[email protected] مقدمة في مقالة سابقة ذكرنا أنه في يوم السبت 31 اكتوبر 2009م , طلع الرئيس سلفاكير الي أعلي الشجرة . وجاب البقرة بأن دعي الجنوبيين الي التصويت لصالح استقلال جنوب السودان في الاستفتاء المقرر في يوم الاحد التاسع من يناير 2011م . مؤكداً ان بقاء السودان موحداً سيجعل من الجنوبيين مواطنون من الدرجة الثانية . تجمعت الكلاب من كل حدب وصوب تحت الشجرة . كلاب انقاذية . كلاب أمية . كلاب أتحادية . كلاب شيوعية . كلاب بعثية . وما رحم ربي . وبدأت في النباح . طلب الرئيس سلفاكير من مساعديه تهدئة الكلاب , حتي يستطيع النزول بسلام من الشجرة , ومعه البقرة . هل لاحظت , ياهذا , غياب الكلاب المصرية ؟ النظام المصري أيقن بحتمية انفصال الجنوب , فقرر ان يركب قاطرة الانفصال التي لن يستطيع ايقافها , أو كما قدر ؟ أما الكلاب الليبية المجنونة (حسب توصيف الرئيس ريقان) فطفقت تهز في ذيولها فرحأ ؟ ملك ملوك افريقيا مع افريقيا السوداء بعد ان طلق العرب ؟ أما الكلاب العربية والاسلامية , فان تحمل عليها تلهث , وان تتركها تلهث ؟ لا تستطيع حتي النباح تحت الشجرة ؟ في هذه الحلقة الثانية نواصل استعراض تداعيات تصريح الرئيس سلفاكير علي السوق السياسي السوداني . ونري ان كان قد أستطاع النزول بسلام من أعلي الشجرة , ومعه البقرة مبروك ؟ احتل السودان المركز ال 140 بين 144 دولة ضمن تصنيف دولى، هو الأول من نوعه الذى يرتب الدول طبقا لمعايير متعلقة بالسلام ، ويعرف باسم ( تصنيف السلام الدولى. ( ويشرف على إعداد التصنيف «معهد الاقتصاد والسلام» الدولى ، وشارك فى إعداده فريق متخصص من عدة منظمات من ضمنها : البنك الدولى والأمم المتحدة ، وعدة مراكز أبحاث أوروبية . ويرصد التصنيف 23 مؤشرا تعكس معايير متعددة . ويمثل ذلك التصنيف تحسن ملموس في المركز الذي يحتله السودان . اذ كان السودان البرنجي في قائمة الدول الفاشلة . والطيش في قائمة الدول التي تحترم اقلياتها . وكان السودان هذه المرة احسن حالا من العراق التي جاءت فى آخر التصنيف، وسبقتها أفغانستان والصومال ثم إسرائيل , وبعدها السودان في المركز 140. وجاء على رأس التصنيف نيوزيلندا، ثم الدانمارك . مبروك لبلاد السودان المركز ال 140 , علي الاقل مش الطيش ؟ دينق الور الجنوبي نستعرض ادناه بعض تصريحات السيد دينق الور . وزير الخارجية , المتعلقة بتصريح الرئيس سلفاكير المثير للجدل , والمذكور اعلاه . ولم يكن اختيارنا للسيد دينق الور , أعتباطأ أو من فراغ ؟ أخترنا الرجل لانه يمثل الشريحة المعتدلة في الحركة الشعبية . كونه عاش وتربي في منطقة أبيي , وهي منطقة تماس وتعايش سلمي بين الشمال والجنوب ! مما أنعكس أيجابأ علي الرجل , ونظرته للعلاقة الأخوية التي من المفروض أن تسود بين الشمال والجنوب . نبدأ فنقول ان البقر قد تشابه علي دينق الور . وأرتجت بوصلته ! وعاقب السودان , واهل بلاد السودان , بان أختزل , وهو العارف , شمال السودان في نظام الانقاذ الاسلاموي ؟ دينق الور يعرف تمام المعرفة ان شمال السودان شئ , ونظام الانقاذ شئ أخر , مختلف جدأ ؟ نظام الانقاذ الاسلاموي لا يمثل شمال السودان . نظام الانقاذ لا يمثل قبائل النوبة في جنوب كردفان , ولا قبائل الانقسنا في جنوب النيل الازرق , ولا قبائل الفور في دارفور , ولا قبائل البجة في الشرق , ولا قبائل المناصير في الشمال , ولا قبائل العركيين في الوسط , ولا قبائل البهجة وندي القلعة في امدرمان , ولا قبائل حقوق الانسان ولبني في الخرطوم ؟ كل هذه القبائل المذكورة أنفا كمثال , تمشي في الخط المعاكس لنظام الانقاذ ! وهي , وليس نظام الانقاذ , التي تمثل شمال السودان . كما انه عاقب الاسلام والشريعة الاسلامية , بجريرة وممارسات نظام الانقاذ الغير اسلامية دينق الور كمن يقطع انفه , لينتقم من وجهه ؟ هل سمعت دينق الور يقول : « هذا الوضع يعني دعوة الجنوب للانفصال . لأن الشريعة الإسلامية وفق نصوصها تعتبر غير المسلم (الذمي) مواطنا من الدرجة الثانية . ولا يتساوى في الحقوق مع المسلم ». وفي هذا نرد علي السيد دينق الور فنقول أن الحكم أيا كان اسمه ووصفه لا يكون «إسلاميا» عند الله وعند الناس، إلا إذا قام على الشورى بأوسع معانيها . وأقام العدل الذى جعله القرآن اسما من أسماء الله تعالى . وساوى بين الناس الذين خلقهم الله سواسية كأسنان المشط . ونصر الضعفاء وقام بحقوق ذوى الحاجات ... والتجارب الإنسانية لا ترفض أبدا لمجرد أنها نمت وجرت فى أرض غير مسلمة , أو تحت راية غير راية الإسلام . فالحق هو الحق . والعدل هو العدل . والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها التقطها , وهو أولى الناس بها . ولنتذكر جميعا أن الله ليس بينه وبين أحد نسب . وإنما هى أعمالنا ترد إلينا.. المسلمون ليسوا أبدا وما كان لهم أن يكونوا فى حرب مع العالم وشعوبه . وإنما هم فى دعوة متجددة ، تحتاج إلى تواصل ومحبة على طريق مشترك .. أداتهم فيها الكلمة الطيبة , وتبادل الرأى جدالا « بالتى هى أحسن ». وهى مسيرة لا يستباح فيها العنف والعدوان وتبادل الأذى. وإنما ينبغى لها الرفق والمودة وحسن الصلة. ذلك أن الرفق كما يقول الحديث الشريف ( ما دخل فى شىء إلا زانه وما نزع من شىء إلا شأنه . ( لا يجوز مطلقا تصور العلاقة بين المسلمين وغيرهم على أنها علاقة خصومة وصدام دائمين ، مادام الأصل الذى يحكم هذه العلاقة هو مبدأ « تعاونوا على البر والتقوى ». أما بين الأركان الأساسية لرسالة الإسلام وبين ما يدين به غير المسلمين من اختلاف . هو أمر يفصل فيه الخالق سبحانه يوم القيامة . أما فى هذه الدنيا فنحن المسلمين مدعوون بل مأمورون بمعاملة غير المسلمين معاملة تحكمها روح العدل وتقديم البر: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون». (سورة الممتحنة الآية 8.