** وقّع منّاوي على الاتفاقية، وللمرة الأولى؛ ابتسم مجذوب الخليفة!! ** أوباسانجو لمني أركو: أيُّ قرارٍ ستتخذه أو تفشل فيه، ستكون له آثارٌ ضخمة على دارفور!! ** عندما قال زوليك لعبد الواحد: هذا ليس وقت الخطابات، إنْ تركت هذه الفرصة تضيع، ستظلون ضحايا للأبد!! ** خليل إبراهيم: الاتحاد الإفريقي لم يتعامل بموضوعية وعدالة.. لا أستطيع التوقيع!! ** أوباسانجو لخليل إبراهيم: رجلُ إفريقي، من أسرةٍ طيبة، لا يُعامل كباره بهذه الطريقة.. أنت لمْ تنحدر من أسرة طيبة، ولمْ تتربى جيداً!! ** روبرت زوليك لعبد الواحد: لا أفهم ما الضمان الذي تُريده أكثر من أنْ يقول رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، أنّه سيدعم الاتفاقية؟ ** أمسك أوباسانجو من ياقة قميص عبد الواحد، وجرّه لغرفةٍ جانبيةٍ، قائلاً: أحتاج التحدث إليك يا ولد!! ** التقط المصوّر صورةً لمجذوب الخليفة، حاملاً نسخة من معاهدةً دارفور، حينها عبّر ممثلو الحركات الدارفورية صدمتهم!! /////////////////////////////// أيام أبوجا الأخيرة (1-3) أليكس دي وال ترجمة: موسى حامد مقدمة مثّلتْ اتفاقية سلام دارفور (DPA)، التي تمّ التوقيع عليها في العاصمة النيجيرية، أبوجا، مايو 2006م، بين مجذوب الخليفة، ممثل الحكومة السودانية من جانب، ومنى أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، مثّلتْ تاريخاً مهماً، في تطور الصراع في دارفور. وكذلك في تاريخ الاتفاقات السياسية الدارفورية التي أتتْ من بعدها. كما مثّل رفض كلٌ من: عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، ود. خليل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة. وكذلك توقيع مني أركو مناوي. مثّل كل واحدٍ منهما -فيما بعد- فصلاً من فصول الحرب، والتفاوض، والسياسة، والأسى في دارفور. هذه المقالة المطوّلة (أيام أبوجا الأخيرة)، (the Final Days of the Abuja Peace Process)، تكتسب أهميتها من كونها التلخيص الوحيد -غير الرسمي- لما دار في كواليس اتفاقية أبوجا. كما تكتسب الأهمية، كون كاتبها أليكس دي وال، أحد قلائل الأكاديميين الأجانب، المهتمين بتاريخ نزاعات السودان، على وجه العموم، ونزاعات دارفور على وجه أخص. حيث كان أحد مستشاري د. سالم أحمد سالم، رئيس الوساطة الإفريقية، التي أشرفتْ على اتفاقية أبوجا. أهمية المقالة التي نشرها أليكس في كتابه (WAR IN DARFUR)، أيضاً، أنّها اعتمدتْ، بشكلٍ أساسي، على ملاحظاتٍ كتبها ألكس في مفكرته الخاصة، ثم طوّرها فيها بعد، وحوّلها الى مقالةٍ، ترصد دقائق الانفعالات، والتحولات في المواقف، وردود الأفعال الساخرة، والمستهجنة، والبائسة في أحايينْ. حالات نفسية لم تستطع المقالات الناقدة والمعلّقة، فيما بعد رصدها، واستيعابها. هذه الانفعالات النفسية، والتحولات، تأسستْ عليها قرارات فيما بعد!! المترجم سلام دارفور، اتفاقيةٌ مثيرةٌ للجدل، شهد جلساتها الختامية، ممثلون لكثير من الحكومات، بالقصر الرئاسي، بالعاصمة النيجيرية أبوجا، يومي الخامس والسادس من مايو من العام 2006م. وغالب النقاشات فيما بعد، كانت تدور حول مدى تحقيق الاتفاقية للسلام في دارفور. لكن د. مجذوب الخليفة، والذي وقّع المعاهدة بالنيابة عن الحكومة السودانية، كان يُدافع عن الاتفاقية بشدةٍ، وكان يعتبرها