كنا حضورا في احدى اجتماعات منظمة الاممالمتحدة فرع ويلز وكانت تجاورني احد عضوات المنظمات النسوية وأظنها منظمة عتيقة تهتم بكل قضايا النساء في ويلز وكنا وقتيها أعضاء معا في هذه الجمعية(جمعية الاممالمتحدة) والحقيقة اني كنت الملون الوحيد الذي يجالسهم في اجتماعاتهم الدورية والتي تعقد في مدن المقاطعة المتعددة وبشكل دوري..الملفت في السيدة روث هي انها خلوقة وفِي قمة الذكاء وبها مسحة جمالية وقليلة الكلام ومستمعة جيدة..بعد نهاية ذلك الاجتماع اخذتها جانبا وتحدثت اليها عن الاتحاد النسائي السوداني ودوره في العمل العام وسط النساء في السودان ومن وقت مبكّر وكان له دور في الوعي النسائي وبعد ذاك الحديث اقترحت عليها ان تتولى دعوة السيدة الوقورة والوطنية فاطمة احمد ابراهيم رئيسة الاتحاد النسائي السوداني وقد وافقت فورا على الفكرة من حيث المبدأ لكنها ذكرتني انها لابد ان ترجع لزميلاتها في الجمعية وعرض هذا الامر عليهن.. البريطانيون يحترمونك ان كنت تملك اي شيء يفيد البشرية حتى ولو كنت منظرا فانهم يستمعون اليك وشاهدي ركن المتحدثين هايد بارك كورنه في اعرق وأشهر حديقة في بريطانية والعالم فهناك يجتمع الناس كل يوم احد وهو يوم عطلة نهاية الأسبوع وذلك لكي يستمعوا الي المتحدثين الذين وكل له بضاعة فكرية يريد ان يقنع بها الناس وقد يذكرك ذلك بأيام اثينا وقت مجدها الفلسفي..اما أولئك المتحدثون فانهم يلقون خطبهم والنَّاس متحلقون حولهم ولا احد يتذمر ولا بوليس سري ولا جهري ولاجماعة قوش اوعطا يحومون حولهم انها الحرية صحبي.. اتصلت عليّ روث وسألتني المزيد من المعلومات عن فاطمة احمد ابراهيم وقد افحمتها بمعلومات عن الست الغالية وفغرت فاهها عندماعلمت انها(فاطمة) تعتبر اول امرأة تنال شرف عضوية برلمان منتخب ليس فقط في السودان ولكن على المحيطين العربي والافريقي وقد دخلت ام احمد الي ذلك المبنى العتيق (البرلمان) لتجلس كتفا بكتف مع عمالقة واساطين نواب ذاك الزمان وفيهم المحجوب وزروق وشداد ونقدالله وخليل وغيرهم وغيرهم من كل الاطياف السياسية بل كانت تقارعهم الحجة بالحجُّة مدافعة وبشراسة دبلوماسية عن حقوق المرأة والتي بدأتها في وقت مبكّر مع زميلات لها عند بداية تأسيس الاتحاد النسائي السوداني وقد بدأت ذلك العمل الجليل في زمن وجود الاستعمار الانجليزي للبلاد..عندما خلصت من حديثي مع روث عن السيدة فاطمة وعدتني ان تعود ثانية وبعديها بأيام اتصلت على كما وعدت وحددنا معا موعدا للاستاذة وموضوع الندوة ومكانها..حملت مشاعري واتصلت بالاستاذة فاطمة تلفونيا وكانت متواجده بلندن..حقيقة انا لم ارى هذه السيدة من قبل ولكن هل يخفى عليّ البدر؟ كلمتها وانا مشبوب بعاملي الرهبة والرغبة، الرغبة في ان توافق والرهبة بسبب الحديث لسيدة اعرف تواضعها ولكنني لا اعرفها شخصيا وتلك طبيعة البشر..وافقت الاستاذة فورا ويا للفرحة وبدون تحفظ ولم تسال فيمن اكون والي أي حزب او اتجاه سياسي انتمي وكل الذي اذكره انها شكرتني بكلمات مشبوبة بنبرة وشي يسير من الحسرة استشفيتها منها فقد كانت خارجة لتوها من صراع نقابي وحزبي جامد بعد مجالدة شديدة سببها ان بناتها من شابات الاتحاد النسائي قررن إقصائها من زعامة الاتحاد وطبعا هذا امر حزبي وتنظيمي لا شان لي به..انفعلت هذه السيدة الغالية وقالت لي مامعناه انتو يا السودانيين اهل شهامة وعزوة ومروة واتمنى يوم شكركم ما يجي، بالله كيف انك ياسيدتي امرأة سودانية اصيلة تحمل قيم أمة ومسؤلية الأمومة والنبل.. وفِي يوم الندوة تحدثت الاستاذة فاطمة حديثا بلغة انجليزية رصينة عن حال البلاد وعن الصلف الذي يحكم به جماعة الهوس الديني في السودان وعن الحريات العامة وتطرقت الي وضع المرأة في ظل هذا النظام القمعي واشارت الي نضالها وزميلاتها في سبيل محاربة الجهل والتخلف وقد نال حديثها احترام الحضور وكان ذلك في مدينة ابرقفني وهي مدينة اشتهرت بان غالبية سكانها من اصحاب المعاشات واكثريتهم ياتون من إنجلترا ويمتلكون البيوت والتي غالبا ماتكون على هيئة بنقلو.. لك مني ومن اسرتي كل التحايا يا ام احمد وسلام عليك يا أيقونة العمل العام وبواصل.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.