( والرسول «صلى الله عليه وسلم» حين أُسرى به من مكة إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء.. ذكر أنه صلى هناك بأنبياء الله السابقين، وهى إشارة لا تخفى إلى « وحدة الرسالات السماوية » وأن جوهرها واحد . ولكن مضامينها وشعائرها وأولويات التكاليف فى ظلها كان طبيعيا أن تختلف باختلاف السياق والمرحلة التاريخية والحالة المجتمعية التى أرسل فيها النبى أو الرسول.. ومن شأن هذا الجوهر الواحد أن يدرك أتباع الأنبياء والرسل أن بينهم نسبا وصلة تيسر تعاونهم جميعا على « البر والتقوى » وتتنادى فيهم بتوحيد الجهد لمقاومة الإثم والظلم والفسوق والعدوان ، حتى لو بقى كل منهم على ما هو عليه من دين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وتلك سنة من سنن الله فى خلقه لا تتخلف أبدا: « ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم، فاستبقوا الخيرات» (سورة المائدة الآية 48) . وهو الاستباق الذى يتولد عنه الخير والصلاح ومحاصرة أسباب الفساد: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) (سورة البقرة الآية 251 ) . اعلاه , يا سيد دينق الور , يمثل جوهر «الرسالة الإسلامية» وحقيقة الأمانة التى حملها الإنسان يوم أسبغ الله عليه نعمة العقل، وسلطان الإرادة والقدرة على الاختيار . وأضاف السيد دينق الور قائلا : « لماذا أستمر في الدولة التي تقمعني باسم العروبة والإسلام إذا جاءتني الفرصة لأختا ؟». وأضاف : « التمسك بالدولة الإسلامية (من جانب نظام الانقاذ) يعنى أن أغادرها ». وصوب ألور هجوما عنيفا على الحركة الإسلامية السودانية. وقال إنها ألحقت أضرارا كبيرة بالوطن . وذكر أن البلاد تتمزق نتيجة الإصرار على الأجندة الإسلامية . وأن هذا الأمر حطم آمال بقاء السودان موحدا . وشدد على أن برنامج السودان الجديد , الذي ظلت تنادي به الحركة منذ تأسيسها عام 1983 , وتطبيق اتفاق نيفاشا , هما طوق النجاة لتحقيق وحدة البلاد . وقال إن الحركة الشعبية جادة في السودان الموحد . ولكن على أسس جديدة ونبذ الأساليب القديمة . حسنأ ... مادام الامر كذلك , فلماذا لا تبقي داخل السودان الموحد الواحد الاحد , وتكافح مع القبائل المذكورة اعلاه , ومثلها معها , لدحر نظام الانقاذ الاسلاموي الذي لايمثل أكثر من 5% من الشعب السودانى العظيم ؟ لماذا تهرب بجلدك ؟ وتترك اخوانك الذين ناضلوا معك في حرب التحرير ( 60 % من عناصر جيش الحركة , كانوا من القبائل الشمالية الافريقية من جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ) بين فكي نظام الانقاذ المفترس ؟ ثم ما ذنب اخوانك الشرفاء الذين شاركوا معك في مؤتمر جوبا الاخير ؟ لماذا تهرب منهم ؟ لماذا لا تبقي في الحلبة وتكافح معهم لتغيير النظام الاسلاموي الذي يجعلك مواطن من الدرجة الثانية ؟ لماذا تترك الحلبة فاضية من اي معارضة مما يمكن لنظام الانقاذ ان يسرح ويمرح فيها ويستمر في قمع اخوانك , خصوصأ الافارقة الشماليين من غير المسلمين ؟ لماذا تغادر الدولة الاسلامية بدلأ من البقاء فيها وتغييرها بالتعاون مع اخوانك الشماليين الافارقة وغير الافارقة الشرفاء ؟ اذا لم تكن هذه انانية وسلبية وحب للذات ؟ فماذا تسميها يا دينق الور ؟ ام انك مكجن الشمال (الجلابي ؟) بسبب المعزوفة المشروخة القديمة التي لا مكان لها في سودان القرن الحادي والعشرين ؟ ثقافة الوحدة في مقالة سابقة , استعرضنا اصرار الجنوبيين علي الوحدة مع الشمال طيلة الفترة التي سبقت نظام الانقاذ , من عام 1821 وحتي مجئ الانقاذ في عام 1989. تحالفت القبائل الجنوبية مع القبائل الشمالية ضد الاحتلال التركي ( 1821- 1885 ) وضد تجار الرقيق . كما شاركت القبائل الجنوبية مشاركة فاعلة مع الثورة المهدية في محاربة الاستعمار التركي . وكان لها أثر كبير في انتصار الثورة المهدية , خصوصأ في بداياتها . واثناء فترة الدولة المهدية ( 1885- 1898 ) كان الصفا والوئام يجمع القبائل الجنوبية مع القبائل الشمالية . ولم تحدث أي تفلتات أمنية في الجنوب ضد الثورة المهدية . وأن كانت ذات توجهات اسلامية عربية . وفي بداية الحكم الثنائي اصر الجنوبيون في اقليم ابيي الحدودي علي الانضمام لمديرية كردفان في الشمال بدلأ من بحر الغزال في الجنوب ( 1905 ) , رغم ضغوط المستعمر البريطاني , الذي لم يكن لاحد ان يتجرأ ويعصي له امرأ في ذلك الوقت . وشارك ابناء الجنوب ( علي عبد اللطيف ) اخوانهم الشماليين في قيادة ثورة 1924 ضد المستعمر البريطاني . مما حدا بالمستعمر ان يشرع في تنفيذ قانون المناطق المقفولة (1922) , الذي كان يهدف لفصل الجنوب عن الشمال . في مؤتمر جوبا ( 1947 ) , اصر الجنوب علي مشاركة الشمال في المجلس التشريعي لكل السودان , ضد رغبة المستعمر البريطاني , الذي كان يسعي لفصل الجنوب عن الشمال وعند استقلال السودان ( 1956 ) اتي حين من الدهر كان سرسريو ايرو , الجنوبي المسيحي , رئيسأ لمجلس السيادة , اي رئيسأ لجمهورية السودان , ذي الاغلبية العربية- المسلمة . وبرضاء الجميع . كانت المواطنة هي الاساس للحقوق والواجبات ! وشارك الجنوبيون اخوانهم الشماليين في تفجير ثورة اكتوبر 1964 , التي كانت مشكلة الجنوب من اهم مسبباتها . واصبح كلمنت امبورو الجنوبي وزير داخلية حكومة اكتوبر . وشارك الجنوبيون اخوانهم في الشمال في محاربة دكتاتورية مايو ( 1969 – 1985 ) . وفي انتفاضة ابريل 1985 . وفي عام 1989 وقبل بداية نظام الانقاذ بشهور قليلة , كان الجنوبيون والشماليون علي مرمي حجر من وأد تمرد قرنق ( اتفاقية الميرغني – قرنق ) , وعودة الصفاء بين الجنوب والشمال في ظل سودان واحد احد . كما هو مذكور اعلاه , وطيلة الفترة التي سبقت نظام الانقاذ ( 1821 – 1989 ) , اي منذ تكوين دولة السودان الحديثة , لم يأتي ذكر لطاعون الانفصال أو لسرطان حق تقرير المصير . كانت هذه كلمات تابو ينكرها كل سوداني , جنوبيأ كان ام شماليأ ؟ كان المفهوم السائد وقتها هو صفر من المشاكل بين الجنوب والشمال ! فما الذي حدث الان وقلب الريكة ؟ هل تغير الجنوبيون ؟ لا لم يتغير الجنوبيون .وانما دخل الانقاذيون الحلبة وفرتكوا اللعبة ؟ أدخلوا الجهاد الديني في حربهم ضد الجنوبيين . أرادوا أسلمة وتعريب الجنوب بالقوة . مع ان الحق يأمرهم ان لا اكراه في الدين . ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . مما أضطر الجنوب للمطالبة , ولاول مرة في التاريخ , بحق تقرير المصير في أسمرة في عام 1995 . في الماضي , كان الجنوب ينادي بالفدريشن , في أطار السودان الواحد . ولكن الساسة الشماليون , ضيقي الافق , رفضوا حتي بالفدريشن . الي ان جاء الانقاذ . وعاث فسادأ في الجنوب بأسم الدين والعروبة . فرفع الجنوب راية الانفصال . بدلا من الفدريشن ؟ ناس الانقاذ هم المسئولون الحصريون عن أنفصال الجنوب ؟ يامرون الجنوبيين بالوحدة وينسون انفسهم وهم يتلون الكتاب ؟ أفلا يعقلون ! لا بل هم قوم لا يستحون ؟ افي دختر الاسرائيلي لمعرفة ابعاد ومرامي الدور الذي تلعبه اسرائيل في الجنوب ، يمكن للقارئ الكريم , الاطلاع في الانترنيت علي المحاضرة التي القاها أفي ديختر ، وزير الامن الاسرائيلي الاسبق , في معهد ابحاث الامن القومي الاسرائيلي في 4 سبتمبر 2008م . حيث قال ان المعادلة الاستراتيجية الاسرائيلية تنطلق من تقويض حزمة القدرات العربية في دولها الرئيسية (السودان من الدول الرئيسية المتبقية بعد تحييد مصر والاردن والعراق وليبيا وموريتانيا ودويلات الخليج الصغيرة ) من اجل تحقيق المزيد من الامن القومي لاسرائيل . وتسعي الاستراتيجية الاسرائيلية الي تفتيت السودان الي عدة دويلات , ليذهب ريحه وينعدم تاثيره السلبي غير المباشر علي الامن القومي الاسرائيلي . وتسعي اسرائيل جاهدة لفصل الجنوب عن شمال السودان ، لاستعمال مياه النيل ككرت ضغط ضد مصر ، العدو الاستراتيجي لدولة اسرائيل ، رغم اتفاقية السلام بينهما . كما تلعب اسرائيل دوراً مفتاحياً في نفخ مشكلة دارفور , خصوصاً عبر اللوبيات الصهيونية في امريكا لاضعاف النظام في الخرطوم . واستطرد ديختر في محاضرته مذكراً بانهم يتفاوضون مع الامريكان من اجل قطع الطريق امام السودان ليكون قوياً . بل علي العكس يسعون لتفتيت السودان , بدأأ بفصل الجنوب عن الشمال . واكد ديختر ان الادارة الامريكية حريصة علي ضمان مصالح اسرائيل وعلي توفير الضمانات اللازمة عبر وسائل مختلفة . خيار اسرائيل الاستراتيجي حسب كلام ديختر هو تجزئية وتفتيت السودان . وفصل الجنوب عن شمال السودان . وكلام ديختر غيض من فيض جوفي لم يظهر علي السطح بعد ؟ والمسافر الي جوبا يلاحظ دون كثير عناء الوجود الغليظ لرأس المال الاسرائيلي ، خصوصاً في قطاع الفندقة والخدمات. وما خفي في مكاتب ومعسكرات تدريب الجيش الشعبي أعظم ؟ وتعمل اسرائيل لبناء خط سكك حديدية يربط جوبا بممبسة علي المحيط الهندي , حسب دراسة ألمانية ( سكك حديد الاستقلال ) , اعدها مركز جيرمان فورين بوليسي للسياسة الدولية في المانيا . ومن المتوقع الانتهاء من هذا الربط بنهاية عام 2011 بعد انفصال الجنوب عن الشمال , ليكون دولته الجديدة . هيلري الامريكانية هيلري صديقة شخصية للرئيس سلفاكير . وتحكي عنه بعض النكات البريئة , منها : وجود ستة عفاريت من الجن حوله ، واحد يُوسوس له في أذنه , وخمسة يشرحون له الوسوسة ؟ ومنها أنه قال لصديقه ان عينه اليمنى تؤلمه وإذا فتحها يرى نقاطاً سوداء . ويسأله صديقه : هل رأيت طبيب عيون ؟ ويرد الرئيس سلفاكير : لا، فقط نقاطاً سوداء ؟؟؟ قدمت هيلري كلينتون الاستراتيجية الامريكيةالجديدة نحو السودان للاربعة سنوات القادمة في واشنطون يوم الجمعة 16 اكتوبر 2009م . وكان ظاهراً ان هيلري تفضل انفصال الجنوب عن الشمال في استفتاء عام 2011م . وان لم تقل بذلك صراحة . ولكنها تعرف ان اتفاقية السلام الشامل في جوهرها ترتكز علي مبدأ الأنفصال ( حق تقرير المصير ) لجنوب السودان . قبل 9 يناير 2005م كانت عدم الثقة هي التي تحكم العلاقة بين الشمال والجنوب ؟ ومن ثم اصرار الجنوب علي اقرار واعتماد مبدأ حق تقرير المصير في الاتفاقية , وفي الدستور الانتقالي , حتي تكون حقاً مثبتاً ومضموناً بواسطة مجلس الامن تحت الفصل السابع ، الذي يبيح التدخل العسكري لضمان تنفيذ الاتفاقية ! ولكن بعد 9 يناير 2005 جرت مياه كثيرة تحت الجسر الذي يربط الشمال بالجنوب ؟ وكان المفروض ان تزيل هذه المياه عدم الثقة . وتجعل خيار الوحدة جاذبأ ؟ خصوصأ بعد وصول الرمز قرنق الي الخرطوم وصول الفاتحين ! ولكن ماذا تقول مع ناس الانقاذ ؟ في 16 اكتوبر 2009 , كان لسان حال هيلري يقول : (المديدة حرقتني !) وربما كان آفي دختر الاسرائيلي يهمس من علي البعد في آذانها . فمصالح اسرائيل , هي مصالح امريكا بامتياز . وما تتمناه اسرائيل علي امريكا هي اوامر واجبة التنفيذ , حتي لو اقتضي الامر تفتيت بلاد السودان. ولا نرمي القول علي عواهنه بخصوص وجود هيلري في الجيب الاسرائيلي . فقد هددت ايران بالابادة من علي ظهر البسيطة , ان هي تجرأت بمهاجمة اسرائيل . وهل لاحظت مؤخرأ التبدل السريع في موقف هيلري ( الادارة الامريكية ) من : (رفض ) واضح لمظالم الاستيطان الصهيوني .. ثم ( قبول) بهذا الاستيطان ، بل وصف سلوك المعتدين الاسرائيليين الذين يمارسونه بأنه ( سلوك غير مسبوق في اعتداله ) .. هيلري تعمل الشئ وضده لمصلحة اسرائيل , حتي لو اقتضي الأمر تفتيت بلاد السودان أرضاء لاسرائيل ؟ خاتمة ظهرت جرثومة حق تقرير المصير (كلمة الدلع للانفصال) في مؤتمر أسمرة للقضايا المصيرية ( يونيو 1995 ) , في أوج الحرب الجهادية الدينية التي شنها نظام الانقاذ ضد الجنوبيين . وبعدها وفي محاولة لتفتيت الحركة الشعبية ( مبدأ فرق تسد الانقاذي ) رضخ جلاوزة الانقاذ لطلبات مشار ولام اكول , وتم تضمين حق تقرير المصير في اتفاقية الخرطوم للسلام ( 1997 ) , التي وقعتها اربعة فصائل جنوبية ( منفصلة من الحركة الشعبية ) مع نظام الأنقاذ . وبعدها اصبح حق تقرير المصير من ادبيات السوق السياسي السوداني . فتم تضمينه في اعلان كمبالا ( 1999) , واعلان القاهرة ( 1999) , واعلان مصوع ( 2000 ) , واخيرأ في اتفاقية السلام الشامل ( 2005 ) ؟ وفي يوم الجمعة 8 يوليو 2005 ( يوم وصول الرمز قرنق الي الخرطوم ) دخل حق تقرير المصير الي غرفة الانعاش . ولكن جهود جلاوزة الانقاذ الجبارة اعادته للحياة بعد استشهاد الرمز قرنق في يوم السبت 30 يوليو 2005 ؟ واعلن الرئيس سلفاكير , للملا كافة , أعادته رسميأ للحياة في يوم السبت 31 اكتوبر 2009 . وربما تم تثبيته دستوريأ في استفتاء الاحد 9 يناير 2011 . في عام 1956 كانت مصر والسودان بلدين منفصلين وليسا بلدأ واحدأ . رغم ان مصر كانت تحكم السودان أسميأ . ولكن الان وكذلك في عام 2011 ومنذ الازل , كان ولايزال الجنوب والشمال بلدأ واحدأ ؟ في الحالة الاولي تبغي الوحدة من حالة استقلال فعلي لبلدين منفصلين . وهذا امر جد عصي علي الشعب الاضعف المستقل , الذي يخاف علي سيادته ! وفي الحالة الثانية تبغي التفتيت من حالة وحدة . ولاسباب هلامية ما انزل الله بها من سلطان ! هذا هو جوهر الفرق بين الموديلين ؟ المعادلة السحرية ( بلد واحد بنظامين ) كانت جوهر أتفاقية السلام الشامل . وكما هو متوقع , ومنطقي بل حتمي , بل مطلوب وبشدة من احد الجانبين لعوامل عدم الثقة الدفينة ( تذكر التوقيت الذي كان قبل توقيع الاتفاقية ) , رسخت هذه المعادلة السحرية , المضمونة من مجلس الامن , للانفصال الفعلي (de facto ) للجنوب , في نظام منفصل تمامأ عن نظام الشمال . وثبتت هذه المعادلة السحرية , علي ارض الواقع , الانفصال الفعلي بين نظام الجنوب ونظام الشمال . الجنوب جنوب , والشمال شمال , ولن يلتقيا ! وسوف تتم تمامة الجرتق , أي الانفصال الدستوري (de jure ) بين نظام الجنوب ونظام الشمال في استفتاء يوم الاحد 9 يناير 2011 , كما بشر بذلك الرئيس سلفاكير يوم السبت 31 اكتوبر 2009 . لعدة اسباب , منها : اولأ : لم يسمح نظام الانقاذ لتحويل الاتفاقية من ثنائية الي قومية لضمان استدامتها . ومما كان سوف يسهل الضغط من كل الاحزاب الشمالية الموالية للجنوب لكي يبقي الجنوب داخل السودان الموحد . بل كنكش نظام الانقاذ في السلطة . واصبح ممثلا حصريأ لنظام الشمال . ومجسدأ للثقافة العربية الاسلامية الطاردة للثقافة الافريقية غير المسلمة . كما ادعي بذلك دينق الور اعلاه . ثانيأ : تفنن نظام الانقاذ ( نظام الشمال ) العربي الاسلامي في عكننة قادة ومتنفذي نظام الجنوب الافريقي غير الاسلامي , وفي تفاهات التوافه . مثلا .. * تهميش الرئيس سلفاكير عند اتخاذ قرارات المجلس الرئاسي وتمثيل السودان في مؤتمرات القمة , وتهميش الوزراء الجنوبيين في حكومة الوحدة الوطنية . * خطأ بل خطيئة نظام الانقاذ بالاحتفال مع قبيلة المسيرية العربية الشمالية المسلمة بانتصارها ضد قبيلة الدينكا الافريقية غير المسلمة في تحكيم محكمة لاهاي حول ابيي . كان الاحتفال يوم الخميس 23 يوليو 2009 في دار حزب المؤتمر الوطني في الخرطوم , وبمشاركة الرئيس البشير , الذي خطب في جماهير المحتفلين من المسيرية , شاكرأ لهم جهادهم أبان حرب الجنوب . · عدم مشاركة نظام الانقاذ في مؤتمر جوبا ( سبتمبر 2009 ) . · قوانين النظام العام التعسفية في ولاية الخرطوم ( العاصمة القومية لنظام الجنوب ونظام الشمال ) . · الاستهبال المزعوم في حصة الجنوب في البترول . وهلم جرا ثالثأ : لم يبرهن نظام الانقاذ ( نظام الشمال ) بالبيان بالعمل لنظام الجنوب بأن المعادلة السحرية ( بلد واحد بنظامين ) سوف تكون في مصلحة نظام الجنوب اكثر من صيغة ( بلدين منفصلين ). مثلا بالتركيز علي التنمية المتسارعة وبناء البني التحتية في الجنوب ( حتي علي حساب الشمال المهمش ) لتكون ايات وشواهد شاخصة لكل جنوبي القي السمع وهو شهيد . وهكذا .... ولكن هل يقبل محمد احمد تفتيت بلاده هكذا سنبلة ؟ نكون او لانكون ؟ هذا هو السؤال الشكسبيري ؟