وزير الخارجية يستقبل مدير عام المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة    منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحبيبة رباح: القصّاب ولغة الخطاب (مصحح) ... بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل
نشر في سودانيل يوم 31 - 12 - 2009


[email protected]
(1)
قصدت فى الأساس ان أتوجه بهذا المقال الى السيد بشرى الصادق المهدى. والسبب هو أننى كنت قد دهشت دهشة بالغة عندما قرأت الكاتب الصحفى محمد محمد خير يخاطب شقيقة الأول الاستاذة رباح الصادق المهدى فى عموده "اقاصى الدنيا"، بعبارة (الحبيبة رباح)، اذ كتب: (فات على الحبيبة رباح ان زراع التنباك من غلاة الانصار)، ثم عاد فكتب: ( ولكثرة ما اضفَت الحبيبة رباح من المذمة وصنوف التقريع على التنباك وكره الانصار له كدت اهتف: "ربى ما تحرم بيت من الانصار"). وقد انزعجت غاية الانزعاج لهذا النوع من الخطاب لا سيما انه يصدر عن قصّاب، مثل محمد، ضل طريقه من حظائر الأغنام الى صناعة الاعلام، ثم ثبت انه لا يعرف آداب مخاطبة الامراء والاميرات.
والامام الصادق المهدى هو بلا شك أمام الانصار وأميرهم. وتقتضى الاصول ان ينادى ابناءه الغر الميامين وكريماته المصونات الماجدات بما هم جديرون به من ألقاب التبجيل. وانا لا اعرف حتى اليوم السبب الذى يجعل من السودانيين ينادون بعض ابناء وبنات الاسر الانصارية العريقة بألقاب الامير والاميرة، ثم يلتوون على أهل البيت الذى أسس العقيدة الانصارية نفسها ويضنون عليهم بما هو مستحق لهم من الالقاب. يقولون على سبيل المثال: الامير عبد الرحمن نقد الله (عجل الله بشفائه)، والاميرة سارة نقدالله. حتى زميلنا فى مقاعد الدراسة على عهد الطلب السفير اسامة نقد الله كنا ولا زلنا نناديه الامير اسامة. ومع ذلك فان الكثيرين يميلون الى حجب هذه الالقاب عن أصحابها الاوفر شرعيةًً والاكثر أصالة من عترة الامام المهدى وآل بيته، وبصفة اخص ابناء وبنات الامام. بل أن الامر فيما يبدو تلف تلفاً لا صلاح بعده، اذ اصبح القصّابون من عامة المسلمين، أمثال محمد محمد خير، يخاطبون أميرات البيت المهدوى ب (الحبيبة)!
وكنت قد بادرت من فورى – بعد اطلاعى على كلمة، او قل كبوة، محمد التى صحّ أن تدق لها أعناق، بمهاتفة أحد قيادات حزب الامة الذى اكد لى انه يشاركنى الانزعاج، ولكنه نصحنى بأن اخاطب فى هذا الامر السيد بشرى الصادق المهدى باعتبار ان الامر يدخل فى دائرة اختصاصه الحزبى والاسرى. وفاتنى ان اسأل محدثى لماذا يدخل الامر فى دائرة اختصاص بشرى بالذات وليس عبد الرحمن مثلا، لا سيما واننى اعرف الاخير منذ زمن طويل والخطوط بيننا موصولة.
