بسم الله الرحمن الرحيم -1- تتندر بعض شعوب عديدة عند التواصل العفوي مع السودانيين لارتدائهم ملابس بلون الأحمر الفاقع او الغامق لدرجة ان اهل الشام لهم مثل يقول " بدك تضحك على الأسمر لبسو احمر " ... والمقصود بالأسمر أي احد لونه بشرته هكذا ... وإجابة السودانيين على هذا السؤال انها حالة مزاجية ليس الا !!! مع تداول ( العولمة ) في ابعادها الاجتماعية والثقافية و السياسية ظهرت حالة " سياسية " تسمى بمجموعة ( قرفنا ) لا معلوت كثيرة عن المجموعة الا ما قرأت عنهم في مقال للأستاذ "ابو ذر" علي الأميين " سودانايل " او يوم تدشين بداية انطلاقهم عبر اذاعة ال ( B.B.C) .... حيث ذكر متحدثهم ان مهمتهم الاساسية اقصاء ( الكيزان ) عن الحكم .... وهذا امر مشروع في اطار التداول السلمى للسلطة ... ولكن ما يعيب هذه الحالة التقليد الاعمى لظواهر سياسية نبتت في العالم والاقليم بشكل اخص ... الا ان تلك الظواهر ناضجة الى حد كبير ولها استراتيجيات عميقة بعيدة المدى مثل حركة " كفاية " فالمتحدث ذكر بنفس طائش عبر الإذاعة العتيقة شيء واحد وبلهجة دارجة لا يدركها العديدون من المستمعين . مما يدل على بساطة الطرح وسذاجته الى حد لا تستوي معه قوة الهدف بإزاحة حكم في نفوذ ثورة الإنقاذ وتغلغلها في خلايا المجتمع السوداني . هذه المقدمة لا تنقص شيئا من هؤلاء الشباب حيث أفادوا في مقال لأبي ذر إنهم يعانون البطالة ويعتقدون ان حظوظ العمل ينالها المقربون من الحزب الحاكم في وقت ترتفع نسبة البطالة في الوطن العربي لاكثر من 26% .... هذه النسبة العالية لا ندري نصيب السودان منها الا انها تترك الكثير من التفاعلات الاجتماعية والسياسية . هذه الفئة العمرية بالغة الأهمية لمستقبل السودان ... لم تحظ بقدر لائق من المعرفة بالرغم انهم الاقدر على التعامل مع الوسائط التقنية الجديدة الا ان هناك اتهام واضح يلاحق بعض تلك الفئة انهم يعانون من ضعف عال في المعرفة بصنوفها المختلفة لتؤهلهم للتفاعل مع قضايا بلادهم بشكل عميق يساعدهم على الانخراط في بناء وطن تحيط به قضايا متشابكة ومتداخلة في ان واحد . -2- هذا الحديث لا يصلح للابتدار في قضية لها علاقة بالجيل الجديد الذي لا يستطيع التعبير عن استثراء فادح للسخط و الإحباط .... حيث لا يخلو الظن من غيرة الأجيال التي تمايز جيل عن جيل الا ان الحق يقال ان هذا الجيل له من الوسائل التي تجعله الاقدر على التواصل في ثورة المعلومات المتحكمة في العالم الا ان بعضا منه يتمتع بسطحية مفرطة تجعل الغالب منه عجولا ليست له القدرة على قراءة التاريخ جيدا والاستفادة منه بشيء فيه قدر من العقلانية اطلاق مجموعة ( قرفنا ) لاعلانها يدل على عجلة بالغة وتهافت محزن يجعلان من المراقب إطلاق هذه الملاحظات ... حيث لا توجد جماعة لها مشروع سياسي مبني على اسقاط الحكومة لا هوية لها سوى ابعاد " الكيزان " ... ثم بعد ذلك تنظر للفراغ ... قد يكون اسقاط الحكومة ضمن مشروعها حق واجب السعي لاجله ولكن اين المشروع ؟ ثم اين الوسائل لاجل هذا الهدف ؟؟؟ ... حتى كلمة ( قرفنا ) تدل على سطحية وافرة قد يقول البعض ان الامر يبدو ( مسرحيا ) وكوميديا اكثر من اللازم لان القضايا التي تحيط بالوطن اكثر تعقيدا وسخونة ... حتى الظرف المحيط لا يجعل للدعابة مكان لإطلاق أسماء على مجموعات اخرى تفرخ المزيد من المشكلات على الساحة السودانية . الممعن في النظر لهذه المجموعة مهما صغرت تدل على عرض مزمن تطفح به الساحة الشبابية التي تركت من قبل الاحزاب السياسية والمجتمع المدني والمنظمات الشبابية تحرث الهواء وتقتات من امراض شتى تلازم هذه المرحلة العمرية المفعمة بالحيوية والطاقات المدخرة ... ولذا تتولد أفكارا خلاقة بعضها يناسب مجتمعاتنا والاخر لا يناسبه تماما من حيث الافكار او الطريقة او الوسيلة . -3- ربما أكثر من ذلك اُلقى باللائمة على حالة الفراغ التي حدثت بعد المفاصلة في الحركة الاسلامية ... حيث هموم الدولة المثقلة بالمسائل المعقدة والعداءات والاستهداف جعل الحكومة تتراجع في برامجها الاجتماعية والثقافية حيث نهضت مشكلات تمس الامن الوطني او هكذا كبرت في الأذهان واحتلت الأولوية الأولى إضافة للمشاكسة الساخنة لشريكي الحكم جعلت من هم اهل للثقافة في خضم العمل السياسي وكذلك الحركة الاجتماعية فقدت العديد من كوادرها لصالح السياسة التي لم تصلح شيئا على الاطلاق ... بينما الشق الاخر من الحركة الاسلامية مبوء بالاحساس بالقهر .... والغرق في المكايدات والاصطياد في الماء العكر ... وتركا الساحة فارغة تماما يعبث بها الفراغ مع ازمات معشية خانقة وفضاء مليئ بالتناقضات والحيرة بالاضافة الى مستقبل مظلم في ظل بطالة واسعة من المحيط الى الخليج !!! الحركة الاسلامية التي تستلم مقاليد البلاد مسؤولة تماما ... حيث بيد طرف منها المسؤولية العامة ... فهؤلاء الشباب في ذمتها كما السودان كله الذي يتوق للاصلاح السياسي الذي يمضي حثيثا بانقاذ اتفاقية السلام الشامل ... والذي به نهضة الشباب الذي يحمل هذه التركة الثقيلة الى افاق ارحب ... فالحكومة التي يقع عليها العبء الاكبر ... ان تهتم اهتماما وثيقا ببرامج الاستيعاب الشبابي عبر مؤسسات حيةّ وليست معقدة تهتم بالكسب السياسي اكثر من المعالجة الموضوعية لهموم الشباب فالسودان بلد واسع الامكانات والقدرات التي اذا اسلتهمنا أفكارا مبدعة تستوعب تمرد وطاقات الشباب يمكن ان تحول السودان الى دولة اخرى لا يصيبها من العلات مثل الكسل والمرض والفقر الكثير كل هذا الحديث لا يستوي الا في ظروف عدالة كاملة يشعر بها الجميع . هذا الإحساس لدى مجموعات من الشباب ناقمة على وضعها ... يحتم تحرك فاعل تقوده مؤسسات لها أفكار أنتجت يوما ما رائدات النهضة وشباب البناء ومنظمة نمارق للفنون والأدب والدفاع الشعبي و ... و .... كان هذا في زمن محدود الامكانات وافر الابداع ومن المفترض ان تشتق افكار خلاقة مع سعة الفضاء والرجاء الان لتستوعب منظمات قادمة أكثر تمردا وقلقا وعمقا وتأصيلا من مجموعة ( قرفنا ) التي طرحت " ملصقاتها البرتقالية اللون على كل حوائط المدينة ... لا ادري لماذا اللون البرتقالي... وهذا سؤال اخر !!!!