الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي حول موضوع معادلة الشهادات الأجنبية .. بقلم: د. خالد علي عبد المجيد
نشر في سودانيل يوم 17 - 12 - 2009


بسم الله الرحمن الرحيم
فيينا، في 17/ديسمبر/2009م
سعادة السيد الوزير المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الموضوع: معادلة الشهادات الأجنبية
أعلم مسبقا قبل أن أخط رسالتي إن الوقت طرفكم محسوب بالدقائق وإن لديكم الكثير والكثير الذي يجب عليكم إنجازه، والعديد من المواعيد التي يجب عليكم الوفاء بها، ولكني أحسب أن كل ما تقومون به يفترض أن يصب في مصلحة الوطن الذي يقوم على أكتاف أبناءه، وأنا على ثقة تامة بأنكم تعملون ضمن نهج وضع الإنسان مبتدأ وخبر سياساته.
سيدي الوزير تعلمون أن عدد الجامعات السودانية وعدد المنح المقدمة للطلبة للدراسة خارج السودان خلال عقد ثمانينيات القرن الماضي كانت لا تستوعب سوي حوالي 10% من جملة طلاب الشهادة السودانية، الشيء الذي اضطر الكثيرين من الطلاب الراغبين في مواصلة دراستهم البحث بأنفسهم عن فرص أخري. قدري وضعني ضمن المجموعة التي فرض عليها البحث عن سبل أخري للدراسة. وكنت قد وفقت في الحصول على فرصة للدراسة بجمهورية النمسا التي مازلت مقيم فيها حتي اليوم. وقد تحصلت في النمسا على درجتي الماجستير (تعادل في السودان بكالوريوس وماجستير معا) في الترجمة تخصص لغة ألمانية عن جامعة غراتس، وكذلك على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية والشؤون التنموية عن جامعة فيينا الأم.
وكما يقول الشاعر:
الغريب عن وطنه مهما طال غيابه
مصيره يرجع تاني لأهله وصحابه
فبعد سنين عديدة في الغربة قررت العودة والاستقرار بالسودان وأنا مدفوع بأحاسيس كثيرة وأحمل بدواخلي الرغبة الصادقة في دفع ضريبة الوطن والاستفادة مما تعلمانه في دور العلم الأوروبية والحضارة الغربية في خدمة الوطن والمواطن السوداني. وأن أوفر لأبنائي بيئة صحيحة ينهلون منها قيمنا العقدية والسودانية ويتعرفون على أهلهم وبلدهم الذي مازلت أعشق.
وفي أحدي رحلاتي التمهيدية للعودة النهائية كنت قد قصدت مكتب معادلة الشهادات الأجنبية بشارع البرلمان تقاطع شارع عثمان دقنة جوار جامعة الخرطوم للاستفسار عن المطلوب لمعادلة الشهادات. ودونت بحرص شديد كل المطلوب. وعدت أدراجي للنمسا وشرعت على الفور بالاتصال بالجامعات التي درست بها لجمع الشهادات والأوراق المطلوبة للمعادلة بالسودان. وبعد أن انتهيت من هذه المرحلة عدت مرة أخري للسودان أحمل معي كل ما هو مطلوب، بالإضافة إلى شهادات صادرة عن "الاتحاد الأوروبي" و"منظمة اليونسكو"، تؤكد أن درجة الماجستير التي حصلت عليها تعادل درجتي "البكالوريوس والماجستير"، وموضح معها تفاصيل لعدد الامتحانات والساعات التي درست.
