وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    والي الخرطوم يشيد بمواقف شرفاء السودان بالخارج في شرح طبيعة الحرب وفضح ممارسات المليشيا المتمردة    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    محمد خير مستشاراً لرئيس الوزراء كامل إدريس    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    وفد المعابر يقف على مواعين النقل النهري والميناء الجاف والجمارك بكوستي    الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة يكشف عن إحصائيات بلاغات المواطنين على منصة البلاغ الالكتروني والمدونة باقسام الشرطةالجنائية    الشان لا ترحم الأخطاء    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن ثورة اكتوبر (10): اشتباكات مع الجنوبيين .. واشنطن: محمد علي صالح
نشر في سودانيل يوم 01 - 11 - 2014

هجوم على مدرسة كمبوني والكنيسة الامريكية
حجز الجنوبيين في استادي الخرطوم وامدرمان
اتهامات ضد "دول غربية امبريالية"
عضو مجلس السيادة الجنوبي يدعو للانفصال
------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة العاشرة من هذا الجزء الاخير من هذه الوثائق الامريكية عن التطورات السياسية في السودان، وهي كالأتي:
الديمقراطية الاولى (25 حلقة): رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956).
الديمقراطية الاولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958).
النظام العسكرى الاول (19 حلقة): الفريق ابراهيم عبود (1958-1964).
النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها).
هذه وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 20 حلقة تقريبا.
وهذه عناوين حلقة الاسبوع الماضي:
-- وزير الخارجية: الشيوعيون يقلقوننا
-- مساعد وزير الخارجية للسفير الحضري: "لا نقدر على الصبر والتأني"
-- يريد الشيوعيون مجلس سيادة ثلاثي، لا خماسي، لتسهل سيطرتهم عليه
-- حاكم اريتريا: ليس الناس شيوعيين ، لكن الشيوعيين يستغلونهم
-- محمد احمد محجوب: لا يوجد خطر شيوعي على السودان
----------------------------
الهجوم على السفارة الامريكية:
(تعليق: لسبب ما، ولشهر تقريبا، تأخر السفير الامريكي في الخرطوم في ارسال تقرير الى وزير الخارجية عن الهجوم على السفارة. وقع الهجوم يوم 8-11-1964. وارسل السفير هذا التقرير يوم 2-12-1964):
2-12-1964
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: احداث 8-11-1964
" ... ظهر يوم 8-11، وبدون ان يستشير مجلس الوزراء، اعلن الفريق ابراهيم عبود، الذي يظل راس الدولة مع وزارة تشكلت من بين الذين قادوا الثورة ضد نظامه، اعتقال ثمانية من ضباط القوات المسلحة ذووى الرتب المتوسطة. وقال انه فعل ذلك كقائد اعلى للقوات المسلحة ...
هؤلاء هم: جعفر نميري. محمد عبد الحليم. فؤاد ماهر فريد. فاروق عثمان حمد الله. توفيق نور الدين. فيصل حمد. الرشيد نور الدين. الرشيد ابو شامة ...
ليس مؤكدا من الذي ابلغ عبود بنشاطات هؤلاء؟ وما هي هذه النشاطات؟
هذه هي توقعاتنا:
اولا: بعض هؤلاء لهم صلات بالستين ضابطا الذين، قبل اسبوعين، ضغطوا على الفريق عبود، وعلى المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وكان لهم دور كبير في انهاء النظام العسكري. لهذا، يسهل القول بان وراء اعتقال هؤلاء الضباط اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة. كان عبود، امام ضغط شعبي كبير جدا، عزل هؤلاء، واستبدلهم بوزارة من قادة الثورة. لكن، لا يزال هؤلاء احرارا، ويجوبون شوارع الخرطوم، وطبعا، يريدون العودة الى الحكم ...
ثانيا: بعض الضباط المعتقلين، ويسمون انفسهم "الضباط الاحرار"، لهم صلات عائلية بعناصر تميل نحو مصر ميلا كثيرا. لهذا، نقدر على ان نقول ان هناك حقيقة في المعلومات التي تقول ان بعض الضباط المعتقلين تعاونوا مع الاستخبارات المصرية ...
