الشيخ كمال رزق إمام وخطيب الجامع الكبير في الخرطوم واعظ مثير جدا فقد ساق هذا الشيخ الجليل جملة من الاتهامات للحكومة ولبائعات الشاى في الخرطوم فى خطبة الجمعة وليته اكتفى بذلك بل طفق يقول فى خطبته العجيبة تلك: إن أعياد الميلاد صاحبتها مظاهر سالبة حتى الساعات الاولى من الفجر مورست فيها كافة اشكال الفساد، والتفسخ، وانتشرت فيها كافة انواع الخمور والمخدرات؟! والسؤال البديهي الذي يمكن أن نوجهه لهذا الشيخ المثير للفتنة، هل شاهدت بنفسك زجاجات الخمر يتداولها الخمار في شارع النيل؟هل شاهدت بنفسك الشباب والشابات فى ليلة رأس السنة وهم يمارسون الفساد والتفسخ حتى الساعات الأولى من الصباح؟ وما حكم الشيخ فيمن يرمى الحرائر بتهم كهذه؟ ثم هل وجدت بائعات الشاي مهنا أشرف وأكرم وفرتها الدولة لهن فرفضن وجلسن القرفصاء فى شارع النيل وتحت ظلال الأشجار الباسقات وفى الهجيرة وفى البرد القارس وفى ظلال الحوائط وغيرها؟ الشيخ كمال رزق وغيره من شيوخنا الأجلاء يفتون فى كل شئ ولا يتورعون مطلقا فى أهدار دم شيخ اخر لمجرد أنه هو الاخر أفتى بما لا يروقهم. الحديث عن ممارسات سيئة تقع فى شارع النيل ليس جديدا، فقد تداولته الصحف ووسائط الاعلام ولاكته كثيرا، صحيح أننا من حيث المبدأ نتفق مع الشيخ كمال رزق أنه فى أي بلد من بلدان العالم لا تجد بائعات الشاى يجلسن فى كل مكان بحثا عن رزق شريف، اللهم الإ عندنا فى السودان بلد التوجه الحضاري ،ولكن لنسأل الشيخ كمال رزق ومن خلفه حكومة ولاية الخرطوم وفى مقدمتهم السيد عبد الرحمن الخضر والسادة المعتمدون جميعا فى الولاية ، يا ترى مالذي حمل أمهاتنا وأخواتنا وخالاتنا وعماتنا الكبار منهن والصغار المتزوجات والارامل والمطلقات لبيع الشاي فى شارع الله أكبر؟ اليست الحاجة؟ لماذا لم توفر الولاية من خلال محلياتها أماكن محترمة لتمارس فيه هؤلاء النسوة عملا شريفا كريما محترما؟ يحفظ لهن كرامتهن وشرفهن. أجزم أن الغالبية من هؤلاء النسوة المغلوبات على أمرهن محترمات وشريفات ويسعين لتأمين قوت أبنائهن وأسرهن ، وربما بينهن قلة قليلة تسلكن بعض السلوكيات الخادشة للذوق العام، لكن الله وحده أعلم بالسرائر وما تخفي الصدور. نتفق مع الشيخ كمال رزق فى أن دولتنا غير محترمة،ليس بسبب أنها تجعل النساء يقمن برص الكراسي فى الشوارع ولكن لأشياء كثيرة تعلمها الحكومة نفسها ،نعم حكومتنا ينقصها الإحترام لنفسها ، فلو كانت محترمة لما تركت النساء يجلسن فى الهواء الطلق يوزعن الشاي للناس والكسرة للزبائن ، بل كانت وجدت لهن المكان المناسب ،و الحكومة أيضا لا تهتم أيضا بصحة مواطنيها ،بدليل أن الشاى الذي تقدمه هؤلاء النسوة لابد أن يكون ملوثا بالغبار الممزوج ببصاق المارة من كل جنس، المريض والسليم ،وحامل الإيبولا والسل والالتهابات الرئوية الخ، لأنهن يقدمن الشاي فى فضاء مفتوح كله ملوث بالأتربة والغبار وما تنفثه السيارات من سموم ، كبايات الشاي حينما تغسل لابد أن الغبار والتراب والجراثيم ستعلق بها ، لكن حالهن أهون من حال أولئك الصبية الذين يقدمون