علي خلفية قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي برفض تقرير لجنة التحقيق والذي جاء في حيثياته ان الاتهامات في حق مجموعة الشفيع خضر بشان النشاط خارج اجهزة الحزب هي اتهامات كاذبة كما اكد علي ذلك الاستاذ محمد لطيف في حلقاته الثلاث من تحليله السياسي حيث اورد ان تقرير لجنة التحقيق وردت فيه عبارة (كاذبة ) ثلاث مرات ولكن رغما عن ذلك قيل ان كبيرهم وزعيم الجناح الاستاليني كما صفه الاستاذ زين العابدين صالح قد اصر الي رفض التقرير ووجه اتباعه في اللجنة المركزية بذلك بعد ان حلف بالطلاق المغلظ بان تلك المجموعة لن تعود الي الحزب ابدا ولن يستعيدوا عضويتهم وفي جسمه عين تطرف ولقد ظل زعماء الشيوعيين بعد ان تمرغوا في ديمقراطية الانقاذ بعد نيفاشا يكررون انهم يسعون الي استعادة الديمقراطية وكما هو معروف ان تاريخهم هنا وفي كل الدول التي حكمها الشيوعيين موغل في الشمولية والاستبداد والقبضة الحديدية وبينهم وبين الديمقراطية بعد المشرقين وكما يقول المثل فان فاقد الشيء لا يعطيه فكيف لهم ان يدعوا بأنهم يعملون علي استعادة الديمقراطية في البلاد وهم لا يعرفونها ولا يجدون ريحها وبنظرة خاطفة الي تاريخهم السياسي نجد انهم في الفترة من 1956 و حتي 2005 لم يعقدوا إلا مؤتمرين لحزبهم وانه في الفترة من 1956 وحتى 2012 ظل يقودهم زعيمين فقط هما الراحلين عبد الخالق ونقد وهذا ان دل انما يدل علي انهم حزب شمولي الهوي والهوية وللتدليل علي ذلك نورد اقتباس مما خطه قلم الكاتب زين العابدين صالح في مقاله المنشور بعنوان(الاستالنيون و سقوط رايات الديمقراطية) حيث يصف معركة اللجنة المركزية الاخيرة او معركة سقوط الديمقراطية عند قيادة الشيوعيين حيث يقول :( الأمر في هذه المعركة بين التيار الديمقراطي و الاستالينيين، بالفعل يرجع لعضوية الحزب الشيوعي، هل بالفعل تتطلع إلي الديمقراطية و إنهم يبدأون مشوارها من داخل المؤسسة الحزبية، لكي تقنع الشعب السوداني إن الشيوعيين بالفعل يناضلون من أجل الديمقراطية، و يعززونها داخل مؤسستهم الحزبية، و إن صراعهم مع النظام الشمولي منطلقة من مبدئية فكرية، و لا يكيلون بمكيالين، أو إن قضية الديمقراطية و الشعارات التي يرفعونها هي في مواجهة السلطة الحاكمة فقط، و هناك الكثير من النخب الشيوعية التي تمارس عمليات النقد السياسي ضد النظام الشمولي، و لكن عندما تكون القضية مرتبطة بقضية الديمقراطية داخل حزبها تتوارى، هو تحدي في مواجهة كل الذين يؤمنون بالديمقراطية و تحقيقها في الواقع، و تحويل هذا الحزب العملاق إلي مؤسسة ديمقراطية، هذا الحزب الذي لم يبخل في تقديم شهدائه في قضايا الوطن فهل يفلح أن ينتصر للديمقراطية في مؤسسته، أم عندما تكون القضية متعلقة بحزبهم يصمتون عن الحق، و الديمقراطية لا تتجزأ هي معركة داخل الأحزاب و ضد النظم الشمولية، و نسأل الله التوفيق.) (2) اوردنا في الامس القرار العجيب للجنة المركزية للحزب الشيوعي برفض قرار لجنة التحقيق مع مجموعة الشفيع خضر ولكن هذا القرار في الحقيقة ينسجم