في هذا اليوم (الثلاثاء الموافق 20 يناير 2015م) وفي هذه اللحظة التي أكتب فيها المقال يتوجه الملايين من الناخبين الزامبيين الى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس الجديد خلفاً للرئيس العصامي الراحل السيد/ مايكل شيوفيا ساتا الذي ضرب أروع المثل لشعوب العالم الثالث في الصبر السياسي حيث خاض ثلاث انتخابات رئاسية في غضون عشرة اعوام وبصورة سلمية حتى فاز بالرئاسة ولم يحكم البلاد سوى ما يقارب الثلاثة أعوام ( 23 سبتمبر 2011م – 28 أكتوبر 2014م) حيث وافته المنية في لندن. يتوجه الناخبون اليوم لاختيار رئيس جديد من بين عشرة مرشحين للرئاسة أبرزهم السيد/ إدجر لونجو مرشح حزب الجبهة الوطنية الحاكم والسيد/ هاكياندي هيشليما مرشح الحزب المتحد للتنمية الوطنية والقس نيفرس مومبا مرشح حزب الحركة الديمقراطية التعددية الحزبية والسيدة / إديث نواكوي من حزب منبر الديمقراطية والتنمية. ومع إجراء معظم المرشحين للرئاسة حملات الدعاية الإنتخابية بصور متباينة من حيث الامكانيات المادية والوعود الا أن القاسم المشترك هو الدعوة الى نبذ العنف السياسي باستثناء تفلتات متسمة بالعنف السياسي واحتكاكات ومشاجرات بين حزب الجبهة الوطنية الحاكم والحزب المتحد للتنمية الوطنية باعتبارهما أكبر حزبين سياسيين ومن المرجح فوز أحدهما بالرئاسة بالنظر الى الاعداد الجيد والبرامج المطروحة وموقف المفوضية القومية الزامبية الحاسم وهو أنها سوف توقف الحملات الانتخابية لأي حزب يدعو الى العنف السياسي. ومع أن الحملات الانتخابية قوية وجادة الا أنها لا تخلو من دغدغة مشاعر الناخبين فعلى سبيل المثال ظهر عدد من رؤساء الأحزاب السياسية في الاعلام وهم يناشدون الشعب بالتصويت لهم لأنهم الأوفر حظاً في الفوز ولديهم برامج طموحة يسيل لها اللعاب مثل تخفيض سعر الذرة – الغذاء الرئيسي- ومجانية التعليم من الروضة حتى الجامعة والعلاج المجاني والدعوة لتقنين تجارة الحشيش لتحويل زامبيا الى دولة متقدمة في غضون عام فقط ببيع الحشيش في الخارج لأغراض طبية وتحقيق دخل يبلغ 15 مليار في العام ( ضعف المزانية العامة للدولة ) .ولم تكن الحملات الانتخابية خالية من الطرفة السياسية التي لفتت الأنظار وهى أن أحد المرشحين المغمورين توجه الى السوق ولما رآه البعض حملوه على الاكتاف وطافوا به طرقات السوق كنوع من الدعاية الانتخابية وهو في غاية النشوة من التأييد والثقة بالفوز في الانتخابات وعندما أنزلوه تحسس جيبه فلم يعثر على هاتفه والمبلغ الذي في جيبه الذي يعادل (12) دولار فقط وعاد الى منزله وهو يلعن السياسة. وبالعودة الى الحملة الانتخابية فقد ساهم المجتمع الزامبي في توجيهها بطريقة سلمية من خلال النصيحة المؤثرة روحياً والتي وجهها مجلس الكنائس بضرورة إجراء انتخابات سلمية وكذلك افتتاحيات الصحف والرئيس الأول كينيث كاوندا الذي طلب من الشعب اختيار الرئيس المناسب. ويأتي هذا في أعقاب دعوة الحزب المتحد للتنمية الوطنية لانتخاب رئيس من قبيلة التونجا( التي ينتمي اليها مرشح الحزب المتحد للتنمية الوطنية) بحجة أنه لم يتولى أي من أفراد قبيلة التونجا منصب الرئاسة بالرغم من تأييد هذه القبيلة لجميع الرؤساء السابقين من شتى القبائل في الانتخابات الرئاسية السابقة ولكن كان الرد حاسماً من قبل الاعلام والجهات ذات الصلة بأن لا مكان للسياسة القبلية في زامبيا التي بها أكثر من سبعين قبيلة. والى جانب هذا تحدث الرئيس بالنيابة الدكتور قاي اسكوت وحث الناخبين على التصويت بوعي تام واختيار الشخص المناسب بصرف النظر عن حجم قبيلته . من المتوقع أن يكون الاقبال على التصويت ضعيفاً بسبب الأمطار الغزيرة التي تهطل بصورة يومية هذه الأيام - حتى أن الشمس نفسها توارت عن الانظار في هذا اليوم - وكذلك انشغال سكان الريف بالزراعة ومع هذا من المتوقع فوز مرشح حزب الجبهة الوطنية الحاكم في الانتخابات الرئاسية ولكن بفارق ضئيل بينه ومرشح الحزب المتحد للتنمية الوطنية حيث يرى معظم الناخبين أهمية منح الفرصة لحزب الجبهة الوطنية الحاكم لتكملة بقية فترة ولايته الرئاسية( حتى عام 2016م) ولإكمال تنفيذ برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي الطموح . العظة التي يمكن الخروج بها في هذا الصدد هى نبذ المجتمع الزامبي للجهوية والقبلية في العملية الانتخابية بالرغم من وجود مثل هذه النزعة ولكنها لا يتم التعبير عنها خشية لفت الانظار لذلك .