الشواء والبيض المقلي والفول والذرة الخضراء ، ومختلف أنواع المأكولات والمشروبات والعصائر للمواطنين فى الشوارع، صحة المواطنين ليست من أولوية حكومة ولاية الخرطوم وواليها والسادة المعتمدون، أولوياتهم غير أولويات هؤلاء النسوة ، لو صح ما قاله الشيخ كمال رزق فى أن الناس يتعاطون الحرام أقصد الخمر في شارع النيل ، فمسؤولية ذلك تقع على عاتق حكومة ولاية الخرطوم، وتقع على عاتق الحكومة الاتحادية التى سمحت للبعض باستيراد الخمور من الخارج، أم يا ترى يا شيخ كمال أن الناس الذين تقصدهم كانوا يتعاطون فى شارع النيل خمورا بلدية؟ ودعونا نسأل السيد والي الخرطوم الذي يدعي أنه مهتم بالنساء وأقام لهن احتفالا كبيرا بمناسبة اعياد الاستقلال ،حضره السيد رئيس الجمهورية ، ما هو عدد النساء اللاتي يقمن ببيع الشاي فى الولاية ؟ ربما ربع نساء الخرطوم، أو خمسهن ،وما هى الجهود التى بذلتها حكومة الولاية لخفض هذا العدد؟ لا أظن أن حكومة الولاية تبذل أي جهد يذكر لمحاربة الفقر المدقع فى الولاية، ولاية الخرطوم التى تستورد الخضر والفاكهة من الولايات الأخري ومن الخارج، لا أظنها تهتم ببائعات الشاي ولا ببقية المواطنين المسحوقين ، ديوان الزكاة فى ولاية الخرطوم لا أظنه يهتم بالفقراء في عموم الولاية، ربما مهتم بالعاملين فيه، ( العاملين عليها) لو كانت ولاية الخرطوم حريصة على المظهر الحضاري المعدوم في الولاية، لأهتمت بأيجاد أماكن نظيفة لبائعات الشاي فى الأسواق ، ولا بأس فى أن تجعلهن يدفعن رسوما محددة، نظير ذلك بدلا من الجلوس طوال النهار ، وطرفا من الليل فى الشوارع وتهان كرامتهن من بعض ضعاف النفوس من الرجال، ونفس الحال ينطبق على بائعات الكسرة والعصيدة ،ومختلف أنواع المأكولات من النساء ، فاستغرب كثيرا حينما أشاهد رجالا ونساء يجلسون في ظل شجرة ظليلة يأكلون العصيدة أو الكسرة بالتقلية ، وهم يتعرقون من فرط استمتاعهم بتلك الأكلة ، والذباب يشاركهم والسيارات تنفث سموم عوادمها ، وتهيل عليهم التراب والغبار ، أي مرض هذا ؟ أين سلطات الولاية الصحية أين المعتمدون ؟ لماذا نجعل أمهاتنا وأخواتنا يضطررن لأمتهان كرامتهن من أجل لقمة العيش؟ فى بلد يدعي قادته أنهم يطبقون شرع الله، الذي من أبسط مقوماته العدل والرأفة بالفقراء والمساكين وبالنساء خاصة، كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ( ما أكرمهن الا كريموما أهانهن الا لئيم) أين أخواتنا الوزيرات على مستوى المركز وحكومة الولاية الا يرين كيف تمتهن كرامة المرأة في ولاية الخرطوم ؟ نعم حكومة ولاية الخرطوم ليست مهتمة مطلقا بالنساء ، خاصة العاملات منهن في بيع الشاي والمأكولات، لأنها ببساطة مكسوفة من كبرى المنشية الذي بدأ يتداعي ومن الشوارع التى تقع فيها الحوادث ، بسبب الأخطاء الكثيرة في التخطيط والتصميم والتنفيذ والفساد الخ . كنت أتمنى لو صب الشيخ كمال رزق إمام مسجد الخرطوم الكبير ، جام غضبه على فوضى الاسواق ، وعلى أهمال الولاية وحكومتها لحاجات المواطنين الأساسية اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم