قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    ريجي كامب وتهئية العوامل النفسية والمعنوية لمعركة الجاموس…    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    فاجعة في السودان    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسية الأمريكية الجديدة تجاه كوبا: إنفراج دبلوماسي أم إفراج عن جواسيس؟ .. بقلم: السفير موسس أكول
نشر في سودانيل يوم 19 - 02 - 2015

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
(1)
بعد مرور أكثر من خمسة عقود منذ أن أطاح فيديل كاسترو ورفيقه الثوري تشي جيفارا بحكومة الجنرال فلجنسيو باتستا الموالية لواشنطون في الأول من يناير عام 195۹، وبعد أن تعاقب عشرة رؤساء على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلن الرئسان الأمريكي باراك اوباما والكوبي راؤول كاسترو في منتصف شهر ديسمبر المنصرم أن الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا قد عقدتا العزم على إبرام وفاق سلم يضع نهاية للعدائيات السرية والمعلنة بين العدوتين اللدودتين. وأعلن الرئيسان فتح صفحة جديدة، كما أمرا بإعادة العلاقات الدبلوماسية، وفتح سفاراتي الدولتين، وتبادل السفراء بين واشنطون وهافانا. كما دعا الرئيس اوباما لرفع الحصار الإقتصادي المفروض على الجزيرة الصغيرة منذ اكتوبر ۱۹60.
إن الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا، اللتان لا تفصل بينهما سوى تسعين ميل بحري من مياه المحيط الأطلسي الأزرق، ظلتا على قطبين فكريين متناحرين منذ أن فقدت الولايات المتحدة الأمريكية حليفها في هافانا بدعم من الإتحاد السوفيتي في خواتيم خمسينيات القرن الماضي. وبما انه لم يكن من المنتظر أن تكون الولايات المتحدة سخية عند الهزيمة في أُتُون الحرب الباردة، ردت واشنطون على مجريات الأحداث في كوبا بوابل كثيف من الدعاية المغُرِضة ضد ما وصفته بالمد الشيوعي، كما فرضت حصار إقتصادي على كوبا قبل ان تقطع العلاقات الدبلوماسية معها في يناير 1961. وبعد أربعة أشهر فقط من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قام الرئيس الأمريكي جون كينيدي المنتخب للتو بتنفيذ خطة محفوفة بمخاطر للإطاحة بالرئيس الكوبي كاسترو وبدعم من وكالة الخابرات المركزية الأمريكية (CIA) التي جندت 1400 من الكوبيين المهاجرين والمقيمين في نيكاراغوا لتنفيذ العملية. وتقتضي الخطة التي ورثها الرئيس الشاب من سلفه الرئيس دوايت أيزنهاور قيام المجندون بغذو جزيرة كوبا من شاطئها الجنوبي وعند منطقة ((خليج الخنازير)) بالتحديد. فشلت المغامرة التي عرفت فيما بعد بعملية ((خليج الخنازير)) فشلاً زريعاً، إذ إنتهت بعد أقل من ۲4 ساعة من بدايتها بعد أن قُتِل 114 من القوة المهاجمة واُسر 1100 من أفرادها.
لم تكن عملية ((خليج الخنازير)) إلا قمة جبل الجليد للعمليات العدائية الشرسة التي صاحبت العلاقات بين البلدين والتى شملت عمليات تجسس ومحاولات إغتيال الرؤوساء وحظر المواطنين الامركيين والمقيمين في أمريكا بصفة دائمة من السفر الى كوبا. إلا أن الحصار الإقتصادي الذي فرضته أمريكا على كوبا عام 1۹60، ووجود الصواريخ السوفياتية في كوبا والذي كاد أن يؤدي إلى حرب نوية إبان ما سُميت ((أزمة الصواريخ)) في شهر اكتوبر 1۹6۲، والحصار البحري التي طوقت بها البحرية الأمريكية الجزيرة إثر الأزمة، تكالبت وشكلت القشة التي قصمت ظهر البعير والتي حسمت مصير البلدين كعدوين لدودين.