تماما مع الارث الشيوعي ومع تاريخهم المرجعي في الاتحاد السوفيتي حيث نجد جرائم السفاح الاكبر في التاريخ هو جوزيف ستالين الذي تولي منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي في الفترة من 1922 الي 1953 ويمكن النظر الي فظاعة حكمه من خلال مقال بعنوان (جرائم ستالين ) كتبه يعقوب ابراهامي في موقع الحوار المتمدن علي الشبكة العكبوتية وهو موقع يساري شهير حيث يقول )سلسلة من الأحداث، قادها ووجهها ستالين شخصياً، اغرقت الأتحادالسوفييتي في بحر من الدماء وبلغت ذروتها في ما بات يعرف ب"الأرهاب الكبير" (او "التطهير الكبير") وبمحاكمات موسكو الشهيرة، في السنوات 38-1937. عندها وقف العالم مذهولاً لا يصدق ما ترى عيناه: لم يحدث ابداً من قبل ان مئات الألوف من البشر انتزعوا بالقوة من منازلهم، القي بهم في غياهب السجون، تعرضوا للتعذيب،ارغموا على الأعتراف بجرائم لم يقترفوها، ثم قتلوا او ارسلوا إلى معسكرات الأعتقال. ملايين اعتقلوا واختفوا عن الأنظار. ومن بقوا على قيد الحياة ظهروا ثانية في نهاية الخمسينات من القرن الماضي بعد ان افرج عنهم من معسكرات الأعتقال. اكثرهم مات او قتل خلال سنوات السجن. كل القيادة السياسية، العلمية، الحكومية، الحزبية والعسكرية تغيرت خلال سنوات "الأرهاب الكبير". الأتحادالسوفييتي والحزب الشيوعي بعد "التطهير الكبير" كانا يختلفان كلياً عنهما قبل "التطهير". بعض الأرقام لمن يحبون "الدقة العلمية" (وبانتظار نتائج الأبحاث التي وعدنا بها عبد المطلب) : احصائيات موثوق بها تشير إلى ان حوالي اربعة مليون انسان اتهموا وأدينوا بجرائم ضد الدولة خلال الحقبة بين 1930 و 1953. من بين هولاء 800,000 قتلوا رمياً بالرصاص. هذه ارقام هائلة بحد ذاتها، ولكننا لكي ندرك فظاعة ما حدث اثناء "الأرهاب الكبير" يجب ان نذكر ان نصف عدد الضحايا (اي حوالي المليونين) القي بهم في السجن خلال سنتين فقط (1937 و 1938) وفي هاتين السنتين بلغ عدد من قتلوا رمياً بالرصاص ستة اضعات من قتلوا خلال باقي الحقبة السوفييتية. المأساة في حمام الدم هذا هي انه استهدف الشيوعيين بصورة خاصة. اكثر من نصف الذين حوكموا، قتلوا او سجنوا كانوا اعضاء في الحزب الشيوعي اثناء اعتقالهم. كل الكادر البولشفي القديم ابيد عن بكرة ابيه، عدا حفنة من المتملقين والجبناء حرص ستالين على ان تكون ايديهم ملطخة بالدماء مثله فبقوا مطيعين له حتى النهاية. عضوية الحزب لم تقف رادعاً امام المجرمين وسيدهم. واكثرالأماكن خطورة كانت الأماكن القريبة من مراكز السلطة. خمسة من اعضاء المكتب السياسي، و98 من بين 139 اعضاء اللجنة المركزية، قتلوا في هذه الفترة. في جمهورية اكرانيا ثلاثة فقط من بين 200 اعضاء اللجنة المركزية بقوا على قيد الحياة. 72 من بين 93 اعضاء اللجنة المركزية للكومسومول ابيدوا عن بكرة ابيهم. 1108 من بين 1996 مندوبي المؤتمر السابع عشر سجنوا او قتلوا. 