(1) مبدئياً فإن اللقاء بين الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة وبين مبعوث الرئيس الامريكي للقضايا الافريقية مسعود بولس ، يعتبر احد اهم الأحداث السياسية السودانية بعد طرد مليشيا الدعم السريع المتمردة وداعميها من الخرطوم وبسط الحكومة سيطرتها على ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض ، فهذا انتصار عسكري حول مسار المعركة من ميدان القتال الى ميدان الحوار ، ووصلت قناعة إلى الأطراف الدولية أن (هناك حكومة ذات إرادة وذات قدرة وفعل ولديها قاعدة شعبية) ، وسقطت الاساطير التي بنيت علي (تمدد الدعم السريع) ، وهذه النقطة مع أنها جاءت استدراكية ، فانها تمثل مفتاح التفكير السياسي الخارجي وهو يتعايش مع الواقع السياسي مهما كانت اطرافه ، فالأهم هو المصلحة… ونعود إلى جوهر اللقاء في امسية 11 اغسطس 2025م ، ودلالاته وابعاده: – فهو أولاً: نقاش حقيقي على قضايا الواقع وليس تبادل رسائل مشفرة أو طلبات مغلفة بأجندة متحفظة ، وثلاث ساعات تشير إلى أن حوارا متعمقاً قد حدث ووفق ادلة وشواهد ، وهذه نقطة جوهرية قياساً مع لقاءات اخرى كانت أقرب إلى وضع الأجندة على الطاولة.. – وهو لقاء مباشر ، بين الادارة الامريكية والحكومة السودانية ، ومتجاوزاً لأى وساطات واطراف اخري ، لقد ظلت الإدارة الامريكية ولسنوات طويلة تناقش قضايا السودان من خلال طرف تالت ، ولنقول منذ ابريل 1983م بعد لقاءات النميري في واشنطن ، وسحب هذا اللقاء البساط من أطراف كثيرة (رباعية ، وثلاثية ، ولجان اممية واقليمية) وفتح قنوات تواصل ضرورية.. – وثالثاً هو اعتراف بشرعية السلطة وسيادتها وبالحكومة السودانية ، والنقاش هنا تم في هذا الاطار ، ومحاولة الإشارة لطرف آخر هو محض أجندة مريبة.. – ولكل هذه الاعتبارات ، فإن اللقاء يعتبر كسراً لقواعد اللعبة وله ما بعده.. (2) وللمزيد من التوضيحات ، – فإن الحديث عن طرح الحكومة الامريكية خطة سلام غير صحيح ، والصحيح أن الحكومة الامريكية تبحث عن مسار سلام ، وكانت آخر محاولاتها في اجتماعات الرباعية فى واشنطون يوليو 2025م ثم تعثرت.. وصحيح أن لديهم (رغبة في ايقاف القتال وانهاء الظروف الإنسانية).. – والنقطة الثانية أن الإدارة الامريكية لم تضع شروطاً اخرى ، أو خصصت اللقاءات للقضية السودانية ولم تربطها بقضايا مثل (خطة السلام الابراهيمية ، أو قضية سد النهضة) أو أطراف أخرى ، والحقيقة أن ادارة ترامب غير راغبة في معارك الأطراف الخارجية.. – أن التعاون بين الاجهزة المخابراتية (الامريكية والسودانية) وخاصة في مجال مكافحة الارهاب ، تطور بشكل لافت منذ عهد الإنقاذ ، وكان جهاز المخابرات السودانية الأكثر فاعلية في مكافحة هذه الظاهرة مع الدور المشهود فى مكافحة تهريب البشر والتجارة غير الشرعية وهذا أمر معهود ومعروف وتم تأسيس منابر ومنصات اقليمية فى القارة عموماً والمنطقة خصوصا واغلبها تركز على امن البحر الأحمر.. – إذن الحديث عن ملفات أخرى دون استصحاب خلفياتها هو تطفيف بلا قيمة.. والحديث عن نقاط جانبية ، هو تغبيش للوعي وارباك للمشهد والصاق الصفحات المطوية بطرف الأحداث.. واللقاء تجاوز ذلك.. (3) ما يعتبر البعض نقطة ضعف ، فإننى أراه نقطة قوة ، وهو لقاء البرهان مع المبعوث الامريكي الخاص لعدة أسباب: – هذا لقاء استكشافي ، ومرحلة تأسيس فالأفضل أن يكون اللقاء مباشر وسماع مباشر وليس محل شك ، وهو بذلك تعهد مباشر ، وشخصي.. – كما أن اللقاءات الرئاسية لا تتجاوز دقائق معدودة وقد تابعنا خلال يوليو الماضى كيف تعامل ترامب مع قادة دول الغرب الافريقي بطريقة غير لائقة دبلوماسياً.. – وكما أن وجود طرف اصيل يقلل من فرص تبادل الرسائل ، فمن سمات اللقاءات المفصلية أن تكون بشخصيات مؤثرة.. – وجاءت ذات طبيعة سرية في تفاصيلها لأن اطراف كثيرة ترغب فى تباعد بين السودان والمجتمع الدولي.. (4) وعليه ، فإن هذا اللقاء له ما بعده.. – فقد اكد وجدد موقف السودان وجديته ورغبته في الحوار حين تكون الأطراف الدولية جادة وراغبة في التوصل إلى حلول أو المساهمة في حلول.. – وقدم رؤية متكاملة ، ذات بعد سياسي ، (حكومة ومسار وخطة) ، وترتيبات للشأن والقضايا الانسانية ، وانهاء معاناة بعض المجتمعات والمواطنين.. – وفتح نقاش مع طرف مؤثر في الساحة الدولية.. – حفظ الله البلاد والعباد.. د.ابراهيم الصديق علي 13 اغسطس 2025م إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة