العلاقة بين السودان المانيا لم تكن ودية منذ ان اعتلت الانقاذ عرش السلطة في السودان حيث تأثرت العلاقات بين البلدين بالموقف الألماني من مجمل التطورات السياسية في السودان منذ عام 1989م, والذي اتسم بالتحفظ والمولاة للسياسة الامريكية في عمومها. ومع ذلك فقد لعبت ألمانيا دوراً إيجابياً داعماً للوصول إلى اتفاقية السلام الشامل والتي كانت إحدى شهودها، وشهدت السنوات التي تلت اتفاقية السلام شد وجذب في العلاقات، الا انها كانت مصحوبة بالعديد من الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين. وعند بروز قضية دارفور ابدت المانيا تعاطفا كبير مع الحركات الدارفورية المسلحة، وارجع بعض المراقبون ذلك الى لجوء المعارضة المسلحة الى المانية منذ بداية الازمة بدارفور وكان لهم تأثير في الراي الالماني لاسيما بعد حدث علاقات مصاهرة بين هذه المجموعات من المانيات، حتى ان المانيا اصبحت ملاذ لعدد كبير من ابناء دارفور. وعادت الحكومة المانية مؤخرا وبشكل واسع في ايجاد موطئ قدم لها في حل الازمة السودانية من خلال التوفيق بين الحكومة المعارضة الخارجية من خلال ابتعاث العديد من الوفود للالتقاء بالحكومة من جهة والمعارضة من الجهة الأخرى من اجل انجاح الحوار الوطني. الوفود من اجل الحوار تناقلت صحف الخرطوم خلال اليومين الماضيين خبر مفاده بان وفد من وزارة الخارجية الألمانية يقوده مدير الإدارة الأفريقية والمدير المسؤول من ملف السودان في الخارجية الألمانية سيزور السودان اليوم لبحث التطورات في مجال الحوار الوطني الذي سينطلق السبت المقبل، والخارجية السودانية اكدت من خلال التصريحات بان الوفد سيستمع لوجهة نظر الحكومة، وسيجدد دعمه للحوار مع تأكيدات المانية بذل قصارى جهدها في التنسيق في ما يتصل بالجهود الرامية لإشراك الجميع في طاولة الحوار الوطني بما في ذلك الحركات المسلحة. كما ان الوفد الاماني موعود بلقاءات مع القوى السياسية للتشاور معها لإيجاد آليات للحل السياسي للقضية السودانية بعد أن استمع الوفد لرؤية قوى المستقبل، حزب الأمة القومي والجبهة الثورية، وقال في ذلك القيادي في حزب الأمة القومي أيوب محمد عباس حسب تصريحات صحفية إن وفد الخارجية الألمانية سيجري اتصالات في الخرطوم مع القوى السياسية في الحكومة والمعارضة، واردف قائلا " هنالك تنسيق بين الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو أمبيكي والمبادرة الألمانية لتوحيد مسارات الحوار في كل من الخرطوموأديس أبابا والدوحة في مسار ومنبر واحد، ويكون شاملاً تشارك فيه كافة القوى السياسية في الحكومة والمعارضة المدنية والمسلحة للوصول إلى رؤية مشتركة لحل مشاكل البلاد وتحقيق السلام العادل والشامل والتحول الديمقراطي الكامل. كما كان لألمانيا زيارات سابقة للخرطوم في ذات الاطار حيث زار وفد الماني الخرطوم في سبتمبر الماضي، واجرى مباحثات لدعم مبادرة الحوار الوطني، وبناء الثقة بين الأطراف، ونقل حينها مسؤولين في الحزب الحاكم، للوفد تمسك الحكومة بعقد جولاته في الداخل، وأن يشمل كافة الاطراف الراغبة، في وقت شددت آلية الحوار "7+7" على أن اللقاء بالمسلحين في الخارج لا يعد مؤتمراً تحضيرياً ، وإنما يلتئم في إطار المشاورات والضمانات لمشاركة الأطراف المعارضة بالداخل. واكد حينها رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، مصطفى عثمان إسماعيل عقب لقاء الوفد الالماني بنائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية، إبراهيم محمود أن نائب رئيس الحزب أبلغ الوفد الألماني برؤية المؤتمر الوطني حول مبادرة الحوار، وأنه سيكون شفافاً وشاملاً لا يستثني أحداً وأنه سيكون حواراً "سودانياً خالصاً" تتاح فيه الفرصة لكل السودانيين للمشاركة والإدلاء بآرائهم، بما يؤسس لمستقبل قائم على رؤية سودانية خالصة. اعلان برلين بالرغم من الرفض القاطع الذي اعلنته الحكومة بشان اعلان وثيقة برلين التي وقعت عليها قوى الاجماع الوطني، الا ان وزير الخارجية السابق على كرتي وأثني خلال لقاءه الوفد الالماني الذي زار الخرطوم مطلع شهر مارس الماضي على اهتمام ألمانيا بتطورات الأوضاع في السودان، وقال "إن العالم اليوم يعرف تماماً من هو الطرف الحريص على السلام في السودان والطرف الذي يسعى إلى تقويض جهود السلام والاستقرار في البلاد". الوفد الالماني جاء للخرطوم لأقناع الحكومة "بإعلان برلين" الذي رعته الخارجية الألمانية مع عناصر المعارضة. واكدت المانيا حينها بأن بعض