(2)
الخطاب العام فى السودان له ضوابط تواضع عليها الناس. ففى الجامعات مثلا والمجتمعات المدنية عموما اشتهر الاخوان المسلمون على تنوع تنظيماتهم بالمصطلح الخطابى (الاخوة والاخوات)، أما الشيوعيون فقد استخدموا عبارة (الزملاء والزميلات). والبعثيون ينادون عضويتهم (الرفاق والرفيقات)، بينما يستخدم الاتحاديون (الأشقاء والشقيقات). وقد سمعت انصار حزب الامة يخاطبون بعضهم البعض بكلمة (الحبيب)، وقد لاحظت فى زمن مضى ان الامام الصادق المهدى نفسه يخاطب معظم من يكاتبهم او يحادثهم من الرجال بتلك اللفظة. ولكنى لم اسمع قط من خاطب نساءهم بكلمة (الحبيبة). وحتى لو افترضنا جدلاً ان احدهم تجرأ فخاطب احداهن ووصفها بالحبيبة فان محمد ليس مؤهلا لاستخدام ذلك النوع من الخطاب لانه ليس عضوا، لا فى حزب الامة ولا فى كيان الانصار، بل انه ينتمى الى اسرة شايقية ختمية الاصول والميول. ومهما يكن من شئ فأننى اقف عند هذا الحد فى التنويه عن تجاوزه المثير للقلق، ثم اترك الامر كله بعد ذلك فى يد الجهة المختصة لمعالجته على الوجه الذى يرد الحقوق ويرعى الاصول ويحمى التقاليد ويردع العدوان. (مذكرة خاصة للسيد بشرى: محمّد المقيم اصلاً بدبى موجود فى الخرطوم هذه الايام، وعادل الباز يعرف مخبئه).
(3)
وإذ وقفنا عند عمود (أقاصى الدنيا)، الذى نشرته الاسبوع الماضى صحيفة آخر لحظة، ونقله عنها موقع سودانايل الالكترونى، بعنوان (ليس دفاعا عن التمباك ولكن محبةً لرباح)، وهو نفسه كما ترى - ايها الاعز الاكرم - عنوان ملغّم ومحاط بالاحزمة الناسفة، ولكننا نغض عنه الطرف ونمضى قدما لنفحص الأطروحة الرئيسية. فقد وجدت محمداً يعقب فى عموده على مقال سابق كتبته الاميرة رباح يبدو انها اظهرت فيه إزدراءً وكراهيةً للتنباك الذى يتعاطاه عدد مقدر من اهل السودان. قال محمد انه لم يستغرب مقت رباح للتنباك فالثابت عنده أن الانصار عموما يمقتون التنباك مقتاً شديدا ويوالونه بكل صنوف المذمة، بينما يحتفى به الختمية والاتحاديون ويتعاطونه. ثم كتب: (فات على [الحبيبة] رباح ان زراع التمباك من غلاة الانصار الذين يعمرون المناطق الممتدة شمال وجنوب وشرق وغرب دارفور فى مناطق "طويلة" و"ساق النعام" و "شنقلى طوباية" فى تلك الصحراء التى يتقاسمها الفور والتنجر والبرتى والزغاوة. وهى مناطق شحيحة الأمطار ولا ينبت فى ذلك الشح غير التمباك الذى لا يقبل السقيا الا باليد وليس له عدو غير المطر والانصار). ومما كتب محمد ولفت انتباهى أيضاً قوله:(التنباك يمثل جدلية سياسية غابت تماما عن فطنة رباح التى تشكل وشماً فى كتابتها الشجية، فالانصار يكرهونه ويذمونه ولكنهم يزرعونه ويحصدون ريعه، بينما الختمية والاتحاديون يحبونه ويسفونه ويبسطون يدا ندية لزارعيه).