319 من بين 385 سكرتيريي المناطق الحزبية، و 2210 من بين 2750 المحافظات الحزبية قتلوا. ) (3) ومما تقدم من احصاءات يتضح حجم الدكتاتورية والشمولية في الارث الشيوعي والتي تمثل تسلسل زمني لأنه حينما توفي ستالين في عام 1953وخلفه "نيكيتاخروشوف" و بعد ثلاثة سنوات القي خطبة ندد فيها بجرائم ستالين ولكن سياسات ستالين استمرت لفترة طويلة وعانقت مراحل تصدع منظومة الدول الشيوعية وانهيار جدار برلين ثم جاء الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف والذي ادان في العام 2005 استبداد نظام الاتحاد السوفيتي السابق والجرائم التي قال انها لا تغتفر والتي ارتكبها الدكتاتور الاشهر ستالين والذي بدا عهده بقتل قيادات الشيوعية امثال تروتسكي وانتهت حياته مسموما بتدبير وإشراف من وزير داخلتيه بيريا الذي اعدم هو الاخر رميا بالرصاص بعد عدة اشهر ولعل النهج الاستاليني ظل مسيطرا علي الحزب الشيوعي السوداني وهنالك كثير من الشواهد التي تدل علي ذلك وعليه سنحاول ايرادها هنا لتدعيم حقيقة الطبيعة الشمولية عند الشيوعيين عامة وبالطبع فان الحزب الشيوعي السوداني ليس بعيدا عن ذلك ولذلك فانه حزب شمولي مهما يردد مفردات الديمقراطية من واقع ممارساته العملية في السلطة في بلادنا وخارجها وان ننسي لا ننسي شعاراتهم ايام مايو الحمراء حينما كانت اشعارهم وأغانيهم وتراثهم الادبي من شاكلة : بيك يامايو ياسيف العدا المسلول نشق ادانا عرض وطول عشان نبني اشتراكية ومنها ايضا قصيدة الاستاذ كمال الجزولي المحامي والتي كان قد الفها حينما كان يدرس القانون في جامعة كييفبالاتحاد السوفيتي سابقا والتي يقول في جزء منها: ان نشنق ان نقتل ان نمسح حد السيف بحد اللحية اصبح يا سيدنا اسهل من القاء تحية. وهنالك من يشهد للشيوعيين بهذا الارث السياسي الموغل في الشمولية والدكتاتورية ومنهم الاستاذ احمد الفكى الحلقة الاخيرة من سلسلة مقالاته التي جاءت بعنوان (فى الرد على السكرتير السياسى للحزب الشيوعى) حيث اورد في معرض تعليقه علي قرار اللجنة المركزية رفض تبرئة مجموعة الشفيع خضر حيث يقول (وفى ذلك يفقد السيد السكرتير ومعه قيادة الحزب أية مصداقية فى الحديث عن الديمقراطية او الدفاع عنها. اذا كنت لا تحترم قرار لجنة كونتها وتتحايل عليه بالتصويت وهو تصويت ليس حاسما لإزالة الشك (15/ 16) فاى مصداقية فى الدفاع عن الديمقراطية. اذا كنت لا تضمن العدالة لمن هم معك وفى خندق واحد فكيف تضمنها للذين لا ينتمون للحزب ان كنت فى موقع السلطة يوما ما. يبدو ان الإصرار على ادانه مجموعة الخمسة قد اعمى بعض قيادة الحزب وعلى رأسهم السيد السكرتير السياسي عن الضرر الذى يلحقونه بحزبهم. كان من الحكمة وزن الامر بميزان العقل والنظر الى الخسارة الباهظة التى يلحقونها بالحزب فى مقابل مكسب واحد وهو ابعاد هذه المجموعة التى تنادى بالتغيير وأظنه حق مشروع خاصة وان اللجنة برأتهم من تهمة البلاغ الكاذب الذى كان الموضوع المفضل للسيد الخطيب حتى وقت ليس بالبعيد(.