(2)
كان من الطبيعي أن تتزامن التوتر في العلاقات الأمريكية-الكوبية مع توتر مماثل بين الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من شعوب دول أمريكا اللاتينية، وذلك لأن الجارة الكبرى دأبت على سياسة دعم وحماية الحكومات الديكتاتورية على مر السنين في دول عديدة مثل فينزويلا والأرجنتين وكولمبيا وجمهورية الدومنيكان وغيرها. ولقد ردت شعوب هذه الدول على سياسة الولوغ بدون كوابح في شئونها الداخلية بقيام ثورات شعبية إطاحت بحلفاء واشنطون في المنطقة وحلت مقامهم حكومات معادية للولايات المتحدة. وعليه، أن نيكاراغوا التي من أراضيها إنطلقت محاولة الإستخبارات الامريكية الاولى لغذو كوبا في 15 إبريل 1961 لم تعد ((جمهورية الموز)) تأتمِر بتوجيات واشنطون وترقص على أنغامها كما فعلت في السابق، بل أصبحت نيكاراقوا الآن الحليفة القوية لفينزويلا والتي تعتبر حليفة كوبا الوفية ويعتبر رؤساءها من ألد أعداء الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.
(3)
جواسيس بين ظهرانيهم
أثمر الإتفاق الأخير بين الرئيس الأمريكي ونظيره الكوبي عن الإفراج الفوري عن كل من هيرالدو هرنانديس نوديلو وأنطونيو قُريرو رودريقاس ورامون سالازار، وهم من الجواسيس الذين شكلوا حلقة تجسس لصالح كوبا في منطقة ميامي في فلوريدا الأمريكية في التسعينيات القرن المنصرم وتم القبض والحكم عليهم عام ۲001 ضمن ما عُرفت بمجموعة ((الكُوبيين الخمسة)). لقد تم نقلهم جواً من سجون أمريكا الى هافانا فور إعلان الرئيس اوباما عن السياسة الامريكية الجديدة تجاه كُوبا، وبذلك ينضم المفرجون عنهم الى رفيقيهم اللذين اُبعدتهما السلطات الأمريكية لهافانا في وقت سابق بعد ان أكملا مدة الحكم في السجون الأمريكية. كما أطلقت هافانا سراح 53 معتقلاً سياسياً طالبت الولايات المتحدة بالإفراج عنهم كجزء للصفقة.
من جانبها لقد حضيت الولايات المتحدة بالإفراج عن السيد ألآن قروس الموظف بوكالة المعونة الأمريكية والذي سافر الى كُوبا عام ۲00۹ لتنفيذ مشروع خاص نتحسن خدمات الإنترنت للجالية اليهودية بهافانا، إلا أن السلطات الكُوبية ألقت القبض عليه وتم سجنه في ذات العام بتهمة تهريب بضاعة الى كُوبا. لكن ربما الأمر الأهم في هذا الصدد هو ان تبادُل الجواسيس بين واشنطون وهافانا قد أسفر في المقام الأول عن الإفراج عن السيد رولاندو ساراف تروهيلو الذي كان يقضي حكماً في السجن في هافانا منذ إدانته بالتجسس ضد موطنه لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عام 1۹۹5. ويُرجَح أن السيد تروهيلو الذي كان ضابطاً في جهاز المخابرات الكُوبية قد تمكن من إخترق وزارة الداخلية الكُوبية بصورة كارثية وقام بمد المخابرات الأمريكية بمعلومات قيمة حتى أصبح الرجل من أهم رجال المخابرات الامريكية في كُوبا، إذ إشتهر في دوائر المخابرات في واشنطون ب((وكيلنا في هافانا))، وهو لقب بطل قصة للكاتب الإنجليزي جرهام قرين ((1904—19۹1)). كما يرجع المخابرات الأمريكية الفضل للسيد تروهيلو في مدها بالمعلومات التي ساعدت الوكالة على فك طلاسم حلقة ((الكُوبيين الخمسة)) التي إخترقت مجتمع المهاجرين الكُوبيين في ولاية فلوريدا الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي.
