نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    الرئيس التركي يستقبل رئيس مجلس السيادة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الكتلة الديمقراطية تقبل عضوية تنظيمات جديدة    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    عملية منظار لكردمان وإصابة لجبريل    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    ردًا على "تهديدات" غربية لموسكو.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبيي: هل من سبيل للخروج من حالة الجمود؟ .. بقلم: فرانسيس مييك
نشر في سودانيل يوم 05 - 05 - 2015

(عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.)
أصدر الفريق أول سلفاكير ميارديت، رئيس الجمهورية ، قراراً جمهورياً قضى بإعفاء اللواء إدوارد لينو ، من منصبه رئيسا للجنة الإشرافية المشتركة لأبيي ، ودينق مدينق مجاك ، نائباً له ، وقرار آخر بتعيين أعضاء جدد للجنة الإشرافية لأبيي (آجوك) ، و عين بموجبه دينق مدينق مجاك رئيساً للجنة الإشرافية المشتركة لأبيي ، ونيانكواج نقور ، نائبة للرئيس. وأتى القرار بعد مناشدات دولية ، لاسيما من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ، حيث جاء في الجلسة رقم (728)إذ يرحب بعقد مزيد من الإجتماعات المنتظمة بين الرئيس سلفاكير و الرئيس البشير لمواصلة الحوار فورا، وإذ يشير قرار مجلس الأمن 2046(2012) إلى أن يعاود الطرفان المفاوضات فوراً، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي الرفيع المستوى المعني بالتنفيذ ، من أجل التوصل إلى إتفاق بشأن الوضع النهائي لأبيي، وإذ يؤكد إنه يجب على الطرفين أن ينفذا على الفور الجوانب العالقة من اتفاق 20 يونيو/حزيران2011، وبخاصة من أجل تسوية المنازعة بشأن مجلس منطقة أبيي، وأن يقوما على الفور بإنشاء إدارة منطقة أبيي ودائرة شرطة أبيي.(قرار مجلس الأمن الدولي حول أبيي ،10 أكتوبر 2014). في 1 سبتمبر 2014 دعا رئيس لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، ثابو أمبيكي ، الرئيس كير ، للإجتماع والحاجة إلى تعيين رئيس جديد للجنة الإشرافية المشتركة لأبيي ،لإستئاف الحوار مع السودان لتنفيذ إتفاقية 20 يونيو2011 ، وقد أحرز جنوب السودان تقدماً في هذا القضية .(بان كي مون ، تقرير الأمين العام حول أبيي ، لمجلس الأمن الدولي ، 30 سبتمبر2014، ص 4).
يكرر مطالبته السودان وجنوب السودان باستئناف عمل اللجنة الإشرافية لأبيي فورا، ويدعو حكومة جنوب السودان إلى أن تسمي فورا رئيسا مشاركا للجنة الإشرافية لكفالة إحراز تقدم مطرد في تنفيذ اتفاق 20 حزيران | يونيو2011، بما في ذلك تنفيذ قرارات اللجنة الإشرافية، ويطلب من الأمين العام أن يقدم في تقاريره الدورية تقييما للتقدم المحرز في هذه المسائل،بما في ذلك تنفيذ توصياته المنبثقة من الاستعراض الاستراتيجي للقوة الأمنية المؤقتة في أبيي الذي أجرى في أيار|مايو2014، يكرر كذلك مطالبته السودان وجنوب السودان بالشروع على وجه السرعة في إنشاء إدارة منطقة أبيي ومجلسها ، بسبل منها تسوية أزمة تشكيل المجلس ، وتشكيل دائرة شرطة أبيي بغرض تمكينها من الاضطلاع بمهام حفظ الأمن في جميع أنحاء منطقة أبيي ، بما في ذلك حماية البنى التحتية "النفط" ، وفقا لالتزامات الطرفين في اتفاق 20حزيران |يونيو2011.(نفس المصدر السابق).
وحث قرار مجلس الأمن، الذي صاغته الولايات المتحدة الأميركية، على نشر ما تبقى من القوات المأذون لها في القوة المؤقتة لمنطقة أبيي في أقرب وقت ممكن، وقرر مجلس الأمن الدولي، تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة الأمنية المشتركة المؤقتة (يونسفا) بمنطقة أبيي حتى 31 مايو من العام المقبل ، وذلك وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، يوم 25 نوفمبر وشدد قرار مجلس الأمن على أن "ولاية القوة المؤقتة لأبيي المتعلقة بحماية المدنيين، تشمل اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف البدني الوشيك، بغض النظر عن مصدر هذا العنف".(سودانتريبيون 30مايو2014 ).
وكان السودان قد قام بإعفاء الخير الفهيم ، الذي عين في العام 2011م ، رئيساً مشتركاً للجنة الإشرافية المشتركة لأبيي من حكومة السودان، وعين بدلاً عنه حسن علي نمر ، بناءاً على التقرير الذي قدمه الفريق أول هاشم عثمان الحسين ، مدير عام الشرطة ، الذي وصى في التقرير الذي قدمه في إجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنعقدة بكلية الدفاع الوطني،وجاء فيه:"هناك خلل أمني بابيي وراجع النقص لضعف الخير الفهيم يجب تغييره بشخص ذو خلفية أمنية من أبناء المسيرية .دايرين زول يخترق ويخليهم يعملوا ضد أنفسهم". (الراكوبة ، وقائع اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنعقد بكلية الدفاع الوطني ، يوم الأحد الموافق 5 ذوالقعدة 1435هجرية بتاريخ31 أغسطس 2014م، سري للغاية ،ص14).
وشهدت المنطقة في الأونة الأخيرة ، خلافات بين رئيس الإدارة وبعض الأعضاء ، لقد عكست هذه الخلافات بين أعضاء الإدارة ، وبغض النظر عن دوافعها ، أن النخبة السياسية في المنطقة ، لاتهمها القضية بل مصلحتها الذاتية ، وهذه الطامة الكبرى التي تعاني منها المنطقة ، لقد ظللنا نقول بأن عدم إجراء الإنتخابات ، أفرزت قيادات إعتادت أن تتبوأ السلطة عبر التعيينات الرئاسية ، لقد دفع المواطن في المنطقة ثمن هكذا سياسة في تقلد المناصب ، وما تشهدها المنطقة خير مثال لذلك.
تكون اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيي (آجوك) بموجب إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية المؤقتة الموقع في 20 يونيو من العام 2011م .
11- تشكل اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيي من أربعة أشخاص ، على أن يعين كل طرف عضوين في اللجنة ، ويكون عضوين من اللجنة رئيسين مشتركين لها، على أن يقوم كل طرف بتسمية عضو واحد.
12- يعين رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عضوا لا يتمتع بحق التصويت ، ويعمل كميسر ويساعد في تسيير عمل اللجنة الإشرافية المشتركة.
13_ تقوم اللجنة الإشرافية المشتركة بعملها نيابة عن رئيس حكومة جنوب السودان ورئيس حكومة السودان ، وذلك في الرقابة السياسية والإدارية للمجلس التنفيذي ، وترفع اللجنة تقريراً شهرياً لرئيس جنوب السودان ورئيس السودان طيلة فترة عمل هذه الآلية.
14- تتولى اللجنة الإشرافية المشتركة وفقاً للفقرة (6) من هذه الإتفاقية السلطات الممنوحة للمجلس التنفيذي لمنطقة أبيي في الفقرة الفرعية 3,5,2 من بروتوكول أبيي ، و السلطات الممنوحة للمجلس التنفيذي في البروتوكول هي: 2-5-2 الإشراف على الأمن والإستقرار في المنطقة وتعزيزه . 2-5-3 إقتراح المشاريع الإنمائية والعمرانية للمنطقة لكل من مجلس منطقة أبيي والرئاسة . 2-5-4 التقدم بمقترحات إلى الحكومة القومية فيما يتعلق بتقديم المساعدة لرفع مستوى معيشة مواطني أبيي بما في ذلك العمران والتنمية.
15- للرئيسين الاشتراك في توجيه اللجنة الإشرافية المشتركة مع أي مسألة ذات صلة بأبيي ، ويشمل الحالات التي يعجز فيها المجلس التنفيذي في الوصول لاتفاق.
16- في حالة التعثر في إيجاد الحلول بواسطة اللجنة الإشرافية المشتركة في أبيي يمكن أن يحال الأمر للرئيسين للتوجيه مع تضمين آراء وتوصيات العضو الذي لا يتمتع بحق التصويت في اللجنة الإشرافية المشتركة .
17- يرفع المجلس التنفيذي تقريراً إسبوعياً شاملاً للوضع في منطقة أبيي للجنة الإشرافية المشتركة بما في ذلك المسائل المتصلة بالأمن .
18- للجنة الإشرافية المشتركة في أبيي توجيه المجلس التنفيذي أو أي مسئول أو لجنة في منطقة أبيي لمدها بتقرير في أي شأن في حدود سلطاتها ، وللجنة الإشرافية المشتركة في أبيي عقد اجتماعات مع المجلس التنفيذي لمناقشة أي مسألة في نطاق التفويض الممنوح لها.(اتفاقية الترتيبات الإدارية والمؤقتة 20 يونيو2011م).
ويلاحظ أن الإتفاقية هي تكرار لبروتوكول أبيي ، وبعد ثلاث أعوام على توقيعها فإن الملابسات التي قادت الحركة الشعبية لتحرير السودان ، قبل إعلان الاستقلال ، لا تزال جدير بالتوقف والتأمل ، لاسيما أن وفدها ذهبت إلى أديس للمطالبة المؤتمر الوطني ، بالإنسحاب من المنطقة ، لكننا كمتابعين فوجئنا بالاتفاقية ، وهي كما أسلفت تكرار للبروتوكول مع بعض التعديلات ، بتقليص سلطات أبيي وحصرها في الفقرة : 2-5-1 من البروتوكول وهي؛ تقديم الخدمات اللازمة . وبالنظر إلى السلطات المممنوحة للجنة الإشرافية المشتركة في أبيي (آجوك) ، فإنها فشلت في ممارستها ويرجع ذلك إلى تركيبتها وأيضاً لأسباب تتعلق بالإتفاقية برمتها.
