قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    (مليشيا البيع العشوائي من الرصيف للأمن القومي)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    توقُّف تكية الفاشر عن استقبال التبرعات نسبةً لانعدام السلع الأساسية في أسواق المدينة    قرعة بطولة دوري أبطال إفريقيا .. المريخ يبدأ المشوار من الكونغو والهلال من جنوب السودان    نقل جمارك حاويات سوبا الى منطقة قري شمال بحري    عدد من الوزراء يؤدون القسم أمام رئيس مجلس السيادة    قرعة أبطال افريقيا..الهلال السوداني في مواجهة سهلة نسبيًا أمام جاموس جنوب السودان.. والمريخ في اختبار صعب أمام وصيف الكونغو    ثنائي ريال مدريد مطلوب في الدوري السعودي    شاهد بالفيديو.. والي نهر النيل: (سنهتم بالسياحة ونجعل الولاية مثل جزر المالديف)    يعني شنو البروف المنصوري في طريقه الى السودان، عبر السعودية، وياخد أيام    موسى حسين (السودان): "المشاركة في بطولة "شان" توتال إنيرجيز حُلم طفولتي وسأسعى للتتويج بلقب فردي بقوة"    مجلس الإتحاد المحلي الدمازين الرصيرص يجتمع ويصدر عددا من القرارات    شاهد بالفيديو.. في تصرف غريب.. فتاة سودانية تقتحم حفل رجالي وتجلد نفسها ب"السوط" بعد أن رفض الحاضرون الإستجابة لطلبها بجلدها أسوة بالرجال    شاهد بالفيديو.. ردد: "شكراً مصر".. طفل سوداني يودع القاهرة بالدموع ويثير تعاطف الجمهور المصري: (ما تعيطش يا حبيبي مصر بلدك وتجي في أي وقت)    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    شاهد بالفيديو.. ردد: "شكراً مصر".. طفل سوداني يودع القاهرة بالدموع ويثير تعاطف الجمهور المصري: (ما تعيطش يا حبيبي مصر بلدك وتجي في أي وقت)    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يهرب إلى تشاد ويظهر وهو يتجول في شوارعها والجمهور يسخر: (مرق لا زوجة لا أطفال حليلي أنا المآساتي ما بتتقال)    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    "الكتائب الثورية" .. إقامة أول مباراة كرة قدم في استاد الخرطوم الدولي منذ اندلاع الحرب    "باشات" يكشف عن دلالات سياسية واستراتيجية لزيارة رئيس الوزراء السوداني لمصر    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    رئيس المخابرات حمل رسالة ساخنة.. أديس أبابا تهدد بورتسودان    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناهضة اجراءات الرئيس الامريكي ترمب الخاصة بالهجرة: جهر العالم وإسرار السودان .. بقلم: د. فتح الرحمن القاضي
نشر في سودانيل يوم 03 - 02 - 2017


بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ليس بخاف أن الخارجيةالامريكية فرضت شروطا قاسية في ذروة تأزم العلاقات السودانية الامريكية حدت بموجبها من تحرك الدبلوماسيين السودانيين بنيويورك في اطار جغرافي معين بحيث لا يحق لاي منهم تجاوز دائرة لا يكاد يتجاوز نصف قطرها حوالي خمسة وعشرون ميلا ، علاوة علي تعقيد اجراءات حصول الدبلوماسيين السودانيين علي تاشيرة الدخول لامريكا فما كان من وزارة الخارجية السودانية الا ان لوحت باصدار قرار يقضي بحصول الدبلوماسيين الامريكان علي التاشيرة من البرازيل.
ما ان اتخذت الخارجية السودانية هذا الاجراء حيال الدبلوماسيين الامريكان في اطار ما عرف بسياسة المعاملة بالمثل حتي سارعت السلطات الامريكية الي الغاء الاجراءات التعسفية والقيود التي اتخذتها بحق الدبلوماسيين السودانيين، تفادياً للمصاعب الجمة التي يمكن أن تترتب علي الحصول علي تأشيرة دخول للبرازيل وهو امر جد عسير نسبة للقيود التي تفرضها الخارجية البرازيلية علي الامريكان، فضلاً عن مباشرة اجراءات الحصول علي تاشيرة الدخول للسودان من السفارة السودانية بالبرازيل ؟!. في هذا السياق ندعو للتأمل في مغزي القصة المذكورة آنفاً كل من ابدي قدرا من التحفظ علي معاملة الامريكان بالمثل خشية ان ينعكس ذلك سلبا علي سجلنا الهش الذي يخضع للرقابة خلال الست اشهر القادمات.
