* تخطئ الحكومة اذا اعتقدت ان الكبت هو الوسيلة المناسبة لحل الأزمة السياسية الراهنة، وهنالك قول شائع ومحفوظ إذا لم تسمع به الحكومة فمن دواعى سرورى ان اذكره لها هنا وهو .. ( الكبت يولد الانفجار)، واذا أرادت ان تستوثق من ذلك فعليها أن تسأل جيرانها، أو تلتفت قليلا الى الوراء لتمعن النظرفى تاريخ السودان الحديث، أو على أضعف الايمان تنفخ فى كيس بلاستيك بدون ان تتوقف !! * هل يسر الحكومة أن يتمزق الكيس أو ينفجر الشارع السودانى .. مقابل مطالب بسيطة يمكن أن تستجيب لها بدون أن تخسر شيئا ؟! * بل ربما كسبت الحكومة وحزب المؤتمر الوطنى الكثير جدا من الاستجابة الى مطالب الجهات التى يتهمانها بمحاولة خلق فوضى فى الشارع لاجهاض الانتخابات القادمة !! * أول مكسب هو اجهاض محاولة هذه الجهات لاجهاض الانتخابات باحداث فوضى فى البلاد .. وبما أن حزب الحكومة هو الأوفر حظا فى رأى العديد من المراقبين المحايدين فى الانتخابات القادمة فان هذا يضاعف مكسب الحكومة !! * ثانى مكسب هو تاكيد جدية الحكومة وحزبها فى الانتقال بالبلاد من النظام الشمولى الى النظام الديمقراطى الحقيقى وهو ما يعنى الفوز باحترام المواطن السودانى واحترام واعجاب العالم .. الامر الذى سينعكس بشكل ايجابى على علاقة المواطن والمجتمع الخارجى بالحكومة وحزبها وعودة جسور الثقة بينها وبين غيرها بمن فيهم معارضيها أنفسهم !! * ثالث وأهم مكسب هو تجنيب الوطن حالة التشظى والاستقطاب الحادة التى يعانى منها والنتائج الخطيرة التى يمكن أن تترتب عنها، وهو ما سيحفظه لها التاريخ فى صفحاته الناصعة بدلا من ان يسجل انها وحزبها كانا السبب فى الانهيار والفوضى !! * هذه ثلاثة مكاسب فقط من عشرات المكاسب الأخرى التى يمكن أن تتحقق بجنوح الحكومة وحزبها الى الحكمة والاستجابة الى مطالب متواضعة وبسيطة وليست بالخطورة التى تظنها الحكومة .. ويمكن جدا الوصول الى حل وسط بشأنها مع القوى الأخرى إذا تخلص كل طرف من عقدة ( الحسابات الخاطئة) والنظرة العدوانية للطرف الآخر وحسب كل شئ بمنطق السياسى الذكى !! * وربما تتوصل كل الأطراف الى نتائج لم تكن فى حساباتها مثل خوض الانتخابات القادمة بقوائم مشتركة او الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية (مثلا) . . وكل شئ جائز فى دنيا السياسة !! * أما الكبت فلن يولد سوى الانفجار والفوضى والدمار .. ولا بد أن يتحلى كل طرف بالصبر وضبط النفس ويضع مصلحة البلاد فوق كل مصلحة أخرى وإلا فلن نجد وطناً نختلف عليه !! www.alsudani.sd [email protected] جريدة السودانى، 8 ديسمبر، 2009