محامي دفاع الزعيم المتمرد يدّعي أن الخرطوم إستخدمت مخيم الإتحاد الأفريقي لتجمع المعلومات الإستخباراتية حول المتمردين والمدنيين يقول محامو دفاع زعيم متمرد من دارفور، وهو متواجد حاليا في لاهاي حيث سيحدد إن كانت هنالك أدلة كافية لملاحقته قضائيا بسبب إعتدائه على قوات حفظ السلام، أن الحكومة السودانية إستعملت قاعدة تابعة للإتحاد الأفريقي لإستهداف المدنيين. ويزعم أن بحر إدريس أبو جردة، قائد إحدى المجموعات المنشقة عن حركة العدل والمساواة، هو واحد من بين ثلاثة زعماء متمردين مسؤولين عن هجوم على قاعدة هسكنيتا في شمال دارفور في 29 سبتمبر 2007، قتل على إثره 12 عنصرا من قوات حفظ السلام وجرح ثمانية آخرون. وقد مثل جردة طوعا أمام المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي وبعد جلسة إقرار التهم الموجهة ضده، ومدتها ثمانية أيام تنتهي هذا الأسبوع، سيكون لدى القضاة 60 يوما ليقرروا الشروع بالمحاكمة أو عدمه. وقالت النيابة العامة أن الضربة لم تكن مشروعة لأن عناصر حفظ الأمن وقاعدتهم يتمتعون بالحماية الممنوحة للمدنيين، فهم لم يكونوا طرفا في النزاع في دارفور ولم يكن لديهم تفويض بتنفيذ القرارات بالقوة كما لم يكونوا قادرين على إستعمال القوة سوى في حالة الدفاع عن النفس. لكن محامي جردة، كريم خان، قال أن حكومة السودان كانت تستعمل المعلومات المستقساة من القاعدة لتمكين القوات الجوية من قصف المتمردين والمدنيين في دارفور. وكانت إتفاقية لقوات حفظ الأمن قد سمحت لممثلين عن أطراف النزاع -حركة جيش تحرير السودان التابع للمتمردين وحركة العدل والمساواة بالإضافة إلى الحكومة السودانية- بالتواجد في المخيم. ولكن المتمردين إرتابوا لتواجد ممثل عن الحكومة وهو قائد للقوات الجوية يدعى بشير ولذا شكّوا أن القاعدة يساء إستخدامها. وقد أصر أحد الشاهدين في بيان تلي في المحكمة أنه ما بين يونيو وسبتمبر من العام 2007 قام المتمردون بمنع قوات حفظ السلام حتى من مغادرة قاعدتهم. وقال شاهد آخر: "منعتنا قوات المتمردين من القيام بدوريات كمامنعت الطوافات من أن تحط في القاعدة لأجل الإتيان المؤن." وقالت النيابة العامة أن المتمردين زاروا القاعدة في 10 سبتمبر 2007 وإشتكوا من وجود القائد بشير وطلبوا خروجه وهددوا أنهم لو تعرضوا لهجوم من قبل الحكومة فإنهم سيردون بالهجوم على هسكنيتا. وقالت النيابة العامة أن القائد أعفي من منصبه في اليوم التالي. ولكن بعد الإستجواب قال الشاهد الثاني للنيابة العامة أن القائد بشير أستبدل ببمثل آخر للحكومة يدعى الملازم عبدالملك وهذا حتى يبقى هنالك ممثل عن الحكومة في القاعدة. وبغض النظر عن تمثيل الحكومة في القاعدة، أصرت النيابة العامة أن هذا لم يرفع الحصانات المدنية الممنوحة لقوات حفظ السلام. وفي صباح التاسع والعشرين من سبتمبر قصفت القوات السودانية متمردين في قرية هسكينتا على بعد ما يقارب الكيلومترين من القاعدة. وقد وصف تقرير للإتحاد الأفريقي القصف بأنه "هجوم لا هوادة فيه من قبل الحكومة السودانية" وعلى أثره وقع عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المتمردين. وهجم المتمردون على قاعدة هسكينتا في مساء ذلك اليوم. والحجة المستعان بها أمام المحكمة هي أنه في حال كانت القاعدة قد إستعملت لتزويد أحد أطراف النزاع بالمعلومات هل تعتبر قوات حفظ السلام حيادية -وهذا ما تصر عليه النيابة العامة- وهل يجب إعطاؤهم وقاعدتهم صفة المدنية. وقد أصرت قوات حفظ السلام في بيان تلي في المحكمة أن "مهمتنا هي إقرار السلام. وكان على الإتحاد الأفريقي أن يجمع بين الأطراف المعادية بالحوار. ولم تكن بعثة الإتحاد الإفريقي في السودان مخولة أن تدخل عسكريا." وقال آخر أن البعثة لم تأخذ أبدا طرفا في النزاع. وقد أصرت النيابة العامة أن ولايتها لم تكن تسمح لها بالمشاركة في الأعمال العدائية، وكان يحق للعاملين فيها أستخدام القوة القاتلة فقط في حالة الدفاع عن النفس. وكانت مهمة قوات حفظ السلام رصد ومراقبة وقف إطلاق النار للمساهمة في بناء بيئة آمنة لإيصال المعونات الإنسانية وعودة الأناس الذين هجروا بسبب القتال. وفي هذا الصدد، إختلفت بعثة قوات حفظ السلام عن القوات الأخرى التي تعمل ضمن صلاحيات تسمح لها بإستعمال القوة القاتلة لحفظ الإستقرار. رغم أن أربعة متمردين كانوا قد إتهموا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بالقيام بجرائم في مقاطعة إيتوري في الكونغو، لكن المشتبه بهم بقتل تسعة عناصر لحفظ الأمن من بنغلاديش في نفس المكان في العام 2005 لم يحاكموا من قبل المحكمة، تماما كما حصل في قضية قتلة ثمانية عناصر لحفظ الأمن من غواتيمالا في الكونغو في العام 2006. ولا تعد هذه الفصول جرائم حرب إلا إذا لم يكن عناصر حفظ السلام يعدون مقاتلين أثناء قتلهم. بالنسبة لهسكنيتا، تقول النيابة العامة أنه من الواضح أن قوات حفظ السلام وقاعدتهم كانوا يتمتعون بصفة المدنية. وقد أوضحت النيابة العامة في الماضي أنه بقتل والإعتداء على قوات حفظ السلام في دارفور، يقوم الجناة أيضا بالإعتداء على الملايين من المدنيين الذين جاء الجنود لحمايتهم. لكن خان قال أن بعثة الإتحاد الإفريقي في السودان فشلت في بناء بيئة آمنة للمدنيين، اللذين سئموا من عدم تمكن قوات حفظ السلام من حمايتهم. أثناء إستجواب أول شاهد وهو عنصر غامبي لحفظ السلام كان متواجدا في القاعدة سأله خان إن كان قد سمع طائرات الحكومة تقصف قرية هسكينتا في صباح 29 سبتمبر. وقال الشاهد: "نعم سمعتها." وقد سأل خان أن كان أي شخص قد ترك القاعدة لتفقد المدنيين. وقال أحد الشاهدين: "لا لم يخرج أحد للتأكد مما كان يحدث." وقد شرح الشاهد أنه عندما وصل إلى هسكينتا قال له قائد القاعدة أن الطاقم لا يسمح له بالتواجد في القرية. وعند إستجواب الشاهد الثاني للنيابة العامة، سأل خان عن مظاهرة قام بها آلاف النساء والأطفال آتين إلى القاعدة للتعبير عن خيبة أملهم وفزعهم لغياب الحماية المفترض أن تؤمنها قوات حفظ السلام. وقد إعترف الشاهد أن بعض الناس في المظاهرة لم يكونوا راضين وأن من بينهم المتحدث بإسم قرية هسكينتا. ولكن بما أن أغلب بيانات الشاهد بالإضافة إلى إستجواب الدفاع حصلت خلال جلسة