د.صبري محمد خليل/ استاذ الفلسفه بجامعه الخرطوم [email protected] تعريف السلفيه: السلفيه نسبه الى السلف. والسلف لغه الماضى و كل ما تقدم وسبق قال تعالى(عفى الله عما سلف )(لمائده 95 )، قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة( سلف، السين واللام والفاء أصل يدل على تقدم وسبق، من ذلك السلف الذين مضوا، والقوم السلاف : المتقدمون.( وقال الراغب الأصفهاني في المفردات) السلف : المتقدم، قال الله تعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (الزخرف:56) أي معتبراً متقدماً... ولفلان سلف كريم: أي آباء متقدمون. (.... اما السلف اصطلاحا فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من الأئمة الذين يقتدى بهم. خصائص المنهج السلفى: السلفيه بين المنهج والمذهب المنهج لغة الطريق، اما فى الاصطلاح الشرعى فهو مجموعه القواعد التى مصدرها الوحى والتى تحدد حركه الانسان ، ودليله من القران قوله تعالى(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) و من السنة قوله صلى الله عليه وسلم(....ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) . وفى الاصطلاح المعرفى(منهج المعرفه) هو طريقه او اسلوب حل المشاكل المتجده ، وهو يتصف الثبات، اما المنهج فى اصطلاح علماء اصول الفقه (المنهج الاصولى) فهو البحث فى أساليب وطرق تحديد الاصول (قواعد السلوك العامة ، المجردة ،الملزمة ، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ) للفروع (قواعد السلوك التي مصدرها النصوص الظنيه الورود ). والسلفيه كاصل هى منهج ، وقد عبر العلماء عن ذلك باستخدامهم مصطلح منهج السلف ، يقول ابن تيمية( لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لايكون إلا حقاً)( الفتاوى ،5484) والسلفيه كمنهج قائمه معرفيا ( فى مجال منهج المعرفه الاسلامى)على الاستناد الى او الانطلاق من فهم السلف لمجموعه القواعد التى تحدد نمط معرفه المشاكل التى يواجهها الانسان ، ونمط الفكر اللازم لحلها، واسلوب العمل اللازم لتنفيذ هذه الحلول فى الواقع، والتى مصدرها الوحى . كما انها قائمه اصوليا (فى مجال منهج اصول الفقه) على الاستناد الى او الانطلاق من أساليب وطرق تحديد الاصول للفروع التى وضعها السلف. اما المذهب لغة فاسم لمكان الذهاب. اما فى الاصطلاح الشرعى فهو حقيقة عرفية تطلق على الأحكام التي استخرجها إمام مجتهدٌ أو خرجت على قواعده وأصوله من قِبَلِ أصحابه المجتهدين التابعين لأصوله في التخريج. اما فى الاصطلاح المعرفى فهو مجموعه من الحلول للمشاكل التى يطرحها واقع معين زمانا ومكانا .. والسلفيه كفرع هى مذهب ، والمقصود بالمذهب السلفى ماجاء كمحصله لتطبيق المنهج السلفى فى زمان ومكان معينين. غير انه يجب ملاحظه ان صفه مذهب تطلق على اجتهاد بعض السلف الصالح فى كل او بعض الفروع (مثلا مذهب الامام احمد بن حنبل، او مذهب الامام الشافعى فى الزكاه...) ، اما كل اجتهادات السلف الصالح فى كل الفروع فيطلق عليها صفه (مذاهب السلف) لانهم اجتهدوا واختلفوا الى مذاهب متعدده. كما ان تطبيق المنهج السلفى الواحد فى ازمنه وامكنه متعدده يثمر مذاهب سلفيه متعدده ،وبالتالى فانه اذا كان من الممكن ان نطلق صفه السلفيه على مذهب معين فانه لا يصح ان نقصرها عليه المنهج السلفي بين اصول الدين وفروعه: الاصل لغه ُ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَأَصْلِ الْجِدَارِ، أَيْ: أَسَاسِهِ. وَأَصْلُ الشَّجَرَةِ، أَيْ: طَرَفُهَا الثَّابِتُ فِي الْأَرْضِ( شرح المحلي على الورقات(.اما الاصل اصطلاحا فهو كل نص يقيني الورود(من عند الله تعالى او الرسول(ص)) قطعي الدلاله (لا يحتمل التاويل). والمنهج السلفي هنا قائم - ايجابا - على الالتزام بفهم السلف الصالح لهذه النصوص وما تتضمنه من عقائد وعبادات واصول معاملات، لذا قال العلماء ان (قول الصحابي في الأمور التي لا مجال فيها للراى اوالاجتهاد له حكم الرفع فالاستدلال والاحتجاج،وذلك حملا لقوله في هذا الباب على التوقف والسماع والتنصيص من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يظن بهم المجازفة في القول ولا يجوز أن يحمل قولهم على الكذب فإن طريق الدين من النصوص إنما انتقل إلينا بروايتهم(،(علاء الدين عبد العزير بن أحمد البخاري ،كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، دار الكتاب العربي ،1997، ط3،ج3، ص410). كما انه قائم - سلبا - على الغاء الاضافات التى طراءت علي فهم السلف لهذه الاصول ،اى البدع اذ البدعه هى الاضافه الى اصول الدين. اما الْفرْعِ فهو لغه مُقَابِلُ الْأَصْلِ: اى مَا يُبْنَى عَلَى غَيْرِهِ. كَفُرُوعِ الشَّجَرَةِ لِأَصْلِهَا، وَفُرُوعِ الْفِقْهِ لِأُصُولِهِ ( شرح المحلي على الورقات(.