تحية وتقدير!!! عفوا يا ريس !!! فان زيارتك للخليج قبل أيام ، كانت غير موفقة في زمانها ، ومكانها ، وحدثها وحديثها ، وجدواها ، وكانت كإستدرار الغيث وقت الصيف ، اذ هطل ، لا ينبت زرعا ولا يُدِرُ ضرعا ، وكانت كحقنة الدواء لمرض إستفحل لا تعالجه ولا تبقي ثمنها دخراً، وكانت كالذي وصل قاعة الحفل بعد إن إنفض السامر، ودورهم فقط هو لملمة الكراسي ، وكانت (كالعائل المستكبر والفقير المستعفف) ، من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم ، نسأل الله لنا ولك السلامة. فأما الزمان يا أخي فقد تأخرت زيارتك هذه عشرات السنين ، إذ أن زمان التقارب والتقرب من مجموعة الخليج التي حزمت أمرها ورأيها في الإخوان المسلمين قد ولى ، وكان يجب عليك وأنت منهم دولة وحكومة ، وإن تبرأنا عن عالمية الفكر ، الذي أسسنا له بالمؤتمرات وعمرنا له الدور ، أن تزورهم أيام كان الجو صافيا لا حرب فيه ولا إحتراب بين السنة والسنة وبين الإخوان والسلفيين ، أيام كان الغرب لم يبدأ دقّ إسفين الجفاء بعد ولم يزرع القاعدة ولم يزرع داعش ولم يُصنع الربيع العربي ، ويقاوم بآل علمان، بجريرة مصطلح الإرهاب التي لا يزكينا البعض منها . وكنا نحتاج هذه الزيارة أيام أتى الخليجيون بأموالهم ورجالهم للسودان ، طلبا للإستثمار والعمار ، يبحثون عن الماء والأرض والكلأ ، وكنا حينها نبحث عن المال والملأ ، فقابلهم بعضنا ، بالفساد ، وضيق ماعون الإستثمار ،في المعرفة والتقنية والإدارة ، حتى صار أمر الإستثمار وسد فجوة الغذاء العربي في السودان ، ورقة سياسية ، وعصا وجزرة فضاع اللبن . وأما الزمان أيضاً ، فكان من الأجدر ، أن تكون تلك الزيارة وأمثالها ، طلباً للتقارب مع إخوتنا في الخليج ، قبل حربي الخليج ، تطمينا للمغتصبة أرضه ، بالتعاضد والمؤازرة ، فمصالحنا القريبة أحرى أن تنال وتبتغى ، قبل كليات رسالتنا وتوجهنا وصدقنا في السياسة ، في مثل هذا الزمان ، وكانت من الأجدر أن تكون أيام حشرنا في دول الممانعة العربية أيام عُزلت الكيمان ، ( من ليس معنا فهو ضدنا)، حتى نرفع عن عقريتنا أثقال التصنيف والحشر في زمرة الضعفاء المستعصيين ( اليمن والعراق والسودان وليبيا وسوريا)، المجموعة التي حصل ويحصل لها ما نرى ونعرف الآن . وكانت يجب أن تكون ايام كان الخليج كله يحتاجنا أن نحدد رأينا وموقفنا من المناورات الإيرانية ، وتشييع المنطقة ، وعلاقتنا بها ، والتي ما سدت لنا رمقا ولم تسمن ولم تغننا من جوع ، فقط زرعت فينا ( بروس)، التشيع والحسينيات وزادت ضبابية العلاقة بيننا وبين الخليج ، وزادت شقة ثقتهم فينا ، بأننا أجدى وأجدر أن نحمي لهم ظهرهم ، جانب البحر الأحمر ، وللأسف ما فعلنا ذلك حينها ، بل ناورنا بمناورات بوارج المجوس إن كنا ندري ولا ندري ، وإبتعنا لإيران مواقفنا بأثمان بخسة وبشحهم المعهود . وأما المكان ، فكان من الأجدى أن تبدأ بالسعودية ، ليس توضيعا للإمارات ، ولكن ، صُرة الخليج السياسية والدينية والإجتماعية مدفونة بين مكة والمدينة ، والطائف ، والسعودية بوزنها في الخليج فهي تمثل الأخ الأكبر ، يقول، فيطاع ، ويشير ، فيبجل ، وسياسة الخليج شيء واحد، ودينه شيء واحد ، ومواقفه العالمية والإقليمية شيء واحد إذا أشتكى منه قُطرُ من تشيع أو إرهاب تداعت