(4)
معركة صعبة في كابيتول هيل
لاشك أن إدارة الرئيس اوباما قد بذلت جهود كبيرة وراء الكواليس بغية صياغة سياستها الجديدة تجاه كُوبا، وتأتي في مقدمة هذه الجهود القاءات السرية بين مسؤلين كُوبيين والسيدة هليري كلنتون عندما كانت وزيرة للخارجية إبان فترة رئاسة اوباما الثانية. ولكن لاشك أيضا أن مستشاري الرئيس يدركون جيداً أن الرئيس اوباما لا يستطيع إلا تفعيل جزء ضئيل جداً من سياسته الجديدة بأمر تنفيذي، أما الجزء الأكبر والأهم لهذه السياسة، بما في ذلك رفع الحضر التجاري والسياسي المفروض على كُوبا، لا يمكن تنقيذه إلا بقرار من الكونجرس، وذلك لأن هذا الحظر يتم تنفيذه حالياً عبر ست قوانين اجازتها الكونجرس الأمريكي في حقبات مختلفة، وتشمل هذه القوانين ((قوانين التجارة مع العدو لعام 191۷)) و ((قانون العون الخارجي لعام 196۱)) و ((قانون مراقبة الاصول الكُوبية لعام 1963)) و ((قانون ديمقراطية كُوبا لعام ۱۹۹۲)) و ((قانون حيلمس-بورتون لعام ۱۹۹6)) وأخيراً ((قانون إصلاح العقوبات التجارية وتعزيز التصدير لعام 2000م)) . وعليه ان تحرير العقوبات الكُوبية من قبضة هذه القوانين الصارمة لا يتم إلا عبر الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريين منذ الإنتخابات نصف الدورية التي اجريت في نوفمبر من العام المنصرم حيث فاز الحزب الجمهوري بعدد 54 مقعداً من جملة ۱00 مقعد في مجلس الشيوخ وعدد ۲4۷ مقعداً في مجلس النواب الذي يتكون من 4۳5 عضواً. وهذا يعني بالضرورة ان التنفيذ الكامل لسياسة اوباما الجديدة تجاه كُوبا بما في ذلك الإفراج عن الأموال المطلوبة لإنشاء السفارة المقترحة في هافانا والتصديق على السفير الذي سيرشحه الرئيس اوباما لقيادة هذه السفارة لا يمكن أن يتم إلا بموافقة المشرعيين الجمهوريين في مجلسى الشيوخ والنواب في الكونجرس الحالي، وهم من ظلوا يعتبرون سياسة عزل كُوبا خطاً أحمراً في السياسة الخارجية الأمريكية.
إذاً، هاهو الرئيس اوباما يمس احد أهم المعتقدات السياسية لدى الحزب الجمهوري، ويرسم علامات التحدي على الرمال في وجه المشرعين الجمهوريين الزاحفين نحو الكونجرس الأمريكي وهم مسلحون بتفويض شعبي كبير وبكراهية فطرية تجاه الرئيس اوباما. وفيما يستطيع الرئيس أن يعد أصدقاءه من المشرعيين الجمهوريين في الكونجرس الحالي على أصابع اليد الواحدة ومن بينهم السناتور اللبرالي راند بول والنائب براين روسنير من ولاية كنساس والنائب جيف فلاكس من ولاية أريزونا والذي رافق السيد ألآن قروس الى واشنطون من هافانا، إلا أنه من المعروف ان ليس هناك ما يربط بين الرئيس اوباما والقادة الجمهوريين الذين يمسكون بزمام الامور في الكونجرس الأمريكي في نسخته رقم ۱۱4سوى خيط بروتوكولي أوهن من شعرة معاوية، إذ لم يُعُرف أي من رئيس لجنة الشئون الخارجية الجديد السناتور بوب كوركر او رئيس الاقلبية السناتور المخضرم ميتش ماكونيل بتعاطفهم مع أي شئ أو شخص مقرب للرئيس باراك اوباما. فضلاً عن ذلك ، أن سناتور ماركو روبيو الذي يتولى رئاسة اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية الخاصة بشئون نصف الكرة الغربي في مجلس الشيوخ الأمريكي لقد ابدى استئياء شديد حيال سياسة أوباما الجديدة تجاه كوبا، ووعد بأنه سيحاول "منع هذه السياسة من المضي قُدما". لابد من الاعتراف بان أقوال الرجل تحمل بعض الوزن السياسي ليس فقط لأنه من اصول كوبية وسانتور من فلوريدا حيث لجأت اسرته عقب إندلاع الثورة الكًوبية، بل لأن الرجل قد أبدى رغبة قوية لخوض الانتخابات الرئاسية الامريكية عن الحزب الجمهوري في نوفمبر 2016.