وهنا نجده يشهد بان ذلك القران يطعن في مصداقية الحزب وادعاءه النهج الديمقراطي (4) وتلك هي شهادة الاستاذ احمد الفكي عن شمولية الشيوعيين ونجده يمضي قائلا(هذه القضية تضع على الطاولة عددا من الأسئلة أولها هل قيادة الحزب الحالية جادة عندما تتحدث عن الديمقراطية. المحك ليس هو الحديث عنها ولا المناداة بها بل هو ممارستها. الحزب الان ليس فى السلطة ولا يمتلك سجونا ليزج بمن أبدوا رأيا مخالفا "لخط" الحزب فيها ولكننا لا نغالى ان تخيلنا مصيرهم ان كان للحزب سلطة وسجون. اعلم ان هذا الرأي قد يبدو جارحا فى حق الكثير من الأصدقاء من أعضاء الحزب الذين ناضلوا ويناضلون ضد الظلم ومن اجل الديمقراطية ولكنها الحقيقة المرة التى يجب مواجهتها. من يقمع من هم معه وفى خندق واحد لمجرد المناداة بتغيير اسم الحزب او تقديم طرح مغاير لن يتردد فى استعمال العنف ضد معارضيه. ومن يفبرك الاتهامات ويكون لجنة لاتهام ليس له قدمين ويضيع وقت وجهد الحزب فى مطاردة الذين يختلفون معه فى الرأي لا يمكن ان يؤتمن ليقود حزبا مثل الحزب الشيوعي السودانى.) ونجده في الختام يخلص الي النيل من قدرات امانة ومكانة قيادة الحزب والتي عرف عنها قديما وحديثا انها لا تتردد في اتخاذ اقصي العقوبات التنظيمية والاغتيال المعنوي لمن يخالفها الرأي ولذلك فان مثل هذا السلوك قد دفع عددا من قيادات وكوادر الحزب الي الانتحار وتعليقا علي هذا النهج العدائي للقيادات الحزبية التي تخالف من يتزعمونه يقول الاستاذ محمد علي خوجلي في حوار قبل عدة سنوات مجيبا عن اسباب ذلك العداء المستحكم من الذين يديرون الحزب ضد مخالفيهم في الرأي من الشيوعيين ويوضح بان ((مفردة أعداء الحزب هي من أقدم الأكلشيهات في الأحزاب الشيوعية الستالينية أو الأحزاب ذات المركزية القابضة ودائما تنظر هذه الأحزاب إلى أن زعيم الحزب هو يمثل الحزب وكذلك كل قيادي مركزي يعتقد أنه هو أيضاً الحزب في مكان تواجده وأيضاً نجد أن التيار المهيمن يرى أن كل التيارات الأخرى التي تعارضه في الآراء وممثليها هم (أعداء الحزب) و(الجواسيس والمخربون). والجدير بالذكر أن المبدأ القديم في الدول والأحزاب الشيوعية في السابق كان يتمثل في أنه لا حوار مع المعارضين. بل القتل والإعدام وإشانة السمعة ولكن في كل الأحزاب الشيوعية الوطنية ومنها الحزب الشيوعي السوداني فالمبدأ هو لا حوار مع المعارضة بل طردهم واحتقارهم و إشانة سمعتهم ومقاطعتهم سياسياً واجتماعياً ولذلك لم يبالغ المعلم عبدالخالق عندما ذكر للسفير العراقي في الخرطوم في عام 1971 حينما سأله لماذا لا يتقدم بطلباته للروس حينها قال ( إن الروس إن وجدوا طريقاً لتصفيتي لفعلوا) وقد فعلوا ذلك فيما بعد ولكن أهم أسباب العداء من الحزب للذين يتركونه أن ذلك العداء مقصود به إرهاب الذين ما زالوا يستمرون في عضوية الحزب بأن مآلاتهم معروفة إن حاولوا الخروج عن الطاعة أما إشانة السمعة فهي تهدف إلى إرهاب الذين تركوا الحزب ليصمتوا)) وبناء عليه فان الحزب الشيوعي عليه ان يعي ان التغني بالديمقراطية لا يبعده عن طبائع الاستبداد التي تمثل فكره وارثه ورصيده السياسي حتى لو يلج الجمل في سم الخياط . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.