ولايات أميركا المتحدات تُعرف إختصاراً بأميركا و لذلك دلالات ! و بالولاياتالمتحدةالأمريكية لمن يُريد تحديداً لذلك البلد الكبير و الغني في الأراضي الجديدة. بالرغم من توفر ذات الظروف لدول أُخري كبيرة و غنية في القارة الجديدة مثل كندا و البرازيل و الأرجنتين ،إلا أنها لم تستطع بناء نظام للحكم شبيه للنظام الأمريكي – ديمقراطية قوية و حريات واسعة و فرص لتحقيق الأحلام، في ظل دستور راسخ و نظام للتقاضي نزيه و قوانين جيدة. لعل سر نجاح النظام الأميركي يكمن في الدستور،وهو علي قِدمه منذ أن وُضع في عام 1777م و التوقيع عليه في عام 1787م إلا أنه يجد الاحترام و يعتبر المرجع الأول لأنشطة الدولة، بما في ذلك الانتخابات العامة و هي موضع قراءتنا في محاولة لإستشراف نتائجها و عقابيلها – فهي تبدو مفصلية في تاريخ الولاياتالمتحدة و ربما تقرر مصير الحزب الجمهوري علي المدي القريب و البعيد ! عملية الانتخابات الأمريكية طويلة و معقدة - وفي ذلك مقاصد و أهداف تُمكن من إختيارالأصلح، ليس فقط للبلاد و لكن للأحزاب وقد لا يعرف الكثير من الناس بأن الولاياتالمتحدة بها حوالي عشرين حزباً – منها الحزب الشيوعي و أحدثها حزب دافعي الضرائبTax Payer's Party , الذي تكون في عام 1999م وهو ضد الحرب العراقية و الاجهاض و الهجرة . يُعلن المرشح للرئاسة عن رغبته قبل وقت طويل – تيد كروز أعلن عن ترشحه قبل عامين ! أما هيلري كلينتون فعينُها علي مقعد الرئاسة منذ وقت طويل حينما نافست باراك أوباماقبل ثمانية أعوام. تحتاج الانتخابات إلي مال، بل الكثير من المال و إلي جيش من المساعدين و المخططين و الاستراتيجيين و المتطوعين و علي المرشح أن يسعي لجمع المال و هي عملية في حد ذاتها تعكس مدي شعبية المرشح ! وقد كان لأوباما إستراتيجية ذكية بجمع أموال قليلة من أعداد غفيرة من المؤيدين و لكنها سرعان ما تراكمت و كانت معياراً لشعبيته و لكثرة مؤيديه.أما الآن فقد رفض مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب أية تبرعات ! فهو رجل أعمال غني و لا حاجة له بالأموال – لذلك فإن شعبيته تعكس أمراً آخر ! تبدأ الانتخابات الحزبية بين مرشحي الحزبين في ولاية أيوا و من ثم تجري في ولايات أُخري ليتساقط بعض المرشحين و يبقي عدد قليل من كل حزب حتي يوم الثلاثاء الكبير من شهر مارس القادم (سيوبر تيوزدي – أول ثلاثاء من شهر مارس ) وهو قد يكون مصيرياً للمرشحين الحزبيين.حيث تقوم ثلاثة عشر ولاية و منطقة حزبية باجراء إنتخابات أولية تحدد مرشح الحزب ، ليعلن رسمياً بعد مؤتمر الحزب المعني في الصيف القادم .