والله ان أمرك لعجيب ايها القصّاب. من قال لك ان "غلاة الانصار" يزرعون التنباك فى دارفور ليسفه الختمية فى سائر انحاء السودان؟! من قال لك ان الذين يزرعون التنباك فى دارفور انصار أصلا؟ قفز الى ذهنى – وانا اقرأ العمود - حوار قديم دار بينى وبين المحامى عثمان عمر الشريف أحد قيادييى الحزب الاتحادى الديمقراطى ووزير العدل والنائب العام فى فترة الديمقراطية الثالثة، ونحن جلوس مع آخرين منهم الوزير الجبهوى الاسلاموى السابق الدكتور على الحاج بقصر الضيافة بمدينة الفاشر فى العام 1988 والجميع يستعدون للذهاب الى الموقع المعد لندوة سياسية يتحدث فيها الوزراء الزائرون للمدينة. كنت قد قلت للاستاذ عثمان عمر مداعباً انه يجدر به ان يلزم الحذر فى حديثه للجماهير وان يضع فى اعتباره انه فى عقر مدينة انصارية قلباً وقالباً. رد على الرجل بهدوء بأن حديثى هذا يعبر عن وهم كبير يعشعش فى رؤوس كثير من السودانيين. وبحسب عثمان فان الفاشر فى الواقع قلعة اتحادية اكثر من كونها حصن انصارى، وان الوجود الاتحادى فى دارفور اجمالا وجود راكز واصيل وليس هامشيا كما يدور فى خلد الذين لا يفهمون خارطة دارفور السياسية والاجتماعية.
صحيح ان مناطق "طويلة" و"شنقلى طوباية" يزرع فيها التنباك بكميات كبيرة كما ذكر صاحبنا، ولكن ساق النعام ليست كذلك. ومن مناطق التنباك الاساسية ايضا شقرة وكفوت. وجميع هذه المناطق لم تدخلها الانصارية بكثافة كما يتبادر للاذهان، بل ان نسبة الانصار بين سكانها لا يتجاوز العشرين بالمائة وفقا لبعض التقديرات. ولكن السؤال الذى يختزل طريقنا الى آخر النفق هو: كيف دخلت زراعة التنباك الى هذه المناطق فى دارفور أساساً؟ فالثابت ان أهل دارفور ليسوا مغرمين بالتنباك وان نسبة من يتعاطونه منهم ضئيلة للغاية مقارنةً بالاقاليم الاخرى فى السودان. الواقع المعهود مسنوداً بالتاريخ المشهود يبيّن أن الجلابة الشماليون من قبائل الشايقية والجعليين وغيرهم كانوا هم من ادخل التنباك الى دارفور اذ كان لهم القدح المعلى فى اكتشافه وتطويره وزراعته وتمطيره وتسليعه، وقد أثرى هؤلاء من زراعة وتجارة التنباك ثراء فاحشاًً. والجلابة تاريخيا هم خميرة الطائفة الختمية والحركة الاتحادية فى دارفور. والقطاع الاعظم من الجلابة الشماليون الذين يسيطرون على قطاعات واسعة من الاقتصاد الدارفورى هم فى الاصل من عناصر الختمية والحزب الاتحادى الديمقراطى. والحركة الاتحادية فى عمومها تقوم قاعدتها كما هو معلوم للكافة على التجار والرأسمالية (قبل ان تتولى الثورة المنقذة مهمة "تنقيذ"، على وزن تأميم، التجارة والنشاط الرأسمالى، وتعفى تجار ورأسماليى الحزب الاتحادى من دورهم التاريخى).
(4)
أنصار الامام المهدى أبرياء اذن من الاتهام الظالم الذى أراد محمد ان يهيله على رؤوسهم فيجللها بعار التنباك، فى إطار مخططه الجهنمى بعيد المدى الهادف لتبييض وتلميع وجوه اهل المعسكر الآخر، بغرض افساح وتهيئة المجال أمامه للعودة الى جذوره الختمية وقواعده الاتحادية، لا سيما بعد توفر الدلائل وتواتر المؤشرات على ان حزب السيد الميرغنى سيكتسح الانتخابات القادمة ويشكل الحكومة الجديدة، التى نرجح ان "الحبيب" محمد سيحمل فيها حقيبة وزارة الاعلام!
