(برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب: العالم العربي في القرن العشرين (1) .. بقلم: د. حامد فضل الله / برلين
نشر في سودانيل يوم 22 - 03 - 2016

صدر حديثا (يوليو – 2015) عن دار كولهمر، كتاب للبروفيسور \ أودو شتاينباخ2 المدير السابق لمعهد الشرق في هامبورج –ألمانيا، بعنوان " العالم العربي في القرن العشرين –نهوض– ثورة – آفاق ". يحتوي الكتاب من الحجم الكبير على 414 صفحة، بجانب المقدمة وسبعة فصول و ببليوغرافيا.
يقول شتاينباخ في المقدمة "أن مسار قرن في تاريخ المجتمعات الإنسانية نادراً ما يتطابق مع التسلسل الزمني المستمر للقرن. وليس بالضرورة أن تشمل وحدات زمنية ترابطاً للأحداثوالسياقات التاريخية. هذا ينطبق أيضا على العالم العربي في القرن العشرين". انتمت أجزاء كبيرة من المجال العربي – هنا: بين الأطلسي والمحيط الهندي – ولو أيضا مع كثافة مختلفة – إلىإمبراطورية كبيرة، ضمت بعداً عربيا ظهر في قبول ثقافي محدد وسياسي هامشي. تمددتالإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر بضم سوريا وفلسطين وكذلك مصر وبلاد ما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية واليمن– ماعدا غرب شمال أفريقيا الأبعد، المغرب حالياً - إلىالإمبراطورية. وبالرغم من تعدد اللغات والثقافات بقيت السلطة و الإدارة وكذلك الجيش والقانون أساسا في يد العثمانيين. ويقول الكاتب، فقط في القرن التاسع عشر بدأ تأثير القوى التي عملتعلى إظهار العرب من جديد، أولا في المجال الثقافي وثم في المجال السياسي. أن التمددالأوروبي أدى إلى إطلاق الحركات ، التي أكدت الخصوصية الفكرية و الثقافية العربية في مواجهة المركز السياسي في كونستانتينوبل.
خضع جزء من شمال إفريقيا والشرق الأدنى خلال القرن التاسع عشر إلى السيطرة المباشرة وغير المباشرة، خاصة من فرنسا وبريطانيا. مع انهيار الإمبراطورية العثمانية بنهاية الحرب العالمية الأولى وجد العرب أنفسهم أمام تحدي مزدوج:
- البحث عن وضعهم السياسي في نظام عالمي تغير من الأساس.
- مشاركتهم مع مجتمعات الشعوب الإسلامية لإيجاد إجابة للحداثة الثقافية والحضارية التي نبعتأصولها من أوروبا ولاحقاً من أمريكا أيضا.
ويرى الكاتب، بان القرن العشرين يمكن تقسيمه إلى مرحلتين ممتدتين:
- المواجهة مع القوى الأوروبية، خاصة بريطانيا وفرنسا (وكذلك أيضا ايطاليا واسبانيا).
- سعى النخبة الجديدة التي تكونت أثناء سيطرة القوى الأوروبية، في العثور على مكان خاص داخل الأنظمة السياسية والاجتماعية، التي طبعت النظام العالمي الجديد. وهذا السعي لم يحدث بطبيعة الحال ليس داخل الديناميات الوطنية والاجتماعية فحسب، بل اتسم في عين الوقت باختراق نفوذ الولايات المتحدة وتَشكُل الصراع مع الاتحاد السوفيتي. أن سعي القوتان العظميان من أجل السيطرة العالمية، كان له تأثيره البالغ على التطور الداخلي والخارجي للبلدان العربية الحديثة.
بعض عرضنا المقتضب للمقدمة، تأتي الفصول من 1 - 4:
يتعرض فيهم شتاينباخ إلى تاريخ وتطور البلدان العربية، وهو يعني بذلك تلك البلدان المنضوية تحت لواء الجامعة العربية، بجانب الدول التي يعتبرها حسب قوله، هامشية (موريتانيا ، الصومال، جيبوتي وجزر القمر)، التي لا تتحدث اللغة العربية، فتركيبها الاثني والاجتماعي والثقافي يتحدد في سياق موقعها الجغرافي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، فجاء انضمامها في الأساس من اجل مصالح سياسية واقتصادية. وقبل أن يتابع الكاتب عرضه التفصيلي لكل بلد عربي على حدة، يسبق ذلك بثلاثة فقرات تاريخية كمدخل: بعناوين:
- الطريق الطويل إلى القرن العشرين –المقدمات، النهضة الفكرية والاجتماعية حتى عام 1914 والحرب العالمية الأولى والامبريالية الأوروبية. ويكتب في هذا الخصوص " حتى لو كانت بداية القرن العشرين للعالم العربي قد اقترنت بنهاية الإمبراطورية العثمانية، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال مرحلة ساعة الصفر. من خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين برزت الشروط والديناميات التي من خلالها تكشف تاريخ العالم العربي في القرن العشرين. وكان لذلك أبعادا خارجية تتعلق بمجموعة السلطات الدولية، وأخرى تتعلق بمواجهة النخبة بناءّ على ضغط التحديث القادم من أوروبا. لقد بدأ التاريخ الحديث لبلاد العرب، الذي بشرت به أوروبا في عام 1798،حسب مواجهة سياسة القوي بين الدول الأوروبية في سياق الثورة الفرنسية ". ثم يتعرض الكاتب إلى الثورة الفرنسية وحملة نابليون على مصر ودور محمد على باشا أثناء فترة حكمه الطويلة بوضع الأسس لبناء دولة حديثة. إنشاء الجيش وتنمية الاقتصاد وتحديث التقنية وإرسال الشباب للدراسة في الخارج. ثم يتعرض إلى الثورة العرابية...
