عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. يعد البحث من أهم أدوات المعرفة والتطوير والتنمية، كما أن الشراكات بين الجامعات ومؤسسات البحث العلمي ومراكز الإنتاج هي من أهم العوامل الفاعلة في استخدام هذه المعرفة. ولقد أدركت جامعات الدول المتقدمة والشركات العالمية الكبرى هذه الحقيقة، ورفعت نسبة ما تنفقه على البحث العلمي بشكل ملحوظ؛ تشجيعاً للقطاعين العام والخاص. وتنبهت لذلك بعض الدول النامية في شرق وجنوب آسيا، وزادت ما تنفقه على منظومة العلم والتقنية والابتكار لديها مما خلق معدلات نمو مرتفعة هناك. أما في الوطن العربي عموماً والسودان على وجه الخصوص، فقد ظلت أنشطة البحث العلمي مرتبطة لحد كبير بمؤسسات التعليم العالي ذات الإمكانيات المحدودة بدرجة مخجلة ولذلك ظل ارتباط البحث العلمي بالحاجات الاقتصادية الفعلية لتلك البلدان ضعيفاً جداً. وتبعاً لذلك هناك حاجة ماسة لزيادة الشراكات العملية المثمرة بين قطاعات التعليم والبحث والقطاعات الاقتصادية في وطننا؛ لتعزيز تواصلها واستفادتها من الخبرات العالمية والخبرات السودانية في المهجر .إن ارتباط البحث العلمي بمتطلبات التنمية في المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات وغيرها يعد أحد المرتكزات الأساسية للتنمية والتقدم في هذا العصر الذي يحتل فيه البحث العلمي مكانة مرموقة في مختلف النواحي. ولاشك أن ثمة علاقة للبحث العلمي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والنتائج المترتبة على ذلك من شأنها رفع معدلات الإنتاج وتحسين نوعيته وإدخال الأساليب والتقنيات الحديثة في النشاطات الإنتاجية والإدارية للمؤسسات، مما يؤدي إلى تطويرها وزيادة مساهمتها في الدخل القومي للمجتمع. في هذا السياق طرحت مجموعة الهيئة الطوعية لدعم التعليم العالي ونقل الخبرات بالرياض، في المملكة العربية السعودية، موضوعاً للنقاش يتعلق بمشاكل البحث العلمي في الجامعات السودانية على ضوء ما لوحظ على بعض البحوث المقدمة لنيل درجة الماجستير والدكتوراه من تدني في المستوى من حيث المحتوى أي المادة العلمية المقدمة، والتزام الباحث والمشرف بطرق البحث العلمي، ومدى ارتباط تلك البحوث بالتنمية والتطور الاجتماعي والمعرفي والثقافي في السودان. وأدلى كثير من الأعضاء، من أستاذة الجامعات السودانيين بالجامعات السعودية، بجملة من الآراء والملاحظات حول هذا الموضوع، كما اقترحوا عدداً من الحلول للمشكلات التي تعوق البحث العلمي في الجامعات السودانية، من واقع خبرتهم وتجاربهم وملاحظاتهم على الأطروحات والرسائل الجامعية؛ إذ أشرف بعضهم على رسائل ماجستير ودكتوراه، وأفاد بملاحظاته على مستوى طلاب الدراسات العليا. واستمر النقاش حول هذا الموضوع لمدة أسبوع عبر وسائط التواصل الاجتماعي. وقد أجمع المتداخلون على أهمية البحث العلمي كضرورة لتقدم الأمم؛ ولذلك يجب أن نوفر له كل المعينات المادية والبشرية، من أجل تحسين وضع التعليم وإثراء الحياة العلمية في بلادنا. ومن النقاط التي أشار إليها هؤلاء العلماء: أن البحوث في السودان بحاجة إلى تخطيط، والوضع المثالي أن يكون لدى الدولة استراتيجية لمدة عشرين عاماً مثلاً، تحدد فيها المحاور والمشاكل التي يراد بحثها وإيجاد الحلول لها، وعليه توجه الجامعات وأي باحث سوداني بأن يكون بحثه في تلك المشاريع، وينبغي أن تجاز خطة البحث من قبل لجنة مركزية، ثم يُلزم الطالب باعتماد المشرف، ورفع تقارير دورية، مع توفير معنيات البحث. هنالك أسباب عديدة لتدني مستويات البحث العلمي منها عدم إعداد الطالب ليصبح باحثاً، وهذا لا علاقة له بالدرجة التي تخرج بها أو أداؤه الأكاديمي. علاوة على هذا عدم تفرغ المشرفين، وغياب المتابعة، وشح المراجع، وغياب عنصر المشاركات الخارجية، وعدم توفر الدوريات العلمية. كل هذه العوامل تستدعى إعادة النظر في توزيع وأدوار مؤسسات التعليم العالي على غرار ما فعلته السيدة مارغريت تاتشر حين قامت بمراجعة جريئة للجامعات البريطانية نتج عنها تخفيض مستوى لبعضها لتصبح معاهد عليا تخرج حملة دبلومات استفاد منهم الاقتصاد البريطاني. ولذلك نقترح تخصيص أربع أو خمس جامعات لتبني برنامج الدراسات العليا وتهيئتها لذلك. وحتى لا يحرم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأخرى، يتم إشراكهم في برامج الدراسات العليا في الجامعات المختارة لذلك، مع الاستعانة بالأساتذة كمشرفين وممتحنين خارجيين. بشكل إجمالي لابد من وجود استراتيجية قومية للبحث العلمي على كافة المستويات، مع وجود ضوابط صارمة تحكم البحوث فوق الجامعية مثل تحديد المؤهل المطلوب والمدة الزمنية وتطبيق متطلبات نظام الملكية الفكرية حتى نضمن خلو البحوث من السرقات الأدبية وسلامتها من العيوب اللغوية والأخطاء المنهجية والإملائية وغيرها بحيث تكون مساهمة أصلية من الباحث في إثراء الساحة العلمية والثقافية في السودان. وهنالك جوانب إدارية ومالية تتعلق بالجامعات لابد من وضعها في الحسبان من أجل توحيد ضوابط القبول للدراسات الجامعية في كافة أنحاء البلاد. إن القيام بنشاطات التعليم العالي والبحث والتطوير لن يسهم في خلق تنمية مستدامة ما لم تتم الاستفادة الوطنية من نتائجها واستثمارها في خدمة المجتمع. ويتطلب تحقيق هذه الاستفادة شراكات بين القائمين على التعليم العالي والبحث والتطوير وبين قطاعات الإنتاج والخدمات والمجتمع. وتحتاج هذه الشراكات إلى سياسات وتشريعات داعمة، وإلى آليات لا تزال مفقودة حتى الآن في السودان.