وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة السيدين بالحاكم العام عبر الزمان ... بقلم: عبد العزيز عثمان سام/الخرطوم
نشر في سودانيل يوم 07 - 12 - 2009


abdelaziz sam [[email protected]]
كنت أستطيع، لو لا أني قسوت جداً علي السيدين وتنظيميهما في مقالي البارحة بعنوان (إما أن نحقق الحرية وأما أن نعيش معذبين)، ولولا خوفي من بلوغ القمة في نقد السيدين وسلوكهم المهادن للحاكم عبر الزمان، أن أتنبأ بما جري مساء اليوم عندما هرول السيدين الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني إلي سرايا الحاكم العام الموقر،المشير/ عمر البشير لتمييع الإجماع الوطني في مسيرة الغد الاثنين، وتسويفه وتبرير ضربه والتبرؤ منه والتحريض علي قمعه وحسمه، وببذلهم لفروض الطاعة والولاء لسعادة المشير، وتأكيد الأجندة الثقافية الخاصة لمؤسسة المركز لتكريس حكمها وفق مفاهيمها الخاصة التي تقوم علي هوية مزيفة وثقافة مفروضة وملقَّنة للشعب والدولة السودانية، لذلك كانت زيارة السيدين نهار اليوم الأحد الموافق/06 ديسمبر2009م لمقابلة البشير مهمة للغاية وذات مدلولات مهمة جداً يحب أن يفهمها أهل الهامس وأبناء الغُبُش في السودان.. والتقاء السيدين أفضل منه زلزال يضرب الخرطوم ليدمرها تماماً، لأن هذان السيدان لا يلتقيا لخير، ولقائهما يأتي دوماً لتكريس أزمات الدولة السودانية وتعطيل مستقبلها.
في اجتماع أحزاب جوبا الذي انعقد قبل ثلاثة أيام بدار حزب الأمة القومي وحضرتُ جزء منه وخرجت عندما كدت أختنق مما يجري من مداخلات مصطنعة لا تنم عن جدية، ولا تستند إلي حيثيات حقيقية..وكيف لقوي سياسية تدّعي المعرفة والخبرة السياسية وتطرح نفسها بديلاً للنظام القائم، أن يأت ممثليها إلي الاجتماع لمناقشة وتقييم قضايا مهمة مثل:موقف تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، ومسيرة إجازة وإصدار قوانين التحول السياسي، وأهمها قانون الاستفتاء وقانون الأمن الوطني، وقضية دارفور، وإذا بالاجتماع الذي انعقد برئاسة السيد/ فاقان أموم بعد مقدمة وتلخيص من الأستاذ/ فاروق أبو عيسي، وبدأ الحضور في الإدلاء بمداخلات بعيدة كل البعد أن أجندة الاجتماع مما استدعي تدخل رئيس الاجتماع لأكثر من مرّة لتوجيه الاجتماع إلي غاياته، وكان توزيع الفرص غريباً بشكل لم أطقه، فخرجت إلي ما ينفع الناس وتركت ممثلي حركتنا لمواصلة الاجتماع.. ولكن ما أرغب في إيراده هنا هي مفارقة غريبة جداً، أن مسيرة يوم غدٍ الاثنين قامت باقتراحها للاجتماع الأستاذة/ مريم الصادق المهدي، ولمحبة ومعزَّة القوي السياسية لها، وأن الاجتماع ينعقد بدار حزبها، تبني الاجتماع المقترح ليكون قراراً يعمل الجميع حثيثاً لتنفيذه غداً الاثنين.. وأريد منكم أن تربطوا مقترح ممثلة حزب الأمة بتسيير مسيرة الاثنين وتبنيه من القوي السياسية/مجموعة جوبا، وسفر بعض القيادات إلي جوبا لتعزيز تنسيق المواقف لإخراج الموكب السلمي بشكل جميل، أُريد منكم أن تربطوا ذلك الحراك الجاد والفاعل في اتجاه الضغط علي حزب المؤتمر الوطني لتسريع تنفيذ مضامين الاتفاقيات المبرمة بين الهامش والمركز، وبين الزيارة الدرامية للسيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة ووالد الأستاذة ممثلة حزب الأمة التي اقترحت لاجتماع أحزاب جوبا بدار حزب الأمة مسيرة الاثنين؟؟ كيف يمكن لأكبر مسطول في العالم أن يربط إيجابياً بين هذين الموقفين لأكبر قيادات حزب الأمة القومي؟؟ هل زيارة السيدين لرئيس الجمهورية أمسية الأحد والمسيرة الحزبية لمجموعة جوبا صبيحة الاثنين عند شروق أول شمس بعد تلك الزيارة والتصريحات التي أدلي بها زعيم حزب الأمة بعيد خروجه من اجتماع رئيس الجمهورية، وحديثه الايجابي عن التسجيل والسجل المدني ودور مفوضية الانتخابات والمقارنات التي ساقها لتحسين الوضع في السودان رغم الحديث المختلف لاجتماع القوي السياسية بدار حزب الأمة عن التسجيل، وبأنه كان سيئاً، ولا يؤسس لسجل انتخابي نظيف وفق القانون، ولا بُدَّ لأحزاب جوبا أن تتخذ موقفاً شديداً ضد المفوضية القومية للانتخابات بشأن التسجيل!! كيف للإنسان في السودان أن يفهم ما يجري، ومن نصدِّق: السادة أم بناتهم، وممثلي أحزابهم؟؟ ولكن سؤالي في هذا الجو المُحيِّر هو: ما الداعي والدافع لزيارة الصادق المهدي لرئيس الجمهورية قبل أقل من عشرة ساعات من المسيرة التي اقترحها حزبه ووافق عليها القوي السياسية وتحملوا تبعات مخالفة القانون رغم تحذيرات الشرطة وتهديدهم بقمع وتجريم من يخرج في هذه المسيرة؟؟ وبعد هذه الزيارة الدرامية والملق السياسي والنفاق الذي مارسه الرجل أمام كاميرات الإعلام، هل سيخرج جماهير حزبه صباح الغد في هذه المسيرة؟ أم إنهم فهموا (الإشارة) وسيعملون أنهم نيام؟ ألم أقل في مقالي السابق أن إتباع هؤلاء السادة يقود إلي جُحرِ ضبٍ أجرب، أي خيبة جلبها ذلك الموقف لجماهير حركة تحرير السودان التي ستخرج في مسيرة أنكرها من أقترحها من أعلي قمَّتِه؟؟ يقول المسئول السياسي لحركتنا أن المسيرة مجال لإظهار جماهير الحركة لأجل أي تحالف قادم ستكون نسب المشاركة فيها بقوة المشاركة في هذه المسيرة، يعني تمثيل نسبي!! بالله عليكم، أي منطق هذا؟.. وهل يعني زيارة السيدين اليوم أن المسيرة ملغية غداً؟؟ لماذا هذا التوقيت لهذه الزيارة؟؟ هل هنالك خطر يتهدد مؤسسة الجلابة استدعي هذه الزيارة لتأكيد التضامن؟؟ وأن ما هذه سوي إجراءات وقتية واحترازية اقتضتها ضرورات المرحلة وأن المؤسسة في مأمن من أي خطر؟؟ من الذي طلب المقابلة/الزيارة، الرئيس أو السيدين؟؟ لو كان الرئيس هو من طلب المقابلة فهل تشاور السيد والشريف مع القوي السياسية المتضامنة معها؟ ولو كان السيدين هم من طلب المقابلة فما هي الغاية من وراءها؟؟ والسؤال الأهم: ما هو المقابل الذي قبضه السيدان لتنفيذ هذه الزيارة؟؟ وأخيراً، هل فهم السيد/ مني مناوي كيف يستغل قادة السودان الأوائل، السيد والشريف المواقف لمصالحهم الخاصة ومصالح المريدين، وبيع ما دون ذلك في أقرب دلالة؟؟ في الخرطوم ستتعلم أشياء عجيبة والعبرة بالوقائع لا بالقناعات، والسودان بلد خالي من المبادئ والقيم والأخلاق وها قد رأيت بأم عينيك!!
