مساعد الرئيس الروسي: بوتين وترامب يجتمعان في لقاء يحضره المترجمون فقط في ألاسكا    يا(ميدو).. وقع ليك والا أعيدو ليك..؟!    نيالا، المتنبى، وبنات خشم القربة:    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    "اللجان المدنية" ترفض بيان مجلس الأمن حول أوضاع السودان    40 وفاة بالكوليرا في دارفور خلال أسبوع    هل يكسر مبابي لعنة الرقم 10 في ريال مدريد؟    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    شاهد بالفيديو.. قبل الهزيمة المذلة من صقور الجديان برباعية نظيفة.. لاعبو منتخب نيجيريا يغنون ويرقصون في "الممر" أثناء دخولهم ملعب مباراتهم أمام السودان    طعن خالها وتعرض لها بالضرب قبل أيام من جريمته وتوعدها بتهديدات لم تؤخذ بجدية.. تفاصيل جديدة حول مقتل الطبيبة السودانية "روعة" على يد طليقها طعناً بالسكين بمدينة مروي    رئيس الوزراء كامل إدريس يدعو إلى الافتخار بالجيش السوداني وتقدير تضحياته    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    بالفيديو.. ظهرت وهي تخاطب احتفال لزملائها.. شاهد مقطع مؤثر يدمي القلوب للطبيبة السودانية "روعة" التي قتلها طليقها مسدداً لها 16 طعنة في حادثة بشعة بمدينة مروي    شاهد بالفيديو.. رفضت النزول.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي حاشد من داخل سيارتها وساخرون: (القونات بقوا بتصرفوا ساي)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل.. سيدة الأعمال السودانية هبة كايرو تستعرض جمالها على أنغام إحدى أغنيات الفنان حسين الصادق    شاهد بالفيديو.. بعد خروجه من السجن.. مصريون يغنون لقائد فيلق البراء بن مالك في زفة بلدية بالشارع العام: (مصباح أبو زيد يا أبهة انت السيطرة كلها)    شاهد بالفيديو.. رفضت النزول.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي حاشد من داخل سيارتها وساخرون: (القونات بقوا بتصرفوا ساي)    مصر تطالب نتنياهو بإيضاحات حول تصريحات "إسرائيل الكبرى"    سان جيرمان يتوج بالسوبر الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    (روفا) : الجوهرة السودانية التي تجعل "صقور الجديان" يتوهجون في بطولة "شان" توتال إنيرجيز 2024    القائد "حمودي" يجدد الولاء للرابطة السليم    السودان وامريكا: لقاء البرهان وبولس    رباعية نظيفة.. كيف تفوق المنتخب السوداني على نيجيريا في الشان    إسرائيل تناقش إعادة توطين فلسطينيين من غزة في جنوب السودان    معاناة محمد صلاح قبل انطلاق الموسم    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    وفد الادارة العامة للرقابة على شركات صادر الذهب يختتم زيارته للولاية الشمالية    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف: مهنتي الكذب الخلاق
نشر في سودانيل يوم 06 - 11 - 2009

بت ليلة الخميس الماضي في "قطية" العزيز جعفر خضر بالقضارف. وجعفر من أميز من عرفت منذ عودتي للسودان. "يرمح" من فوق كرسيه المتحرك نحو تغيير مدينته بفدائية عجيبة وخيال طليق. فهذا المدرس "الكيري" مشغول الآن بكتابة ورقة عن أهداف التعليم لمؤتمر استراتيجية التعليم القادم. من سع بهذا المؤتمر سمعاً يا أهل الرأي؟
على فنجان قهوة الصباح حكى لي جعفر عن قصة قرأها في مجلة أكتوبر منذ سنوات وعلقت بذهنه. والقصة عن جماعة بمصحة أقعدتهم صنوف الشلل فلزموا السرير. وكان بعنبرهم نافذة واحدة تطل على ميدان. وكان القعيد عند الشباك هو عينهم على عالم الميدان. فمن موقعه ذاك ظل ينقل لهم حركة الناس والأشياء. فتابع جمهوره السجين قصة نمو الحب بين ولد الجيران والبنت وحيلهما للتواصل في ظرف عصيب. وحدثهم عن الموظف بالمعاش الذي لم يتعود بعد على تسرب السلطة من بين يديه. وعن الحداد الذي يبقي مما صنع في يومه منضدة يحملها إلى الإنداية وينفق ثمنها تفريجاً للهم مع الرفاق. بل تابعوا من حكيه خلية لود أبرق الطائر الشهير بفسقه. بل صاروا يفرزون كل ذكر منها وكل أنثى وتدافعهما وعينوا اسماً لكل منهم شغفاً بالحكاية.