له باقي الدول بكل ما تملك ، والخليج بوزنه من السعودية ، هو الأجدر أن يرفع عنا عصا المقاطعات ، ومطالب المحاكمات ، والضيق الإقتصادي ، بالإستثمار الحقيقي ، فكان من الأجدى لتصحيح المسار أن تبدأ بالسعودية فإن التوجه فيها الآن والوعي فيها الآن هو أقرب أن يحدث إصلاحا للبين ، بين الناس والأجدر أن يؤثر في رأي شقيقتنا مصر وبقية أخوتنا في الخليج . وأما الحدث يا أخي فهو ، بحر لا يسمح لنا أن نرشف منه لو قطرة ، بسبب المقاطعة وحرماننا من التسلح والسلاح منذ أن وُضعنا قسراً في سلة دول المواجهة العربية ، بمواقفنا التي خلطت بين الإنساني ، والواقعي والسياسي ، وضلّت طريق التحالف الصحيح ، وكنا وقتها أكثر ضعفا وأقل حيلة ، فما جنينا منها إلا تجزئة البلاد وضيم العباد وفقدان البوصلة في الصلات ، فما كانت رسالة زيارتك تلك ، تشبه الزمان ولا المكان ولا الحدث. وأما الحديث يا أخي ، فوالله كان لا يليق بالزيارة ، وبضاعتك يا أخي لا تشبه البضائع في عرضها وغَرَضِها ، فالناس كلهم ، عرفوا أن العرض لا يجب أن يكون حفنة صناعات حربية سودانية ، ولا تأكيدا لبراءة من مواقف تبرأنا منها سابقا ، ولم يجدِ، مواقف وَطّأنا أنفسنا فيها من أول الدول التي دعت لعالمية الفكر الإسلامي ، وحشدنا له ما حشدنا وأسسنا له ما أسسنا ، والناس في الخليج ليسوا بهذه البساطة ، والعالم الذي يحسب خطواتنا ويقرأ فحواها ومحتواها ليس ، بالعالم الغبي ولا السهل ، إن لهم إرشيفا كبيرا لنا ، منذ أن ولدت الإنقاذ ، فيه شعاراتنا ، وفيه تقييمنا ، وقيمنا ، وفيه سيرنا الشخصية وسيرة بلادنا ، خيراتها الظاهرة والباطنة ، وفيه حوجتنا وصور غرف نومنا كما قالوا ، فإنهم يفرقون بين الحل الموضعي والمعالجة الموضعية بالتبرءُ ، والتي لم نوفق في إختيار وقتها ولا نجاعتها ولا دراستها ، ولا ديمومتها وثباتها ، وقت الوعي الديني ، والأخلاقي ،والإنساني ، وتعاملنا بها ، حتى إذا بدأ الوعي السياسي والعلائقي الدولي والإقليمي بدأنا نتقلب بين تلك المواقف ، كالحيزبون ، نبيعها موقفا موقفا ، وإتجاهاً إتجاهاً ومبدأً مبدأوجدنا نفسنا بقيعة مليئة بسراب الجدوى ، والجدوى السراب ، نرقع دنيانا بترقيع ديننا، فلا ديننا يبقى ، ولا ما نرقعُ. وأما الحديث ، فقد كانت البضاغة في سوق تلك الزيارة واضحة ، فبدلاً ان تذكرهم بالتبرؤ من عالمية الفكر والإرهاب ، وتثبت لهم المواقف الايجابية الصديقة مع شقيقتنا مصر ، وهم لا يصدقون ، كان عليك أن تعلن موقفا واضحا من إيران ، وعن سد النهضة ، وبدلا عن التبرئة ، كان عليك بعكس ذلك ، أن تترافع عن رسالة تلك العالمية التي كان أسها واساسها ، الحوار بين الأديان والسماحة والمؤآخاة بينها، مؤآخاة تعطش لها المسلم واليهودي والمسيحي والكافر ، وكان من مبدأها ، قبول الآخر ، ورفض التطرف والإرهاب الحقيقي، بيد أن مبدأها الحوار بالحسنى ومشاركة الناس في العشب والماء والكلأ ، مشاركة حقيقية واسعة بعيدة الأمد والمدى ، عالمية الرؤية والرحمة ، ليس فيها حرب لهذا ولا إستعمار من ذاك ، ولا تفرقة ، ولاتخيُّر بين الدول والأمم ، في اللون والعرق والعصبية ، بحسب إسلامنا ، وكان عليك بدلا أن تتبرأ وتتبرع ببضاعتك بثمن بخس ، أن ترفع عن عقيرتنا وعقيرة من تخاطب ، سيف الإرهاب