قوبل القرار بردود أفعال متابينة من قبل مواطني المنطقة والحادبين عليها ، فبعضهم نظر إليها ، كبداية لتنصل الحكومة ، من الإستفتاء الشعبي الأحادي الجانب ، الذي إجريت في المنطقة ، في أكتوبر 2013، وصوت الناخبين لخيار الإنضمام ، إلى جمهورية جنوب السودان .
وقد إحتفل شعب منطقة أبيي بنهاية أكتوبر من العام الماضي ، بالذكرى الأولي لإجراء الإستفتاء في المنطقة ، تحت شعار" إرادة الشعوب أبداً لا تقهر" ، مجددين مطالبتهم للحكومة بالإعتراف بنتيجتها ! ورد ذلك في ورقة "الطريق إلى الأمام" الذي يعكس وجهة نظر عشائر الدينكا نقوك التسعة ، الذي قدم إلى رئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير ميارديت ، وطالبوا فيه بالإعتراف بإستفتاء مجتمع الدينكا نقوك وفيها أعلنوا إنضمامهم إلى جمهورية جنوب السودان ، الذي جرى بأبيي في31 أكتوبر 2013. ولاير ى مجتمع نقوك أي فرق بين إستفائهم والإستفتاء الذي جري في جزيرة القرم والذي إعترفت بها روسيا وإيدها السودان علنيا ، ووفقا لنتائج الإستفتاء وقرار الإنضمام إلى جمهورية جنوب السودان، المشار إليها أعلاه ، نرفض أي مباحثات حول تشكيل ؛ الإدارة المشتركة ، المجلس التشريعي المشترك ، والشرطة المشتركة وأي إتفاق مشترك مع الخرطوم والعرب المسيرية حول أبيي؛ إكمال الإنسحاب الكلي للقوات المسلحة السودانية ، الذي سمية بشرطة حماية البترول من كيج|دفرا ،وفق قرار مجلس الأمن الدولي 1990 ( يونيو 2011) وخارطة الطريق لمجلس السلم والأمن الأفريقي أبريل(2012) وقرار مجلس الأمن الدولي 4620(مايو2012) وقرارات مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي والبيانات الرئاسية الأخرى. يجب أن يتضمن الإنسحاب مليشيات جنوب السودان المتحدة بقيادة اللواء، توماس طيل ، المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية الذين يقومون بالعمليات في المنطقة ، وفق الوضع النهائي لأبيي يناشد مجتمع الدينكا نقوك حكومة جنوب السودان ، ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي حكومة السودان بفك ودفع نصيب الدينكا نقوك من 2% من عائدات النفط في أبيي بما فيها 10,000,000و المجمد في حساب إدارة منطقة أبيي منذ العام 2009. وللأسق نحتاج لهذه الموارد من أجل الإغاثة وإعادة التوطين ، وبناء منطقة أبيي.(دينق بيونق مجاك ، ورقة مسئول ملف منطقة أبيي ، 21 أغسطس 2014، ص 6).
إن مأزق الإدارة المشتركة في أبيي بدأت بتوقيع الشريكين ، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان لإتفاقية خارطة الطريق في العام 2008 م، ومثلت هذه الإتفاقية بداية الخروج من بروتوكول أبيي ، وقد عملت الحركة الشعبية ، وخاصة قيادات المنطقة على إقناع شعب أبيي بقبول الإتفاقية ، ولعل أبرز تلك المحاولات تصريحات وزير رئاسة مجلس وزراء حكومة جنوب السودان وقتها لصحيفة (الصحافة) ، عند سؤاله حول تعيين السيد رحمة عبدالرحمن النور ، نائباً لرئيس إدارة منطقة أبيي، فقال: " إن الإدارة غير مكونة على أساس عرقي ، بل بين المؤتمرالوطني والحركة الشعبية "، وهذا التصريح في إعتقادي الشخصي محاولة للقفز على الحقائق ، إذ لايمكن للمتتبع للصراع(الحرب الأهلية) بين الشمال والجنوب تجاهل البعد العرقي في الصراع ، حيث عرفت الحرب على نطاق واسع في العالم ب"الحرب بين السعرب المسلمين في الشمال والأفارقة المسيحين والوثنيين في الجنوب" . لقد دفعنا ثمن هذا الخطاء الإستراتيجي الذي إرتكبته الحركة الشعبية لتحرير السودان بمشاركة المسيرية في الإدارة ، غض النظر عن مدى تأثيرهم فيها، لأن مشاركتهم تؤكد بأن المنطقة مشتركة بين الدينكانقوك والمسيرية ، وهذا ظل موقف حكومة السودان منذ مفاوصات السلام وحتى هذه اللحظة.
أبيي
هل من سبيل للخروج من حالة الجمود ؟ (2- 5)
فرانسيس مييك
وافقت الحركة الشعبية لتحرير السودان أن يتولى مرشح حكومة السودان ، منصب رئاسة المجلس التشريعي في أبيي وفق البند(8) يظل تشكيل مجلس منطقة أبيي من (20) عضوا طبقاً لماورد في بروتوكول أبيي، ويتم انتخاب رئيس المجلس من قبل ثلاثة أشخاص يتم ترشيحهم من حكومة السودان (إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية المؤقتة،20يونيو2011م). ولقد أظهر حكومة السودان عدم جديتها في تنفيذ إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية المؤقتة ، بإصرارها على تقاسم المجلس مناصفة بواقع 50% للبلدين ، وهذه خطة منها لجعل النقاش يتمحور في هذه المسألة لتضييع الوقت في موضوع الإدارة ،وهذه هي العقبة الكبرى التى وقفت في تنفيذ الإتفاقية ، إذ تصر حكومة السودان بتمثيل المسيرية حتى يعكس للعالم بأن لهم الحق في تقرير مصير المنطقة ، مستقيدة من الخطأ الإستراتيجي السابق، وهذا الوضع بالفعل يعكسها تشكيل اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيي(آجوك) ، التي تعد بمثابة التقنين للشراكة بين البلدين.
عليه ومن ماسبق من المطالبات الدولية والإقليمية وإتفاق الرئيسين "سلفاكير والبشير"(بيان الرئيسين) فإنه لامناص من ذلك سواء القبول بتنفيذ الإتفاقية ، لأن الذين يرفضون تكوين المؤسسات المشتركة يستندون ، إلى أنه وبمجرد إجراء "الإستفتاء" ، في المنطقة بأكتوبر من العام2013م ، تنتهي إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية ، وهذا الموقف لايستند إلى مسوغ قانوني و سياسي ، لأن الحركة الشعبية و حكومة جنوب السودان ، مازالتان ملتزمتان بهذه الإتفاقية ، ولامجال هنا لإنتقاء بعض البنود من الإتفاقية ، فالذين يرفضون تكوين المؤسسات المشتركة ، لايطالبون برحيل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في أبيي(اليونيسفا) ، من المنطقة على سبيل المثال، ومن جهة أخرى الإستفتاء الذي جرى في المنطقة لم تعترف بها الحكومة ! ، وإن لم تصرح برفضها علناً ، ولا يوجد مؤشر يشير إلى أنها سوف تعترف بها على الأقل في المستقبل المنظور، ومن ناحية آخرى ، يجب على الذين يؤيدون هذا الرأي كما أسلفت التأمل في الملابسات ، التي قادت الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى توقيع هذه الإتفاقية ، وأنا هنا لست في معرض الدفاع عن هذه الإتفاقية ، وإنما توضيح الحقائق لرأي العام ، فلم يسبق للحركة الشعبية لتحرير السودان ،أن شرحت هذه الإتفاقية ، لمواطني المنطقة و الرأي العام .
لقد ظلت حكومة السودان تزعم حرصها على حل النزاع في المنطقة ، ودأبت دائماً على القول بأن تعنت حكومة جنوب السودان ،هي التي تعرقل تنفيذ إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية ، لاسيما تكوين الإدارة ؛ المجلس التشريعي، الشرطة، بالرغم من أن الواقع يكذب هذا الزعم ، فحكومة السودان لا تزال ترفض مقترح الوضع النهائي حول منطقة أبيي، التي تقدمت بها رئيس لجنة الآلية الأفريقية ، ثابو أمبيكي ، للرئيسين كير والبشير في سبتمبر من العام 2012م.
لا شك بأنها المستفيدة من إستمرار الأوضاع الحالية في المنطقة ، فالقوات المسلحة السودانية لا تزال موجودة شمال منطقة أبيي ، في كيج | دفرا ، بدعوى حماية حقول النفط تحت مسمى "شرطة حماية البترول" وتساهم بزعزعة الأوضاع الأمنية في المنطقة بين الحين والآخر ، بجانب أنها تستفيد ، من عائدات النفط المنتج من حقول المنطقة ، وتعمل الحكومة في نفس السياق على توطين المسيرية شمال المنطقة ، في محاولة منها لفرض وقائع على الأرض ، وتغيير الخارطة الديموغرافية " السكانية" ، كل هذه العوامل تجعل من رفض تنفيذ الجزء المتبقي من الإتفاقية ، لا تصب في حسم النزاع بالمنطقة بقدر ما تخدم موقف الحكومة السودانية ، بل تضعنا في خانة منفذي مخططات حكومة السودان.
إن المأزق الذي نعيشه في منطقتنا، هو التضليل الذي يمارسه قيادتنا على الشعب ومحاولة دفن الرؤس في الرمال ، وعدم المصارحة بكشف الحقائق ، لكن السنوات الماضية كشفت بان الوعود التي قدمت كانت مجرد خطاب سياسي لا يتماشى مع الواقع . وهنا تجدر الذكر إلى أن حكومة السودان تفصل بين تنفيذ الإتفاقية ، و مقترح الوضع النهائي، حيث ورد في التعقيب .." تكوين الإدارة المؤقتة وفق إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية 2011م ، أولوية قصوي ، خاصة ولن يكون من الممكن تصور الإتفاق حول الوضع النهائي ، بأبيي في ظل غياب الإدارة المشتركة المدنية ، لتسهيل التنمية وتوفير الأمن في المنطقة بتنفيذ الإتفاق حول الوضع" .
( تعقيب حكومة السودان على مقترح الإتحاد الأفريقي والترجمة من الكاتب) .