كما أن العبرة من الانتخابات الزامبية أن السياسة بحاجة الى النظرة الثاقبة للمصلحة العليا للدولة وقد ظهر ذلك جلياً في الحملات الانتخابية إذ كان التركيز على البرامج التي يقدمها كل حزب لاقناع الشعب وهذا لا يعني خلو الحملات الانتخابية من الطعن في السلوك الفردي للمرشحين وإظهار نقاط ضعفهم. العظة أيضاً أن الأولوية للحزب الذي يعتقد الشعب بأنه سيسهم في التنمية وهو أمر يضع الحزب الفائز تحت وطأة ضغوط شديدة إذ لا بد له من العمل الجاد لاقناع الشعب لانتخابه مرة أُخرى. أما العبرة الأخيرة فهى أنه لم ينجم من الخلافات السياسية انقسام الشعب بل زادته قناعة بانتخاب القوي الأمين مهما كانت خلفيته. وهنا لا بد من الاشادة بالشعب الزامبي لاحترامه لأحد أبناء المستعمر البريطاني وهو الرئيس بالنيابة الدكتور قاي اسكوت حيث وثق فيه طوال الفترة الانتقالية للحكم – وهى ثلاثة أشهر- ووجد كل تقدير لتمسكه بأحكام الدستور الانتخابي حتى يوم الاقتراع لدرجة أنه افتخر بأنه أول رئيس أبيض أفريقي وبطل الابطال... من هذه الزاوية أدعو الشعب السوداني وهو يقدم على التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وعدم الاعتماد على التأييد الخارجي بل الافضل الاعتماد على ارثنا التاريخي وتأييد من يطرح برامج واقعية تتعلق بالعدالة في الحكم وتحسين الوضع الاقتصادي وحياة المواطن العادي .... علينا عدم مقاطعة الانتخابات بل خوضها وتأييد من نراه صالحاً للحكم سواء من المعارضة أو الحزب الحاكم فالمقاطعة لن تجدي شيئاً..أما بالنسبة للمرشحين للرئاسة فعليهم أن يكونوا واقعيين ويتقوا الله في حق هذا الشعب ... وينبغي للمفوضية القومية للانتخابات حصر ممتلكات كل مرشح ومراقبة نموها بعد الفوز وتقدير الثروة في نهاية كل شهر ليتطابق ذلك مع ما سجله المرشح من ممتلكات خلال تقديم أوراق ترشيحه..... من المتوقع أن يكون الفائز في الانتخابات السودانية القادمة من يضع حداً لمخصصات الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بحيث يكون لكل وزير سيارة واحدة فقط للاستعمال الرسمي كما ينبغي الغاء مناصب الوزراء وخاصة في الولايات واستبدالهم بثلاثة مستشارين فقط. وينبغي للرئيس القادم تخفيض ميزانية النفقات المعنية بالاجتماعات الكثيرة للوفود الأجنبية في السودان والاستفادة منها في التنمية الوطنية ....ينبغي أن يضع المرشح الرئاسة برنامجاً للوفاق الوطني وحل قضايا السودان داخلياً كما ينبغي لجميع المرشحين أداء القسم بأن هدفهم من الوصول الى السلطة هو تكليف لا تشريف وعدل لا ظلم . هكذا ينبغي أن يطرح كل مرشح رؤيته السياسية للشعب من خلال البرامج الانمائية الطموحة والعدل ( الذي هول اساس الحكم ) لا السعي للوصول الى السلطة لخدمة أغراض شخصية لا يحمل العائد منها الى القبر الا الوزر والعياذ بالله. ولنا في حياة الخلفاء الراشدين عبرة حيث كانوا يتضورون جوعاً مثل عامة الشعب ولا يتميزون عن الفقراء والمساكين بناقة أو جمل بل كانوا لخدمة الشعب لا لأن يخدمهم الشعب. أود أن يسأل كل مرشح للرئاسة نفسه هل أنه واثق من أنه سيعدل في الحكم أم أنه سيسعى للشهرة والثراء فاذا كان الجواب في قرارة نفسه أنه يسعى للعدل ومرضاة الله فانه سيجد العون من الله ومن أراد الشهرة والثراء فقد يحصل على ذلك بسخط الله وهذا هو الميزان السياسي لمن أراد أن يرشح نفسه. سوف يبتهج الشعب الزامبي في الثالث والعشرين من هذا الشهر باعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية ولا يتوقع حدوث أعمال شغب بعد ذلك لأن جرعة التعبئة الروحية كانت كافية لنزع فتيل أعمال الشغب ....أتمنى أن يرضى الشعب السوداني بنتائج الانتخابات ويضع يده مع الحكومة القادمة المنتخبة لخدمة الوطن والمواطن إذ أن يد الله مع الجماعة. [email protected]