البروفيسور محجوب عبيد
من ضمن الرسائل التى وصلتنى تعقيبا على مقال الاسبوع الماضى المعنون: "استقالة من منصب الملحق الاعلامى"، رسالة من الدكتور ناصر الطاهر الطيب زميل ابحاث ما بعد الدكتوراه بجامعة العلوم بماليزيا. نبهنى الدكتور ناصر الى اننى لم اكن فى واقع الامر اول من تقدم باستقالته من وظيفة عامة قبل ان يُسرج له حصان المنصب، بل ان صاحب المبادرة الذى افترع هذا النوع من الاستقالات هو الراحل الكبير عالم الفيزياء الدولى البروفيسور محجوب عبيد. كان اسم الرجل قد لمع كمرشح لتولى منصب مدير المنظمة الاسلامية للطاقة الذرية عند التفكير فى انشائها قبل حوالى احدى عشر عاماً، فبادر هو الى تسطير استقالة مسبّبة استبق بها عرض المنصب عليه رسميا. وقد نشرت كتاب الاستقالة فى حينها عدد من الوسائط الاعلامية. وقد وجهنى الدكتور ناصر الى نص الاستقالة فى ارشيف مجلة "المعرفة" السعودية على الشبكة العنكبوتية، حيث طالعت المكتوب الذى خطه بنان عالمنا الكبير ووجدت فيه بحق قطعة بديعة رائعة تعبر باسلوب جذاب عن حال العالم الاسلامى بعامة من خلال عرضها لاسباب امتناعه عن تولى المنصب. وبغرض تعميم الفائدة رأيت نشر النص الكامل كما اوردته المجلة:
( في البداية يلزمني أن أشكر من أحسنوا بي الظن فرشحوني أو أيدوا ترشيحي لهذا المنصب. غير أني أتساءل: كيف انعقد الرأي على اختياري؟ سبب التساؤل هو تغليبي الظن أن اتفاق الدول العربية على الشخصية التي تشغل مثل هذا المنصب كثيراً ما يكون لأسباب بعيدة عن كفاءة المرشح أو حسن الظن به. ولعل الاعتبارات هنا تشمل أن يكون المرشح «متفهماً» للأوضاع، ميالاً لإرجاء القرارات
«حتى تتضح الرؤية»، مقتدراً على صياغة المحاضر بحيث تتفق مع كل المواقف، حكيماً في معالجة الخلافات والتصدي للمشكلات بحيث يكون براء اللافعل هو عين «ما يقتضيه الموقف الراهن».وإنني إذ قبلت المنصب فسأفترض أنني مستوفٍ لمثل هذه الشروط وأجتهد ما وسعني الاجتهاد حتى أظل عند «حسن ظن» الجميع. ولعل أهم المشكلات أمامي ثلاث: نوع نشاط المؤسسة ومقرها وتمويلها. المشكلة الأولى أمرها سهل وهي محسومة؛ مجال عملنا التعمير وليس التدمير. ورغم أننا لن نؤدي بذلك حق الآية: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، ورغم أن جيراننا من الأعداء قد أعدوا لنا من قوة التدمير النووي ما أعدوا، إلا أننا قليلو حيلة في المجال النووي، وأكثر ما يلزمنا من الخبرة هو خارج الحدود العربية والإسلامية؛ لذا فقد لزمنا أن نتقيد بشروط المجتمع الدولي، ونحصّل ونطبق في مجال التعمير النووي ما وسعنا التحصيل والتطبيق. والحق أن جل ما نحصله من المعرفة والخبرة في المجالات النووية السلمية يكون صالحاً ومفيداً خارج النطاق السلمي ويمكن الاستفادة منه متى قويت الشوكة وتغيرت الأحوال.أما مشكلة المقر فأنا بريء منها وأتركها لمداولات الجامعة العربية؛ وذلك أن المقر، بما فيه من مختبرات ومفاعلات وتقنيات مساعدة، مشروع ضخم وله ذيول أمنية واعتبارات سيادية وتبعات اقتصادية. وهذه كلها أمور لا أرغب الخوض فيها، ولا يسمح لي منصبي بإبداء أي رأي حولها، وأغلب الظن أنني سأظل طوال فترة شغلي المنصب قابعاً في جناح وثير في «هيلتون القاهرة»
