظف المسئول الذي قدم لي المطلوب بدرجة عالية من الكفاءة والسرعة، وشكرتهما على الخدمة المقدمة، وأذكر ان ادارة الجوازات في ام درمان كانت تتبع هذا النظام في التعامل مع كبار السن، بحيث تعطيهم الأولية وتعفيهم من الوقوف في الصفوف الطويلة مع تقديم الخدمة الفورية لهم، وهو نظام يتبع في كثير من الدول المتقدمة وذلك تقديرا لما قام به هؤلاء النفر من خدمة وطنهم في فترة شبابهم وقوتهم وتمتعتهم بكامل صحتهم. وهو امر لا يترتب عليه اعباء مالية او اية تكاليف تذكر. بل يعد لفتة انسانية (حضارية) تعمل على تحسين صورة المؤسسة او الشركة وتجملها في نظر عملائها اكرام، فضلا عن انه قيمة كبيرة حض عليها ديننا وأوصانا بها الهدي النبوي الكريم. وقد وعدت موظف الاستقبال بأن اتقدم بهذا الاقتراح للمسئولين في العلاقات العامة بشركة سوداني وغيرها من الشركات والادارات التي تتعامل مع الجمهور بأن تراعي ظروف كبار السن الذين تجاوزت اعمارهم الستين (ارباب المعاشات او المعاشيين)، وتقدم لهم خدمة خاصة باستثنائهم من الوقوف في الصفوف والطوابير الطويلة تقديرا لهم ولا سيما ونحن كسودانيين لنا من القيم والتراث ما يضاهي باقي الحضارات والدول التي تنتهج نفس الأسلوب في مكاتب الخدمات العامة، وها هي دعوتي لكافة االشركات (بما فيها شركة سوداني للاتصالات)، المعنية في القطاعين العام والخاص وكلي يقين انه سيجد اذنا صاغية وقلبا مفتوحا والقبول والرضا ومن ثم التطبيق من الجهات التنفيذية المسئولة في تلك الادارات المعنية. فهلا فعلت ونحن في انتظار (تفعيل) الاقتراح. وبالله التوفيق. [email protected] ///////