السيد ياسر عرمان رئيس وفد الحركة الشعبية (قطاع الشمال) لمفاوضات أديس أبابا،يريد أن يكون دوما ثائرا مثل تشى جيفارا ونلسون مانديلا وجون قرنق وغيرهم من الثوار الكبار ، وهذا حقه، وبعد أن كسى الشيب رأسه يريد الرجل الثائر أن يظهر بمظهر الطالب الأحمر في جامعة القاهرة فرع الخرطوم فى عقد الثمانينات حين أتهم بقتل الطالبين بلل والأقرع ، يدخل فى مفاوضات أديس أبابا التى إنهارت.كما توقعها الكل كما كان يدخل فى أركان النقاش في جامعة القاهرة الفرع ، هل كان الرجل يشارك فى اركان النقاش الحماسية والسلمية ام كان كادرا أحمرا يتدثر بالسيخ والسلاح الأبيض وغيره؟ اثار السيد عرمان خلال جولات المفاوضات السابقة كلها غبارا كثيفا ، ولم يكن هدفه الوصول الى سلام يجنب مواطني ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ويلات الحرب والجوع ، السيد عرمان إن فوضه أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق الذين يتحدث بأسمهم في كل المحافل ،هدفه فى اعتقادنا واحد لا غير ( تقسيم البلد الى دويلات عديدة) فهو لا شك صنيعة للغرب وللقوي المعادية للسودان ، وعلى أحسن تقدير هو تلميذ نجيب وفي ، وللسيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية و لقادة الحركة الشعبية الأم الذين انفصلوا عن السودان، ودخلوا فى حرب طاحنة قضت على أخضر ويابس أحدث دولة على كوكب الأرض . ومن الطبيعي أن يطالب السيد عرمان بحكم ذاتي للمنطقتين توطئة لفصلهما، بل من الطبيعي أن يطالب بإستثناء المنطقتين من حكم الشريعة الإسلامية إن كانت مطبقة أصلا، وطبيعي أن يسعي لتفتيت قواتنا المسلحة درع البلد الأمين، وما فرية الإغتصاب الجماعي التى روج لها راديو دبنقا، أحد أذرع العمل الهدام للفصائل الدارفورية والحركة الشعبية قطاع الشمال في تابت، الا خير دليل على أن القوم يريدون تصفية القوات المسلحة بعد أن عجزوا بجيوشهم على دحرها. ويعملون ليل نهار على تقسيم السودان تحت لافتات من قبل الحكم الذاتي لا يرمون من ورائها الا لفصل السودان الى دويلات عديدة متناثرة هنا وهناك، واملنا كبير فى أن تعى حكومتنا هذه الالاعيب وأن تستفيد من أخطائها السابقة التى قادت الى انفصال الجنوب، على المفاوض السوداني الذي يمثل الحكومة ان يعرف جيدا ان السودان ليس ملكا لإبيه حتى يوافق على فصل أجزاء منه تحت أي دعوى مهما بدت معقولة لمنطقة ما ،لأن ذلك سيفتح على البلد بابا لن ينغلق أبدا،. يقول السيد ياسر عرمان في بيان اصدره في الثامن من الشهر الجاري في اديس ابابا: إن المفاوضات التي جرت في المسارين مكنت الجبهة الثورية من فضح وكشف أجندة النظام وإرسال رسائل واضحة الي شعبنا أولاً والي المجتمعين الإقليمي والدولي وسنواصل كشف وفضح النظام وحشد التضامن الإقليمي والدولي مع شعبنا.ويصف النظام بعدم الجدية ويدعو الشعب السوداني الى العض بالنواجز على ما يسمي (نداء السودان). السيد ياسر عرمان هو لسان حال العلمانين والشيوعيين ومن لف فى فلكهم وهؤلاء يريدون خلع النظام الحاكم في البلد وهذا حقهم ولكن يجب ان يكون فعلهم بالطرق السلمية ، ولأنهم يعرفون تماما عدم قدرتهم على منازلة النظام من خلال صناديق الاقتراع الشفافة وفى وجود رقابة دولية واقليمية لها هبوا الى اديس ابابا ذرافات ووحدانا هدفهم واحد ونيتهم واحدة هو اقتلاع نظام البشير ان استطاعوا اليه سبيلا والا اثاروا فوضي عارمة لا تبقي ولا تذرمتى ؟ حينما تدخل الحكومة فعلا فى موضوع الانتخابات ( يا ساتر) هل يريد شعبنا فوضي كتلك التى تحدث في مصر او سوريا او اليمن او الصومال ؟ هل يقبل المواطن تعطل مصالحه بمظاهرات يحمل المشاركون فيها السلاح الأبيض والحديث؟ هل يقبلون حرق محطات الوقود والبيوت الامنة ومؤسسات الدولة في سبيل خلع النظام؟ هل يقبلون ما فعلته حركة العدل والمساواة حينما دخلت الى الخرطوم وحاولت افساد كل شئ فيها بل دمرت الععديد من المصالح وقتلت العديد من المواطنين الأبرياء ثم لاذ افرادها بالفرار، هل يريد المواطن من هذه الجبهة الثورية ان تفعل ما فعلته بالامنين في ام كرشولا؟ هذا بالضبط ما يخطط له السيد ياسر عرمان وأبو عيسي والمهدى، لكن شعبنا لن تنطلى عليه مثل هذه الوعود البراقة التى تحمل الخراب فى جوفها. السيد ياسر عرمان لن يجد حوله سوى مالك عقار وبعض قادة الحركات المسلحة في دارفور وليس أمامهم الا أحد طريقين ( مواصلة الحرب ضد الحكومة - أو العودة الى طاولة الحوار دون شروط وبجدية) وحسنا ما قال السيد غندور:انه لن يعود اليها ثانية بل سيكلف شخصا اخر لملف المفاوضات، قطاع الشمال الذي يرأسه عرمان ليس جادا في المفاوضات كما اتضح من الجولات السابقة وهو يتهرب من القضايا الملحة الى اهداف استراتيجية طويلة الأمد تقود الى فصل المنطقتين فى نهاية المطاف ، عقار وعرمان ومن لف فى فلكهما لا يهمهم حالة المواطنين في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بل يهمهم المتاجرة بحقوقهم وأوضاعهم في فنادق العالم والإقليم، عرمان وعقار تقف من خلفهم قوى غربية معادية تماما للسودان لكن هذه القوى لا تعمل على فصل المنطقتين اليوم انما غدا لأنهم رأوا بأعينهم ما ال اليه حال الدولة الوليدة في الجنوب، فعلى الحكومة ان تمضى في مسارين أيضا مسار الاستعداد التام لمواصلة دحر هؤلاء ان ارادوها حربا والجنوح الى السلم ان جنحوا اليها، وبمجرد ان طرحت وساطة امبيكي قضايا خلافية من قبيل الحكم الذاتي على على وفد الحكومة الانسحاب الفوري من تلك المفاوضات العبثية،. السيد عرمان يظن انه قادر على قيادة انتفاضة شعبية،إن لجأت الحكومة الى الانتخابات لا لشئ الا لأنه ورهطة من عواجيز السياسة ،من أمثال السيد الصادق المهدي والسيد فاروق أبو عيسي وغيرهم ممن أكل الدهر عليهم وشرب ،غير قادرين على منازلة الحكومة في الانتخابات يعرفون ضالة حجمهم لدى المواطن السوداني، ينسون أن هذا النظام عمل خلال ربع قرن من الزمن على سحب الكثير من انصارهم،لن يقبل الشعب السوداني فوضى تقودها حركات عنصرية مسلحة ترهن قرارها لقوى تعادي السودان ، ويعيش قادتها فى فنادق خمس نجوم في كل أصقاع الدنيا، حتى لفظتهم جماهيرهم التى يتحدثون باسمها، الشعب السوداني على درجة من الوعي تفهم الاعيب هؤلاء القادة ، وقد جربوهم كثيرا ، فحينما سمحت لهم الحكومة بالعمل السياسي المباشر وسط جماهيرهم عجزوا عن تنظيم ندوات يؤمها الناس، فبارت بضاعتهم وهاهو السيد الصادق المهدى هائم على وجهه مرة في لندن ومرة في اديس ابابا ومرة في القاهرة وهلمجرا ،حتى أصبح مثل الرحالة العربي ابن بطوطة كل يوم في بلد وهو يخشى إن عاد الى السودان أن يعتقل ويقضي بقية عمره في السجن،لا ينبث ببنت شفة ،ولن يكون بالطبع سجن يوسف ، ومعلوم انه يموت في( النضمي ) السيد الصادق المهدي إبنه العقيد عبد الرحمن من اصحاب قصر البشير، دعك من إبنه الاخر تعلمون أين هو؟ ومولانا محمد عثمان الميرغني إبنه ايضا من أصحاب قصر البشير ، لذك على السيد ياسر عرمان أن لا يحلم كثيرا بانتفاضة شعبية فى السودان ،يمكن أن يبيعها للناس الذين يعرفونه ورفاقه حق المعرفة. على الحكومة أن لا تضيع وقتها ومالها وجهدها،في محاورة قوم صكوا اذانهم من زمن بعيد تحركهم قوى معادية للبلد كالدمي ، والا قولوا لي بربكم لماذا كان الفندق الذين يستضيف الطرفين الحكومي والمعارض مليئا بالخواجات أم عيونا زرق؟ ماذا كانوا يفعلون هناك؟ هل أتو فعلا لمساعدة الطرفين من أجل حل يبقي السودان موحدا؟ هل فعلوا ذلك في الجولات السابقة التى أدت بسببهم وبخبثهم الى إنفصال الجنوب ، لا نريد مثل هذه المفاوضات العبثية التى يقودها ياسر عرمان ورفاقة جميعا ، وكنت شخصيا احسب السيد الصادق المهدى وطنيا من الطراز الأول، لكني حينما وجدته يجلس الى السيد ياسر عرمان وفاروق ابو عيسي، ويأتمر بأمرهما تذكرت أنه أصبح الان لعبة في ايديهم وفي أيدى القوى التى تحركهم جميعا ،الصادق المهدى نفسه هو من قال عن شريعة الله (أنها لا تستحق الحبر الذي كتبت به) وهو ذاته الذي رفع في انتخابات 1986 شعار الصحوة الاسلامية ، ولا اظنه من خلال نداء السودان يسعي لتطبيق الشريعة أو يدفع بصحوته الإسلامية الى الأمام ،ولا اظنه حريصا على أن يبقي ما تبقي من السودان سليما، السيد الصادق المهدى في خريف عمره ، يكاد يفقد عقله بركوب سرج الحركات المسلحة وقادة قطاع الشمال في الحركة الشعبية ،وكان الأجدى له أن يواصل فى الحوار الوطني وعلى كل حال إن كان السيد عرمان والسيد المهدى والسيد أبو عيسي وكل عواجيزنا نسأل الله أن يمد فى أيامهم ويرينا خيرهم ويجنب بلادنا شرورهم ،إن كانوا قادرين على خلع نظام البشير بانتفاضة سلمية فلم لا ؟ أما إن كانوا يريدون الدخول الى المدن الامنة بحجافل قواتهم وسلاحهم فلا مرحبا بهم، وعلى الحكومة أن تستعد لغدر هؤلاء الرجال اليوم قبل الغد.ون تعمل لدعم القطاعين الزراعي والصناعي ، وأن تهتم بالشباب وتوظفهم في مشاريع إنتاجية ، عليها أن تهتم بقوت المواطنين حتى لا يستغلهم هؤلاء المخادعين من قادة المعارضة ،وحتى يلتف المواطن العادي البسيط من حولها لا تتركه نهبا لخزعبلات هؤلاء القادة المعارضين، الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية الضيقة. على الحكومة أن تستعد للانتخابات فإن ارادوا ان يخوضوها فاهلا وسهلا بهم ،وان ارادوا الحرب فلتعد حكومتنا لها العدة وإن جنحوا للسلم فلتجنح اليها الحكومة أيضا دون تردد.