من المتوفع أن تشهد الأيام القادمة المذيد من مثل هذه التصريحات المتشددة من المشرعين الجمهوريين ضد سياسة الرئيس اوباما الجديدة تجاه كُوبا، وعليه يبدو واضحاً ان الرئيس يخوض الآن معركة غير متكافئة في كابتول هيل حيث سيتضاءل فيها فرصه في احراز إنتصار، لاسيما أن ماتبقى من عمر رئاسته أخذ يتسرب رويداً كما الرمال في الساعة الرملية.
كل المؤشرات تشير الى أن المشرعين الجمهوريين ماضون قدماً في تنفيذ مشاريعهم غير آبين بوعيد الرئيس بممارسة حق النقض ضد قرارات الكونجرس، ولا يقفون عند المشروعات التي يقدما الرئيس اوباما الى الكونجرس إلا بما يكفي من الوقت لتقويضها. و يبدو ذلك الإصرار واضحاً عند النظر الى أول جدول أعمال مجلس النواب الذي لم يتجاهل فقط سياسة اوباما الجديدة تجاه كوبا بل طفق المشرعون يصوتون لصالح إنشاء خط ((كي إستون XL) وهو خط لنقل النفط الخام من كندا عبر ولايات مونتانا وداكوتا الجنوبية الى ولاية نبراسكا حيث يلتحم الخط, الذي يبلغ طوله 1179 كيلومتراً، بخطوط النقل الحلية وذلك لنقل 800000 برميل يومياً الى مصافي النفط على ساحل خليج تكساس. ويعتبر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو ثمانية بليون دولار من المشاريع المثيرة للجدل، حيث يعارضه الديمقراطيون والمنظمات البيئية لاعتبارات خاصة بتغير المناخ والإحتباس الحراري.
لقد هدد الرئيس اوباما بممارسة حق النقض ضد المشروع الذي تم تمريره ((270 - ۱52صوتاً)) في مجلس النواب ، وقد ينجح الرئيس في تعطيل المشروع في المدى القريب وذلك نسبة لفشل الجمهوريون في الحصول علىى الحد الأدنى ((290صوتاً)) من عدد الأصوات التي تمكنهم من إبطال مفعول النقض الرئاسي. لكن نسبة لإنعدام التكافئ العددي بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونجرس الحالي، إنه من الواضح أن فرص الرئيس اوباما وإدارته في إحراز نجاحات اخرى ذات قيمة تذكر في الكونجرس في نسخته الحالية تكاد تكون معدومة تماماً، إذ ستظل الهزائم تلاحق إدارة البطة العرجاء حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة في العام المقبل.
(5)
الإنتخابات الرئاسية وشبح إليان قونزاليز
طالما ان فرص الرئيس اوباما لتنزيل سياسته الجديدة على أرض الواقع قبل نهاية الفترة الأخيرة لرئاسته يبدو ضئيلة جداً، ليس من المستبعد أن يلقي الجدل حول هذه السياسة بظلاله على إنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، ويحوم فوق سماء الإنتخابات كما فعل شبح الطفل الكوبي الذي انقذته قوات خفر السواحل الامريكية في عرض البحر واحضرته الى فلوريدا في نوفمبر 1999. ويذكر ان المعركة الشرسة التي دارت بين المشرعين الجمهوريين الذين ارادوا للطفل الصغير ان يبقى في الولايات المتحدة، من جهة، والإدارة الأمريكية التي كانت تديرها الديمقراطيون حينذاك والتي نجحت لاحقاً في إعادة الطفل أليان قونزاليز الى كًوبا في شهر يونيو 2000، من جهة اخرى، يذكر أن تلك المعركة وحدت صفوف الأمريكيين من الاصول الكوبية في فلوريدا ضد المرشح الديمقراطي في الإنتخابات الرئاسية في نوفمبر 2000. فضلاً عن الخلل المريب الذي أصاب ماكينات عد أصوات الناخبين وبطاقات التوصيت الشهيرة التي ظلت عالقة في جوف هذه المكينات في مراكز التصويت في فلوريدا، يعُتقد على نطاق واسع ان الغضب العارم في أوساط الكًوبين الأمريكيين جراء إعادة اليان قونزاليز الى هافانا قد ساهم الى حد كبير في الفوز الذي حققه جورج بوش الإبن على آل قور في مقاطعة مايامي-ديد في ولاية فلوريدا. ومن المعلوم أن السيد آل قور الذي كان نائباً للرئيس بيل كلنتون وقتئذاً والذي أيد جهود الادارة الأمريكية الرامية لإعادة الطفل اليان قونزاليز الى كًوبا خسر الانتخابات الرئاسية بفارق 53۷ صوتاً فقط بعد أن أصدرت المحكمة العليا قرارأ مثيراً للجدل لوقف إعادة عد الأصوات.
