أم المفاعلين النووين لكل من إيرانوباكستان ....! أصبح العالم الإسلامي اليوم بسبب سياسات الغرب الماضية والحاضرة بين المطرقة والسندان بعد أن أحكموا عليه الحصار جواً وبحراً وبراً بتدابير خططوا لها من قبل والقائمة علي فكرة العداء للإسلام والذي أسموه مؤخراً بالعدو الأخضر الذي يجب مواجهته وتحجيمه بعد إنتهاء الخطر الأحمر وهو الشيوعية. وهذه المواجهة والعداء لم يكن جديداً لكنه قديم قدم التاريخ منذ الحروب الصليبية والتي *رسبت في النفوس ما رسبت* ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف العمل الثأري والذي يتشكل ويتلون حسب مقتضى الظرف وبصورة ممرحلة ومدروسة لكنه بلغ ذروته بعد سقوط المعسكر الشيوعي والذي كان سبباً في إخفاء كثير من عيوب الغربيين وأفكارهم الإستعمارية الإنتقائية وذلك بسبب التنافس بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي. فوجد الغرب الساحة خالية لإعلان سياسته وإعمالها فإستغلوا ضعف الشعوب والحكومات والذي صنعوه هم بإثارة الفتن الإثنية والدينية فظهرت الأقليات المطالبة بهويتها وثقافتها ومشاركتها في الحكم فتحرك الأكراد في العراق وتركيا وسوريا , كما ظهر الأمازيق في المغرب والبربر في شمال أفريقيا ومشكلة الصحراء الكبرى وجنوب السودان ودارفور والنوبيون في جنوب مصر وغيرهم ... وساعدهم علي ذلك إعتقاد كثير من حكام المسلمين أن بقاءهم في السلطة مرهون بولائهم للغرب فأصبحوا أدوات لتنفيذ السياسة الغربية وتسلطوا علي شعوبهم وقمعوا كل من يرفع صوته ضد الظلم والإستبداد أو ينتقد السياسات الغربية في العالم العربي والإسلامي مما أحبط الشعوب وجعلها لا تعي ما يُراد بها بسبب غسيل العقول الذي يمارسه الغربيون بآلاتهم الإعلامية مدعوماً بالإعلام الرسمي لتلك الدول. ولهذا أصبحت الشعوب والحكومات معاً لا حول لها ولا قوة فبدل أن تكون قادرة علي قراءة الأزمات التي تمر بعالمهم والعالم أجمع قراءة إسلامية صحيحة من خلال إعلام راشد وبدل أن تكون قادرة علي توظيف الأحداث لمصلتحتها , نرى أن الأحداث توظفهم ليخوض غيرهم المعركة بإعلامهم وتُصفى الحسابات بدمائهم وتُمول الحروب التي تنشب في بلادهم بأموالهم ويتقاتلون بالنيابة عن الآخرين كما هو الحال في فلسطينوأفغانستان والصومال والعراق واليمن وباكستان , وما تقوم به المعارضة في إيران ... ويفعلون ذلك ويعجزون عن الوقوف علي ثوابت صلبة وعلي تأصيل الرؤية الإسلامية البديلة بعد أن سقطت الرؤية ذات النزعات القومية والعرقية والعلمانية والطائفية وبعد سقوط الشيوعية وإنهيار الرأسمالية أو في طريقها إلي ذلك , فلما علم الغربيون كل صفات الضعف والهوان هذه في المسلمين صاروا يقبلون علي كل ما يريدون فعله في العالم الإسلامي دون تحفظ أو حساب لأي إحتمال أو ردة فعل لأنهم ضمنوا هذا الجانب في المسلمين وحكامهم فأصحبت لا تخيفهم السعودية وما تنتجه من بترول يساوي 10 مليون برميل يومياً ولا مصر أم الدنيا وصاحبة النصر في حرب أكتوبر ولا الجزائر التي قدمت مليون شهيد في سبيل إستقلالها ولا السودان الذي هزم بريطانيا بثورته المهدية ولا باكستان الدولة النووية فضلاً عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي اللتان لم تخرجا عن إطار السياسة الرسمية والتي يغلب عليها الإنبطاح والإنفراش ... فكل ذلك كان نتيجة حتمية لما قام به الغرب من حصار جوي وبحري وبري فبدأ الحصار البحري بغزو العراق وإقامة قواعد عسكرية في الخليج ثم تطور إلي سيطرة كاملة علي البحر الأحمر , ولم يكن البحر الأبيض إستثناء والذي لم يكن هناك كيلومتراً واحداً إلا وتتحرك فيه بارجة أو زورق أو غواصة , أما الحصار الجوي فيتمثل في الأقمار الصناعية التي ترصد كل شئ. وعندما علموا أن ليس في البحر والجو ما يهدد مصالحهم أو يخيفهم علي الأقل في الوقت الحاضر ركزوا علي الحصار البري فإختاروا أن تكون أرضه أفغانستانوباكستان ووجودهم العسكري في كل منطقة بحراً أو براً أو جواً له أهدافه ولكنها كلها تجتمع لتكون هدفاً واحداً وهو محاصرة الإسلام ذلك العدو الأخضر فتواجد حلف الأطلسي في باكستانوأفغانستان ... كان الهدف المعلن هو القضاء علي القاعدة وطالبان ولكن المنطق والعقل يقولان غير ذلك لأنه ليس من المعقول المقنع أن تُجيش تلك الجيوش وتُجلب كل هذه الآلة العسكرية لمحاربة جماعة مهما يُقال عنهم وعن إمكانياتهم فإنهم ليسوا بدولة ولا جيش نظامي يستطيع مواجهة حلف الأطلسي والمنطقة تبعد عن أمريكا وأوربا آلاف الأميال ... فليس هناك ما يستدعي كل هذا القلق الغربي , لكنه تحت الرماد وميض نار. فهم يريدون أن يكونوا علي مقربة من المفاعل النووي الإيرانيوالباكستاني حتى يأتي الوقت المناسب للإجهاز عليهما وإبطال مفعولهما بإفتعال بعض المبررات وهذا لا يتأتي لهم إلا بخلق فوضى عارمة في باكستانوإيران حتى تضعف الدولة ويعم الهرج والمرج والذي يخلق مناخاً مناسباً لأي خطوة قادمة يكون هدفها المفاعلين النوويين. فبدأوا تلك الفوضى في باكستان بالتفجيرات وبمواجهة الجيش للمواطنين حتى تحصل جفوة بين الجيش والحكومة وبين المواطنين فيفقدون السيطرة علي أوضاع البلاد وتنهار الدولة مما يبرر لهم ما يتخذونه من خطوات لاحقة ضد المفاعل الباكستاني. وفي إيران حركوا المعارضة المغيبة أو الغائبة لتقوم بنفس الدور الذي يجعل إيران في حالة فوضى مماثلة لما يحدث في باكستان فتسقط الدولة وتفقد هيبتها ومقدرتها علي إدارة البلاد مما يجعل الفرصة مواتية لحلف الناتو ليفعل ما يريد. هذا كل ما يجري ويسعي إليه الغربيون من وجودهم في باكستانوأفغانستان ... فعلي الشعوب المسلمة عامة أن تعي ذلك وشعب باكستانوأفغانستان بصفة خاصة عليهم أن يحقنوا دماءهم ويوفروا رجالهم ليوم ما وأن ينتبهوا لما يُراد بهم وأن يأخذوا حذرهم واسلحتهم (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة) فإنتبهوا قبل فوات الأوان ولا ساعة مندم.