يوم اعلان الفريق عبود عزل الضباط الثمانية، خرجت مظاهرات صاخبة تطالب باقالة عبود، وباعتقال اعضاء المجلس الاعلى السابق. وفي مساء نفس اليوم، عقد مجلس الوزراء، مجلس قادة الثورة الشعبية، اجتماعا عاجلا، وقرر اعتقال اعضاء المجلس الاعلى السابق.
واضطر عبود لان يوافق. وخلال ساعات، وحسب اوامر كلمنت امبورو، وزير الداخلية،اعتقلتهم الشرطة، ونقلتهم الى سجن زالنجي، في مديرية دارفور ... "
"ليلة المتاريس":
" ... في مساء نفس اليوم، وقبل منتصف الليل، ذهب محامي شيوعي، هو فاروق ابو عيسى، الى اذاعة امدرمان، الاذاعة الحكومية، والاذاعة الوحيدة في السودان. وبطريقة ما، استطاع اقناع المسئولين هناك بان يسمحوا له باذاعة بيان حماسي وتهريجي ("ديماقوقيك"). قال ان انقلابا عسكريا على وشك الوقوع. ودعا المواطنين للخروج الى الشوارع، والتظاهر، ووضع متاريس في طرق الدبابات والسيارات المصفحة، خاصة امام الكباري الرئيسية، ومحطة الاذاعة ...
وهب السودانيون، بمختلف طوائفهم وانواعهم، وخرجوا الى الشوارع. ولساعات، كان الوضع متوترا جدا ...
في الثانية صباحا، اذاع رئيس الوزراء بيانا نفى فيه محاولة الانقلاب. ودعا الناس للعودة الى منازلهم ...
لكن، في السادسة والنصف صباحا، بدأ توافد المتظاهرين الى قلب الخرطوم. وتوافدت جماعات منظمة نحو السفارة الاميركية. وحاصروها لثلاث ساعات. وحاول بعضهم الدخول. ونزعوا لافتة السفارة من على المدخل. وانزلوا العلم، واحرقوه ...
ولم يتفرق المتظاهرون الا بعد ان طلب ذلك منهم الشيوعي احمد سليمان، وزير الزراعة. كان جاء بسيارة، ومعه مبارك زروق، وزير المالية ...
في نفس الوقت، هاجم متظاهرون السفارة المصرية. وصعدوا الى اعلى المبني، وانزلوا العلم، واحرقوه. واسقطوا على الارض نسرا عملاقا من الصخر. ودخلوا المبني، وخربوه تخريبا كبيرا ...
وفي منطقة امتداد الخرطوم، هجم متظاهرون على منازل داعرات اثيوبيات، وخربوها، واحرقوا أثاثها. اكثر من عشرة منازل، دمروها، وسرقوا منها ..."
رأينا (1): الخطط الشيوعية:
" ... يبدو ان الشيوعيين خططوا تخطيطا دقيقا لمظاهرات ليلة 8-11. واستغلوا اعتقال الضباط الثمانية لخدمة مصالحهم، وتنفيذ نواياهم ...
نحن حصلنا على معلومات من مصادرنا بانه، قبل وصول المحامي الشيوعي فاروق ابو عيسى الى دار الاذاعة، عقد اجتماعا مع شيوعيين في نادى اساتذة جامعة الخرطوم. لهذا، لم يكن ما فعل بسبب "تطورات جديدة."
في الحقيقة، حسب معلوماتنا، بمجرد ان قرأ ابو عيسى بيانه في الاذاعة، كان هناك نشطاء ("اكتيفستز")، اختيروا مسبقا، لتوزيع الادوار. استقل بعضهم سيارات، واستقل بعضهم دراجات. وابلغوا نشطاء غيرهم، وابلغ هؤلاء نشطاء غيرهم. وكانت هناك نقاط تجمع معينة في اماكن معينة.
لكن، كان هناك عامة الناس الذين لبوا نداء الاذاعة. وسارع هؤلاء الى القصر (والى الكباري، والى دار الاذاعة). غير ان النشاط كانوا منظمين. وكان بعضهم يحمل عصيا، وجنازيرا، وجوالين غاز. وتجمع هؤلاء في هذه الاماكن الاستراتيجية ...
(تعليق: يبدو التقرير وكانه يتهم الشيوعيين بالتخطيط للتخريب. لكن، يبدو ان هذا التخطيط كان بهدف وقف محاولة الانقلاب العسكري).