ويواصل قوله فيشير، بان التطور الفكري والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية في القرن التاسع عشر جاء نتيجة مواجهة النخبة مع الأفكار والإيديولوجيات والتيارات الثقافية والمؤسسات السياسية التي تعود جذورها إلى أوروبا. وهذا ينطبق أيضا على شمال أفريقيا ومنطقة الهلال الخصيب، بينما لم تتأثر منطقة شبه الجزيرة العربية بذلك. ويشير هنا إلى ناصيف اليازجي باعتباره أبا النهضة الثقافية، كما يقول وكذلك بطرس البستاني واحمد لطفي السيد ومحاولة الطهطاوي الربط بين الثقافة الغربية والإسلامية. وكانت المعتقدات الإسلامية هي الأساس للأنظمة السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي. ويشير هنا إلى جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدهويقول إن تعدد أوجه النضال والجدال حول وضع الإسلام على خلفية الضغط المؤسس فكرياً وثقافياً وسياسياً من أوروبا ولاحقا أمريكا لا يزال ساريا حتى الوقت الراهن. وهو يمثل موضوعاً أساسيا لتحديث العالم العربي كجزء من العالم الإسلامي. ان الانقسام بين الحداثيين والتقليديين والنشطاء بدوافع دينية يشكل صورة الإسلام في الوقت الراهن.
كما يكتب عن الحرب العالمية الأولى والامبريالية الأوروبية فيسرد تاريخ الاستعمار في الشرق الأوسط. كما يتناول تاريخ جميع البلدان العربية في القرن العشرين، كل على حدة، وخاصة بعد الحصول على الاستقلال، مستعرضاً التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة وإحصائيات هامة للقارئ الألماني مثل: مساحة الأرض وعدد السكان ونظام الحكم واللغة المتداولة واللغة الرسمية ونوع العقيدة والأقليات الدينية والتركيبة السكانية (الاثنية) وتاريخ الاستقلال والناتج المحلي الإجمالي ومتوسط العمر المتوقع.
أما في الفصلين الخامس والسادس، "القرن العشرون – التحول إلى أين "؟ و" الدول العربية والسياسة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية"، فيتناول أحداث الصراع الشرقي الغربي وسياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وألمانيا والعالم العربي. ونقوم هنا بعرض الفصلين بتكثيف شديد، فهو تاريخ حديث ومعروف للقارئ العربي المطلع.
فنهاية الحرب العالمية الثانية تعني، وأيضا بالنظرة إلى موقع الشعوب العربية في النظام الدولي، مقطعاً عميقاً. فالبلدان العربية أصبحت متجذرة في نظام دولي تمثله كتلتان: أمريكا والاتحاد السوفيتي، بعد أن ضعفت القوى الأوروبية التي كانت تسيطر إمبرياليا على العالم العربي. كما يستعرض المواجهة بين القوتين العظميين مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في تركيا وإيران وتوغل أمريكا في المنطقة العربية نتيجة لمسار الحرب في شمال أفريقيا ومع اندلاع الصراع بين إسرائيل والعرب عام 1948، إذ أصبح حجز الزاوية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. والمد الثوري القومي العربي ومؤتمر باندونج ابريل 1955 وشخصية عبد الناصر الكارزماتيةودخول الاتحاد السوفيتي أفغانستان مُحارباً وخروجه منها مجبرا. ثم يبحث في حرب الخليج الأولى والثانية وتأثيرهما على المنطقة والصراع الحالي في الشرق الأوسط.
شهد العقد الأخير من القرن العشرين تحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى القوة العظمى الوحيدة على مسرح الشرق الأوسط. ومع بداية القرن الجديد ظهر الهبوط المثير لتأثير أمريكا في الشرق الأوسط.