لذلك علينا القبول بالمؤسسات المشتركة وفق الاتفاقية ، و من ثم العمل ، على كشف موقف حكومة السودان ، للإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ، و بشكل خاص ، فيما يتعلق برفضها المقترح كأساس لحل النزاع في منطقة أبيي ، مثلما إعتمدتها الإتحاد الأفريقي .
ولمناقشة ذلك كان لابد من هذا الإستطراد ، لتوضيح بعض الحقائق وفق قراءة مجريات الوقائع المتعلقة بالنزاع في منطقة أبيي .
وفي خضم الحرب التي تشهدها البلاد ، بين فرقاء الحركة الشعبية لتحرير السودان ، و الذي إنعكس على الأوضاع في البلاد ، بشكل واضح لا يخفي على أحد ، وعلى ملف المنطقة بشكل خاص ، سيما أن الحركة الشعبية لتحرير السودان "الحزب الحاكم"، التي فوضت من قبل شعب منطقة أبيي ، أنشقت إلى ثلاث أجنحة ؛ الحكومة ، المتمردين ، و مجموعة(10)السياسيين السابقين المفرج عنهم ، ومع توصل فرقاء الحركة الشعبية لتحرير السودان ،إلى إتفاقية إعادة توحيدها بمدينة "أروشا " التنزانية ، في 11 يناير2015م، برعاية حزب شاما شاما إمبيزي ، لاشك بان هذه الخطوة ستمثل دفعة لتوقيع السلام ، لجهة عن الحرب الدائرة في البلاد ، لاتخدم الجنوب سودانيون ، بقدر ما فرقت الناس على أسس جهوية ومناطقية .
في ظل المفاوضات الجارية بين الأطراف المتحاربة بالعاصمة الأثيوبية برعاية الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) ، ومع التوقعات بالتوصل إلى التسوية في شهر مارس الجاري .
فإن السؤال يطرح نفسه ، هل ستكون الأولوية ، لإستدامة السلام ، إذا توصلت الأطراف المتحاربة ، إلى تسوية سياسية ، في الأشهر القادمة ؟ مع إبغاء ملف منطقة "أبيي" في حالة التجميد ، و في حال حدث ذلك التجميد ، ماهي موقف شعب أبيي من ذلك ؟ لأن السنوات الماضية علمتنا بأن أولويات جنوب السودان ، تتغير بمرور الوقت مثلما تغيرت الخطاب الحكومي ، تجاه المناطق المتنازعة عليها ، فقضية منطقة أبيي ، ليست قضية "السلطة" بين "الرفاق الأعداء " ، التي تعد جوهر الأزمة الحالية ، و تتجلي ذلك في؛ التمردات تشجيع الإقتتال القبلي ، المطالبة بالفيدرالية.
بدواعي أن تعطى الأولوية للسلام ، والإستقرار ، في البلاد الذي يتهدده "الوصاية الدولية"، والحرب الذي مزقته ، و فتك بالنسيج الإجتماعي للمجتمعات التي تأثرت بالحرب ، وفقدان العديد من الجنوب سودانيين الثقة في الدولة ، التي صوتوا لها بإبتهاج عظيم ، أبهر العالم أجمع ! .
أن هذه الحرب ستعطي ذريعة أخرى للذين ظلوا ، ينظرون للنزاع حول المنطقة ، كمسألة ثانوية ، وهذا الزعم كذبته السنوات الماضية ، لأن الصراع حول المنطقة تتجاوز الخمسة قرون ، وهي عمر النزاع الطويل بين الشمال والجنوب ، إبان السودان الواحد ، فبعد مرور عشرة أعوام على توقيع إتفاقية السلام الشامل ، بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان ، وخمسة أعوام على استقلال بلادنا "جنوب السودان" الذي أتى نتيجة لنضالاتنا المشتركة ، عبر ثورة توريت 18 أغسطس 1955م ، و ثورة 16مايو 1983م، و بالرغم من النجاحات التي حققتها الحركة الشعبية لتحرير السودان ، على صعيد قضية النزاع حول أبيي ، متمثل بالإنتصار القانوني عبر "قرار محكمة التحكيم الدولي" بلاهاي ، التي حسمت تبعية المنطقة لعشائر الدينكا نقوك التسعة ، وأخيراً مقترح الوضع النهائي لحل قضية التي تقدمت بها الاتحاد الأفريقي ، ومع كل ذلك لم تعمل الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان ، على تحويل هذه الإنتصارات القانونية إلى فعل سياسي ينهي معاناة مواطني المنطقة ، الذين عانوا وبصمت مشرف من أجل العودة "قانونيا" ، إلى بلادهم فمطلب العودة لجنوب السودان - قديم متجدد- ظل يرتقبه مواطني المنطقة ، منذ تحويلها إدارياً من اقليم بحر الغزال إلى كردفان في العام 1905م ، بقرار من الإنجليز ، أي قبل أكثر من قرن وما يقارب عقداً من الزمان .
لقد علمتنا تجربة الخمس سنوات الماضية من إعلان الاستقلال ، خاصة فيما يتعلق بقضية أبيي ، بأنه كلما تنازل شعب أبيي ، من أجل مصلحة بلادنا - جنوب السودان - ، كما حدث عند التنازل عن إجراء الإستفتاء في المنطقة ، بالتزامن مع إستفتاء جنوبي السودان، في التاسع ، من يناير العام 2011م ، كما اتفق عليها في إتفاقية السلام الشامل ، والتي تم تأجيلها من الحركة الشعبية لتحرير السودان ، لإعطاء الأولوية لجنوب السودان ، هذه كانت بمثابة تضخية غالية ، قدمها شعب المنطقة ، وأيضاً عندما قامت القوات المسلحة السودانية ، بإجتياح المنطقة كمحاولة لإستفزاز جنوب السودان ،للدخول في الحرب وعرقلة إعلان دولتنا ، تفهمُ مواطني المنطقة ، موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان.
بالرغم من بعض التصريحات العلنية والغير علنية المستفزة ، للمشاعر ، من بعض المسئولين ، على شاكلة "الكشميريين" ، في إشارة إلى إقليم "كشمير " ، المتنازعة عليها بين الهند وباكستان ، أو التي تهدد بسحب الجنسية من مواطني المنطقة ، مثلما صرح أحد المسئولين في أكتوبر من العام2013م ، وذلك عندما قال" عليهم أن لا يعتبروا أنفسهم جنوب سودانيين ، وإذا استمروا في هذه الفكرة فلن نقبلهم".(سيتزن العدد(595)الأحد الموافق 27 أكتوبر 2013م).
يمارس البعض إزدواجية المعايير تجاه كلما ما يتعلق "بأبيي" بالتعالي والإفتراء ، في تصويت نائب مندوب جنوب السودان السابق بالأمم المتحدة ، الدكتور فرانسيس نزاريو ، تطاول بعض الذين يجيدون إثارة القضايا العامة بغوغائية ، و بدون مناقشتها موضوعية ، في مواقع التواصل الإجتماعي (الفيسبوك) ، بالإساءة والقذف والسب ، على شعب المنطقة ، لا لشئ إلا ، لأن مندوب جنوب السودان بالأمم المتحدة ، الدكتور فرانسيس دينق ، ينتمي إلى المنطقة ! ، وذلك في سياق تصويت البلاد ، لصالح فلسطين "كدولة بصفة مراقب" ، في الأمم المتحدة ، وكان الأحرى بهولاء معرفة كيف تصنع السياسة الخارجية ، في بلدان العالم؟! ، ولكنهم أثروا أن يفضحوا عدم علمهم بأبجديات السياسة الخارجية ، باللجوء إلى (الحيطة القصيرة) ، شعب منطقة أبيي وقضيتها .
وأحياناً نسمع ، تصريحات مثل .. " (إنتوا لسة ما جنوبيين كامليين ، أو أنتو ما متوحديين تجاه قضيتكم) " . عندما يسافر بعض الجنوب سودانيون ، إلى السودان ، أو الذين مازالوا يقيمون هناك و لم يعودوا إلى البلاد حتى الآن ، وفي سبيل الحاجة ، إلى توفيق أوضاعهم هناك ، يدعون بأنهم من أبييي ! مستفيدين من وضعية المنطقة، و من عدم وجود علامات فيسيولوجية ، توضح ، أو تميز ، أن هذا الشخص أو ذاك من منطقة أبيي !. بالرغم من أن بعض الأفراد من أبيي الموجودين هناك ، لم يستخرجوا "الرقم الوطني السوداني" ، لأنها في النهاية مسألة مبدأ ، أو قناعة ، يعود للشخص المعني ، ولا يمكن أن يحمل ذلك ، لشعب منطقة أبيي باكملها.
أبيي
هل من سبيل للخروج من حالة الجمود؟(3-5)
فرانسيس مييك
و قد صدقت بعض التقارير التي تدور في أروقة وزارة الداخلية السودانية بان أكثر من خمسون ألف أجنبي قد حصلوا على الرقم الوطني السوداني ،ومن المرجح ان يكون من بوابة أبيي المفترية عليها ، وهولاء الاجانب من جنسيات اخرى لاسيما الجنوب سودانيين الغير دينكا نقوك .(فرانكو مجاك - جمعة جينارو وخيانة ، شعار النجوم الساطعة.( الرأي ).
ولقناعتي بأن المأزق التي تعيشها قضية منطقة أبيي ، هي أن الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان ، وعندما أشير إليهما فإنني لا أستثني ، بالطبع دور قيادات المنطقة فيهما ، لم تظهرا الإرادة السياسية المقنعة ، في إدارة ملف المنطقة ، بل تتعاملان بزهد ، و تكلف معها ، ويمكن لأي متتبع ، أن يلاحظ ذلك ، ودونكم موقفها من "الإستفتاءالأحادي" ، الذي جرى بإيعاز من الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان ، لقد أظهر الوقائع ، زيُف الذين زعموا ، بأنها قضيتهم الشخصية ، و قديما قيل ... "أن المواقف الحقيقية للقادة ، أو الساسة تظهر في أوقات الأزمات ، لأن القادة يتم محاكمتهم ، بإنجازاتهم على الأرض ، وليس على حسن ، أو سوء نياتهم" !.
