هناك بعض المفاهيم الخاطئة المتوارثة في كافة مجالات الحياة ومنها حياتنا الصحية وأساليب التغذية وانماطها المختلفة، وهذا بدون شك احد مظاهر غياب التوعية اللازمة التي تستوجب الالمام بالعديد من المسائل المتعلقة بتلك الجوانب. فعلى سبيل المثال يعتقد بعضنا ان الشخص النحيف لا يمكن ان يصاب بارتفاع ضغط الدم أو السكري أو ارتفاع نسبة الكوليسترول، والعكس مع الشخص البدين اذ يعتقد انه (مستودع متحرك) لتللك الامراض وما شابهها، صحيح ان البدين قد يكون عرضة لأمراض معينة ولكن ليس بالضرورة ان تكون البدانة سببا في اصابته بتلك الأمراض، ولكن من ناحية اخرى فان الامراض نفسها قد غيرت (استراتيجيتها وتكتيكاتها)، فعلى سبيل المثال داء السكري كان معلوما )في الماضي) لدي كثير من الناس انه لا يصيب النحيف، او الفقير وأنه مر ض الأغنياء فقط، ولكنه اليوم لا يفرق بين غني/فقير او نحيف/بدين كما مرض النقرس (القاوت) الذي كان يعرف بأنه (داء الملوك) لتنعمهم وأكلهم ما طاب من اللحوم والكباب، والان يصيب من ادمنوا على أكل (كباب القدرة) ايضا. وفي أدبنا الشعبي نجد مثلا : اتغدى اتمد..... واتعشى اتمشى... وهي مقولة صحيحة مائة بالمائة وتوافق الحقيقة والعلم. فهي تدعو الى ان نمد اجسامنا بعد الغداء (دون ان ننوم)، فمن المعلوم طبيا ان الانسان اذا تناول طعامه فإن الدم يوجه كله الى المعدة وينسحب من الأطراف، لذلك نشعر بالخمول والكسل بعد تناول أي وجبة غذائية، وفي هذه الحالة ينصح بالرقاد دون الحاجة الى النوم، ويستغل الدم المتوجه الى المعدة في عملية أو وظيفة الهضم و (الهدم) التي تتم عبر عملية معقدة، وفي نفس السياق تتضارب الأقوال والمعارف حول مسألة تناول الماء، هل من الأفيد والافضل تناوله قبل الطعام أم اثناء ذلك ام بعده. كان المفهوم السائد من قبل ان الوقت الافضل لتناول الماء هو قبل الأكل بحوالى نصف ساعة والامتناع عن تناولها اثناء الاكل أو بعده الا بفترة طويلة؟؟؟؟ اما بخصوص تناول الشاي (السادة) مباشرة بعد وجبتي الفطور والغداء فقد تبت علميا ان الشاي يثبط عملية امتصاص الحديد اذا تم تناوله مباشرة بعد الأكل، عليه يستحسن تناوله بعد فترة لكي تتم عملية امتصاص الحديد بشكل سلس ومرن. اما مسألة المشي بعد العشاء فهي امر غير مستحسن ومستحب لذات الاسباب اذ ان الدم كله يهرب الى المعدة (للمشاركة) في عملية الهضم المعقدة، عليه يستحب عدم اشغال الجسم بأي نوع من الرياضة، وعدم القيام بأي مجهود عضلي او بدني يؤثر سلبا على عملية الهضم، كما يستحسن ان تكون وجية العشاء خفيفة غير دسمة وتسبق النوم بساعات لتحاشي آثار عسر الهضم، اذ ان عملية الهضم، بل وظائف الجسم عموما، تعمل ببطء اثناء النوم، لذلك يصاب الذين ينامون مباشرة بعد الأكل بعملية (التخمة) ويعانون من آثا ر عسر الهضم ولا سيما الذين يعانون اصلا من عسر الهضم مطلقا أو من هم مصابون بأمراض القولون. وهناك مفهوم خاطئ ايضا يتعلق بتناول (الشطة)، اذ ان كثير منا يعتقد أنها من التوابل المضرة وتسبب عسر الهضم والبواسير وغيرها من الامراض وقرحة المعدة. الا ان الواقع يقول انها برئية مما وسم ووصف بها، فهي على العكس من ذلك تساعد على عملية الهضم وهي فاتحة للشهية، ولو كانت ذات ضرر مباشر لكان اثرها إذا كبيرا على من يتناولونها بكميات كبيرة مثل الهنود والباكستانيين، لقد