إتفاقاً شرعياً. وبالمقابل كان يصف الحركات المسلحة، الرافضة للتوقيع، كان يصفها بأنها خارجة عن القانون، وأنها ارهابية!! على هذا الأساس، شدّدت الحكومة السودانية، في التعامل مع الحركات الرافضة لتوقيع المعاهدة: (حركة تحرير السودان، برئاسة عبد الواحد محمد نور، وحركة العدل والمساواة)، واستبعدتهم من لجنة وقف إطلاق النار، ومن هيئة الرقابة السياسية، ومن اللجنة المشتركة. فيما وافق كل من: الإتحاد الإفريقي، والولاياتالمتحدةالأمريكية، على هذا الاقتراح. وفي الوقت ذاته، أدان الطرفان فحوى المعاهدة واجراءاتها. حيث وجّهت بعض الانتقادات ل لاري ناثان. الاتفاقية ووجهتْ بانتقاداتٍ حادة، واعتبرتها مجموعة الأزمات الدولية: ورقةً ليست ذات معنى، لشعورهم بأنّ مني أركو مناوي ومن معه، يتأرجحون في الرأي بين قبول الاتفاقية أو رفضها. هذه المقالة، تتبع وترصد الأيام الأخيرة لاتفاقية سلام درافور، وترصد جُهود الوسطاء من الاتحاد الإفريقي في أبوجا، معتمدةً –بالأساس- على ملاحظات (ألكس دي وال)، باعتباره مستشاراً لرئيس فريق الوساطة، د. سالم أحمد سالم. كانت أسابيع عصيبة، في البحث عن السلام في دارفور، وأغلب هذه الأحداث لم يتم نشره بشكلٍ كافٍ. المقالة ركّزت على جهود الوساطة الرباعية (الولاياتالمتحدة، بريطانيا، كندا، والإتحاد الأوروبي)، في أيام (2،3،4،5) مايو. وعلى التعديلات التي أُضيفتْ للاتفاقية، وعلى جهود الوساطة لإعادة عبد الواحد محمد نور للتفاوض. وعلى التوقيع على المعاهدة التي كتب مسودتها كلٌ من: داويت توقا، ولاري ناثان. في اجتماع خاص في الثالث من مارس، ناقش فريق الاتحاد الإفريقي، كيفية المُضي قُدما بالتفاوض، في مواجهة البُطء في التقدُّم، حتى تلك اللحظة. جادل بعض أعضاء الفريق معتبرين أنّ التقدم في الاتفاق ستزيد سرعته، إذا قدّم الوسطاء ورقة شاملة لتغطية النزاع حول: المناطق الثلاثة. قسمة السلطة، قسمة الثروة، الترتيبات الأمنية. وهذه ستكون أساس الحوار بين الأطراف لاحقاً. هذه النقاشات ستكون مبنية على مبدأ (خُذ وهات)، بناءً على الطلبات المطروحة. لذلك اذا طالب أحد الأطراف بشيءٍ ما، يجب أنْ يكون مستعداً لإعطاء تنازلٍ في منطقةٍ أخرى، وهكذا. قال البعض: إنّ هذا "الانفجار العظيم" هدّد تطوّر عملية السلام، وكان من الأفضل التركيز على الحصول الموافقة على إيقاف النار أولاً. قضية (وقف إطلاق النار أولاً) ربحت اليوم، لكن د. سالم أحمد سالم، رئيس الوساطة، طالب الرؤساء، من مختلف اللجان أنْ يكونوا مستعدين لإعداد مقترحات التسوية، لتكون جاهزةً إذا ما دعتْ الحاجة. حتى القمة المصغرة، في 8-9 إبريل، كانت قناعة رئيس نيجيريا اوبسانجو، ورئيس الكنغو دينس ساسونيغو، بالإبقاء على بند ( وقف اطلاق النار أولا) في مكانه. بعد هذا الإجتماع ومناقشة مجلس الأمن الدولي في 11 أبريل، وأوعز سالم لفريق الوسطاء برئاسة الفريق السفير سام أيبوك لوضع اللمسات الأخيرة على وثيقةٍ تتضمّن مجموعة من المقترحات. وبذلك تكون المفاوضات بشأن اتفاق السلام الشامل في دارفور؛ قابلة أنْ تجرى خلال إبريل. عرض الوسطاء مقترحاتهم المبدئية على الأطراف في 25 إبريل. وضمّنوا (510) فقرةً، في (87) صفحة. مجذوب الخليفة عبّر عن رضاه، وقام مصوّر الإعلام السوداني الرسمي بالتقاطٍ صورةٍ له، يحمل فيها