عناصر المعارضة منفتحين على التسوية التوفيقية أكثر من غيرهم، والبعض الآخر أظهر بعض التزمت حيال الحوار. وكان قد ووقع على "إعلان برلين" كل من رئيس الجبهة الثورية مالك عقار، ورئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، ورئيس الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب مندوبا عن قوى الإجماع الوطني، وبابكر أحمد الحسن ممثلا لمنظمات المجتمع المدني. قالت الخارجية حينها على لسان المتحدث الرسمي باسمها السفير على الصادق إن الوفد أكد مصداقية الحكومة فيما يتعلق بنجاح الحوار الوطني والتوصل لسلام ووفاق، لا سيما أن فكرة الحوار الذي طرحته الحكومة تعتمد على تفاؤل الحكومة والمعارضة معاً، وأن استمرار الحوار يمثل بداية لحل خلافات الطرفين، ما يحقق السلام والاستقرار بالسودان"، الا انها وجهت انتقادات للمعارضة، حينما قال وزير الخارجية السابق أن بعض المعارضين استمرأوا التجوال في عواصم العالم، وما توفره لهم بعض الدول والإعلام من مقابلات رسمية ودعم مادي ومعنوي، وزاد "وبالتالي لا مصلحة لهم في الحوار ولا يريدون التوصل لاتفاق". الاستثمارات الألمانية ويبدو ان مهمة الوفد الالماني الذي سيصل الخرطوم "اليوم" ليس فقط الجانب السياسي وانما تشمل زيارته دعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث سيلتقي وزير الاستثمار. بالرغم من المشاركة الفاعلة لألمانيا في عدد كبير من المشروعات الاقتصادية و والتنموية والعون الفني الذي قدمته للسودان وتنفيذها لعدد من المشروعات في الماضي, فإن العوامل السياسية وتأثيراتها السلبية, بالإضافة إلى تراكم الدين الألماني وعدم التزام السودان بسدادها حجمت من تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ولكن مؤخرا بدأت عدداً من الشركات الألمانية الاستثمار بالسودان، حيث زار وفداً من رجال الأعمال والشركات الألمانية السودان في يوليو الماضي، وبحث معهم وزير المالية بدر الدين محمود سبل تعزيز الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين في المجالات المختلفة، ووعد بتقديم كافة التسهيلات لها بالسودان. في مجال حقوق الانسان ظلت المانيا تقف للحكومة بالمرصاد في مجال حقوق الانسان، حيث زار وفد من وزارة الخارجية الالمانية السودان في مارس الماضي وطلب من وزير العدل تقديم ايضاحات بشأن، اعتقال زعيم تحالف قوى المعارضة، فاروق ابوعيسى، ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني امين مكي مدني، كما استفسر عن الحريات والديمقراطية في البلاد. ولكن وزارة العدل اوضحت للوفد الالماني حينها بأن السودان واستنادا على أنه دولة قانون يفصل بين السلطات، و ان الرجلان يمثلان حاليا أمام القضاء بما لا يجوز معه الخوض في تفاصيل القضية. وكانت الحكومة قد اعتقلت فاروق ابو عيسى، أمين مكي في ديسمبر الماضي، عقب عودتهما من أديس أبابا حيث وقعا هناك وثيقة "نداء السودان" مع الجبهة الثورية. ولكن يبدو ان المانيا لم تقتنع بدفوعات وزارة العدل حينها حينما أبلغ وزير العدل السابق المسؤولين الألمان، بامتلاك قادة المعارضة الحق ممارسة أي نشاطات معارضة، لكن دون الخروج عن القانون والدستور، ورأى أن "إعلان برلين" الموقع من قبل زعماء المعارضة كان يمكن أن يوقع داخل السودان في ظل المناخ السائد، حسب تعبيره، واردف قائلا "قضية الديمقراطية وتكوين الأحزاب السياسية والانتخابات وحرية التعبير كفلها الدستور الانتقالي للعام 2005"، فكان لها موقف مغاير خلال اجتماع مجلس حقوق الانسان بجنيف حيث ظلت داعمة للموقف الامريكي. حرق السفارة الالمانية كمان ان رد الفعل الغاضب في السودان بسبب الفيلم المسيء للإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام، المنتج في الولاياتالمتحدةالأمريكية مما ادي الى احراق السفارة الالمانية في الخرطوم، هذه الواقعة التي حدثت في العام 2012ادت الى أغلقت السفار أبوبها في وجه الزوار بعد الحادث مباشرتا، وتوقفت عن منح تأشيرات الدخول ( الفيزا ) ، وسحبت الخارجية الألمانية جزءا من طاقمها الدبلوماسي في الخرطوم. قاد هذا الاعتداء إلى إلغاء المؤتمر الاقتصادي المشترك لرجال الأعمال الألمان والسودانيين في العاصمة برلين والذي كان مزمع عقده في في ذات الشهر الذ تمت فيه الواقعة، وكان السودان قد خسر في التحضير اليه من بحجز القاعات والفنادق وبرامج مقابلات مكثفة بهدف الاستثمار في السودان في حينها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.