رغم ان الدراسات تؤكد الآن ان غالبية الكًوبيين الأمريكيين الشباب لم يعودوا ينظرون للإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال نفس المنظور الذي رأى عبره الجيل القديم إنتخابات 2000، وبما أن الإنتخابات الرئاسية مازالت بعيدة بكل المقائيس الأمريكية، إلا أنه من الصعوبة بمكان التقليل من أثر سياسة الرئيس اوباما الجديدة نحو كًوبا على أجواء الإنتخابات القادمة، لاسيما عندما ترمي أسماء لامعة بقبعاتهم في حلبة المنافسة.
من الواضح الآن أن حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، وهو إبن الرئيس الاسبق جورج بوش الاب والشقيق الأصغر للرئيس الأسبق جورج بوش الإبن، قد ينضم لفرقة من الجمهوريين الطامحين في الفوز بتأيد الحزب في الإنتخابات الرئاسية القادمة. وتشمل هذه الكوكبة حتى الآن كل من السناتور تيد كروز والسناتور ماركو روبيو وكلاهما من ولاية فلوريدا. ومن المنتظر ان يكشف النقاب قريباً عن كوكبة من المرشحين الديمقراطين الطامحين في الفوز بالبيت الابيض بقيادة السيدة هيلاري كلنتون زوجة الرئيس الأمريكي الاسبق والمهندسة المفترضة لسياسة الرئيس اوباما الجديدة تجاه كًوبا.
خلاصة:
يبدو ان سياسة عذل كُوبا، الذي سبق ميلادها ميلاد نحو 66 بالمائة من الشعب الأمريكي بما في ذلك ميلاد الرئيس باراك اوباما، قد تسربت الى ركن قصي في منطقة اللاوعي في المخيلة الجماعية الأمريكية حيث إتخذت لنفسها حياة سريالية لا يشتكي السواد الأعظم في الولايات المتحدة من وجودها المفترض ولا من غيابها البائن. ولكن أنه من المتوقع أن الإنفراج في العلاقات الدبلوماسية المتأزمة بين واشنطون وهافانا سيقود ليس فقط الى تفكيك آخر معاقل الحرب الباردة وتحريك الساحة السياسية الأمريكية، بل سينزل برداً وسلاماً على العلاقات بين الولايات الأمريكية مع جاراتها في أمريكا اللآتينية بصفة عامة واليسارية منها بصف خاصة. وبما أنها قد تساهم في دعم إرث الرئيس اوباما كأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية يأمر بتغيير سياسة الدولة تجاه كُوبا ، إلا أنه بات واضحاً أن السياسة الجديدة تجاه كُوبا ستقبع في أسفل الأدراج داخل قلعة الجمهوريين الجديدة في كابتيل هيل ولا ينفض عنها الغبار إلا إذا تمكن الديمقراطيون من إعادة بسط سيطرتهم على الكونجرس الأمريكي أو البيت الأبيض أو الإثنين معاً في إنتخابات 2016. وعليه والى ذلك الحين، من المرجح أن تظل السياسة الجديدة تجاه كُوبا مثابة هُدنة للإفراج عن حفنة من الجواسيس الذين كانوا جنود المشاة في الحروب السرية والعلنية بين الولايات المتحدة الامريكية وعدوتها اللدودة التي ظلت تسبح لوحدها في المحيط الأطلسي ضد التيار الأمريكي القوي لأكثر من خمسة عقود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.