قرأت تحقيقا صحفيا مدعوما بآراء وبحوث في هذا الصدد يعدد فوائد الشطة ووظائفها في جسم الانسان، فهي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي وتنظم نسبة السكر في الدم ولها تأثير على خفض ضغط الدم المرتفع وغيرها من الأمراض الاخري، بل انني اطلعت على تقرير طبي يقول بأن الشطة تفعل وتعزز مفعول العقارات والأدوية اذا تناول المريض قبل تعاطيها كمية قليلة من الشطة (ونحن نلتمس رأي اخواننا الاطباء والباحثين في مجال التغذية لتأكيد او نفي تلك المعلومات التي قد تكون متناقضة مع ما هو معروف مسبقا ومتداول). والمفهوم الآخر هو ان الويكة التي تصنع من البامية المجففة وهي الغذاء الشعبي المتعارف عليه للسواد الأعظم من أهل السودان خالية تماما من اية مواد غذائية وهي كما يعتقد البعض مجرد (نشارة خشب). ولكن الواقع اثبت خلاف ذلك وبرأ الويكة من تلك التهمة الموجهة اليها وثبت علميا أن للبامية التي تستخلص منها الويكة، فوائد جمة منها فهي المحافظة على المعدلات الطبيعية للسكر في الدم وغنية بالالياف مما يعطيها وظيفة مكافحة ارتفاع نسبة الدهون والكوليسترول في الدم، كما ان الويكة تستخدم (في شكل سفوفة) في علاج قرحة المعدة اذ تقوم برتق الاجزاء المتضررة والتئام التقرحات على جدار المعدة، والله أعلم. تعقيب على مقال حرق الدهون تعقيبا على مقال حرق الدهون والاستقلاب تسلمت التعقيب التالي من الابن الدكتور وائل جعفر الأمين الذي يعمل طبيبا بالمملكة العربية السعودية (أهل الذكر)، وهذا ما نصبو اليه من دعوتنا المستدامة باستكتاب أهل الذكر وذوي الاختصاص وكما يقول المثل السوداني الشعبي السائر (سمح الغنا في خشم سيدو) ويقول في رسالته............ (....... لي تعقيب على مقالك الاخير الذي يتحدث عن الدهون والرياضه ووزن الجسم وهنا اود ان اقتبس بعض من ما كتبت في هذا المقال قبل ان اعقب (ويدعي البعض ان بناء العضلات من ناحية والتخلص من الدهون بجانب تمارين القوة يؤدي الى رفع معدل سرعة حرق الدهون، الا ان الواقع يكذب ذلك اذ يظل من يمارسون تلك التمارين على نفس اوزانهم بدون نقص يذكر) من ناحيه طبيه ان ما ذكرته صحيح تماما حيث ان ممارسه التمارين الرياضيه وتمارين القوة او التمارين القلبيه تحديدا التي تصل بقدره الجسم الا اقسى مستوياتها تعمل على زياده معدل الاستقلاب من ماينتج عنه زياده في حرق الدهون ، والمذهل هو ان معدل الاستقلاب لا ينقص مباشره بعد انتهاء التمرين ولكن يستمر لساعات طويله حتى في اثناء فتره الراحه وهو مايعرف علميآ بظاهرهExcess post-exercise oxygen consumption (EPOC, informally called afterburn). وكما ذكرت انفآ ان هذه الظاهره تعمل على تكسير الدهون حتى في وقت الراحه بدرجه تتراوح بين الاشخاص حسب نوع الرياضه الممارسه، اما بخصوص الوزن الذي لايتغير عند ممارسي رياضات القوة فهذه ظاهره طبيعيه ايضا وهي لست نتيجة لعدم فقدانهم الدهون ولكن نتيجه لزياده كتله العضلات بعد الانتظام على الرياضه كي تتناسب مع المجهودات التي تبذلها بانتظام وهذه الظاهره تكون ملاحظه بصورة اكبر عند الاشخاص الذين يمارسون الرياضه وكميه الدهون في اجسامهم متوسطه او قليله ففقدان هذه الدهون يكون مصحوبا بزياده في كتله العضله لذلك لا يحدث تغيير كبير في مجمل اوزانهم.) [email protected] ////////////