مثلا شايل عصايته وحايم في شوارع الخرطوم مهتم بالمهرجانات والالعاب النارية والظهور في الفضائيات ، يصرف أموال المحلية فى أشياء لا تفيد مواطني المحلية ليته صرف تلك الأموال التى صرفها في تلك المهرجانات الفارغة ،فيما يعود علي المواطنين بالنفع بدلا من احتفالات لا تسمن ولا تغني من جوع ، تمنيت لو إنتقد الشيخ كمال رزق فوضى الأسواق وجنون الاسعار، تمنيت لو إنتقد التلوث السمعي الكبير والضوضاء في الاسواق، حيث يجد المرء صاحب كل دكان وقد أستأجر صبيا وأعطاه ميكرفونا يصيح به فى اذان الناس صباح مساء ، أن هلموا لشراء السلعة الفلانية والعلانية ، أسواقنا ليس فيها ترتيب ولا تنظيم ، الفوضى تضرب بأطنابها في كل مكان ، الطماطم والتفاح والعجور وكل شئ يفرشونه في الأرض والفراء يتزاحمون لشراء تلك السلع الملوثة وحكومة الولاية تتفرج ، عاصمتنا الحضارية الغبار لا يغادرها لحظة يعج فيها ليلا ونهارا،نعم الناس يفرشون بضاعتهم على قارعة الطريق، لا يخافون من العربات ولا يعملون حسابا للمارة، كل أحد منهم يقتطع جانبا من الشارع العام فيعرض بضاعته سواء كانت أحذية أو قنقليس أو دكوة أو غيرها. نحن لا ندعو حكومة الولاية لعمل كشات ضد هؤلاء الاشخاص المساكين ، ولكننا ببساطة ندعوها الى ترتيب وتنظيم أسواقها بصورة تليق بعاصمة البلاد، ذات التوجه الحضاري ، كل بائع وكل تاجر يجلس فى المكان الذي يليق به، ويعرض بضاعته ، دون صياح ودون (كواريك بالميكرفونات ) لأن الرازق هؤ الله ، يجب أن تكون الدكاكين والمتاجر مرقمة، والشوارع داخل الاسواق مرتبة ونظيفة وواسعة ، فحينما يدخل المرء الى بعض الاسواق يخاف على نفسه من ضيقها وزحمتها ، شارع لا يمرر شخصا واحدا تجد فيه أشخاص كثر يتزاحمون في الاتجاهين، وحكومة الولاية لا هم لها الا بالجبايات والضرائب، صحة الناس أمر لا يهمها ، راحة المواطنين لا شأن لها به،أسواقنا قذرة جدا شوارعنا متسخة للغاية ، ليت الوالي وكل مسؤولي الولاية أهتموا بتجميلها وتشجيرها منعا للغبار والأتربة،أظننا حينما نطلب منهم ذلك، إنما نطلب شيئا عزيزا صعب التحقق، ولاية الخرطوم تفتقد للتخطيط السليم في شوارعها وأسواقها ومتاجرها، بل فى كل شئ ، عاصمتنا عاصمة عشوائية، لا مصارف صحية فيها، كل سكانها يتكدسون نهارا وسطها ،فيضيع وقت الناس بسبب بطء الحركة، وزحف السيارات، وبعد ذلك يتشدقون بأن للولاية تخطيطا حضريا ، يتم تنفيذه، على سبيل المثال :موقف يتم بناءه وبعد فترة من الزمن يكتشفون سوء تخطيطه وتنفيذه ثم يهجروه الى اخر، الناس تعاني فى المواصلات الأمرين ،تعاني من صعوبة الحصول على كيس الملاح، تعاني من الانفلات الاخلاقي ، بسبب أن الدولة تخلت عن دورها في رعاية الناس خاصة الفقراء منهم، قلة من البشر في يدهم المال والسواد الأعظم لا يجد قوت يومه. على أئممة المساجد والخطباء أن يخاطبوا حاجات الناس، وأن ينتقدوا السلوك الحكومي الذي يؤدي الى تلك الممارسات المشينة، التى المح وصرح بها الشيخ كمال رزق وغيره، على وسائل إعلامنا أن تقلل من الغناء