مغلقة، لم تتوفر تفاصيل أخرى للعامة. نشرت قوات حفظ السلام بدايتا في دارفور في 2004 وكانت هناك شكاوى أن الحكومة السودانية كانت قد فرضت قيوضا على عملها، بما فيها إجبارهم مرات عدة على إطفاء أجهزة التواصل الداخلي وتحديد أية وحدات تستطيع الإنتشار ومن أية جنسيات أتت. وعندما تولت البعثة المختلطة للإتحاد الإفريقي وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يوناميد) مهمات البعثة السابقة في 2007 كان من المفترض أن ينتشر 26000 جندي في المنطقة. ولكن الحكومة فرضت قيودا على جنسيات جنود القوى المختلطة مصرتا على أن تكون غالبيتهم من الإفريقيين. واليوم 70 بالمئة فقط من القوات تم نشرها، أي أن هنالك 17 ألف جندي على الأرض. وفي تقرير لمجلس الأمن صدر منذ سنتين، أشار رئيس الإدعاء لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-أوكمبو أن هجمات قوات الحكومة السودانية والميليشيات التابعة لها كانت مستمرة ضد مليوني مدني هجّروا قسرا في دارفور "وضد العمال الدوليين بالإضافة إلى أن السلطات كانت تعيق وصول المعونات." وأصر مورينو-أوكمبو أن الرجل الكامن وراء هذه الحال الأليمة كان أثناءها وزير الدولة للشؤون الإنسانية، أحمد هارون. وقد أصدرت المحكمة الجنائية مذكرة توقيف بحقه في مايو 2007 لكن الحكومة السودانية تعهدت بعدم تسليمه أبدا. وعند تقديمه لطلب مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوداني أحمد البشير في يوليو 2008 -والتي أصدرت في مارس هذه السنة- قال مورينو أكمبو أن الرئيس مسؤول عن الإبادة الجماعية ومواصلة إضطهاد المدنيين المهجرين بإلحاق "ظروف حياة هدفها تحطيمهم جسديا وهذا تحديدا بإعاقة إيصال المعونات الإنسانية لهم." وإدعى مورينو-أوكمبو أن البشير زرع عدم الأمان في المخيمات من خلال التجسس والمضايقات التي كانت تقوم بها لجنة المساعدات الإنسانية وقال أنه هناك أمثلة عدة لزعماء مخيمات أوقفوا وقتلوا بسبب إعتراضهم على هذا الوضع. وقال الإدعاء العام أن وزارة الشؤون الإنسانية ولجنة المساعدات التي تعمل مع إستخبارات الحكومة وجهاز الأمن بطأت في إرسال المعونات وطردت عاملي الإغاثة الذين شجبوا تلك الأفعال كما منعت تأشيرات الدخول والسفر وفرضت قيود بيروقراطية غير مبررة على عمال الإغاثة. كما قال الإدعاء أن البشير ضمن أن تعمل الحكومة وقوات الأمن والميليشيات الموالية معا لتكفل أن لا تتدخل الشرطة لحماية المدنيين وتمنع وتعيق إيصال المعونات الإنسانية للمهجرين. وتشير الأرقام أن 61 عنصرا لحفظ الشلام فقدوا حياتهم أثناء الخدمة في بعثة الإتحاد الإفريقي بين 2004 و2007 وقد فقدت قوات اليوناميد 17 من عناصرها في هجمات حتى الآن. ولم تصل التحقيقات عن الجهة المسؤولة إلى نتيجة. في بعض الأحيان كان المعتدون يرتدون ملابس عسكرية وفي أحيان أخرى كانوا يلبسون الزي المدني من عمائم ونعال بحسب اليوناميد. وقال مورينو-آوكمبو الأسبوع الفائت أنه ليست هناك نية لفتح تحقيقات حول الإعتداءات الأخرى ضد قوات اليوناميد لحفظ السلام. المصدر: معهد صحافة السلم والحرب في لاهاي.