الحركة الشعبية بعد أن حسمت أمرها بالتصويت لتقرير مصيرها وتكوين دولة الإماتونج بالجنوب الحبيب، لديها مصلحة استراتيجية لتمرير قانون الاستفتاء وفق رؤيتها لتمكينها من إنجاز غايتها المصيرية في الاستفتاء، وقانون الأمن الوطني ليست للقوي التي اجتمعت بجوبا قبل شهرين أي فهم أو رؤية أو قوة برلمانية في تمريرها وكان الأولي لها أن تلتقي علي مستوي المفاهيم والمرتكزاتً، وفكرياً حول ما يجب تضمينه في هذا القانون، وتوكيل الحركة الشعبية، بعد إقناعها بتلك المضامين للضغط برلمانياً لتضمينها في القانون، ومن ثم الضغط والتظاهر لدعم الموقف المشترك وهكذا، ولكن كما حدث في قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية، نخشى أن يتواطأ الشريكان، كعادتهما، في تمرير قانون سيئ مثل قانون الصحافة، وأن تعلم القوي السياسية التي التقت مؤخراً في جوباً، أن الحركة الشعبية التي يلهثون وراءها قد صوتت لتمرير أسوأ القوانين في التاريخ السوداني، وفي ذلك أنظروا في قانون الانتخابات المخالف صراحة لنصوص ومضامين اتفاق سلام دارفور وهو اتفاق مقدس مثله ومثل اتفاق السلام الشامل ويفوقه في أنه تم رعايته، في مرحلة التفاوض، بواسطة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة حاليا،ً بينما اتفاق نيفاشا رعتها رابطة صغيرة للجفاف والتصحر تضم مجموعة صغيرة من الدول، كما تضمن اتفاق سلام دارفور معايير وقواعد إرشادية عامة وقومية لاقتسام السلطة والثروة بحيث تمنع قيام ثورات أخري في مناطق أخري من السودان بينما نيفاشا ثنائية.. وكان أهل المؤتمر الوطني يكررون، بجهالة، علي الملاْ أن الذي يريد حقاً يدَّعيه أن يحمل السلاح ويقاتلنا، فعيب نيفاشا الثنائية، وعيبه الأخطر التعامل مع الإنقاذ والمؤتمر الوطني علي أنه ممثل لما سُمِي الشمال!! ماذا يعني الشمال؟ هل دارفور شمال وكردفان والشرق شمال!!؟؟ وهل يمثلهم المؤتمر الوطني ليقرر باسمهم وهو يقتلهم ويبيدهم في ذات الوقت؟؟ هذا ضعف فادح في نيفاشا، فالمؤتمر الوطني يمثل المركز وبأحسن الفروض أهل الإقليم الشمالي الذي جاء منه جميع أعضاء انقلاب يونيو89 وجاء منه قيادة الجبهة الإسلامية التي حركت الجيش لاستلام السلطة، كلهم من ذلك الإقليم، أما بقية السودان بما في ذلك الخرطوم فليس شمالاً ولا يمثلهم الإنقاذ ولا المؤتمر الوطني، لا ثقافياً ولا فكرياً ولا في أي شئ.. لذلك في القانون يصنف اتفاق السلام الشامل بأنه تصرف الفضولي تصرف فيما لا يعنيه فتصرفاته تلك موقوفة علي إجازة الأصيل أو صاحب الحق الأصلي الذي هم نحن جموع شعوب السودان، ونحن لا نقر الاتفاق ولا نقر الذي تصرف فضولياً باسمنا من هنا إلي يوم الدين، وعقد الفضولي الذي لم يجزه صاحب الحق الأصيل يقع باطلاً وكأن لم يكن.. أوردت هذا في سياق المقارنة بين العقود المبرمة بين المؤتمر الوطني وقوي الهامش السوداني.