نسخةً من معاهدة سلام دارفور. من جانبهم، عبّر ممثلو الحركات المسلحة عن صدمتهم ورفضهم لذلك. فيما لم يحضر عبد الواحد محمد نور، الجلسة التي تمّ فيها تقديم النسخة العربية للوثيقة، وأُعطيتْ النسخة العربية لمندوبي الدول التي شهدتْ الاتفاقية، في 28 ابريل. وأيضاً في ذلك اليوم تم إعلام الأعضاء والأطراف المشاركة إنّ ال 30 أبريل يُعد الموعد الأخير، على خلاف المواعيد الأخيرة السابقة. ولكن عندما حلّ مساء الثلاثين من إبريل، اتضح جلياً إنّ قادة الحركات المسلحة بدأوا في استيعاب فحوى الاتفاقية، وبالتحديد مقترح اقتسام السلطة، الذي كان مفاجئاً وصادماً بالنسبة لهم!! 30 أبريل – 4 مايو في اجتماع خاص للوسطاء قبل الجلسة العامة، في مساء (30) إبريل، صرّح سالم بأنّه سينتظر وصول روؤساء الدول الإفريقية، وممثلي المجتمع الدولي، رفيعي المستوى في محاولةٍ منه لكسر الجمود. فيما طالب سفير الولاياتالمتحدة في الخرطوم –رسمياً- تمديد الحد الأخير لمدة (48) ساعة، والذي وافق عليه سالم فوراً. في هذه الجلسة أعلن مجذوب الخليفة إنّ الحكومة السودانية قررت الإبقاء على الإتفاق المبدئي كما هو. خلال نهار الثاني من مايو، حضر مجموعة من السياسين والدبلوماسين إلى أبوجا، منهم: نائب وزير الخارجية الأمريكي روبرت زوليك مع فريقه. ووزير التنمية الدولية البريطاني هيلاري بِنْ. التقوا بالوسطاء وتقاسموا المهام. زوليك سيهتم بنص الترتيبات الأمنية. بينما سيهتم هيلاري بِنْ، بإشراك كل من: كندا التي كانت ممثلة بسفيرها بالأمم المتحدة جون روك. والاتحاد الأفريقي، الذي كان ممثلاً بمبعوثه الخاص الى السودان بيكا هافيشو). وخلال أربعة أيامٍ، كان فريق الاتحاد الافريقي الوسيط تقريباً قد اكتمل. ركّز زوليك على جانبين من الترتيبات الأمنية، الجانب الأول: عدد قوات المتمردين المراد دمجها في القوات المسلحة السودانية، بجانب شروط هذا الدمج. في جلسة 30 إبريل العامة، صرّح السفير هوم إنه قد حصل على موافقة من الخرطوم على مج 500 من مقاتلي الحركات المسلحة، فيما رفض مني أركو مناوي برنامج التسريح ونزع سلاح مقاتليه، واعتبر ذلك مُعادلاً للموت!! رداً على مناوي، اقترح روبرتْ زوليك أنْ تتضمّن الفئة الكبرى من 8000 مقاتلاً من ذوي الوظائف العليا، على أنْ يكون ثُلث أو نصف الوحدات المدمجة من المتمردين السابقين. الجنرال عصمت الزين، ونيابةً عن الحكومة السودانية، أصرّ على أن 8000 عدد أضخم من أنْ يتم استيعابه في القوات المسلحة السودانية. الأمر الآخر؛ كان نزع سلاح الجنجويد. وأُختصرت مناقاشات لجنة الأمن بهذا الخصوص، في 4 إبريل، على ضرورة عرض ملف (وقف إطلاق النار) على الأطراف، قبل بدء القمة المصغّرة في 8-9 إبريل. بنود النص المتعلقة بنزع سلاح مليشات الجنجويد كانت غير مقبولة للطرفين. الحكومة اعترضت على الفقرة (415)، والتي أتاحت فترة زمنية مدتها 5 أشهر لنزع سلاح الجنجويد كشرط مسبق لقوات المتمردين للتحرك باتجاه مناطق التجمع. وصرّح الجنرال عصمت الزين أنّ نزع سلاح المليشيات في هذا الإطار الزمني أمر غير ممكن، فيما اقترح زوليك التشديد في نزع سلاح الجنجويد. خلال مساء الثاني مايو، ضغط زوليك على متحدثي الحكومة على كل نقطة. كانت هذه الجلسه التي وضعت فيها الولاياتالمتحدة أقصى وعودها للخرطوم. عدد مقاتلي