ما دفعني للذهاب لمعرفة كل المطلوب لمعادلة الشهادات الأجنبية هو أن النظام الدراسي بالنمسا، مثله مثل النظم الدراسية في ألمانيا ويوغسلافيا والاتحاد السوفيتي والكثير من الدول الشرقية سابقا- يختلف عن النظام التعليمي السائد في السودان. بحيث أن الطالب يتخرج في النمسا من الجامعة بدرجة الماجستير وليس درجة البكالوريوس وذلك خلال أربع سنوات هي المدة المقررة قانونيا للدراسة، ذلك رغم أنك تمر خلال الدراسة بفترة البكالوريوس والدبلوم العالي وتكتب بحث على الأقل من ثمانين صفحة وتدخل امتحان نهائي لمناقشة البحث قبل التخرج. وما يؤكد ذلك أن الطلاب حملة درجة البكالوريوس من الجامعات الأخري – بما في ذلك السودان- عندما يحضرون للنمسا بغرض الدراسة، يتم قبولهم بمرحلة البكالوريوس ثم يواصلوا دراستهم حتي يتخرجوا بدرجة الماجستير. غير أن المهم هنا أن عدد الساعات في دراسة الماجستير يعادل عدد الساعات المقررة لدرجة البكالوريوس والماجستير معا في الجامعات الغربية والعربية وبقية دول العالم الأخري. وبالتالي فإن الأمر لا يعتمد بأن على الطالب أن يحصل على درجة البكالوريوس في أربعة أعوام ثم على الماجستير في عامين كما هو الحال في السودان، بل أعتقد أن الأمر يفترض أن يتعلق بعدد الساعات وهل هي مستوفية لعدد الساعات المقررة للحصول على درجة الماجستير أم لا؟
وبعد أن انتهيت من المطلوب في النمسا – من استخراج شهادات وتوثيقها لدي وزارة التعليم والخارجية النمساوية وسفارة السودان بفيينا- عدت للسودان لإتمام المطلوب هناك من توثيق من قبل وزارة الخارجية واستخراج إذن توثيق ومعادلة من قبل مكتب الخدمة الوطنية. ثم ذهبت في شهر أغسطس 2008م إلى مكتب معادلات الشهادات الأجنبية مرة أخري حاملا معي كل الشهادات المطلوبة، واصطفيت كما الذين من قبلي، في انتظار دوري لتسليم الشهادات المطلوبة. وكما هي عادة السودانيون في مثل هذه الحالات، ابتدر الشخص الذي كان أمامي في الصف الحديث راويا عن معاناته التي امتدت لأكثر من عام في انتظار الحصول على المعادلة. لم أصدق نفسي، فكررت ما قاله: أنت منتظر سنة كاملة عشان معادلة الشهادات؟ وللأسف أجاب مؤكدا: أيوة سنة كاملة بالتمام والكمال!!!!
حينها صمت وسرحت في قضية هذا الرجل، هل يعقل أن يستمر موضوع المعادلة لمدة عام كامل؟ ولكن لماذا؟ وقدرت في نفسي أن أوراق الرجل قد لا تكون مكتملة، أو أن مكتب معادلة الشهادات لديه بعض الشكوك حول أصل شهادات الرجل؟ المهم إنني حاولت أن أقنع نفسي أن الأمر "فيه حاجة غلط"! وأن هذه ليست هي القاعدة!!
المهم في الأمر أنني سلمت الأوراق المطلوبة وقيل لي "تعال بعد شهر"! فحمدت الله كثيرا على ذلك، حيث أني أستطيع الحضور بنفسي لاستلام الشهادات قبل أن أعود إلى النمسا مرة أخري.
ولكن هيهات.. ذهبت بعد شهر وسألتهم عن الشهادات، فقيل لي تعال بعد شهر!!! فقلت للموظف: إنكم قلتم لي قبل شهر تعال بعد شهر فماذا جد في الأمر؟ فقال لي إن اللجنة مازالت تنظر في الأمر! فقلت للموظف المعني إنني عائد إلى النمسا، فهل يستطيع أخي الحضور لاستلام الشهادات بعد شهر؟ أجاب مشكورا بالإيجاب.
وبالفعل أعطيت "إيصال الاستلام" لشقيقي وطلبت منه الاحتفاظ به ومعاودة مكتب معادلة الشهادات بعد شهر. وتكرم شقيقي مشكورا بالذهاب إلى المكتب في المواعيد المحددة، وكانت المفاجأة أن قيل له مرة أخري: تعال بعد شهر!!! واستمرت هذه المسرحية حتي شهر يوليو 2009م. وبدأت أتذكر حديث الشخص الذي كان أمامي عندما سلمت الشهادات لأول مرة وأنه مازال ينتظر المعادلة لأكثر من عام!! واستغفرت الله لأنني شككت في أن أوراقه ناقصة أو شيء من هذا القبيل!
وفي شهر يونيو من العام الجاري 2009م ذهبت بنفسي إلى مكتب معادلات الشهادات وقدمت "الإيصال" للموظف الذي أخذ يقلب في دفتره ثم نظر قال دون أن ينظر لي وهو يعيد لي "الإيصال" تعال بعد شهر!!!
فقلت له يا أخي إن شهاداتي طرفكم منذ حوالي العام، وكلما نأتي تطلبوا منا الحضور بعد شهر، فما الأمر؟
فرد قائلا: لا أدري الشهادات مازالت طرف اللجنة.
فسألته: أين هي هذه اللجنة، وكم مرة تجتمع في الأسبوع أو الشهر أو العام؟ أنا أريد أن أقابل الشخص المعني!
الموظف: الشخص المسؤول غير موجود!
أنا: هنا حاولت أن أعكس له موقفي،
فقلت له: يا أخي أنا أريد أن أعود للسودان بعد سنين طويلة من الغربة، وأول خطوة يجب علي القيام بها هي معادلة شهاداتي. تخيل معي أنني وجدت الأن فرصة عمل ذهبية بمرتب مغري في مجال تخصصي، وطلب مني صحاب العمل – بعد أن اقتنع بمؤهلاتي- أن أعادل شهاداتي حتي يستطيع تعييني. وسألته: هل تعتقد أن هناك صحاب عمل ينتظر شخص لتوظيفه في مؤسسته لحوالي عام كامل لمعادلة شهاداته؟؟؟
هنا بدأ الموظف يتعاطف معي وأجاب بشيء من الحسرة: طبعا لا!
فسألته: ومن هو المسؤول عن ضياع فرصة العمل في هذه الحالة، أهي الحكومة أم صحاب المؤسسة أم أنا؟
أنا واثق من شهاداتي ومن صحة أي حرف ونقطة فيها. وأنا متأكد بأنكم – حتي ولو بعد عقد من الزمان- لن تجدوا فيها أي شيء خطأ.
الموظف: سؤال وجيه. "أقول ليك حاجة، تعال بكرة الساعة عشرة والشخص المسؤول بكون موجود وأنا بدخلك ليهو".
شكرته على تفهمه ووعدته بالحضور غدا إن شاء الله.
وفي اليوم الثاني حضرت بصحبة أحد الأشخاص المدركين لبواطن الأمور. وبالفعل دخلنا للشخص المسؤول وأسمه السيد "أبو نائب".
وتحدثنا إلى أبو نائب حول الموضوع فقال لي إن اللجنة لديها بعض الاستفسارات. فقلت له أين هي هذه اللجنة ومتي ستجتمع. أنا على استعداد للرد على أي استفسار، ولكنني على سفر وأريد أن أقابل اللجنة قبل سفري حتي أستطيع أن استلم شهاداتي التي لديها عام طرفكم، أو طرفها!
كما تدخل الشخص الذي برفقتي في الموضوع وطالب الموظف بإبراز المكاتبات التي تمت بين اللجنة ومكتب المعادلة حتي نعرف أن ما هو الموضوع وما هو المطلوب تحديدا. وهنا بدأ على الموظف بعض الارتباك!! وقام بالاتصال بشخص ما، غير أن الشخص لم يرد على الاتصال.
هنا طلب منا الأستاذ أبو نائب الحضور غدا لمقابلته. فقلت له لا.. يجب حسم الأمر الآن. أين هي اللجنة نحن على استعداد للذهاب إليها الآن في موقعها أينما كانت. في البدء رفض مقترحنا. ولكن عندما طالب مرافقي – مشكورا- مرة أخري برؤية المكاتبات التي تمت بين اللجنة والمكتب. هنا شعر السيد أبو نائب أن الأفضل له أن يعمل بنصيحة زميله الذي يقاسمه المكتب الذي قال له "ي أخي أديهم تلفونو أو وريهم اسموا ومكانه وريحك نفسك"، وبالفعل أعلمنا اسم الشخص المعني ومكان عمله الذي لم يكن بعيدا عن موقع مكتب المعادلة.