في انتظار ما تتمخض عنه الاجتماعات والمداولات والتشاورات فيما يخص اختيار الموقع. وقد يعني هذا أنني لن أواجه مشكلة التمويل أبداً؛ وهي المشكلة الحقيقية أمام العمل الجاد لتأسيس المؤسسة. وأنا إذ أتساءل: متى وصلنا في تاريخ العمل العربي المشترك إلى لب أية مشكلة حقيقية تواجهنا؟ أجد نفسي في مأمن من الوصول إلى قضية التمويل. ألم أقل لكم إنني حقاً الرجل المناسب في المنصب المناسب؟! غير أن هاجساً في دخيلة نفسي يدفعني لتساؤل آخر: «إن أعفاني واقع الحال من تحمل أعباء منصبي ومسؤوليته، فكيف تعفيني أحلامي ورؤى الخيال الجميل من تصور البديل؟ في خيالي صورة لواقع غير واقعنا الراهن.. واقع فيه جد وعزيمة.. وحكمة وشكيمة، لا يعرف الاختلاف حول الحق وصراطه المستقيم ولا يساوم على التزام المحجة البيضاء ومقتضيات التمسك بدعاماتها. أحلم بواقع تمتد فيه رقعة دار الإسلام من الشرق الأقصى إلى المغرب الإفريقي، ترفرف عليها راية التوحيد وتعلن على الملأ عزة الإيمان وترفض أن تلتزم لأحد بما لم يلزمها به كتاب الله وسنة نبيه، تجهر بالحق وبالعدل، ولا تعرف الظلم ولا الدمار، فكل سلطانها وقوتها للعدل وللعمار. في هذا التصور الزاهي الجميل إعداد الرجال بوتقة تصهر المعادن وتجلو النفوس من الصغائر، فلا سعي للمناصب ولا تنافس حول المواقع ولا عراك حول مصادر التمويل. في هذا التصور البديل عن الواقع الراهن الحزين، تذوب مثل هذه المشكلات التي ذكرت وتبقى قضايا الإيمان والتوحيد وتطهير الأرض من الظلم والفساد بمواجهة الأعداء كافة كما يواجهوننا كافة. ولكن في الحلق غصة؛ في هذا التصور الرائع الجميل، لن أكون مؤهلاً لتولي منصب مدير مؤسسة الطاقة الذرية الإسلامية ولو لمدة أسبوع!)
مخاطبات الجمهوريين
عند معالجتى لمادة المقال الرئيسى المعنون (الحبيبة رباح) سألت احد الاخوان الجمهوريين ان يوافينى بمعلومات عن لغة المخاطبة التى تسود فى اوساط الجمهوريين. وكنت اتوقع ردا من سطرين او ثلاث، الا انه فاجأنى بتوضيح مفصل من ثلاثمائة كلمة. وقد وجدت فى رسالته ما يصلح لاشراك جميع القراء فى مطالعته. كتب الاخ عضو الجماعة الجمهورية:
( المناداة بين الجمهوريين تكون فى الغالب بالأخ والأخت. وقد كانت الخطابات التي تصدر من مركزية التنظيم في الخرطوم إلى فروع التنظيم في الأقاليم تخاطب جمهوريي الأقاليم ب الأخوان والأخوات. وعلى الرغم من استخدام لقب الأستاذ بشكل حصري على الأستاذ محمود محمد طه فقد نال بعض الجمهوريين شرف المناداة بهذا اللقب كالأستاذ سعيد الطيب شايب والأستاذ جلال الدين الهادي والأستاذ إبراهيم يوسف والأستاذ الباقر الفضل. وقد رحل كل هؤلاء ولم يبق منهم غير الأستاذ إبراهيم يوسف أمد الله في أيامه. وهناك فئة قليلة من الذين زاملوا الاستاذ منذ الاربعينات والخمسينات تتم مناداتهم بالعم مثل العم فضل والعم ذا النون والعم أمين صديق والعم ميرغني حمزة والعم حسن حجاز وهم لا يزيدون على العشرة. بالاضافة الى عمتان فقط هما العمة كلتوم والعمة فاطمة عباس. جميع الجمهوريون ينادون الوالدة آمنة لطفي زوجة الاستاذ محمود ب "أمي آمنة".