وحول سياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، يشير الكاتب، بأن عصر الامبريالية الأوروبية اصبح لا رجعة فيه، ولكن التاريخ والجغرافية – السياسية جعلت من أوروبا والساحل الجنوبي والشرقي للبحر الأبيض المتوسط (جاراً) لا يمكن تجنبه. وبالرغم من وزن الاتحاد الأوروبي الضعيف كفاعل سياسي في الشرق الأوسط، إلا أنه يشير إلى التعاون المثمر في المجال الاقتصادي والأمني.
وفي فقرة ألمانيا والعالم العربي يقول شتاينباخ، كان المجال العربي في القرن العشرين بالنسبة إلى ألمانيا، يمثل مشهداً سياسياً جانبياً وبالنسبة للعرب فان ألمانيا شاركت بشكل عابر في تكوين مصيرهم السياسي. ومع ذلك وربما على وجه التحديد- التحدث في سياق العلاقات خاصة من الجانب العربي مراراً عن الصداقة الألمانية- العربية. ويقول قلما يمكن الحديث عن العلاقات الألمانية – العربية حتى نهاية الإمبراطورية العثمانية ولكنه يشير إلى التقارب في منتصف القرن الثامن عشر بين بروسيا والإمبراطورية العثمانية – سياسياً واقتصادياً وحربياً. ووقوف ألمانيابجانب الإمبراطورية في الحرب العالمية الأولى. ومع نهاية الحرب كانت الأحلام لسلطة سياسية ألمانية كبرى في الشرق الأوسط قد قُبرت. وفي العهد النازي كانت السياسة الخارجية في المجالالعربي تحتل أهمية هامشية أيضا. ولكن مع ذلك ظهرت بعد عام 1933 آثار بينة للأفكار الفاشية والنازية في عموم المجال العربي – وان كان ذلك بدرجات متفاوتة – وتكونت خصوصا في مصر ولبنان وسوريا والعراق مجموعات اجتماعية وسياسية وأحزاب متفتحة على الأفكار الفاشية. ولكنهملم يلعبوا في أي وقت من الأوقات دور مهم، ليس في زمن الحرب ولا بعده. ويشير إلى التوتر بين ألمانيا الاتحادية مع بعض البلدان العربية التي اعترفت بجمهورية ألمانيا الديمقراطية. كما يشير إلى رفض ألمانيا المشاركة في الحرب ضد العراق ووقوفها على الحياد في مارس 2011 في مجلس الأمن بشأن قرار التدخل العسكري في ليبيا بحجة حماية المواطنين. تفاعلت ألمانيا مع التغيرات العميقة في المجال العربي منذ 2011 بتحفظ. وكان التفاعل في المقدمة، اتخاذ التدابير تحت كلمة " شراكة التحول"، المساعدة في بناء المؤسسات الديمقراطية، تشجيع المجتمع المدني والنظام والقانون...
وتأتي خاتمة الكتاب بالفصل السابع تحت عنوان:" في بداية القرن الواحد والعشرين"، يبين فيها الكاتب، بان القرن العشرين للعرب اثبت لاحقا – كقرن انتقالي – مقروناً بالتجربة والخطأ. ولميكن مسار الطريق مستقيما للأوروبيين أيضا، لنظام جديد لقارتهم بعد انهيار النظام الشرعي عبر القرون في عام 1918. ولكن بتكوين الاتحاد الأوروبي، وضُع الأساس لنظام جديد، بالرغم من كل الشكوك –لمستقبل واعد. وهذا ما لم ينجح فيه العرب منذ انهيار النظام العثماني في عام 1918.
يمر بداية القرن الواحد والعشرين للعرب – الذي يتوافق مع السنة التقويمية لعام 2011، باضطراب عنيف. مصحوباً، بالآمال، ولكن أيضا بخيبة الأمل والشك. إن سقوط عدد من الحكام عززت الآمال، مع تصاعد العزيمة وسط كل قطاعات الشعوب العربية تقريبا، أن يأخذوا مصيرهم بأيديهم: العدالة والكرامة وتقرير مصيرهم بأنفسهم كأهداف منشودة. وبهذا يسيرون على تراث القوميين العرب، الذين بدأت لهم هذه الفرصة مواتية بنهاية الإمبراطورية العثمانية. وهنا بالضبط تكمن خيبة الأمل والشك.
النهوض مرتان؛ الفشل مرتان، هل سوف تنجح المحاولة الثالثة؟
وهنا يشير إلى تُونس وانتفاضتها في 17 نوفمبر 2010 وإجازة الدستور وتعثر الانتفاضات والاضطرابات في ليبيا وسوريا ومصر واليمن والبحرين ومحاولة القوى الرأسمالية العودة من جديد إلى السيطرة والنفوذ. بجانب أصحاب الرؤية الماضوية.