زيارة السيدين اليوم للرئيس البشير يمثل صورة طبق الأصل وحلقة مكررة لزيارة السيدين/عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني لسرايا الحاكم العام الإنجليزي في أوائل الخمسينات، علي ما اعتقد، من القرن الماضي عندما أصدر الحاكم العام الإنجليزي، قانوناً لمحاربة الرق ووقف الاتجار بأبناء السودان في أسواق الرقيق، وتضرر بذلك مصالح السيدين فذهبا في كامل هندامها المضحك، كما حدث نهار اليوم، إلي سرايا الحاكم العام الإنجليزي حيث أفحصا عن رأيهم الجمعي في مُذكِرة سلماه إلي الحاكم العام وصار من أهم الوثائق في الدولة السودان وجاءت مقتضبة وواضحة: إن تحرير هؤلاء العبيد والإماء وفق هذا القانون، سيقودهم إلي ممارسة البغاء وتجارة الخمور، وعليه يلتمسان الإبقاء علي العبودية فهي خير من الخيارات التي طرحوها أمام الحاكم العام.. لم أجد حتى الآن وثيقة من مصدر موثوق برد الحاكم العام علي مذكرة السيدين حول إعتراضهما علي قانون محاربة ومنع تجارة الرقيق بالسودان، ولكن يستطيع الإنسان أن يتخيل كمية السخرية الاحتقار الذي ارتسم علي وجه الخواجة الحاكم العام من موقف السيدين الذين يريدان أن يبقيا علي شعوب السودان عبيداً للأبد، فالتحية للسيدين ولعبيدهم في هذا اليوم الذي يعيد فيه التاريخ نفسه ليعلم الأجيال الجديدة من هم هؤلاء السادة المستهبلين.. ما أشبه اليوم بالبارحة، السيدان وفي حِمية الوطيس وقمة المواجهة مع النظام يظهران علي حقيقتهما وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ، يظهران في اللحظة الحاسمة لكسر ظهر المقاومة وتكريس وتأكيد عبودية الشعب للحاكم، في الماضي والحاضر.. طبعاً هذا العمل بمقابل كبير لا يظهر للعيان، وما خفي مما جري في اجتماع السيدين والحكام العام أعظم.. يا فاقان أخي: أنعم بدولة الإماتونج فأنتم السابقون ونحن اللاحقون، فالعبيد فقط من يرضون العيش في دولة الحاكم العام والسيدين.
إلي المسئول السياسي لحركة تحرير السودان: إنّا نُحمِلُكَ مسئولية إخراج جماهير الحركة إلي دلالات النخاسين الأسياد، فجماهير الحركة ليسوا للبيع، نعرفهم نحن أهل الحركة، ولسنا بصدد عرضهم في سوق النخاسة السياسية في سبيل أن يتقدم المسئول السياسي خطوة في سُلم الولاء للأسياد والأشراف، ولو كان لمسئولنا السياسي عقل يمِّيز به، لكفَّاه زيارة السيدين، نهار اليوم، للحاكم العام في سراياه فأجهضوا أحلام (ظلوط)حركة تحرير السودان، وليس أسوأ في الحياة من أحلام اليقظة السياسية من عاجز عن العطاء والمواجهة، من متسلق علي أكتاف الشرفاء ليبيعهم قبل خاتمة المطاف!! والرسائل التي تستخلص من هذه الزيارة خير رادع لكل مسئول سياسي يجازف بشرف القضية في أسواق البوار السياسي، هذا التقدير الساذج للموقف من مسئولنا السياسي هو ما ظللنا نُعَّبِر عنه طوال الساعات ال(80) الماضية، وأقول أنه يجوز لأي شخص أن