الذي سلط علينا فتنا في مصر وفي ليبيا وفي الخليج نفسه وفي سوريا وبيننا وبين العالم ، اليهودي منه والمسيحي ، والأمريكي والأوروبي والأفريقي ، وكان عليك أن تترافع وتتبرأ فقط عن شعارتنا السودانية الخالصة ، التي لا تمت للاسلام بصلة ولا للرحمة ولا للرحم العالمي بصلة ، أيام كان دفعنا المعنوي ، أمريكاروسيا قد دنى عذابها ، نؤسس للارهاب بدلا عن عالمية الدعوة وعالمية سماحة الاسلام ، تلك الشعارات التي رفعناها سابقا ضد قيم العالم في التلاقي والشراكة والإخاء ، ما جلب علينا قسوة الغرب ومقاطعته لنا وتحرشه بكرامتنا، وأن تفتح صفحة بيضاء تتماشى مع الحراك السووداني الأمريكي الذي ، يعرف من هو الإرهابي الحقيقي ومن زرع فينا ذلك الإرهاب، والآن يريد أن يجحم عالمية الدعوة بعد أن دخلت قعر داره. وأما الجدوى ، فإننا حقيقية وواقعا وإضطرارا ، وتوجها دينيا ، وأخوة ، نحتاج لعلاقة صادقة ثابتة ، قوية ، واعية ، واقعية ، تزيل غبش المواقف وتقرب شقة الثقة ، وتزرع الأمل بيننا وتوطد العمل والمصالح ، فالأمر واضح وبيّن ، نحن نحتاج الخليج ، كله ، ليس لحفنة دولارات او هبات او قروض ، بثمن ، لا ، فالأمر أكبر من ذلك ، فبضاعتنا وجدواها ، هي أرضنا وخيراتها الطبيعية ، وإنساننا الذي ساعد في بناء الخليج نفسه وخلق من العلائق الشعبية ما يمكن أن يكون زخرا في حشد الإستثمار والتجارة والمصالح ، وبضاعتنا هي مشاريعنا وزراعتنا ومزارعنا التي من الممكن ان تسد فجوة غذاءنا وغذاء إخواننا في الخليج وتحد من حوجتهم للاخرين ، إذا توافرت مع تلك البضاعة ، عوامل الديمومة ، والثبات في الاسواق ، وطهر الأيدي وبتر الفساد ، والصدق مع العباد ، وإذا توافرت لها ، وحدة المواقف السياسية الإقليمية والمدافعة والمراجعة والمواقف الواضحة ، من بعض الدول ، والعلاقة الصادقة مع مصر ، ومع أمريكا وغيرها . كنت اشعر بالتقيء والدُار ، يا ريس من عدم التوفيق في زمان ومكان وحدث وحديث وجدوى تلك الزيارة ،فالزيارة بتلك المخرجات ، غير موفقة ، بيد أنا شعب ، تحمل المصغبة والمقاطعة والتجويع ، على ألا نُذل ولانهان ، وعلى ألا نلين الا للحق ، وألا نرجع الا للحق وأن نلاين المواقف مع العالم ومع اخوتنا في الخليج وفي أفريقيا بما يوافق وسطيتنا وهويتنا ومصالحنا ومصالح الآخرين . اللهم أرنا الحق حقاً ، وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا إجتنابه ، اللهم آت أخونا وريسنا ، البطانة الصالحة التي تعينه على الحق ، لا تخشى في الله لومة لائم ، من إسداء نصح ورأي ، وان تقوى على قول لا ، وألا تقول نعم لكل شيء ، وبأي ثمن ، لا يهمها فقط كراسيها وجيوبها وترقياتها ، اللهم أرزق وحفزّ وبطّن أخينا الريس ، بالبطانة الصالحة التي تحفزة بالوعي اللازم للمرحلة ، والسداد في القول ، والثبات على الحق ، ، إننا في زمان ضاعت فيه البوصلة وغمّ علينا فيه السير والسبيل وتغبشت فيه الرؤى ، وضاع فيه الحق. اللهم ، وأشهد بأن ما قلته لرئيسي، لا تقوله له بطانة المقربين ، ولا التجار المنتفعين ، ولا الأخوة المبعدين ، المعارضين ، ولا الإخوان المسلمين ، ولا أهلنا الخليجيين ، ولا زمرة الموظفين . مع فائق الإحترام والتقدير ،،،، عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////