ويرى، "أنه يستوجب على أوروبا أن تقوم بدور نشط في تشكيل مستقبل المجتمعات العربية. فالقوي الأوروبية، هي التي قامت بقمع الانتفاضة الأولى وساهمت مع أمريكا بمساندة الحكام فيفشل الانتفاضة الثانية. وليس فقط من هذه الخلفية تأتي مسؤولية الاتحاد الأوروبي لمستقبل القرن الواحد والعشرين، وإنما يجب التفكير في ذلك كمسؤولية جماعية. فأوروبا تحتاج إلى تصور شامل، وهذا يعني الوعي، بأن التطورات داخل الشعوب العربية تؤثر أيضا على مستقبلها. أن الاضطرابات وما صاحبها من عنف، التي قادت إلى الأنظمة الجديدة، دفعت بعض المراقبين في التشكيك، بأن الحدود التي رسمتها القوي الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولي –اتفاقية سايكس –بيكو، أن تبقى كما هي.
أن السياسة التي تضع حدود الدول المرسومة موضع تساؤل، تفقد بوصلتها. أن تكوين الدول في منطقة سوريا الكبرى – العراق – تركيا كان بالتأكيد إشكالي ولم يتفق مع تطلعات وتوقعات النخبة السياسية للمواطنين في زمنها، ولكنها أعطت الشرعية لعدد كبير من المواطنين وكانت على نطاق واسع أساس الاستقرار في نظام الدولة". ويرى شتاينباخ بأن ترسيم الحدود من جديد يقود إلىفوضى شاملة، ليس للمنطقة نفسها فحسب، بل وللنظام الدولي بكامله ولتأثيره البالغ أيضا،خصوصا على الجار الأوروبي.
وهذا لا يعني عدم ترسيم الحدود بالمطلق، وإنما يتم ذلك بموافقة المواطنين، وهو يشير بذلك إلىالقضيتين: الكردية والفلسطينية. فإسرائيل نفسها نتاج عملية بناء دولة من الخارج. وحل القضية الفلسطينية لا يزال يتراوح بين: حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين. وطالما لا يوجد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ستبقى فلسطين جرحاً متقيحاً، الذي يعرض استقرار نظام الدولة في الشرق الأوسط عموما وأيضا استقرار الدول المجاورة والمجتمعات إلى الخطر. وأيضا هنا لا تستطيع أوروبا الهروب من عدم المساهمة في إيجاد حل وفِق مطالب الأطراف وأسس القانون الدولي.
يقودنا شتاينباخ عبر فصول كتابه إلى مسار خصب ومثير، مُتتبعاً تاريخ وتطور العالم العربيومشيرا إلى ما جابه المسار من إخفاق كبير ونجاح جزئي دون فقدان الأمل إلى مسار جديد وأفق واعد تقوده بحزم الشبيبة العربية، التي شاركت في الانتفاضات وثورات الربيع العربي وليست على استعداد، بان تترك التغيير الذي بدأ بالفعل أن يتوقف في بداية الطريق. والكتاب يمثل وثيقة تاريخية وسياسية هامه، معروضة بتفصيل وإسهاب بالرغم من قول الكاتب "نظرا للمساحة المتاحة يجب أن يكون عرض مسار التاريخ مقتصراً على خطوط الأساس الرئيسية ومعتمدا على نتائج البحث والاستغناء عن وجهات النظر المثيرة للجدل". والكتاب لا غنى عنه لأساتذة وطلاب الجامعات في العلوم السياسية والتاريخ والاجتماع وللقارئ الألماني المطلع، كما أن الببليوغرافيا التي احتلت 61 صفحة، مصدر قيم وهام لمن يريد أن يتعمق في المادة.
التحية والتهنئة لهذا العالم الجليل الذي لا يزال باحثاً جاداً ومهموماً وملتصقاً ومتعاطفاً مع قضايانا في الشرق الأوسط وأفريقيا منذ أن كان مديراً لمعهد الشرق في هامبورج واستقباله العديد من الباحثين العرب ومنهم أساتذة من جامعة الخرطوم.
هوامش:
1- Die arabische Welt im 20. Jahrhundert, Aufbruch- Umbruch- Perspektive,
Udo Steinbach, Verlag Kohlhammer2015
2- أودو شتاينباخ المدير السابق لمعهد الشرق في هامبورج (1976- 2006) والأستاذ السابق في
في مادة : السياسة والمجتمع في الشرق الأوسط في جامعة ماربورج (2007- 2010 )، له العديد من الكتب والأبحاث والمقالات حول الشرق الأوسط.
3. د. حامد فضل الله طبيب اختصاصي، مقيم في ألمانيا، يهتم بالثقافة وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة وعضو الهيئة الاستشارية لمنظمة ابن رشد للفكر الحر في ألمانيا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.