فجأة تحول مصور قناة الجزيرة سامي الحاج من مجرد شاب يقف خلف الكاميرات التلفزيونية بعباراتها ومصطلحاتها التي يتناقلها (الكمرنجية) زوووم إن ... وآوت أف فوكس... مرتديا (الجاكيت) الجينز المميزمكتوبا عليه (دونت شوت) ويحمل الكاميرا - السيبيا - علي أكتافه الي شخصية عالمية تجاوزت حدود الزمان والمكان وصارت تقف أمام العدسات وتظهر صورتها في الشاشة البلورية وتتناقل أخبارها مواقع ال(يوتوب) فالمصور وحده هو الذي يعرف تماما خطورة أن تقف أمام (الكادر) أو ما يطلق عليه (تربيعة الصورة ) أو أمام (المايك) لان الكاميرا هي (عين المشاهد الصادقة) بلا تجمّل ولا مساحيق .... فبالامس القريب اتجهت كاميرات مصوري القنوات الفضائية (السودان- النيل - الجزيرة - الحرة- رامتان- البي بي سي - الاخبارية وتلفزيون الكويت) نحو سامي الحاج الذي أصبح يشغل منصب رئيس قسم الحريات وحقوق الانسان بشبكة الجزيرة الفضائية وهو يخاطب المؤتمرين بقاعة الاضواء القرمزية(كريمسون لايتس) بمنتجع (علي محمود ) السياحي بالفاشر الذين توافدوا من عدد من الاقطار العربية والافريقية والاروبية لعقد جلسات الملتقي العالمي لحقوق الانسان بدارفور بتنسيق مشترك بين المجموعة السودانية لحقوق الانسان وشبكة الجزيرة الفضائية الذي بدأت جلساته بفاشر السلطان 19/12/2009م وانتهت بفندق السلام روتانا بالخرطوم 20/12/2009م مناديا بأهمية إشاعة واحترام حقوق الانسان في المنطقة العربية والافريقية ومناطق النزاع وبؤر الصراع في العالم وترسيخ معاني مبادئ السلام العادل ... وليست هذه هي المرة الاولي التي يقف فيها المصور سامي الحاج أمام الكاميرات وفلاشاتها فالحملة العالمية لاطلاق سراحه والتي قادها الناشط في حقوق الانسان الدكتور هيثم مناع رئيس اللجنة العربية لحقوق الانسان تعد أكبر عملية لتلميع الرجل الذي كان قابعا في سجون وغياهب معتقلات (غوانتانامو) لقرابة ال6 سنوات وهو السجين رقم 345 ...انتقال سامي الحاج من مصور الي شخصية ناشطة في مجال حقوق الانسان يدفع المراقب لتصفح سجل الرجل الذي بلغ الاربعين من عمره سبعة أعوام كاملة كانت مفصلية لثبتت قدرته في الصمود والتحدي وامتصاص الضربات وتحويلها الي قوة دفع إيجابي لصالح قضيته العادلة التي لفتت أنتباه وانظار اصحاب الضمائر الحية في العالم ... في ساحة المنتجع السياحي الخضراء بالفاشر حدثني المناضل سامي الحاج عن حياته ومسيرته التي تقلب فيها حتي وصل لهذه المرحلة من السمعة والصيت فقال لي انه من مواليد الحلة الجديدةبالخرطوم في العام 1969م درس مراحله الدراسية الاولية (الابتدائي والمتوسط والثانوي ) بسنار ثم التحق للدراسة بالهند في جامعة بونا بكلية الآداب (تخصص) لغة إنجليزية وعلوم سياسية وتخرج فيها في العام 1992م عمل بعد ذلك في الامارات ثم انتقل للدوحة مراسلا بقناة الجزيرة في العام 2000م للعمل في الشيشان والبلقان وكلف بعدها لتغطية حرب أفغانستان ضمن فريق قناة الجزيرة .... والتصوير الحربي يعد من أخطر مجالات التغطية الإخبارية لارتباطه بنقل المعارك التي يدور بين الجيوش في