في هذا السياق أناشد الأحزاب السياسية ، بوضع قضية المنطقة ، على قائمة أولوياتها الحزبية ، و على الجنوب سودانيون التعامل ، معها كقضية وطنية ، و ليست كقضية تخص شعب أبيي وحدها ! و من هذا المنطلق ، يجب العمل بشكل مضني ، حتى يتم تقرير مصيرها، طر حت هذا التساؤل ، بقصد إبتدار حوار ، و نقاش حول السبل الممكنة ، لحل النزاع في منطقة أبيي والخروج من حالة الجمود ، بعد أن فشلت الإتحاد الأفريقي ، ممثلة بلجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، برئاسة الرئيس الجنوب أفريقي السابق ، ثابو أمبيكي ، التي تقوم بدور الوساطة ، بين دولتي جنوب السودان والسودان ، حول القضايا العالقة من إتفاقية السلام الشامل .
ولأننا جزء من الإتحاد الأفريقي ، بحكم عضويتنا فيها ، فليس من الموضوعية ، تحميلها وزر الفشل في حل النزاع حول منطقة أبيي ، و إنما يجب أن نتعلم كدولة حديثة ، في العالم من هذه التجربة " أبيي" ، و كيفية التعامل مع قضايا بلادنا ، في المنظمات الدولية ؛ كالأمم المتحدة ، والإقليمية كالإتحاد الأفريقي ، فأبيي لن تكون قضيتنا الأولى والأخيرة .
إن السبيل للخروج من حالة الجمود التي تعيشها قضية النزاع حول منطقة أبيي ، بعد أن فشلت الإتحاد الأفريقي ، ممثلة في لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، برئاسة الرئيس الجنوب أفريقي ، ثابو أمبيكي ، والتي تقوم بالوساطة بين جنوب السودان والسودان ، حول القضايا العالقة من إتفاقية السلام الشامل.
يتمثل في عودة حكومة جنوب السودان لموقفها السابق - الداعي إلى إحالة ملف منطقة أبيي- لاسيما "مقترح الوضع النهائي" ، الذي قدمها رئيس لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، ثابو أمبيكي ، للرئيسين "سلفاكير والبشير" ، في 22 سبتمبر من العام 2012م ، إلى "مجلس الأمن الدولي" التابع للأمم المتحدة .
وقبل الخوض في ذلك لابد من التعريف "بالاتحاد الأفريقي ، ومجلس السلم والأمن الأفريقي" ، ودورهما في حل الأزمات التي تعاني منها القارة الأفريقية ، والتنسيق بينها و "مجلس الأمن الدولي" التابع للأمم المتحدة .
منذ أن تأسست منظمة الوحدة الأفريقية في العام 1963م ، وحالياً الإتحاد الأفريقي ، فأنها نجحت في هدف رئيسي واحد هو " طرد الإستعمار الأروبي" من القارة وحصول أغلب الدول الأفريقية على الأستقلال.
إلا أنها فشلت في الأهداف التي كان الأباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية يأملون تحقيقها ، ومنها تحرير القارة من التخلف الإقتصادي والتبعية للدول الإستعمارية . ويرجع ذلك لعوامل عديدة منها على سبيل المثال؛ إنعدام الأستقرار السياسي في بعض الدول بسبب الحروب الأهلية ، وجود أنظمة حكم فاسدة ومستبدة تمثل العائق الأكبر الذي يعمل على عدم تحقيق التكامل السياسي والإقتصادي الذي سيقود إلى الوحدة الأفريقية بين دول القارة .
إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك ، وبالرغم من أن القادة الأفارقة إستوحوا نموذج (الإتحاد الأوربي) إسمياً، إلا أنهم فشلوا في مجاراة نجاحات الإتحاد الأروبي في تحقيق التكامل السياسي والإقتصادي ، إذ لايزال الإتحاد الأفريقي بعيداً كل البعد عن مشاكل القارة الأفريقية . ويرجع ذلك لعدم المصداقية الذي يتصف به أغلب القادة الأفارقة ، فبعضهم يفتقد إلى الشرعية لوجوده في الحكم مدة طويلة تصل إحياناً لأكثر من ثلاث عقود ، بإختصار تعتبر المنظمة "نخبوية" أو "نادي للرؤساء" ، وذلك لبعدها عن مشكلات القارة الأفريقية .
ويتشكل مجلس السلم والأمن من 15 عضوا منتخبا على أسس متساوية، منهم 10 أعضاء ينتخبون ويتمثل دور مجلس السلم والأمن الإفريقى فى تنفيذ قرارات مؤتمر الاتحاد فى مجالات الإنذار المبكر والدبلوماسية الوقائية وصنع السلام، بما فى ذلك المساعى الحميدة والوساطة، والتوفيق، والمصالحة، والتحكيم، وعمليات دعم السلام، والتدخل، وعمليات بناء السلام، وإعادة الإعمار فى مرحلة ما بعد الصراع، ودعم الأمن والاستقرار وبهذا المعنى، فإن المجلس يعتبر بمثابة جهاز إقليمى لصنع القرار بشأن منع وإدارة وحل الصراعات فى إفريقيا، بهدف تعزيز السلم والأمن والاستقرار، ومنع الصراعات، وصنع السلام، وتنسيق الجهود القارية لمنع وحصار الإرهاب، وتطوير سياسة دفاعية مشتركة بين الدول الأعضاء، وتشجيع الممارسات الديمقراطية(ميثاق الإتحاد الأفريقي).
لقد قامت حكومة السودان بالجهود الدبلوماسية لإقناع القادة الأفارقة بإبقاء "ملف المنطقة" في الإطار الأفريقي كجزء من ممارسة التسويف والمماطلة وكسب الوقت أو بالأحرى تضييع الزمن ، وبالرغم من إعتما د المقترح كأساس للحل النهائي لقضية أبيي ، فإن هذا الإعتماد ظل نظرياُ ، وذلك بنجاح حكومة السوان بعرقلة الإستفتاء في المنطقة وفق المقترح الاتحاد الأفريقي . فقد صرح على كرتي وزير الخارجية السوداني ، " إن الدبلوماسية السودانية نجحت في إفشال أي محاولة من المجتمع الدولي للإعتراف بالإستفتاء المزمع إجراؤه في المنطقة من قبل الدينكا نقوك (سودانتربيون).
لقد عمل السودان بشدة على عدم إحالة مقترح لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، إرساله إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لتطبيقه ! وفي حديثه لأعضاء البرلمان السوداني، قال وزير الخارجية السوداني ، علي كرتي:" بأنه واثق من أن الاتحاد الأفريقي سيمنح البلدين مهلة زمنية لحل خلافاتهما حول إجراء الإستفتاء ، أخبر بذلك أعضاء من جنوب كردفان ، بأن مقترح الاتحاد الأفريقي، لن يرى النور أبداً يوماُ ما ، ولن يحال إلى مجلس الأمن الدولي كما ترغب الولايات المتحدة في ذلك".(دينق بيونق مجاك، ورقة مسئول ملف أبيي ، 21 أغسطس 2014 ، ص 4).
إن السودان ومنذ الوهلة الأولى فإنها رفضت المقترح ، وكانت الوساطة الأفريقية قد تقدمت بمقترح الحل النهائي لمنطقة أبيي في 22 سبتمبر 2012م ، وقد تضمن المقترح (36) بنداً ، البند (23) الذي يتحدث عن إجراء الاستفتاء في أكتوبر من العام 2013م .
وقد قوبل المقترح بالرفض من حكومة السودان منذ الوهلة الأولى ، حيث جاء في تعقيب حكومة السودان على المقترح في (خطاب مؤرخ بتاريخ 22سبتمبر 2012م ، تلقى رئيس جمهورية السودان خطاباً من سعادة ثابو أمبيكي ، رئيس لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ، بتاريخ 21 سبتمبر 2012م ، 2- أرفق مع الخطاب وثيقتين (أ) وثيقة معنونة ب " مقترح الوضع النهائي لمنطقة أبيي مؤرخ بتاريخ 21سبتمبر2012م. ويحتوي المقترح في هذه الوثيقة على طلب لكل من الرئيس عمر البشير والرئيس سلفاكير ميارديت. (ب) الوثيقة المعنونة بمقترح لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى نحو حل قضية أبيي، بالأحرف الأولى للأطراف في 27نوفمبر2010م، ويشمل الخطاب ، ونشير في هذه الوثيقة للأتي: سعادتك نحن نجدد دعوتنا التي قدمناها للرئاسة في نوفمبر2010م . وقد حوت الوثيقة الخيارات الممكنة والمتعددة لحل قضية أبيي ، وأرفقنا هذه الوثيقة وفي هذه الحالة سعادتك يمكن أن تجد محتويات مفيدة يعبر عن أهمية قضية الوضع النهائي ). وأيضاً جاء في التعقيب أن المقترح يتبنى وجهة نظر طرف واحد حول معايير الأهلية وتجاهل موقف الطرف الآخر (حكومة السودان) في الفقرة (6) إلى حد ما خرق الأرضية الجديدة والبناءة والمقترحات السابقة للوسطاء. ومقترح لجنة الآلية الرفيعة المستوى أخذ موقف طرف واحد حول معايير الأهلية وتجاهل موقف الطرف الآخر . بوضع معايير الأهلية تحت البند (26) الفقرة (ب) يكون المقيمون إقامة دائمة في منطقة أبيي. لجنة الآلية تبنت موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان . الوساطة في الاتفاق حول الأرضية الوسطى ، من الآن غُير النموذج إلى حد ما بإستثناء عملية الوساطة يتبنى موقف طرف واحد حول الجدال الرئيسي كما فعل هذا المقترح . التوافق الذي قبل به جنوب السودان فوراً في المقترح كرره الرئيس سلفاكير ميارديت في إفتتاحية القمة وقد كرر فيه موقفه في القمة وطالب فوراً بتنفيذه بدون الحاجة إلى المزيد من المفاوضات وهذه شهادة .(7) على عكس موقف السودان في هذه القضية يتجاهل كل البدائل ويرفض بالشكل الواردة في المقترح ونحن نصيغ رفضنا للأسباب المقررة أدناه: أ- هذا المقترح يناقض بروتوكول أبيي لم يشترط " بالدائمة " كشرط للإقامة والتصويت في الاستفتاء، وأيضاً يناقض بروتوكول أبيي بعدم الاشراف بين الطرفين المسيرية والدينكا نقوك بالمشاركة في السلطة والثروة . ب - المقترح صيغ حول أهلية الناخب ولم يقترح بشكل آخر لعدم الإشارة إلى رعاة المسيرية الذين لأسلوب حياتهم أن يفهموا مصطلح (دائمة) . من العبث الاعتقاد بأن أي إستفتاء حول أبيي يستبعد طرف واحد من المجتمعات بعد التقدم بصيغة - فائز- فائز ، مثل هذا الاستثناء إذا اتفق عليه فأنه وصفة للنزاع وعدم الاستقرار في منطقة أبيي. ج- المقترح يتناقض مع القانون الدولي الذي إتخذته الدولتان كالتزام حول السكان الأصليون والمجتمعات القبلية 1989م. إلى حد ما يمنع حرية المسيرية والتحرك بين البلدين بإتخاذ الاجراءات وضمانات حق الشعوب في إستخدام الأراضي المستعملة من قبلهم ، وذهبوا لممارسة النشاطات التقليدية ، بالاضافة لاستعجال البلدين لدفع الاهتمام بوضع الشعوب الرعوية والزراعية ، بالنظر إلى أن أراضيهم لن تضيع بدون موافقتهم . إنه انتهاك لحقوق الانسان وتحيز ضد أي جماعة من الشعب على أساس حياتهم الرعوية. (المصدر ، تعقيب حكومة السودان على المقترح ).