تطلق بعض الألقاب "الصوفية" على بعض الجمهوريين ولكن في دوائر ضيقة مثل "شيخ" واشهرهم شيخان الاول هو شيخ علي، ورغم انه شاب ويحمل درجة الدكتواره الا أن لقب شيخ علي طغى على اسمه الحقيقي ويناديه به الأستاذ والأخوان وقد سمي على الشيخ على عبدالرحمن الضرير السياسي المعروف، وثانيهما هو شيخ ابراهيم يوسف، وقد سمي كذلك لدراسته المعهدية ومرجعيته في الفقه وظل الاسم ملازما له منذ مطلع شبابه. وهناك القاب أخرى مثل "القوس" و"القديسة" وغيرهم يظل ينادي بها بعضنا بعضا في دوائر ضيقة حسب علاقة هذا البعض بالآخر وعقيدته فيه.
في نهاية سبعينات القرن المنصرم تم انشاء فصول اسمها فصول الترشيد لأبناء الجمهوريين وكانت تشرف عليها الباشمهندسة نوال محمد فضل وأخذ الأطفال ينادونها (ماما نوال) فصار ذلك اسما ملازما لها يناديها به حتى الأستاذ محمود نفسه. وقد انتشرت هذه الثقافة فأصبح هناك ماماوات كثيرات بجانب ماما نوال وتكاد كل جمهورية من جيل السبعينات تنادى الآن بماما فهناك ماما نعمات وماما فاطمة وماما هدى وعشرات غيرهن).
اللورد عبد الوهاب الافندى
تلقيت من الصديق الدكتور عبدالوهاب الافندى رقعة دعوة كريمة لحضور عقد قران نجله الاكبر وقد حملت رقعة الدعوة ما يلى: ( يتشرف آل احمد الافندى وآل عباس حسن النور وآل ويليامز بدعوتكم لشهود قران ابنهم الدكتور احمد عبدالوهاب الافندى على الدكتورة مارغريت كريمة القاضى سير ويليامز، وذلك بمسجد سيدة السنهورى بالمنشية عقب صلاة العصر يوم الاثنين الرابع من يناير2010). وإذ اتمنى للعروسين زواجاً مباركاً ميمون الثمرات، فاننى أود فى ذات الوقت ان ألفت انتباه الاحباب من مناضلى الكيبورد، الذين أدمنوا ملاحقة عبدالوهاب على المسرح السياسى السودانى، الى انه يتعين عليهم من الآن فصاعدا أن يصوبوا انظارهم باتجاه المسرح البريطانى. لماذا؟ لأن أصهار الافندى الجدد، سعادة القاضى الجليل السير وليامز واسرته يمتون بنسبٍ وثيق الى العائلة المالكة فى بريطانيا. وما نخشاه الآن هو ان يفاجئ عبدالوهاب مناضلى الكيبورد بعملية التفافية مباغته يقفز من خلالها هو، او ابنه، الى عرش الامبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس!
نصوص خارج السياق
وإذا ما انكسر الضوءُ،‏
وطافت في عيون الليلِ‏
أشباحُ الْعَسَسْ‏
صامتاً أسألُ:‏
هل في البدءِ كان القولُ؟‏
أم كان الْخَرَسْ ؟‏
( الشاعر السوري ابراهيم عباس ياسين)
عن صحيفة ( الأحداث )
مقالات سابقة:
http://sacdo.com/web/forum/forum_topics_author.asp?fid=1&sacdoname=%E3%D5%D8%DD%EC%20%DA%C8%CF%C7%E1%DA%D2%ED%D2%20%C7%E1%C8%D8%E1&sacdoid=mustafa.batal


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.