مناطق النزاع (تتزامن معها أصوات الجبخانة وهدير المدافع ولعلعة السلاح ) وعرضة للإصابة او الموت مثله في ذلك مثل الجندي المقاتل في الصفوف الامامية .. كما انه يحتاج لتدريب وتأهيل من نوع خاص في التصوير وكيفية نقل الصورة الحية والمباشرة التي تجذب عيون المشاهد بشكل تفاعلي يجعل المتلقي يعيش مع المنظر بكل حواسه ويتابعه لحظة بلحظة ويتم ذلك عبر جهاز عالي التقنية يسمي ال(الإس إن جي) يربط بالقمر الصناعي ويصل للمحطة من خلال شفرة وكود للقناة الفضائية ... أما كيف ومتي تم القبض عليه فيقول سامي الحاج : أن سيناريوالإمساك به كان في 15ديسمبر من العام 2001م عند منفذ جامان في باكستان بواسطة الاستخبارات العسكرية الباكستانية - الامر الذي يؤكد خطورة ا لمصور- كما أشرنا سابقا عبر عملية عسكرية أطلق عليها (التايقر) ومكث سامي الحاج في سجون الاستخبارات الباكستانية 23يوما ثم سلم للقوات الامريكية في منطقة باقرام واودع السجن لمدة 17يوما لم يذق فيها طعم النوم والراحة حتي تم ترحيله في 12/6 الي غوانتانامو ليعود للخرطوم في 2/5/2008م (وهذه الفترة يريد ان يوثق لها سامي الحاج عبر كتاب سيري النور قريبا)... ولان السجن له عدة فوائد فان الفترة الزمنية العصيبة التي قضاها وعاشها سامي الحاج بالمعتقل فتحت له الكثير من الفرص غير الظهور الاعلامي بنيله للعديد من الجوائز التقديرية من جهات عديدة أهمها موقع عمله بقناة الجزيرة الفضائية فترقي وترفع لمنصب نقله للوقوف أمام الكاميرات بعد ان كان في السابق يقف وراءها ممسكا بمقبض الاستاند وتحريكها(بان رايت ... بان لفت) بتعيينه رئيسا لقسم الحريات وحقوق الانسان بالقناة ومنحه رئيس الوزاء الماليزي الدكتور مهاتير محمد جائزة قيمة بجانب جوائز أخري من (نقابة الصحفيين الليبيين - الايطاليين والاتحاد الدولي لصحفيي النرويج وكندا والجزائر) بل تحول استقبال سامي الحاج بمطار الخرطوم الي احتفال ومهرجان سياسي قبل ان يزوره رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وكبار المسئوليين بالدولة بمستشفي الامل الدولي بالخرطوم بحري خاصة وان ملف معتقلي غوانتانامو يجمع ما بين الرسالة الانسانية الحقوقية والبعد السياسي إذا أضفنا إلي ذلك طبيعة تيرمومترالعلاقات (السودانية - الامريكية)... لعل كل هذه الوقائع هي التي قدمت سامي الحاج للساحة ودخوله للأضواء ناشطا في مجال حقوق الانسان عبر قسم الحريات وحقوق الانسان بفضائية الجزيرة وهو القسم الذي يضطلع سامي الحاج بقيادته في هذه المرحلة عبر شرعية ومقبولية لا تقبل المناورة والمراوغة والمزايدة السياسية في قناة عالمية ذات معايير مهنية عالية غير قابلة للتشكيك مما جعل المنظمات الطوعية العالمية للوثوق به وتقديم خدماتها الانسانية باسمه وعبره وكانت أول مبادرة هي قيام مستشفي سامي الحاج بمدينة سنار الذي يضم تخصصات نادرة في مجال جراحة العظام / الاعصاب / المخ والعلاج بالذرة ويسع 400سريرا بتكلفة إجمالية بلغت 88مليون دولار كتبرع ودعم من جمعية الهلال الاحمر القطري .... mahdi ali [[email protected]]