يتضح من خلال التعقيب رفض حكومة السودان للمقترح ، وهذا هو العامل الرئيسي لعدم إجراء الاستفتاء وفق مقترح لجنة الآلية الأفريقية . وقد إصرت حكومة السودان ، على موقفها هذا، ولم تغيره ، بل عملت على إقناع الأفارقة بضرورة أن يبقى ملف المنطقة في الإطار الأفريقي ، دون أن يعني ذلك موافقتها على المقترح ، وإستمرت في ذلك إلى الآن، ويعلم حكومة السودان أن الاتحاد الأفريقي ليس لديه القوة الملزمة لفرض قرارته على أي دولة.
وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في 23سبتمبر 2013م ، بنيورك اجتمع مجلس السلم والأمن والأفريقي رقم (397) على مستوى الرؤساء والحكومات ، وفي هذا الاجتماع كرر الرؤساء قبولهم بمقترح الاتحاد الأفريقي لحل النزاع في أبيي ، وناشدوا الحكومتين بإرسال مرشحيهما للجنة الآلية الأفريقية ، كما ناشدوا الحكومتين بعدم اتخاذ أي خطوات أحادية فيما يتعلق بأبيي يمكن أن يعرقل التقدم المحرز في تنفيذ التزاماتهم.(تقرير مجلس الأمن والسلم الأفريقي).
إن موقف حكومة جنوب السودان منذ اللحظة الأولى ، كانت مع إحالة مقترح الاتحاد الأفريقي لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ، وهذا ما أكده الوزير ، علي كرتي بقوله : "لن يرى النور أبداً يوماُ ما ، ولن يحال إلى مجلس الأمن الدولي كما ترغب الولايات المتحدة في ذلك"!. وزير الخارجية السوداني ، علي كرتي ، يحاول أن يتجاهل ، في سياق حديثه هذا ، أن بروتوكول أبيي ، في الأصل مقترح أمريكي ، قدمه السيناتور القس ، جون دانفورث ، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق ، جورج بوش ، إلى السودان لكل من النائب الأول لرئيس الجمهورية ، علي عثمان طه ، والراحل الدكتور جون قرنق ، رئيس الحركة الشعبية لتحريرالسودان ، إبان مفاوضات السلام في كينيا ، بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحريرالسودان ، وذلك بعد أن كادت المفاوضات ، أن تنهار بينهما، فقبل الطرفان المقترح كأساس لحل النزاع في منطقة أبيي.
عقب أحتلال القوات المسلحة السودانية لإجزاء كبيرة من المنطقة ، بما فيها مدينة أبيي ، مايو2011م، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية في نفس العام بمشروع لمجلس الأمن الولي ، نشر بموجبه ، قوات الأمم المتحدة المؤقتة للأمن بأبيي " اليونيسفا" ، التي تتكون قوامها من القوات الأثيوبية ، ومنذ ذلك الحين ، ظلت الولايات المتحدة تتقدم ، بمشاريع القرارات1990(2011) و2024(2011) و2032(2011) و2046(2012) و2047(2012) و2075(2012) و2104(2013) و2126(2013) و2156(2014) والبيانات الرئاسية والصحفية للمجلس المؤرخة بتواريخ 18 يونيو2012و21سبتمبر2012و28سبتمبر2012و6مايو2013و14يونيو2013و14فبراير2014و17مارس 2014(بيان مجلس الأمن الدولي حول أبيي، 10 أكتوبر2014م). والتي قدمت المندوبة الأمريكية السابقة ، ومستشارة الرئيس الأمريكي ، باراك أوباما ، للأمن القومي ، الدكتورة ، سوزان رايس ، بصفتها رئيسة مجلس الأمن الدولي ، وأتي القرار بعد أن قامت القوات المسلحة السودانية ، باحتلال أجزاء كبيرة من المنطقة ، بما فيها مدينة أبيي ،لإفشال الزيارة المتوقعة لأعضاء مجلس الأمن الدولي إلى المنطقة ، في مايو 2011م ، ومنذ ذلك الحين ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم بمشاريع القرارات الخاصة بالقضايا العالقة بين جنوب السودان والسودان، لا سيما القرار (2046) ، الذي يلزم البلدين بتسوية القضايا العالقة بينهما سلمياً، من هنا يأتي الإشارة من الوزير علي كرتي ، للولايات المتحدة الأمريكية ، كما أنها ولأهمية دورها، في عملية التوصل إلى إتفاقية السلام الشامل ، بين الشمال(حكومة السودان) ، والجنوب(الحركة الشعبية لتحرير السودان) ، قامت بتعيين مبعوث لجنوب السودان والسودان ، لمتابعة القضايا العالقة في إتفاقية السلام الشامل؛الحدود ، أبيي ، المناطق المتنازعة عليها ، النفط ، وفي السودان قضايا؛ النيل الأزرق ، جنوب كردفان ، دارفور، الحوار الوطني السوداني ، ومن هنا تأتي أهمية الولايات المتحدة الأمريكية ، في القضايا العالقة بين البلدين ، فالرؤساء الأمريكان، ومنذ عهد الرئيس السابق ، جورج بوش (الأبن) ومن قبله الرئيس الأسبق بيل كليتون الذي قدم قانون "سلام السودان" في نهاية عهده كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية ، وحتى الرئيس أوباما ، قاموا بتعين مبعوثين لجنوب السودان ، والسودان ، مهمته متابعة تنفيذ هذه الإتفاقيات ، يعاونهم طاقم متخصص في شئون البلدين ، بالرغم من وجود ، تمثيل دبلوماسي لأمريكا فيهما ، وذلك لأهمية القضايا العالقة بين جنوب السودان والسودان.
ومن ماسبق وبالنظر إلى فشل الإتحاد الأفريقي ، في حل العديد من المشاكل التي تواجه القارة ، وعقب مرور ثلاث سنوات على تقديمها مقترح الحل النهائي لقضية أبيي ، يتضح جلياً الأسباب التي جعلت حكومة السودان تعمل على إبقاء المقترح في الإطار الأفريقي ، لأنها تعلم أن الإتحاد الأفريقي يفتقد إلى آلية تنفيذ القرارات أو الحلول التي تطرحها للقضايا الأفريقية ، لذلك تنسق مع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ، ولا يسعني المجال هنا لذكر الأمثلة.
الجدير بالذكر أن منظمة الوحدة الأفريقية سابقاً وحالياً الإتحاد الأفريقي ، كانت متحفظة حيال منح شعب جنوب السودان ، حق تقرير المصير ، في إتفاقية السلام الشامل العام 2005م ، خشية أن تقود ذلك المسعى العديد من الأقاليم في بعض البلدان الأفريقية إلى المطالبة بحق تقرير المصير ، لكنها وافقت على مضض إثر الضغوط الأميركية ، وأبرز هذه الأمثلة ؛ إقليم أوغادين شرقي أثيوبيا التي كانت تسعى إلى الإنفصال ، وإقليم بيافرا في نيجيريا ، وإقليم أزواد في شمال مالي ، ولايغيب عن الأذهان مسألة إستفتاء "الصحراء الغربية" الذي يتنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو ، بالرغم من إعلان الأخيرة جمهورية الصحراء الغربية ، بالرغم من إعتراف بعض الدول العربية وخاصة الجزائر ، إلا أن العديد من الدول لا تعترف بهذه الدول.
وقد جاء في بيان الإتحاد الأفريقي حول أبيي .. " يؤكد من جديد أن المقترح المقدم من الالية الرفيعة (AUHIP)، في 21 سبتمبر 2012، حول الوضع النهائي لمنطقة أبيي الذي يمثل حلا عادلا ومنصفا وعمليا للنزاع، والذي يأخذ في الاعتبار الاتفاقات القائمة والسابقة، وكذلك احتياجات ومصالح المجتمعات على الأرض".(البيان الصادر عن اجتماع مجلس السلم والامن رقم 353 على مستوى رؤساء الدول وحكومتى السودان وجنوب السودان في 25 يناير 2013).
وورد في تقرير لجنة الآلية الأفريقية ، حول أبيي ، وفي فقرة مقتضبة جداً:" لن يتم إحراز تقدم بشأن الإتفاقيات الموجودة حول أبيي".(تقرير لجنة الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى حول السودان وجنوب السودان ، لمجلس الأمن والسلم الأفريقي في الإجتماع رقم 456 ، أديس أبابا،12 سبتمبر2014، ص 2).