رأينا (2): خصى القوات المسلحة:
" ... في هذا النقطة، نجحت المناورات الشيوعية نجاحا فاق كل التصورات. وذلك لان الناس في العاصمة المثلثة هبوا في حماس وشجاعة لحماية ثورتهم. وليس هناك شك في ان هؤلاء الناس كانوا يرفضون رفضا تاما عودة القوات المسلحة لتحكمهم ...
(تعليق: يجمع التقرير بين نقد تصرفات الشيوعيين في تلك الليلة، حيث يصف هذه التصرفات بانها "مخططات"، وبين دورهم في تنظيم المظاهرات ضد انقلاب عسكري، حيث يصف هذا الدور بانه "مناورات." وفي كل الاحوال، لا يشيد التقرير، ابدا، بما فعل الشيوعيون في تلك الليلة).
ساهم هذا التصميم الشعبي، من جانب السودانيين في تلك الليلة لمواجهة اي محاولة عسكرية للعودة الى الحكم، في تقليل قيمة، واهمية، والدور السياسي للقوات السودانية المسلحة. ولسنوات بعد ذلك، ظل الدور السياسي للقوات المسلحة ليس فقط مرفوضا، ولكن، ايضا، مكروها ...
صحيح، كانت القوات المسلحة، في تلك الليلة، او في غيرها، تقدر على ضرب المتظاهرين، والوصول الى اهدافها، اذا كانت تريد، حقيقة، القيام بانقلاب عسكري. وكانت ستسبب مجازر لا حدود لها. خاصة بسبب كثرة المتظاهرين، وحرارة حماسهم، واستعداد كثير منهم للتضحية.
في الجانب الآخر، لابد ان القادة العسكريين الذين سيامرون الجنود بمواجهة هذه المظاهرات الساخنة سيسألون انفسهم: هل سيطلق الجنود النار عليهم؟ وماذا اذا رفض الجنود اطلاق النار؟ وماذا اذا انضموا الى المتظاهرين؟ ومن من الجنرالات كان متأكدا ان اوامره ستطاع؟
لهذا، يمكن القول ان دور الجماهير، والمظاهرات الحاشدة والساخنة، والاضراب السياسي، كلها اثبتت عجز العسكريين عن القيام باي عمل مضاد. ولا حتى فكر الحكام العسكريون، ان ليس في ضرب الجماهير، في اتخاذ اجراءات اقل. (مثلا: اغلاق الجامعة، قطع الكهرباء، سد الكباري، فرض حظر تجول صارم، قطع خطوط التلفونات).
هكذا، وجدت القوات المسلحة نفسها عاجزة. وهكذا حدث لها اخصاء ("اماسكيوليشن").
وصار الدرس واضحا: بدون تاييد من المواطنين، لن تقدر القوات المسلحة على العودة الى الحكم في المستقبل القريب ... "
-------------------------
اشتباكات الجنوبيين:
(تعليق:
ظهر يوم الاحد 6-12، سير عدد كبير من الجنوبيين مظاهرات الى مطار الخرطوم لاستقبال كلمنت امبورو، وزير الداخلية، الذي كان زار المديريات الجنوبية. وكان جزء كبير من المتظاهرين يحمل لافتات ويردد شعارت معادية للوزير. وذلك لاتهامه بالتعاون مع الشماليين ضد مصالح الجنوبيين. وهتف بعضهم "داون داون (يسقط يسقط) كلمنت امبورو". وكان بعضهم يضع شارات سوداء على اذرعهم كرمز لغضبهم.
وعندما تأخرت طائرة الوزير، وثلاث مرات اعلن المطار تاجيل وصولها، ولم تصل، وفي السادسة مساء، تحولت المظاهرات الى تخريب بدا من المطار واستمر حتى منتصف الخرطوم. وانتشرت اشاعات بان الجنوبيين بدأوا في قتل الشماليين. ولم تكن هناك شرطة كافية تحمى المواطنين. وسارع مواطنون كثيرون وسلحوا انفسهم بالعصي والسياخ.
ووقعت اشتباكات مع الجنوبيين في حي المطار، وبرى، ووسط الخرطوم، والخرطوم بحري، وشمبات، وغيرها. وشبت حرائق في مدرسة كمبوني، وفي دار النشر المسيحي.
ومع بيانات من الحكومة من الاذاعة بان يطيع الناس القانون، نزل وزراء الى الشوارع لتهدئة المواطنين. وهتف مواطنون ضدهم، بسبب غياب الشرطة وقوات الامن.