وعلى الفور ذهبنا ومعي مرافقي- الذي لولا فضل الله ومرافقته لي لما تحصلنا على مكان اللجنة- إلى مكتب البروفيسر المعني بالجامعة المعنية واستقبلنا استقبالا طيبا – اعتقد إنه كان يعلم بمقدمنا قبل حضورنا- وطلب منا، الجلوس ثم استفسر عن المطلوب. وهنا رويت له القصة بكاملها. فقام البروفيسر بسحب أحد أدراج مكتبه وأخرج مظروف ورقي به شهاداتي، وسألني: هل هذه هي شهاداتك. وبعد الإطلاع عليها أجبته بالإيجاب.
فقال لي "نحن كنا عازين نسألك شوية أسئلة كدة".
أنا: نعم تفضل يا بروف
البروف: أحكي لي عن دراستك!
أنا: فرويت له عن الدراسة في النمسا، وعن كلية الترجمة التي درست بها وعن تفاصيلها وعن النظام التعليمي بالنمسا.
البروف: أه وبعدين؟
أنا: بعدها درست بكلية العلوم السياسية بجامعة فيينا التي حصلت فيها على الدكتوراة.
البروف: لكن أنت درست ترجمة وكيف حولت إلى علوم سياسية؟
أنا: في الحقيقية النظام هناك – كما هو في السودان- ينقسم إلى مساقين أدبي وعلمي. والشخص الذي يدرس في المساق الأدبي يسمح له القانون بالتحضير في أي كلية من كليات هذا المساق، الشرط الوحيد هو فرض امتحانات زيادة على زملائه القادمين من نفس الكلية. وفي حالتي وجب علي اجتياز امتحانات أكثر من زملائي القادمين من كلية العلوم السياسية. وأنا حرصا مني على التعلم عملت امتحانات أكثر مما هو مطلوب مني. وهذا كله موثق من قبل الجامعة والشهادات طرفكم.
البروف: يعني أنت عملت في الأول الماجستير أم الدكتوراة؟؟؟
أنا: طبعا يا بروف على الطالب أن يدرس المرحلة الأدني ثم الأعلي، يعني ماجستير ثم دكتوراة، بالطبع يا بروف!!!
ثم بدأ البروف يحس بأنني استغرب أسئلته التي يطرحها على و أنني بدأت أشهر أن الأمر غير طبيعي وأن هذه الأسئلة غير مبرره لتأخير المعادلة لمدة عام كامل. وفجأة قال لي وهو يقلب الشهادات بيده: لقد تذكرت أن هناك بعض الأوراق التي يجب عليك ترجمتها إلى العربية حيث إنها بالألمانية، وهذه الخطوة ضرورية للمعادلة.
فقلت له: أنا أحضرت كل الأوراق المطلوبة باللغتين الألمانية والإنجليزية، وألحيت على موقفي.
وللتأكد من حديثي اتصل البروف بالسيد أبو نائب طالبا منه إحضار كل الشهادات الخاصة بي والتي بطرفه.
وإلي حين حضور أبو نائب قام البروف بالاتصال ببعض الأقسام بالجامعة – اعتقد قسم الشؤون الأكاديمية وببعض زملائه مستفسرا عن بعض الأمور الخاصة بالامتحانات والساعات في مجالي البكالوريوس والماجستير، وسمعته يهمس لنفسه نعم إذا هي تعادل درجتي البكالوريوس والماجستير.
وبالفعل قدم إلينا السيد أبو نائب حاملا معه مظروف كبير به شهاداتي. وأخذنا نراجع الشهادات معا. وقد وجدنا بعض الأوراق باللغة الالمانية فقط (وهي بعض شهادات تفاصيل لا تبرر كل هذا التأخير).
هنا سألت السيد أبو نائب: إذا كان الموضوع يتعلق فقط بترجمة شهادات تفاصيل فلماذا لم تتصلوا بي لأقوم بذلك خلال يوم أو اثنين؟ ولماذا لم تخبروني في المرات العديدة التي حضرت لكم فيها – على الأقل مرة في الشهر؟
وهنا تدخل البروف قائلا: الموضوع خلاص انتهي. نحن اقتنعنا أن شهادة الماجستير هذه تعادل درجتي البكالوريوس والماجستير في السودان، وذلك لأن عدد الساعات الموضح عليها يعادل عدد الساعات المطلوبة للحصول على هاتين الدرجتين عندنا.