أبيي
هل من سبيل للخروج من حالة الجمود؟(4- (5
فرانسيس مييك
ولأننا جزء من العالم ، فإنه من الأهمية بمكان الإستفادة من السوابق ، أو التجارب المشابهة للنزاع حول منطقة أبيي ، في العالم ، و تعد النزاع حول " تيمور الشرقية" ، و أندونيسيا ، الذي تم حسمه " بالإستفتاء" ، بموجب "قرار صادر من مجلس الأمن الدولى" ، وذلك بعد أن رفضت أندونيسيا قيام الإستفتاء ، هذه التجربة ، سابقة يمكن أن الإستُلهم منها. وفي هذا الصدد، وبعد الاطلاع على بعض التجارب، فإن تقرير مصير واستفتاء "تيمور الشرقية" يتشابه مع تجربتنا مع الاختلاف في السياق المكاني والزماني، وفي أن تيمور خُيِّرت بين البقاء كجزء من أندونيسيا أو الانفصال، وهو ماحدث في نهاية المطاف.
شهدت حقبة التسعينات من القرن الماضي سلسلة استفتاءات لبعض القوميات كان نتيجتها الانفصال عن الوطن الأم. وكان اشهر هذه الاستفتاءات في اوروبا ماحدث في يوغسلافيا السابقة. ففي العام 1990م صوت مواطنو سلوفانيا لصالح الانفصال عن يوغسلافيا وأنشأوا دولتهم، كما انفصل إقليم تترستان عن روسيا. وفي العام 1991م صوت مواطنو كرواتيا لصالح الانفصال وأعلنوا دولتهم، وتبعهم في ذلك مواطنو مسادونيا وكذلك جورجيا وأوكرانيا. وفي العام1992 صوت البوسنيون لصالح الانفصال عن يوغسلافيا وأنشأوا جمهورية البوسنة والهرسك، وتلي ذلك استفتاء أوسيتا الجنوبية كأمر واقع. وفي عام 2006م انفصلت جمهورية مونتنيقر و(الجيل الاسود) عن يوغسلافيا وتبعتها كوسوفو عام 2008م. وانقسمت تشيكوسلوفاكيا (التشيك والسلوفاك) إلى دولتيين قوميتين. أما أشهر استفتاءات تقرير المصير في القارة السمراء فقد تم باستقلال أرتريا عن إثيوبيا عام 1993م، بينما تم في آسيا استقلال تيمور الشرقية عن أندونيسيا في عام 1999م. وتجدر الإشارة إلى أن هناك حالات استفتاء حول تقرير المصير لم تكن نتيجتها الاستقلال، وأشهرها حالة مقاطعة كويبك الكندية، كما أن هناك حالة تأخر فيها إجراء استفتاء تقرير المصير إلى أمد طويل حتى يومنا هذا، وهي حالة الصحراء الغربية التابعة حاليا للملكة المغربية. تيمور الشرقية هي جزيرة في جنوب شرق آسيا، تبلغ مساحتها (31,000) كلم2 وسكانها مليوني نسمة، وكان شطرها الغربي جزءا من أندونيسيا منذ تشكيل الدولة عام 1949م، وكان الجزء الشرقي مستعمرة برتغالية منذ القرن السادس عشر، وفي عام 1975م طلب شعب تيمور الشرقية الاستقلال عن البرتغال، ونشب قتال ضد البرتغاليين، أدى لإنسحابهم. وفي نفس العام قامت أندونيسا باحتلال تيمور الشرقية واعتبرتها المقاطعة السابعة والعشرين لها وذلك بموافقة الرئيس الأمريكي الأسبق فورد في عهد الرئيس الأندونيسي سوهارتو، إلا أن الأمم المتحدة لم تعترف بالسيادة الأندونيسية على الإقليم، كما تمرد الكثير من السكان في الجزيرة على الحكم الأندونيسي، واستمر القتال لفترات متقطعة بين العصابات التيمورية والقوات الأندونيسية لمدة سبعة أعوام، ما أدى لمعاناة أهل تيمور الشرقية بسبب نقص المواد الغذائية وموت أكثر من (200,000) شخص جوعا. وقد صدرت عدة قرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة دعت لإعطاء شعب تيمور الشرقية حق تقرير المصير خلال الفترة من 1975م إلى 1982م، إلا أنها لم تنفذ. وفي عام 1999م قرر مجلس الأمن تفويض قوة متعددة الجنسيات لمراقبة الأوضاع في تيمور الشرقية خلال فترة انتقالية يتم بعدها إجراء استفتاء لتقرير مصير شعب الجزيرة. وتشكلت القوة من عدد من دول جنوب شرق آسيا، وعلى رأسها أستراليا. ووافقت أندونيسيا على إجراء الاستفتاء على خياري الوحدة والانفصال نتيجة للتدخلات الخارجية الغربية، حيث اتهمت الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية أندونيسيا بانتهاك حقوق الإنسان في تيمور الشرقية، إلا أن أندونيسيا اعترضت على مشاركة أستراليا وطلبت إرسال قوة تحت مظلة رابطة جنوب شرق آسيا ASEAN))، وهذا مالم يتم. تم استفتاء تقرير المصير في تيمور الشرقية في 30 أغسطس 1999م، وصوت السكان لصالح استقلال الأقليم بأكثر من 80% بدلا عن خيار الحكم الذاتي في إطار الدولة الموحدة. ومن ثم انسحبت القوات الأندونيسية من الإقليم، الذي خضع بالتالي لإدارة الأمم المتحدة بعد ظهور نتائج الاستفتاء. ولكن عناصر المليشيات المسلحة المعارضة لاستقلال الاقليم بدأت أعمال عنف واسعة في الإقليم، حيث تم تدمير معظم البنية التحتية ومقتل نحو ألف شخص، مما اضطر معه نحو مائة الف مواطن إلى النزوح إلى تيمور الغربية التابعة لأندونيسيا. أرسلت الأمم المتحدة قوة عسكرية متعددة الجنسيات وعلى رأسها أستراليا في سبتمبر 1999م لوقف أعمال العنف. وأثارت تقارير صحفية إلى أن القوة الأسترالية شاركت في أعمال النهب، كما اتضح أن لأستراليا مطامع حول ثروات المنطقة البحرية الفاصلة بين تيمور الشرقية واستراليا، حيث وقعت اتفاقية بين أستراليا وأندونيسيا لاقتسام هذه الثروات، وخاصة البترول المتواجد على شواطيء المنطقة البحرية لتيمور الشرقية، وذلك منذ عام 1991م. وفي العام 1999م تم ترسيم الحدود البحرية بين تيمور الشرقية واستراليا بما يضمن مصالح استراليا في التنقيب والاستفادة من الثروة البحرية. وفي سبتمبر 2000م وقعت الحكومة الأندونسية على مذكرة تفاهم مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في تيمور الشرقية، حضرها شانانا جوسماو زعيم مجموعة الاستقلال الرئيسية في تيمور الشرقية. وفي عام2001م أجريت انتخابات في تيمور الشرقية، أدت إلى مزيد من الاضطرابات نتيجة للعنف الذي استشرى بين المليشيات الأندونسية العابرة من تيمور الغربية والجنود المسرحين من ناحية، وقوات السلطة الجديدة التي لم تتحول بعد لقوات نظامية من ناحية أخرى، ثم أعلنت تيمور الشرقية استقلالها عام 2002م، حيث أقرت الجمعية التأسيسية دستورا جديدا للبلاد. وفي أبريل من نفس العام، انتخب الشعب خوزيه الكسندرجوسماو والمعروف باسم زانانا جوسماو رئيسا لتيمور الشرقية. وانضمت تيمور الشرقية عضوا كامل الأهلية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس العام، وأصبحت أول دولة تنضم للأمم المتحدة في القرن الحادي والعشرين (المصدر، ورقة حق تقرير المصير والاستفتاء: إطار نظري "المفهوم والنماذج" إعداد البروفسيور: حسن سيد سليمان). وللتشابه بين النزاع في تيمور الشرقية ومنطقة أبيي، قمتُ بالمقارنة بينهما لمعرفة أوجه الشبه والاختلاف؛ قاتل شعب تيمور الشرقية ضد البرتغاليين والأندونسيين في فترات متقطعة، وأيضاً قاتل شعب منطقة أبيي في الحربين الأولى من 1955م إلى 1972م، والحرب الثانية من 1983م إلى 2005م، وأعطى شعب تيمور الشرقية حق تقرير المصير خلال الفترة من 1975م إلى 1982م، إلا أنه لم ينفذ، كما أعطي شعب منطقة أبيي حق تقرير المصير في اتفاقية أديس أبابا عام 1972م، وكان من المتوقع أن يجري في العام 1981م، كما كان من المتوقع أن يجري الاستفتاء بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان في 9 يناير 2011م. خضعت تيمور الشرقية لإدارة الأمم المتحدة، وحالياً الأمم المتحدة هي المسؤولة عن الأمن في المنطقة. شهدت تيمور الشرقية أعمال العنف قامت بها المليشيات المسلحة المعارضة لاستقلال تيمور الشرقية، مثلما قامت القوات المسلحة السودانية باحتلال المنطقة لزعزعة الأمن في أبيي. تتمتع تيمور الشرقية بالثروات الطبيعية وخاصة "البترول"، وهي من العوامل الرئيسية لأطماع أندونيسيا في الإقليم، أيضاً منطقة أبيي غنية "بالبترول"، إذ تنتج 20% من إنتاج السودان قبل استقلال جنوب السودان. إن وجه الخلاف بين تيمور الشرقية ومنطقة أبيي هو أن تقرير المصير والاستفتاء كان بخياري؛ الحكم الذاتي للإقليم أو الاستقلال عن أندونيسيا، وهو ماحدث في نهاية المطاف، وجرى الاستفتاء بقرار من مجلس الأمن الدولي في العام 1999م، في حين أن استفتاء أبيي هو بين خياري؛ البقاء في السودان أو الانضمام لجنوب السودان. وبعد هذه المقارنة بين النزاع في تيمور الشرقية ومنطقة أبيي، علينا أن ندرك بأننا كشعب للمنطقة مطالبون بعمل مضني حتى لا يصبح الاستفتاء في المنطقة كمصير استفتاء الصحراء الغربية الذي عُطّل وأُجِّل لإجل غير مُسمى. وهذا يتطلب من شعب أبيي مطالبة الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان بإحالة "الملف" وبتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي للتدخل بإستصدار قرار دولي ملزم للدولتان لإجراء الاستفتاء في المنطقة وفق مقترح الآلية الأفريقية.