ووقعت هجمات دموية كثيرة ومتفرقة على جنوبيين. ونشرت اخبار بان جنوبيين غرقوا وهم يحاولون الهروب، وان جثث جنوبيين القيت في النيل. وان ماء النيل طفح بجثثهم. وان مواطنين في شمبات والحلفاية تسلحوا بسيوف، وركبوا خيولا، واعلنوا الحرب على الجنوبيين. وان المستشفيات امتلأت بالجرحي، وان الجنوبين لجاوا الى استادي الخرطوم وامدرمان، حيث تحميهم قوات الشرطة.
في اليوم التالي، نشرت الصحف اخبارا بان عدد القتلى الجنوبين وصل الى المئات، بين وصل عدد القتلي الشماليين الى العشرات ...
ونشرت الصحف، كلها، اتهامات عن وجود "ايدى اجنبية" وراء اضطرابات الجنوبيين. وان مظاهرة المطار كانت خططت مسبقا. وان اموالا وزعت على مشتركين فيها. وعلى شراء المكرفونات واللافتات.
وفي اليوم التالى، نشرت صحيفة "الاهرام" المصرية تصريحات ادلى بها جيمس لوك، العضو الجنوبي في مجلس السيادة، هاجم فيها الشماليين، حكومة وشعبا. وهاجم وزير الداخلية الجنوبي كلمنت امبورو. وقال انه "عميل للشماليين". وهاجم سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء. وعارض زيارة الخليفة للجنوب. واعترف بانه ايد مظاهرات الجنوبيين في مطار الخرطوم. وقال: "لن يهدا السودان ما لم ينفصل الجنوب".
وفي نفس اليوم، اصدرت جبهة الجنوب، الحزب الجديد الذي شكله الجنوبيين، بيانا دعت فيه الحكومة لترحيل الجنوبيين في استادي الخرطوم وامدرمان الى الجنوب. ولترحيل الشماليين في الجنوب الى الشمال.
ونشرت صحيفة "الميدان"، لسان الحزب الشيوعي، ارقام سيارات قالت انها لمجموعات من القساوسة واجانب ودبلوماسيين اجانب، هم الذين نظموا مظاهرة المطار).
-----------------------
اضطرابات في الخرطوم:
9-12-1964
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: اضطرابات واشتباكات
" ... تبدو الخرطوم هادئة اليوم، رغم وجود قوات عسكرية في مواقع معينة. مثل: مدرسة كمبوني، والكنيسة الاميركية. ويظل الاف الجنوبيين منعزلين في الاستاد الرياضي في الخرطوم، والاستاد الرياضي في امدرمان ...
وقالت تعليقات الصحف الرئيسية ان "عناصر امبريالية" وراء ما حدث. وبدون ان تقول مباشرة هذه الصحف باننا، الاميركيين، وراء ما حدث، لمحت الى ذلك ...
وامس، اصدرت الجبهة القومية، التي تضم جبهة الهيئات والاحزاب التقليدية، بيانا اتهمت فيه "الامبرياليين". وانهم يريدون حربا عنصرية في السودان لان السودان يساعد "ثوار" الكونغو، ويعارض "التدخل العسكري الامبريالي" هناك ...
(تعليق: هذه اشارة الى ان حكومة الفريق عبود تحالفت مع الولايات المتحدة التي ايدت حكومة مويس تشومبي اليمينية ضد الثوار انصار باتريس لوممبا، الزعيم اليساري الذي قاد استقلال الكونغو. وعن طريق مجلس الامن، ارسلت الولايات المتحدة قوات دولية الى الكونغو. ومنع الفريق عبود مرور اسلحة من مصر وروسيا وغيرهما الى الثوار. لكن، قررت حكومة ثورة اكتوبر عكس ذلك).
في نفس الوقت، اعترفت حكومة السودان بان الشرطة، عند بداية مظاهرات الجنوبيين، تأخرت في الرد عليها بصورة تمنع تفاقمها. واستقال حسن على عبد الله، وكيل وزارة الداخلية، وابراهيم محمد خليل، مدير الشرطة بالانابة ...
حسب ارقام الحكومة، قتل 40 شخصا منذ اول من امس. لكن، قالت مصادر اخري ان العدد اكبر من ذلك كثيرا ... "
-------------------------
سر الختم الخليفة:
9-12-1964
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: مقابلة رئيس الوزراء
" ... قابلت امس سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء، وتحدثنا عن الاضرابات والاشتباكات. وعن الاشاعات المؤسفة عن دورنا فيها ...