اما اصطلاحا فهو كل نص ظني ورود اوالدلالهِ . والمنهج السلفى هنا قائم على الاقتداء بالسلف الصالح فى اجتهادهم فى وضع قواعد فرعيه لتنظيم مجتمعاتهم استجابه للمشاكل التى عاشوها، وذلك بالاجتهاد فى وضع قواعد فرعيه لتنظيم مجتمعاتنا استجابه للمشاكل التى نعيشها ، غير ان هذا لايعنى الغاء القواعد الفرعيه التى وضعها السلف الصالح بل اعتبارها تجسيدا لماضى الامه وخبرتها، وبالتالى اتخاذها نقطه بدايه لاجتهادنا لا نقطه نهايه له، وذلك بالالتزام بالقواعد الفرعيه التى وضعوها ، او بعد الترجيح بينها ، او وضع قواعد جديده استجابه لمشاكل جديده لم يعايشوها.. المنهج السلفي بين التقليد والاجتهاد: التَّقْلِيدِ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِلَا حُجَّةٍ يَذْكُرُهَا ( شرح المحلي على الورقات(. وقد ذم القران التقليد (واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه اباءنا)(لقمان:21) كما نهى عنه الائمه : يقول الامام ابو حنيفه(حرام على من لم يعرف دليلى ان يفتى بكلامى، فاننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا( ابن عبد البر، فى فضائل الائمه والفقهاء، ص145 ). ويقول الامام الشافعى( من استبان له سنه الرسول لم يحل له ان يدعها لقول احد) ( ابن القيم، اعلام الموقعين، ج2 ، ص361 ). ويقول الامام احمد بن حنبل( لا تقلدونى ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعى ولا الثورى، وخذوا من حيث اخذوا) (ابن القيم اعلام الموقعين،ج2، ص302). ويقول الامام مالك بن انس( ليس لاحد بعد النبى الايؤخذ قوله ويترك) (بن عبد البر، الجامع ،ص112). فالمنهج السلفي يناقض التقليد،لان النصوص ذمته ، ولان السلف الصالح نهوا عنه اتساقا مع هذه النصوص، ولان مضمون الاقتداء بالسلف الصالح(جوهر المنهج السلفى) اما الاستناد الى فهمهم لاصول الدين التى مصدرها النصوص اليقينه الورود القطعيه الدلاله ، لانهم كانوا اقرب منا زمانا بعهد الرسول(ص)، واكثر فهما منا لدلاله لغه القران، اوالانطلاق من اجتهادهم فى فروع الدين التى مصدرها النصوص الظنيه الورود والدلاله لانه تجسيد لماضى الامه وخبرتها.وبالتالى فانه فى كلا الحالتين قبول مع حجه او دليل (هو النص اليقيني الورود القطعى الدلاله فى الحاله الاولى او النص الظنى الورود والدلاله فى الحاله الثانيه)، ولانه فى كلا الحالتين ليس من بين حجج قبول اقوالهم انها مكافئه للكتاب اوالسنه التى هى المصدر الوحيد للاصول . كما ان المنهج السلفى يناقض التقليد لانه قائم فى مجال الفروع على اتخاذ اجتهادهم نقطه بدايه للاجتهاد لا نقطه نهايه له، لان القول الاخير يترتب عليه الغاء الاجتهاد ،وهوما يتناقض مع الاقتداء السلف فى الاجتهاد،فهو بالتالى شكل من اشكال التقليد الذى لايعبرعن المنهج السلفى. اما الاجتهاد لغه فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض، اما اصطلاحا فهو هو بذل الوسع في النظر في الأدلة الشرعية باستنباط الأحكام منها. والمنهج السلفى قائم هنا على الاجتهاد لان النصوص امرت به، ولان السلف الصالح دعوا اليه والتزموا به فاجتهدوا فى فروع الدين ، غير ان هذا الاجتهاد - كما سبق بيانه- ليس مقطوع الصله بالماضى وليس له نقطه بدايه، بل يتخذ اجتهادهم نقطه بدايه له باعتباره تجسيدا لماضى الامه وخبرتها. المنهج السلفي اقتداء بحقبه تاريخيه مباركه فى كل زمان ومكان: كما يجب التمييزبين السلف الصالح الذين شكلوا حقبه تاريخيه مباركه، والسلفيه كمنهج قائم على الاقتداء بالسلف الصالح فى كل زمان ومكان،والخلط بينهما يؤدى اما الى المساوه بين السلف الصالح وغيرهم من المسلمين فى المرتبه، او اعتبار السلفيه مرحله تاريخيه ونفى كونها منهج صالح لكل زمان ومكان.