ما من شك اننا بلد عظيم ونحن شعب عظيم ولا يهم ان كان الانسان الاول قد اكتشفت اثاره هنا فى سنجة او ان بلادنا كانت دار الهجرة او ان أصل اللغة العربية بل ان بعض الأنبياء من هذا البلد على قدر أهمية ذلك - هل يفسر ذلك إحساسنا الغامض بأننا لا نشبه الآخرين بغير ما تعال واننا ناخذ من مكارم الأخلاق كل مأخذ !؟- الا اننا اليوم والآن ناخذ برقاب بَعضُنَا البعض ولا نكاد نطيق بَعضُنَا مع اننا بضع من بعض. نعيش على هامش الحياة ونطفو على سطحها كاننا شيئا من الأشياء . وبالحق فان منطقتنا والتى كانت تمتد من ساحل بحر القلزم شرقا -او الاحمر كما يعرف الان - وحتى ساحل الاطلسى غربا ظلت على الدوام مسرحا للحرب والقتل والنزاع المتصل لا تكاد تحلم بالسلام والذى صار استثناء بكل المقاييس . ونتذكر رجلا مثل صموائيل هينتغتون صاحب نظرية صراع الحضارات بمقولته عن الصدام الحضاري القادم بين الغرب والإسلام ، واخرا هو فوكاياما صاحب نظرية نهاية التاريخ والتي وصلت إلى خلاصة مفادها ان الحضارة الغربية قد انتصرت على غيرها وهي الحضارة الوحيدة الباقية .ويرى فوكوياما ان الحضارة الغربية الليبرالية لا تتفوق على ماسواها من النظم الفاشية أوالشيوعية فحسب : بل انها تتفوق - كذلك - على الدين بصفة عامة ، لأن العقيدة الدينية - فيما يرى - من معوقات الديمقراطية غالباً ، ولهذا فانه كان على المسيحية ان تلغي ذاتها بعلمنه أهدافها قبل ان تتمكن الليبراليه من الظهور .وإذا كانت الحضارة الغربية الليبرالية ترفض الدين بصفة عامة لانه من وجهة نظرها مضاد للديمقراطية ، ولأنه أقل عقلانية بل ويرى ان كل عقيدة دينية هي لا عقلانية أساساً تنتهي أخيراً إلى ترك مكانها إلى روح الغزو العقلية التي شكلت الرأسمالية الحديثة .ويرى هنتجتون صاحب نظرية صراع الحضارات بأن العلاقات بين الحضارات في عالم مابعد الحرب الباردة لن تكون علاقات وثيقة بل ستكون في الغالب عدائية.ويتجلى التحدى الإسلامي في اليقظة الثقافية والاجتماعية والسياسية العامة للإسلام، وما يصاحب ذلك من رفض لقيم الغرب ومؤسساته الاجتماعية ، مع شعور بتفوق ثقافته على ثقافة الغرب وحضارته . و هو يتوقع ان يتزايد الصراع ويشتد بين مصالحهما وقيمهما ومصالح الغرب وقيمه .والإسلام اذن هو أحد حضارات التحدى للغرب بل انه منافس كوني له. ويحدد هنتجتون موقفه من المسألة بصورة قاطعة وواضحة في رؤيته لمستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب ويرى انه طالما ظل الإسلام هو الإسلام وهذا أمر مؤكد وطالما ظل الغرب هو الغرب -وهذا في رأيه ليس مؤكداً -فان الصراع الأساسي بين الحضارتين الكبيرتين ،وأساليب كل منهما في الحياة سوف يستمر في تحديد علاقتهما في المستقبل ، كما حددها على مدى الأربعة عشر قرناً السابقة .واذا فالأصولية الاسلامية - على خطلها وخطرها- ليست هى الهدف المقصود بل الاسلام ذات نفسه.وشدة الصراع فى بلادنا على وجه الخصوص إنما جاءت لوقوعنا فى طرف الحد الفاصل بين الكتلتين فى هذه المنطقة تاريخيا وحاضرا اى الان. وإذ نجابه العولمة حيث كل شيء وكل فرد وجب ان يعرض فى السوق - كما لاحظ المفكر المغربى المهدى المنجرة - والحال هى هذه كيف يمكن لنا ان نحفظ أنفسنا من ما ينتظرنا من تشظى بل وتلاشى أكيد؟ الإجابة هى ان ننذر أنفسنا لغايتين شريفتين : الاسلام والسودان . وهى ليست من عندى بل صاحبها هو الاستاذ محمود محمد طه وقد اصاب. بلادنا مقبلة على تحولات عميقة شديدة الغور وقد بدت نذر انطواء مرحلة طالت عقودا من الزمان ولا علاقة لهذا بالانتخابات المزعومة المقبلة بل مجمل مسيرة حياتنا المستأنفة . وإذ نختار ان لا نكون طرفا فى معادلة التغيير فإننا حتما ضده. وتاريخ الانسانية تصاعدى وتقدمى بمعنى المضى الى الامام وليس رجوع القهقرى. أطلقوا سراح اتحاد الكتاب السودانيين ومؤسسات المجتمع المدنى وأطلقوا سراح السجناء السياسيين ليتجدد الهواء فى سوح البلاد وأفئدة العباد حتى لا يختنق الجميع ! حسين التهامى كويكرتاون ، الولاياتالمتحدةالامريكية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.