عند تقديم الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون ، إستراتيجيته عن أبيي ، في 30 سبتمبر 2014م ، دارت نقاشات بين أعضاء مجلس الأمن الدولي عن الوضع النهائي لمنطقة أبيي. وأنحصرت النقاشات في ثلاث آراء حول هذه المسألة ؛ حيث رأى بعض الأعضاء بأن تجرى الإستفتاء في المنطقة بشكل مباشر لحسم تبعيتها لأي من الدولتين ، بينما رأت بعض الأعضاء أن يتم تنفيذ إتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية الموقع في 20 يونيو2011م ، لاسيما تكوين ، الإدارة ، المجلس التشريعي ، الشرطة ، ومن ثم إجراء الإستفتاء في المنطقة ، وكان على رأس هذه الدول الولايات المتحدة وبريطانيا ، وهذا ماورد في البيان وإذ يشير قرار مجلس الأمن 2046(2012) إلى أن يعاود الطرفان المفاوضات فوراً، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي الرفيع المستوى المعني بالتنفيذ ، من أجل التوصل إلى إتفاق بشأن الوضع النهائي لأبيي، وإذ يؤكد إنه يجب على الطرفين أن ينفذا على الفور الجوانب العالقة من اتفاق 20 يونيو/حزيران2011، وبخاصة من أجل تسوية المنازعة بشأن مجلس منطقة أبيي، وأن يقوما على الفور بإنشاء إدارة منطقة أبيي ودائرة شرطة أبيي.(قرار مجلس الأمن الدولي حول أبيي ،10 أكتوبر 2014).
وطالب بعض الدول بمنح الدولتين مزيد من الوقت لإجراء المباحثات حول الوضع النهائي ، وخلص الإستراتيجية إلى أن بقاء المنطقة دون حسم تبعيتها لأي من الدولتين يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين .
واللافت في هذه النقاشات موقف حكومة جنوب السودان ، التي مارست الصمت وكأن الأمر لا تعنيها ، وقد بحثت في المواقع العنكبوتية فلم أجد أي تصريح حول هذه النقاشات ، حتى لمندوب جنوب السودان في الأمم المتحدة ، الدكتور فرانسيس دينق ، ولا أعرف هل الورقة المعنون Abyei From A Gulf To A Bridge A Concept Note, Francis M.Deng" "
الذي قام بتوزيعها لبعض الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ، تعكس رأيه الشخصي كأحد أبناء المنطقة ، أم موقف حكومة جنوب السودان ، بإعتباره مندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة ؟!
وتزامن توزيع هذه الورقة مع النقاشات السابقة ، وبغض النظر أن ما أحدثه هذه الورقة من نقاشات عميقة في المنطقة ، بين المؤيدون والرافضون ، فإن الدكتور فرانسيس دينق ، ليس مخول لوحده ، بأن يناقش وضعية المنطقة . في خضم المشكلات التي تواجه جنوب السودان والسودان ، بحسب ماورد في متن هذه الورقة ، وأنا هنا لست بصدد مناقشة هذه الورقة ، ولكنني أشير لهذه الورقة لأنها تحاول طرح وضعية مختلفة للمنطقة ، تتجاوز كل الوثائق السابقة ؛ بروتوكول أبيي ، قرار محكمة التحكيم الدولي الدائمة بلاهاي ، مقترح الوضع النهائي لمنطقة أبيي ، برغم الأشارة إليها بشكل عام أو بالتعميم . هذه الوثائق إعتمدت كمرجعية لحسم النزاع حول المنطقة ، و إن أي محاولات لطرح رؤى آخرى ، أو مقترحات جديدة ، ستساهم في تعقيد القضية أكثر من حلها ، وقد يتفق معي الكثيرون في المنطقة بأن عنوان الورقة أعلاه يثير الخلاف مع فرانسيس دينق ، منذ الوهلة الأولى ، فبعد أكثر من خمسة عقود على الصراع حول المنطقة ، لايزال الدكتور فرانسيس دينق ، يصر على جسرية المنطقة ، وعلى نظريته "التعايش السلمي" بين الدينكا نقوك والمسيرية ، بالرغم من أن هذه النظرية ، فضحته الواقع ، وإستمرار النزاع ، ونقول للدكتور دينق ومؤيديه ، في هذا الصدد ، أن حسم النزاع في المنطقة ، هي بالتمسك بالوثائق الدولية السالفة الذكر ، التي إعتمدت كأساس لحل النزاع في منطقة أبيي ، في نهاية المطاف ليس من المستغرب أن تدور هذه النقاشات داخل مجلس الأمن الدولي.
إن حسم قضية أبيي ، لاسيما تنفيذ مقترح الوضع النهائي ، يتطلب تفعيل الدور الدبلوماسي عبر مستوياتها المختلفة ، خاصة في الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ، لأن الإستفتاء المتوقع إجراءها بمنطقة أبيي ، إستفتاء "خارجي دولي" ، و ليست إستفتاءاً داخلياً ، كالإستفتاء التي إجريت في العام 2011م ، لذلك فإن فهم تعقيدات البعدين الدولي و الإقليمي ، ذات أهمية قصوى ، لأن النزاع الآن حول المنطقة بين دولتان تتمتعان بالعضوية الكاملة ، في الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي.
أبيي
هل من سبيل للخروج من حالة الجمود؟(5-5)
في حال عادت حكومة جنوب السودان لموقفها السابق الداعي إلى إحالة الملف لمجلس الأمن الدولي لإستصدار قرار دولي ملزم لإجراء الإستفتاء في المنطقة.
لذلك ومن خلال تصريح وزير الخارجية السوداني ، علي كرتي ،
:" بأنه واثق من أن الاتحاد الأفريقي سيمنح البلدين مهلة زمنية لحل خلافاتهما حول إجراء الإستفتاء ، أخبر بذلك أعضاء من جنوب كردفان ، بأن مقترح الاتحاد الأفريقي، لن يرى النور أبداً يوماُ ما ، ولن يحال إلى مجلس الأمن الدولي كما ترغب الولايات المتحدة في ذلك".
وأيضاً من خلال تصريحات كرتي السابق ، يتضح أن الموقف الأمريكي ينسجم مع موقف حكومة جنوب السابق الداعي إلى إحالة الملف لمجلس الأمن الدولي ، عندما قدمت لجنة الآلية الأفريقية، مقترح الوضع النهائي للرئيسين سلفاكير والبشير في 22 سبتمبر 2012م ، قبل أن تتخلى عنها نهائياً ولا أعرف ماهي الأسباب التي دعتها إلى ذلك!.
إن تصريحات كرتي يجب أن تكون دافع لحكومة جنوب السودان في المضي قدماً بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي ، ومن هنا يأتي ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية حول الوضع النهائي ، لأن بروتوكول أبيي في الأصل مقترح أميركي ، فالولايات المتحدة لا تزال عند موقفها حول حل النزاع بمنطقة أبيي ، بحثها على لعب دور رئيسي لإجراء الاستفتاء في المنطقة ، مثل الدور الذي لعبته في إجراء استفتاء جنوب السودان والاعتراف بجمهورية جنوب السودان، وذلك عبر القيام بحملات ومقابلات مع المؤسسات المؤثرة في صنع السياسة داخل أميركا وفي هذا الصدد يجب التنسيق مع المتعاطفين مع قضية المنطقة ، الذين هم في الوقت نفسه "أصدقاء جنوب السودان" وهم؛ روجر ونتر الرئيس السابق للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، برندر قاست الرئيس السابق لمجموعة الأزمات الدولية، جورج كلوني ممثل أمريكي ومالك مشروع كفاية "إيناف بروجيكت" (قمر صناعي لمراقبة الأوضاع في السودان)، جشوا كريز مؤلف الكتاب القيم "فرض الوقائع على الأرض: ديناميات الصراع حول أبيي"،ورقته الأخيرة (unclear lines: state and non state actors in abyei " anthropological facts" ) ، أريك ريفز كاتب أمريكي مهتم بالشؤون السودانية ويكتب بشكل راتب في موقع "حريات الإلكترونية"، دوغلاس جونسون خبير بريطاني متخصص في تاريخ السودان وأحد الخبراء الدوليين لمفوضية ترسيم حدود منطقة أبيي ، إننا في المنطقة ، ممتنون لتعاطفهم مع قضيتنا وبإلتزامهم بإتباع معايير البحث العلمي في مناقشة النزاع حول المنطقة.
وقد جاء في بيان وزارة الخارجية الأمريكية أكد أن الرئيس الأمريكي أوباما قرر تجديد العقوبات المقررة منذ العام 1997م ، وجاء في البيان .." إن المشاكل العالقة مع جنوب السودان مثل وضع أبيي النهائي تشكل تهديداً أيضاً، وأكد البيان بأن عدم حل القضايا العالقة بين جنوب السودان والسودان يشكل تهديداً إقليمياً".(حريات ).
ومنذ أن تبنت حكومة الإنقاذ الوطني عند مجيئها عام 1989 خط المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وحملت أدبياتها وعد الأمريكان بالفناء «أمريكا قد دنا عذابها» اتخذت الحكومة الأمريكية موقفا صارما تجاه السودان وصل قمته في الحظر الاقتصادي الذي بدأ منذ 3/11/1997 بموجب الأمر التنفيذي الرئاسي رقم (13067)، ويجدد الرئيس الأمريكي سنويا قانون العقوبات، وآخر تجديد تم في 24 تشرين الأول/أكتوبر2014م (صلاح الدين مصطفى ، القدس العربي ، 23نوفمبر 2014م).
في ورقته الذي قدمه في ندوة المجلس الأطلنطي ، عن سياسة بلاده ، نحو جنوب السودان والسودان ، قال دونالد بوث ، مبعوث الرئيس أوباما لجنوب السودان والسودان : " إن الإختلاف حول الوضع النهائي هي مسئولية الحكومتين، ونحن مستمرين في الوثوق بأن مقترح سبتمبر2012، عادل وشفاف لحل هذا الإختلاف (U.S policy on Sudan and south Sudan :" the way forward" Donald booth U. S special envoy for Sudan and south Sudan the Atlantic council Washington dc 9 October 2014 p 11 ).