الحركات الدارفورية المسلحة المراد دمجهم 5000، بالإضافة 3000 آخرين مزوّدين بتدريبات خاصة. وفي الاتفاق، أضيفتْ بنود بتفاصيل أكثر عن مقاتلي الجنجويد. امتدت المناقشات بين الولاياتالمتحدة والحكومة السودانية حتى وقت متأخرٍ من ليل الثاني من مايو. في منتصف الليل، أُعلن عن تمديدٍ آخر للحد النهائي للمفاوضات، مدته 48 ساعة. وفي اليوم التالي راجع فريق الولاياتالمتحدة نص الأمن، وعرض زوليك نقاطاً جديدة على مني أركو مناوي، وعلى عبد الواحد محمد نور. توقّع فريق الولاياتالمتحدة أنْ يُركّز مني أركو مناوي فقط على القضايا الأمنية، لكنهم فوجئوا في تلك اللحظة، أنّه أثار اعتراضاتٍ على نص مشاركة السلطة أيضاً. أوكلت مهمة تعديل بنود مشاركة السلطة لهيلاري بنْ، لتُصبح أكثر ملائمةً للحركات في 2 مايو، فيما درس الطاقم البريطاني النص عن قرب ثم شرع في العمل. وزادوا من صلاحيات كبير مساعدي الرئيس، حيث مُنح أكبر مركزٍ في الحركات الدارفورية، مما أتاح له سلطة مباشرة كبيرة على الحكومة الإقليمية الإنتقالية لدارفور. كان عائقهم الأكبر في تقسيم المناصب على مستوى الدولة. ويسعى الوسطاء باتباع مبدأ التكافؤ في التمثيل بين الحكومة والمعارضة. على الرغم من أنّ القرارات العديدة خلال الجولة السابعة إلاّ أنّ الوسطاء الأعضاء لم يصلوا لإجماع كافٍ وقوي على كيفية تفسير هذا "التكافؤ". مع العلم بأنّ اقتراحات 25 إبريل كانت مبنية على مناصفة 50/50 بين المؤتمر الوطني وكل الأطراف الأخرى شراكةً. التعديلات البريطانية؛ زادت عدد ممثلي الحركات في مجلس تشريعي ولاية دارفور من 18 إلى 21، وقُدّمت المزيد من المناصب الوزارية. مساء 3 مايو، اجتمع أعضاء الرباعية، بسالم وأيبوك، وعرضوا اقتراحاتهم بالتعديلات، حيث تمّت مناقشتها وقبولها. ومضى فريقا الولاياتالمتحدةوبريطانيا لمكاتبهما لوضع الصيغة الأخيرة. وأجريتْ جولة أخيرة من اللقاءات الثنائية خلال نهار 4 من مايو. والذي تم خلاله عرض التعديلات على الأعضاء وحصل زوليك على التزام من مني أركو مناوي، أنّه راضٍ. أما مجذوب فقد رفض إعطاء كلمته الأخيرة بالنيابة عن الحكومة السودانية. فيما استمر كل من: عبد الواحد وخليل إبراهيم بالتعبير عن استيائهما. وعملاً على حل معضلة اقتسام الثروة، حصلت الرباعية على وعدٍ من الحكومة السودانية بدفع مبلغ 30 مليون دولار كدفعةٍ أولية لصندوق التعويضات. وبمساء 4 مايو وضحتْ الإستراتيجة الأمريكية النهائية تماماً. لقاء أخير سيعقد في منزل أجودا على أراضي الفيلا الرئاسية، وسيجلس اوبسانجو ويدعو قادة الحركة واحداً واحداً، ويسألهم إنْ كانوا قد وافقوا على النص المعدل، سيكون مني أولا ثم عبد الواحد فخليل. واعتبر مني أركو مناوي كاسر اللقاء، فإنْ لم يًوافق، لن يكون هناك معاهدة دارفور، وإنْ وافق؛ فإنّ إجماع الآخرين سيكون مرغوباً ولكن ليس أساسياً. على ضوء (نعم) من مني مناوي، وأملٌ بواحدة أخرى على الأقل من الإثنين الآخرين، سيكون مجذوب مدعواً لإعطاء رد بالنيابة عن الخرطوم. ولأن (نعم) مني أركو مناوي لم تكن مؤكدة، أثير العديد من الرفض على التعديلات، إنْ وافق بعد ذلك سيكون هناك إتفاق. فالشرط هو: قادة كلا الطرفين لن يلتقيا حتى يوافق كل منهما على حدا على النص. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.