وقلت له انه شئ يدعو للاسف ان وزيرا في الحكومة (لم يسمه) ادلي بتصريحات بان اجانب وراء الاشتباكات، بل قال ان "دولا غربية" وراءها. وان كل الصحف السودانية، تقريبا، قالت نفس الشئ. وقالت اننا، الاميركيين، متورطون. واننا دفعنا تكاليف نقل الجنوبيين الى مطار الخرطوم.
وقلت انا لرئيس الوزراء انه يبدو ان هناك جهات معينة تريد تحميلنا المسئولية. وكررت له باننا لا يمكن ان نكون وراء هذه الاضطرابات والاشتباكات.
وطلبت ان تصدر تصريحات منه، ومن كبار المسئولين، لتوضيح ذلك. وذلك لان هذه الاشاعات تؤثر على العلاقات بين بلدينا ...
ويبدو ان رئيس الوزراء كان يعرف ذلك. وكان يفهم قلقنا.
وقال ان المظاهرات لم تكن عشوائية. وان اشخاصا وسط الجنوبيين في مطار الخرطوم خططوا لها. وقال انه شكل لجنة للتحقيق في ما حدث. وان اللجنة ستكون مستقلة تماما ...
واقترحت انا على رئيس الوزراء، وهو وافق، ان تبحث اللجنة ما يسمى "الدور الاجنبي"، وان تتاكد من ما ستتوصل اليه. واذا وجدت اي دليل معين، ان تتصل بنا، قبل اعلان ذلك، بهدف توضيح الوضع للمواطنين الاميركيين في السودان. وبهدف تاثيرات ذلك على العلاقات بين بلدينا ...
وخلال حديث عن الوضع العام، قال رئيس الوزراء ان المشاكل التي يواجهها تحولت من سياسية الى ادارية ...
وعن الاضطرابات الاخيرة، قال ان الجنوبيين في استادي الخرطوم وامدرمان موجودون هناك بهدف حمايتهم. وان الحكومة اصدرت اوامر صارمة بمنع المظاهرات. وان قادة الاحزاب والمنظمات يؤيدون الحكومة في ذلك، حتى لا تتكرر الاضطرابات ..."
---------------------------
بيان الحزب الشيوعي:
18-12-1964
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: بيان شيوعي
" ... نرفق مع هذا البيان الذي اصدره الحزب الشيوعي السوداني يوم 15-12، يدعو فيه الشماليين والجنوبيين لتوحيد كلمتهم، ويحمل مسئولية الاضطرابات لما سماها "مؤامرات امبريالية" ...
(عنوان البيان: "يدا بيد ضد المؤامرات الامبريالية")
(مقتطفات من البيان):
" ... نحن نشهد هذه الايام عظمة انتصارات ثورتنا المجيدة، ثورة اكتوبر، التي صارت لها ابعاد اقليمية وعالمية. ليست فقط لاهميتها التاريخية، ولكن، ايضا، لدورها في الصراع العادل المعادي للامبريالية من جانب الشعوب المقهورة في افريقيا، وأسيا، وامريكا اللاتينية ...
لقد نجحت ثورتنا الديمقراطية في القضاء على نظام الفريق عبود العسكري بدون سلاح وعتاد، وفقط، بتصميم الشعب، وباعلانه الاضراب السياسي. وبالتالي، قدمت ثورتنا نموذجا للشعوب الاخرى التي تعاني من الكبت والظلم من جانب الاستعمار والاستعمار الجديد ...
لهذا السبب، تظل ثورتنا الفتية تواجه مؤامرات وسموم الامبريالية، وسموم كلابها الضالة. ولهذا السبب، ظل الحزب الشيوعي السوداني يرفع راية الحذر حتى لا يعيد الامبراليون سيطرتهم على السودان ...
لنرفع جميعا راية اليقظة والحذر في مواجهة المؤامرات الامبريالية. ولنوحد كلمتنا، شماليون وجنوبيون، حتى يصير السودان مثالا يحتذى به وسط الشعوب الافريقية التي تعاني من المؤامرات الامبريالية ... "
====================
الاسبوع القادم: السفير الامريكي يقابل احمد سليمان
====================
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.