والبرامج النمطية السمجة وأن تنتقد الحال المائل في كل شئ في عاصمة التوجة الحضاري، وفى الولايات الأخرى هذا هذا واجبها تجاه مواطنيها ، فضائية ولاية الخرطوم التى يديرها السيد عابد سيد أحمد ينبغي أن تعرض مشاكل المواطنين فى الولاية بكل جرأة بدلا من اجترار ذكريات الاستقلال وبدلا من تلميع المسؤولين الذين يبددون أموال الولاية فيما لا ينفع الناس، عليها أن تنتقد سوء التخطيط فى مجالات الصحة والتعليم والبني التحية، عليها أن تنتقد قصور الولاية واهمالها للتشجير والزراعة ما دور وزارة السياحة أن لم تجتهد في انشاء حدائق عامة للحيوان ؟على فضائية الخرطوم أن تنتقد أهمال الحكومة للفقراء والمساكين وأن تعالج المظاهر غير الحضارية والسلوكيات الشاذة التى بدت تظهر في كل مكان في الولاية ،وتجتهد مع المسؤولين في ايجاد حلول لها، ستات الشاى اللاتي تحدث عنهن الشيخ كمال رزق أجبرتهن الظروف لرص كراسيهن على الارصفة لبيع الشاي،لأن الحكومة لم تهتم بحالهن، على ولاية الخرطوم وهي الولاية الأغنى والأهم أن أادت أن تعيد النازحين الذين نزحوا اليها بسبب الحروب والفقر وغيرها الى ولاياتهم أن تساهم ليس في تنمية وتطوير الولاية فحسب بل الى المساهمة الفعالة في تطوير الولايات الأخري لأن الناس ببساطة ينزحون الى الخرطوم بحثا عن لقمة العيش وبحثا عن التعليم وبحثا عن الشفاء ، وحسنا تفعل حينما تفكر في استزراع اراض على حدود الولاية الشمالية بالتعاون مع حكومتها ،فإنشاء مشاريع كبيرة مع الشمالية من شأنه أن يعيد نازحي تلك الولاية اليها وإنشاء مشاريع مع الولايات الاخري خاصة الجزيرة والنيل الابيض وشمال كردفان ونهر النيل بل دارفور الكبرى والنيل الازرق ووولايات الشرق من شأنه أن يفرغ العاصمة من أعداد كبيرة من المواطنين تأتي الى الخرطوم بحثا عن رزقها، كل المشاريع التى تتحدث عنها ولاية الخرطوم وأنه سيتم افتتاحها خلال هذا الشهر لا قيمة لها مقارنة بواقع الولاية التعيس وحجم الفقر عند سكانها والتردي الكبير في مستوى الخدمات كلها في الولاية . بالمناسبة لماذا لا تستفيد ولاية الخرطوم من حماسة العميد يوسف عبد الفتاح والى الخرطوم السابق؟ في مشروع يستهدف تخضير ولاية الخرطوم ونظافتها؟ الرجل كان لديه بصمة واضحة في الولاية حيث بنى مكتبة القبة الخضراء والساحة الخضراء وعددا من المساجد ، وكان قريبا من المواطنين، ثم لماذا لا تستفيد من الدكتور شرف الدين بانقا وزير الاسكان السابق؟ وهو خبير في مجال التخطيط الحضري بدلا من المقاولين والاستشارين والمهندسين الفاشلين ، الذين تعتمد عليهم حكومة الولاية ثم نجد أن مشروعاتهم معظمها تتصدع وتخطيطهم به عيوب كثيرة ، ولاية الخرطوم ينقصها الكثير وتحتاج الى الكثير حتى تكون عاصمتنا جميلة كبقية عواصم العالم، وطالما كان الوالي وأركان حربه يحملون عصيهم ويكثرون من الاحاديث التى لا تسمن ولا تغني من جوع فلن ينصلح حال عاصمتنا التى هي عنوان للسودان الكبير. وأخيرا يا شيخ كمال رزق ألتمس لبناتك وأخواتك العذر فيما هن فيه هن بائعات شاي ولسن بائعات هوى .