في الحوار الذي إجرته صحيفة (الرأي) معه ، قال سفير البلاد السابق ، لدى روسيا الاتحادية ، الدكتور شول دينق الآك ، عند سؤاله عن موقف الحكومة الروسية حول مقترح الوضع النهائي لمنطقة أبيي ، قال السفير: "وعندما يصدر الكلام النهائي من الاتحاد الأفريقي ننتقل إلى مجلس الأمن الدولي وبالتالي يمكن ذلك توجيه هذا السؤال لروسيا بالضبط هذا هو الكلام الذي قاله وزير الخارجية الروسي ، سيرغي لافروف ، بأن نحن (خلونا) نمرر كل هذه القضايا وبعد ذلك يأتي قرار من الاتحاد الأفريقي، وموقفنا سيكون نفس الموقف الذي سيخرج به الإتحاد الأفريقي".(الرأي ، العدد (14) ، يوم الخميس الموافق 11سبتمبر2014).
من خلال حديث الدكتور شول دينق الآك ، فإن روسيا ليست ضد مقترح الإتحاد الأفريقي ، وهذا موقف نابع من تاريخ الإتحاد السوفيتي ، وذلك أن الإتحاد السوفيتي تقدم بمشروع قرار إلى الجمعية العامة لتصفية الاستعمار تصفية كاملة ونهائية ، وقُوبل مشروع القرار بحماس بالغ ، وتبنته الجمعية العامة بأغلبية ساحقة ، وصدر القرار في ديسمبر 1960 في صورة إعلان خاص بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ، حصلت فيه على الاستقلال ، وقُبلت كأعضاء في الأمم المتحدة 15 دولة أفريقية . وقد قرر هذا الاعلان :
إن إخضاع الشعوب للحكم والسيطرة الأجنبية هو إنكار لحقوق الإنسان ، ينطوي على خرق الميثاق ؛ إنه يعوق تنمية العلاقات الودية بين الشعوب ، مما يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين على المدى الطويل. (عبير الفقي ، الدور السياسي والأمني للأمم المتحدة في أفريقيا ). ولقد دعمت الإتحاد السوفيتي الحركة الشعبية لتحرير السودان ، عند تأسيس في 16 مايو 1983م ، من منطلق أنها حركة تحررية تناضل من أجل الشعوب المضطهدة ، ويبدو أن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي ، أراد أن يذكرنا بذلك.
وكان رئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير قد بعث بخطاب إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي ، في 8 أكتوبر 2013م ، الذي قدمه الدكتور بنجامين مريال ، وزير الخارجية والتعاون الدولي ، وطالب في الخطاب الإتحاد الأفريقي بتحمل المسئولية الكاملة حول هذه القضية ، وقال الرئيس كير في خطابه " بانني لن إتفق أبداً مع الرئيس السوداني البشير ، حول أبيي ، حتى لو ظللنا نتفاوض لمائة عام ، لذلك أطلب من مفوضية الاتحاد الأفريقي ، تحمل مسئوليتها الكاملة ". (سودانتربيون ، 11 أكتوبر 2013).
أنني أشاطرك الرأي سيدي الرئيس ، بأن التفاوض مع حكومة السودان و الرئيس البشير ، حول الوضع النهائي لمنطقة أبيي ، لاسيما بعد أن إعتمدت الإتحاد الأفريقي ، مقترح لجنة الآلية الأفريقية كأساس لحل النزاع في المنطقة - تضييع للوقت – لأن موقف السودان واضح حيث جاء في التعقيب على مقترح الإتحاد الأفريقي،
3- حكومة السودان تعيد وجهات نظرها السابق بقبول مبدأ " المناصفة " لوجهات النظر بتقسيم منطقة أبيي بقرار رئاسي .
4- حكومة السودان توافق علي الوثيقة بوجهة النظر علي أساس النزول لمصالح الطرفين عبر التقسيم الإداري لأبيي ، بشرط تقسيم الجزء الشمالي من أبيي وتدار من قبل السودان ويحول الجزء الجنوبي من أبيي لجنوب السودان .
5- في حال موافقة جنوب السودان لخيار " المناصفة " فإن حكومة السودان جاهزة وبشكل فوري للبدء في التفاوض حول كيفية ونتيجة التقسيم ، وتتم هذه العملية بالمشاركة الكاملة للإدارة المشتركة التي تشكل لتسهيل العملية بتمثيل المجتمعات.( تعقيب حكومة السودان على مقترح الإتحاد الأفريقي).
هذه الأسباب التي جعلت حكومة السودان ترفض مقترح الحل النهائي ، لأنها لم تشير وبشكل واضح لمشاركة المسيرية في التصويت حول وضعية المنطقة ، الفقرة(26) (ب) يكون للمقيمون إقامة دائمة في منطقة أبيي.(مقترح الإتحاد الأفريقي).
وفي هذا السياق طالما أن هذا موقف السودان ، فإن التفاوض معها ، يصبح مسألة غير ذات جدوى .
ولكنني لا أشاطرك الرأي بترك المسألة ، برمتها إلى الإتحاد الأفريقي ، لأن قضية أبيي قضيتنا ، "نحن شعب جنوب السودان" وحكومتها . وفي هذا السياق علينا أن نتقدم بطلب إلى الإتحاد الأفريقي ، وبحكم عضويتنا فيها ، نجدد فيها مطلبنا السابق ، وأعني هنا "حكومة جنوب السودان" ، الداعي إلى إحالة المقترح ، إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ، لإستصدار قرار دولي ملزم بإجراء الإستفتاء في المنطقة وفق مقترح الحل النهائي لمنطقة أبيي.
ومن ما سبق فإن الخروج من حالة الجمود ، لايمكن أن يتم إذا لم تتغير – العقلية- التي تدار بها ملف المنطقة ، طوال السنوات الماضية و إلى الآن ، تعامل قضية منطقة أبيي ، على أنها قضية تخص أبناء أبيي في الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وليست قضية الحركة الشعبية لتحرير السودان في منطقة أبيي!.
ومن هذا المنطلق إستخدمت قضية أبيي – كبش فداء - للسلام الهش بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة السودان ، طوال الفترة الإنتقالية فتحولت إلى قضية مساومات ، يساوم عليها لتحقيق بعض المكاسب ، و ليست " كإستحقاق وطني" لاسيما فيما يتعلق بالقضايا العالقة بين جنوب السودان والسودان.
وهذا لاينطبق على قضية أبيي وحدها ، إنما تنسحب على القضايا العالقة الحدودية الأخرى المتنازعة عليها مع السودان ؛ كالميل 14، كفياكنجي ، بانطاو(هجليج) جودة ، والمناطق الأخرى ، وظهر ذلك جلياً في قرار مفوضية الإنتخابات القومية ، إستبعاد كفياكنجي من الدوائر الإنتخابية لولاية غرب بحر الغزال ، وأخيراً الرد الخجول على تصريحات الرئيس السوداني البشير ، حول منطقة الميل 14، حيث قال الدكتور برنابا ماريال بنجامين ، وزير الخارجية والتعاون الدولي يوم الجمعة ، " أن بلاده تتطلع إلى تعزيز العلاقات الثنائية القوية مع السودان في جميع الجوانب وفقاً لإطار اتفاقية التعاون. و إعتبر التصريحات الأخيرة المنسوبة إلى كبار المسؤولين السودانيين، بما فيها تصريحات الرئيس البشير بشأن مصير منطقة الميل 14 المتنازع عليها لا داعي لها".(سودانتربيون 21 مارس 2015م).
الذي قال فيه البشير ، موجها خطابه لجنوب السودان .." الناس البطاولو ودايرين 14 ميل، نقول ليهم 14 ميل دي حقتكم"، وزاد: "حدودنا 14 ميل جنوب بحر العرب.. لن نتنازل عن شبر". (سودانتربيون ، 19 مارس 2015م). ويأتي تصريحات البشير في سياق الحملة الإنتخابية على الرئاسة السودانية ، وبغض النظر عن السياق ، تظل هنالك حقيقة لايمكن إغفالها بأن المنطقة الميل 14 ، أصبحت من المناطق المتنازعة عليها مع السودان ، فبتالي أن تجزئة هذه القضايا الحدودية في التفاوض ، لا تخدم سواء موقف حكومة السودان التي تتعامل مع هذه القضايا ، كقضايا الدولة السودانية ، عكس نظرت بعض المسئولون الذين ينظرون لهذه القضايا ، كقضايا تخص شعوب هذه المناطق الحدودية المتنازعة عليها مع السودان.
من الخطاء الإعتقاد بأن السودان سيرضى، عن جنوب السودان مهما قدم لها العديد من التنازلات ، من أجل تنفيذ إتفاقيات التعاون المشترك أو غيرها من القضايا العالقة ، فالسودان سيظل العدو - الإستراتيجي لبلادنا- سواء كان يحكمها المؤتمر الوطني أو غيره . إن إعتقاد السودان بتفوقه العسكري ، بغض النظر عن صحته ، تجعله يغرق كل الإتفاقيات ، ودونكم خرقه المتكرر لحدودنا وقصفه الجوي للمناطق الشمالية بين الحين والآخر ، وتهديد البشير الآخيرة حول الميل 14 ، غير مثال لذلك ، على الحكومة أن تدرك أن إستدامة السلام مع السودان ، ينبغي أن يستند على – القوة- بمفوهما السياسي ، لا على حسن النيات.
إن شعب أبيي والحادبون على قضيتها يدركون بأنه في خضم الحرب الحالية ، صعوبة أن تحظي قضية النزاع في المنطقة ، بالإهتمام لذلك فإن التوصل لإتفاقية السلام بين الحكومة والمتمردين في الأشهر القادمة ، تظل أولوية قصوى من أجل الإلتفات إلى القضايا العالقة مع السودان و قضية منطقة أبيي بشكل خاص ، وهنا إقترح على حكومة جنوب السودان ، أن تبدأ في العام القادم 2016م ، إجراءات إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي ، لإستصدار " قرار دولي" ملزم لإجراء الإستفتاء في منطقة أبيي ، كما أن هذا المسعى ينسجم مع المطالبات الدولية ، بحل هذه المسألة سلمياً ودبلوماسياً.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.