يغامر ويقامر، ولكن بمقدراته ومقتنياته الشخصية، لا بمقدرات الشعب والأمة والجماهير والتنظيم السياسي، خاصة في المواقف الفجّة والمُحرِجة، وإنِّي أخاف من أشياء كثيرة، ولكن خوفي من أدعياء السياسة الذين يتكسبون منها باحتراف أشدّ، لأنهم لا يمتهنون غير السياسية، وبسببهم ظلَّ يسكننا هاجس رهيب وحساسية ضد التآمر وتدمير المؤسسة ومشروعها، جعلونا نتردد كثيراً في المُضي قُدماً في هذا الطريق بمفاهيم إصلاحية، وترجلنا حقيقة حتى لا نشهد غرق (تايتنيك)المحتوم ونحن علي ظهرها، ولكن عدنا عندما عادت الحياة للتنظيم، أو تخيلنا كذلك، ولكن ما تخيلنا أنها الحياة كان الموت الزؤام، فالعهر والبغي السياسي قد بلغ مبلغاً عظيما في دولة اسمها السودان، بلدٌ تالفٌ سياسياً من القمة إلي القاع، كما شهد العالم اليوم من تناقض مواقف حزب واحد بحيث تقوم (بنظير بوتو) بتعبئة الشارع السياسي للخروج غداً لمقاومة تعنت ونزق الحاكم العام، المؤتمر الوطني!! بينما قام (بوتو الأب)بزيارة درامية لسراي الحاكم العام لتقديم فروض الولاء والطاعة، والتأكيد علي بقاء دولة الجلابة قائمة، وأن الذين سيخرجون غداً ما هم إلاّ أبناء وأحفاد العبيد والإماء الذين تقدم السيدان للحاكم العام الإنجليزي بمذكرة أكدا فيها خطل تحرير العبيد والإماء.. وهذه هي عادتهم التي ورثوها عن آباءهم وأجدادهم ولا تهمنا، ولكن يهمنا أخطاء صغار سماسرة السياسة الذين تسللوا إلي مضارب الأحرار بليل، ولما تم اكتشافهم، وفُضِحت جرائمهم المزمعة لكسب وُد سادتهم بتعريض صدور النساء والشباب والأطفال والشيوخ لرصاص (الدرك اللئيم) للحاكم العام، بلا مقابل، أو قضية جِدِّية، ويعلم الكافة أن الحاكم العام السوداني فوق القانون المحلي والدولي، ولا يعترف ب أوكامبو بل يعتبره، وفق ممثله(الحليم)بالأمم المتحدة، مُهرِّجاً سياسياً، كلما تحدث أوكامبو عن قتل حاكمنا لشعبه في دارفور..والسيدان يسندان ويدعمان بلا حدود الحاكم العام فيما يذهب إليه، ومسئولنا السياسي ممثل ضحايا دارفور مفتون بالسيدين ويُقَلِد زهوهما، ويتمني أن يبلغ شأوهم.. ونحن نطلب من الله أن يُلهمنا صبراً جميلاً نتحمل به فترة نهوض مسئولنا بمهمتنا السياسية التي، لا أعتقد أنه يفهم مجرد عنوانها، ولا خطابها الثوري/السياسي الذي أتحداه أن يعلم منه سطراً واحداً.. والتحية والتوقير لقائدنا الذي تخصص، كالمسيح، في إحياء الموتى وهي رمِيم.. وتخصص أيضاً في إعادة إنتاج (كوامر) السياسية، وقد عفي عنهم الدهر.. ولمواساة نفسي أتغني، بما تغني به ود سلفاب مصطفي الحبيب:(السحاب برضو بيعود، يجينا ببرق البشارة، بينَّا وبينك لا حواجز لا سدود، بيناتنا بس تبقي الجسارة، و بيناتنا بس تبقي الجسارة)، وبرضو حُبَّك في الحنايا، وفي عيون أطفال بتكتب بالدوايا، يا رفيق ويا الرِقيِق بيتَ السيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.