moaney [[email protected]] ليس من المنطق أن نتباهى بالدفاع عن الحرية ونحن لم نزل مكبلين بمعتقدات القرون الوسطى.والمنطق هنا يختلف عن منطق الأستاذ صلاح عووضة في موجة كتاباته الأخيرة التي اعترض كل الناس على محتواها ولو أنهم راحوا ينظرون من خلف ثقب بعض العبارات في أين تكمن الأفكار التي تنادي بالحرية والديمقراطية.كما أن المنطق الذي أعنيه يختلف كلية عن لا منطقه الأخير فيما ساقه من اتهامات قصد بها الأستاذة رشا عوض وأراد بها الكل ، مما ألب عليه سخط الرأي العام.ومع بداية ولا أقول نهاية وقائع الحدث الناتج عن الاتهامات التي ساقها الأستاذ صلاح عووضة لمجمل نساء السودان ، لا تزال المقالات تنهال على الكاتب بالتشكيك في موضع قدمه : أين يقف الكاتب بالضبط ، هل مع الساعين إلى وطن حر وديمقراطي ، الصفة التي أرادها وسعى إليها اسماً ورسماً من غير معنى وزينت له حرية السب والقذف والإساءة والتجريح حتى أردته أسير عباراته ،أم مع دولة عصر الحريم وجواري هارون الرشيد ، أم مع فئة أخرى استنكفت مقارعة الرجال ، وتخصصت في سلّ سيفها لمبارزة النساء ، ليحفظ لهم تراثنا الشعبي اسماً ووصمة في من سماهم. لن أقول هنا "ليس دفاعاً عن رشا" ، فالدفاع عنها واجب علينا وفي شخصها ندافع عن المرأة السودانية الشريفة، الكريمة الأبية ،العاملة الكادحة .في الواقع رغم انفعالي بالقضية إلا أنني ترددت قليلاً حتى كتبت مقالي السابق "الرجال .... الرجال بمجيئهم تتغير الأقدار "، ليس زهداً في الوقوف ضد ما هو باطل ، وإنما ابتغاء المواصلة في المسيرة التي لا يكدر صفوها غير صوت النباح الذي يعترضنا بين محطة وأخرى. أشرت في مقالي السابق إلى ضرورة التحلي بالحكمة والموضوعية وعدم الرد على الكاتب بمثل ماكتب ، لأنه لا يليق بالإنسان أياً كان رجلاً أم امرأة أن يخرج عن قواعد الأدب العام ويفجر في تعبيره وخصومته ، ونترفع عن أسلوب رد السباب بمثله ،فما بالك إذا كان من يقول رأيه صاحب رسالة ككاتب صحفي يتوسم الناس فيه خيراً وحكمة . مما كُتب حول هذا الموضوع الذي كانت شرارته رحلة خارجية لفنانة مضى عليها حوالي أربع سنوات، تناول كتاب لهم وزنهم في مجال الكتابة الصحفية الموضوع الرئيس . وكان لا بد لكل من كتب مدافعاً أن يركز على القضية الأساسية ولا ينصرف إلى ما كتبه عووضة عن ظاهرة انفلات وسفر فنانات ، فهذا ملف آخر جدير بالنقاش . وما دام قد ابتدر هذا الموضوع فعليه أن يستجمع منطقه ويقول لنا ، لماذا ركز على هذه القضية بالذات - وهي رغم أهليتها للنقاش – فلا تعدو أن تكون ظاهرة فردية وحسب ما دار حولها أنها رحلة خاصة لاحتفال الفنانة بعيد ميلاد ابنها في الخارج وليست رحلة فنية أشرفت عليها مؤسسة رسمية.وفي المقابل تجاهل الحديث عن الهم الأكبر وهو ما يلمّ بالمجتمع السوداني من فساد إداري ومالي نتجت عنه معضلات حقيقية أفرزت ظاهرة الثراء المستشري لفئة معينة والفقر المدقع لبقية المجتمع ، أول الضحايا فيها هم النساء اللاتي يتعرضن للمساومة والقهر والكبت. هذه المعضلات لا تحتاج إلى دارس فلسفة يحاول إقناعنا بالمنطق كيف يمكن أن تعود المرأة إلى عصورها الظلامية حتى تتقي شر المجتمع وفساده ، مجافياً حقائق ثورات الماضي وانتصارات الحاضر التي حققتها المرأة ولا تزال. والأمر لا يحتاج إلى منطق من يستجمع عقده النفسية وفشل حياته الاجتماعية ويصب جام غضبه على أقرب امرأة وقع عليها بصره.القضية تحتاج إلى استنفار مؤسسات اجتماعية رسمية ومدنية ، وإلى عالم اجتماع لا يقتل نصف مجتمعه في طريقه للوصول إلى نشوة تحولاته السياسية . وأقولها لإخواني ، الرجال "الرجال" ، وأخواتي ، إخوات الرجال : ما دمنا أحياء وبنا نبض فلن نتردى في هوة المنطق العقيم. عن صحيفة "الأحداث"