(National Party Convention) يبدو دونالد ترمب ، رجل الأعمال و العقارات منافساً قوياً للمرشحين المؤسساتيين و هو تعبير يُعني به – المنتمين للمؤسسة الحزبية و العاملين في مجال السياسة مثل تيد كروز و جيب بوش الذي إنسحب مبكراً و أتسم أداءه بالضعف رغماً عن كل التوقعات ! لذلك تبدو هذه الانتخابات مصيرية خاصة بالنسبة للحزب الجمهوري، فهو مواجه بورطة كبيرة ! ترمب غير مرغوب داخل الحزب و يعتبر دخيلاً و قد تناد بعض الأفراد لرفضه و إختياربديل من المرشحين المؤسساتيين مثل تيد كروز أو مارك روبيو ! خاصة بعد تصريحاته المعادية للمسلمين و للمكسيكيين و رده علي البابا عندما شكك في مسيحيته ! فهو لم يتوان من الرد بشدة و رفض أن يحكم أي شخص علي إيمانه أو مدي مسيحيته ! وقد صرح بأنه قد يترشح مستقلاً إذا ما تم إبعاده من قبل الحزب ! وجاء التأكيد من قمة الحزب الجمهوري بأنهم لا يلجأ ون إلي هذا الخيار ! و هنا تكمن ورطة الحزب ! إذ أن شعبية دونالد ترمب تفرضه علي المؤسسة الحزبية ، كما أن التدخل لن يضمن فوز أي من المرشحين الآخرين – وبذلك سينشق كثير من مؤيدي ترمب و لن يتمكن الحزب الجمهوري من المنافسة و يبدو بأن مصير الحزب الجمهوري قد تحدد تماماً و منذ الآن ! لأن فترة أوباما قد أنعشت الوضع الإقتصادي و قد حقق بعض الإنجازات – مثل مقتل بن لادن و خفضه لسعر البترول لإيجاده بديلاً مجزياً و إعطائه لأميركا بعضاً من ألقها و بريقها- فهي ما زالت بلاد الفرص و الأحلام ! و لن يستطيع ترمب مواجهة هيلري كلينتون رغم الانتقادات التي وجهت إليها نتيجة لحادث القنصلية و مقتل السفير في ليبيا بالاضافة إلي مشكلة بريدها الالكتروني ! هيلري كلينتون سترث أسطورة أوباما و ستأخذ الولاياتالمتحدة بسلاسة في ذات الطريق الهادي و ما يُعرف بالقوة الناعمة – لتضيف إليها مزيداً من النعومة و القوة .أميركا الآن مُقبلة لأن تختار إمرأة كأول رئيسة لها ، فقد سبقت أن إختارت أول رئيس أسود . وفي كل الأحوال تبدو فرص هيلري كبيرة للفوز إزاء دونالد ترمب الغوغائي و الذي يبدو كمهرج كبير ! و آرائه المتطرفة ، فكما قال البابا " المسيحية تبني جسوراً للتواصل " و ترمب يريد أن يبني حائطاً و بطريقة أكثر إستفزازاً " من أموال المكسيك !" و هو أمر لا يكون ! كما أن حديثه عن المكسيكيين و المسلمين سيحرك كل الأقليات للوقوف ضده ! و لعله لا يدري بأن المسلمين يشكلون أقليات عديدة مثل الباكستان و الهنود و العرب بكل عناصرهم من سوريين و لبنانيين و مصريين و فلسطينيين ! و هنا تبدو معضلة الحزب الجمهوري فقد جاء الوقت الذي تختار فيه ولايات أميركا المتحدات إمرأة كأول رئيسة لها ! أميركا مولعة بالسبق و بالمرتبة الأولي ! أول إنسان علي القمر ! الاقتصاد الأول في العالم و العملة الأولي و الجامعات الأولي و هكذا ستكتمل الحلقة و ستكتسح هيلري كلينتون الانتخابات القادمة و سيحظي الحزب الديمقراطي بأعوام أخري و ربما ثمانٍ سمان كما ستحظي بمستشارٍ للرئيسة وهو زوجها بيل كلينتون وقد إزداد حنكة و خبرة و سيشهد العالم القوة الناعمة تتجلي في أبهي صورها. أما الحزب الجمهوري سيلعق جراحه و ربما إنشقاق بعد الهزيمة و قد يذبل ليضحي مثل الأحزاب الأخري و التي لا يُعرف عنها كبير شئ مثل الحزب الشيوعي أو الحزب الاشتراكي!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.