وشرع البروف في كتابة خطاب بهذا المعني معنون إلى مكتب المعادلة. وعندما اتصل البروف بسكرتيرته لطباعة الخطاب، انتصب السيد أبو نائب واقفا استعداد للعودة لمكتبه. فطلبت من البقاء قليلا حيث أن الأمر لن يستغرق سوي دقائق معدودة، ويمكنه أخذ الخطاب معه وسوف أعود إليهم غد أو بعد غد لاستلام الشهادات، وبالتالي نكون قد انتهينا من هذا الملف. ومشكورا انتظر السيد أبو نائب حتي طباعة الخطاب بالمعني الذي قاله البروف (أي إن شهادتي تعادل درجتي البكالوريوس والماجستير بالنظام السوداني). وحمدت الله كثيرا وشكرت البروف والسيد أبو نائب وانصرفت بصحبة مرافقي. قبل مغادرة مكتب البروف طلب مني السيد أبو نائب أن أحضر إليهم بعد أسبوع وليس غد.
المهم هذا جزء من الحوار الذي دار بيني وبين البروف المسؤول عن معادلة شهاداتي "أي اللجنة!!!"، نقلته لكم لتقيموا بأنفسكم اجتماع اللجنة بي والأسئلة التي طرحت والكيفية التي تمت بها معادلة شهادتي في أقل من نصب ساعة، والسبب الذي أخر معادلة شهاداتي لمدة عام كامل.
وعلى الفور قمت بترجمة بعض شهادات التفاصيل بقسم اللغة الألمانية بجامعة الخرطوم. وتم تسليم الشهادات لمكتب المعادلة.
بعد أسبوع عاودت الذهاب لمكتب معادلة الشهادات الأجنبية متأكدا من استلام شهاداتي، فإذا بي أفاجأ بأن الشهادات لم تنتهي بعد، حيث أخبرني الموظف أنها بعث بها إلى اللجنة!! ولبرهة من الزمان لم أدري ما أقول، وطافت بخيالي الكثير من الأمور. فقلت للموظف إنك تمزح لأني شهاداتي قد أجيزت وانتهي أمرها الأسبوع المنصرم، وطلبت منه أن ينظر مرة أخري في دفتره للتأكد مما أقول. وأعاد الموظف الكرة مرة أخري ولكنه أكد لي مرة أخري إن شهاداتي طرف اللجنة. وبما أن الصف خلفي لم يكن قصيرا، وجدت نفسي مضطرا للخروج وإفساح المجال لشخص آخر. ولكن قبلها قلت للموظف المسؤول: أنا غير مقتنع بطريقة عملكم هذه ولا أعتقد إن هنالك ما يبرر أن تستغرق عملية معادلة شهادة صادرة عن جامعة غربية معترف بها وعمرها أكثر من 600 عام، أكثر من عام كامل. وأنا سوف أكتب في الصحف حول هذا الموضوع! فقال لي أمشي أكتب يمكن الحال ينصلح شوية!! فانسحبت من الصف وأنا أفكر في عرض الموضوع على أعلي مستوي لقناعتي التامة بعدالة قضيتي وقضية أمثالي، وهم كثر في هذا الوطن المكلوم.
وبما أنني كنت مضطرا للعودة إلي موقع عملي بفيينا فقد تكفل شقيقي هيثم – الذي استغل هذا المنبر لأشكره جزيل الشكر على اهتمامه ومتابعته لمواضيعي ومن بينها موضوع المعادلة هذا رغم مشاغله الكثيرة- بالاتصال بمكتب المعادلة. وعدنا من جديد لمقولة "تعال الشهر القادم". وبعد حوالي ثلاثة أشهر من إصدار خطاب المعادلة الذي استلمه السيد أبو نائب بيده من البروف – وبعد مضي حوالي عام استلام مكتب المعادلة لشهاداتي – استلم أخي شهادة المعادلة الخاصة بي. ولكن القضية لم تنتهي عند هذا الحد!!!