ولم يسلم الراوي من الحسد من زميل له. فقد أراد جاره أن يكون حيث الشباك "معاين" منه للميدان مسرح الحكاوي. فدبر للتخلص منه حيلة. انتهز فرصة ما وأخفى عنه مسحوقاً منقذاً للحياة كان يتعاطاه ذلك الناظر من الشباك. وهاج الداء يومها على الناظر وبحث بيديه المحدودتين عن الدواء فلم يجده فأغمي عليه ومات. ولما أخلت إدارة المصحة سرير الراوي القديم احتل حاسده مكانه وغَنِم الشباك. ونظر للميدان من خلال الشباك فلم يجد لا ميداناً ولا الصبي أو الصبية العاشقين ولا الموظف المدروك ولا قطيع ود أبرق الفاحش. لم يكن هناك أياً من مفردات الراوي القتيل. وانقطعت الرواية عن جمهورها الشغوف . فقاتل الراوي لم ير شيئاً.
قلت لجعفر هذه قصة عظيمة كأني كنت أبحث عنها. فقد كان رأيي دائماً أن المثقف في تعريف له هام هو كاذب كبير. قلت بذلك في وجه من قالوا إن نسبتنا للعباس أو جهينة موضوعة كاذبة. فقلت لهم هي بالفعل كذلك ولكن الهوية انتحال. فالنسابة الذين جعلوا الدينكا بعضاً من العباسيين أرادوا أن يجمعوا شعث الناس على صعيد واحد. وما غاب كذبهم على فطنتهم. فالتعارف هو شغل المثقف بين الشعوب والقبائل لتأمن وتستأمن. وفي كل تربية وترقية "إن ما غشوك ما ربوك". ومجدت الحجوة الكذب الإيجابي بقولها "حليل أمي الكضيضية". وقد ابتلانا الله في الصفوة ب "مفتشين" لا مثقفين خرجوا لنزع الغطاء عن "الكذب". إنت عربي، روح بالله، وبتودي سجم دواك وشك دا وين؟ إنت مسلم! طيب بترسم الصليب فوق وش مولودك ليه؟ إنت نص ديانة. إنت عربي؟ إنت مستعرب؟ إنت مسلم؟ إنت مستسلم! وقس على ذلك. ولا حيلة في أمر الله.
وانتهزت أول منعطف من محاضرتي في ضحى يوم الجمعة بالقضارف عن كساد خيال الصفوة عندنا لأستل القصة التي رواها لي جعفر بصورة مقتضبة. وربما استغرب جعفر نفسه كيف توسعت في حكاية المعاين من الشباك على مثل ما رأيت أعلاه وأنا الذي سمعتها عنه منذ ساعة فقط. وكان هذا التفصيل وذاك مما اتفق لي. فأنا لم اقرأ القصة بعد. ولكن لمثل هذه القصة البديعة أسراً يضطرك للكذب طمعاً في إمتاع الجلساء وتأليفهم بالمعاني الحسان.
هل من قرأ القصة المروية عن جعفر؟ أطلعنا عليها تكسب ثواباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.