حيث كانت المفاجأة أن شهادة الماجستير الخاصة بي تمت معادلتها بدرجة بكالوريوس فقط وليس البكالوريوس والماجستير كما يقتضي الأمر وفقا لعدد الساعات ووفقا للامتحانات ووفقا لما صاغه البروف "اللجنة"!!!! مع الاعتراف بشهادة الدكتورة.
وعبر هذه التجربة الشخصية أود أن أطرح بعض الأسئلة على سيادتكم:
- لماذا لم أخطر منذ أول مرة عند استلام الشهادات بضرورة ترجمة الشهادات الألمانية المرفقة، إن كانت بهذه الأهمية تفاديا لتعطيل المعادلة لعام كامل؟
- لماذا لم أخطر بترجمة الشهادات الألمانية بعد أول اجتماع للجنة المعادلات؟
- لماذا لا تكون هناك لجنة حقيقية لمناقشة موضوع المعادلة وليس "شخص واحد"؟
- لماذا لا تعمم التجربة الأكاديمية لمعادلة الشهادات الصادرة عن بعض الجامعات ذات النظام الدراسي المختلف بدلا من إجراء ذات العملية الأكاديمية كل مرة، كسبا للوقت. أعني بعد التأكد من صحة الشهادات؟
- لماذا لا توجد جهة معنية باستلام شكاوي المتضررين من المكتب المعني؟
- لماذا لا تجتمع لجنة المعادلة أسبوعيا أو كل أسبوعين كسبا للزمن وتسهيلا للإجراءات؟
- ولماذا لا يتصل المكتب بالطلاب أصحاب الشهادات عند وجود أي استفسار، وينتظر اتصال الطلاب به؟
- لماذا لا يستفاد من وجود سفاراتنا بالخارج في تسهيل وتعجيل عملية المعادلة؟
- ولماذا، ولماذا، ولماذا الخ.
سيدي الوزير أنا على ثقة تامة بأن هناك الكثيرين من الذين درسوا بالخارج واجهوا ما واجهت وعانوا ما عانيت، ولكنني فضلت أن أكون المبادر لإيجاد حل لهذا الوضع المأساوي لمكتب معادلة الشهادات الأجنبية. إن الأمر يتعلق بمصلحة العباد ومصلحة أبناء هذا الوطن الراغبين في العودة إلى أحضانه والمساهمة في تطوره ورقيه، وأنتم على دفة هذه الوزارة الشامخة التي خرجت على ناصيتها لا تقوم التنمية فحسب بل الحضارة بأكملها.
أرجو سيدي الوزير أن يجد الموضوع اهتمامكم ورعايتكم وأن تبحثوا مع المختصين بوزارتكم – وهم كثر وثق بخبراتكم وبخبراتهم ووطنيتكم ووطنيتهم- في البحث عن الحل المناسب، وأن يصدر قرارا من مكتبكم العامر بإعادة عملية تقييم الشهادات التي تشابه مثل حالتي أنصفا لنا وإحقاق للحق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
• ملحوظة: كل الشهادات مازالت موجودة كما هي، وهي جاهزة لعرضها عليكم متي ما طلبتم ذلك.
• عندما عرف أهل منزلي – من المقيمين بالسودان - برغبتي في معادلة شهاداتي طلبوا مني البحث عن "واسطة" أولا قبل أن أذهب إلى الوزارة! فقلت لهم لماذا؟ أنا شهاداتي واثق من صحتها وأحضرت كل المطلوب ووثقتها من قبل كل الجهات المطلوبة، فلماذا واسطة إذا؟ وهذا ما ذكره لي بعض أصدقائي القدامي أيضا، وعندما كررت لهم ما قلت لأهل منزلي، قالوا لي إنك لا تعرف السودان، لقد تغير كثيرا السنوات الماضية وأنتم تعيشون في أوروبا ولا تتابعون كل التتطورات. ولكني لم أقتنع بما قالوه لي وذهبت مثل غيري من الغلابة عبر الباب، والأن لا أدري إذا كان الأفضل الدخول عبر الشباك- وتوفير كل هذه المعاناة؟
د. خالد علي عبد المجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.