واقع الامر أن حرصنا علي تعزيز العلائق مع الامريكان، وهو أمر قمين بالسعي والتقدير، لا ينبغي ان يكون علي حساب الكرامة الوطنية باية حال من الاحوال الامر الذي يحتم تأسيس العلاقات السودانية الامريكية علي قاعدة صلبة من الاحترام والمحبة والتوادد الواجب توفرها بين الشعوب لا علي موجبات الرهبة والخوف من امكانية تطوير الادارة الامريكية الجديدة لمواقف سالبة تجاه البلاد من الممكن أن تفضي تلقائياً الي نقض وابطال قرار ادارة اوباما برفع العقوبات .
اقامة العلاقات السودانية الامريكية علي قاعدة صلبة من الندية يتم عبرها تبادل المصالح والمنافع التي تصب في مصلحة البلدين عوضا عن ان تنشأ هذه العلاقات بصورة عرجاء غير متوازنة وتميل لخدمة احد الاطراف علي حساب الطرف الاخريصبح أمرا لا مندوحة عنه ولا مشاحة فيه.
من الجيد بمكان ان تستدعي الخارجية السودانية القائم بالاعمال الامريكي لابلاغه رسالة احتجاج علي استهداف المواطنين السودانين بالقرار الاخير علما بان السودانيون يملكون سجلا مشرفا علي مستوي العالم في احترام القانون ومجانبة العنف إذ لم يعهد عن السودانيين ضلوعهم في اي اعمال عنف او ارهاب ...بيد أن هذا الموقف ليس كافيا فالخارجية ااسودانية مطالبة باصدار بيان اكثر وضوحا وصرامة تجاه قرارات ترمب سيما وان ذات القرارات تلقي مناهضة عظمي من قبل طوائف واسعة من الشعب الامريكي نفسه الذي خرجت جموعه الغفيره في تظاهرات عارمة للتعبير عن الرفض ، فضلا عن اصدار القضاء الامريكي للعديد من القرارات التي تبطل انفاذ الاوامر التنفيذية التي اتخذها الرئيس ترمب، الي جانب المواقف المنسقة التي تعتزم الدوائر الحقوقية في اكثر من ستة عشر ولاية تصعيدها في مواجهة الاوامر التنفيذية الانتقائية الخاصة بالهجرة.
معلوم أن الخارجية السودانية أصدرت مؤخراً بياناً لا يرقي لمستوي الحدث علي لسان الناطق الرسمي للوزارة غلبت عليه لهجه اعتذارية (Apologetic Tone ) اكثر من كونه خطاباً صريحاً ينتصف لامة السودان فيما لحق بها من حيف، فيما كان يتعين علي وزير الخارجية نفسه أن يتصدي للبيان والتبيان في مسألة تمس السودان في سمعته وكرامته سيما وأن التصريح والبيان بمناهضة اجراءات ترمب جاءت مباشرة علي مستوي قادة الدول والحكومات بحيث أنه لم يبق رئيس غربي او مسئول اممي الا وتحدث مباشرة في سياق نقد القرارات الامريكية الخاصة بالهجرة. وعلي سبيل المثال ها هي المستشارة الالمانية ميركل تعلن بجراة تحمد لها أن (القرارات الامريكية ضد الاسلام) ، وها هو الرئيس الامريكي السابق اوباما ينتقد ترمب قائلاً ( القرارات تكرس للعنصرية والتمييز بين الاديان)، وها هي الامم المتحدة نفسها تنتقد القرارات بشدة بوصفها تتناقض مع (حقوق الانسان) وفي اخر افادة له يصرح غوتيرس الامين العام للامم المتحدة بأن قرارات ترمب لا تمثل الطريقة المثلي لحماية امريكا من الارهاب مطالبا الحكومة الامريكية برفع حظر السفر ، وها هو بابا الفاتيكان يشجب القرارات مستدعيا بعض اهم اقوال سيدنا عيسي التي تحض علي معاملة الناس علي قدم المساواة وعدم التمييز بينهم، وها هي حتي (مادلين اولبرايت) المتهمة عندنا في كثير من الجوانب تتصدي للمنافحة علي نحو يثير الدهشة من خلال التصريح بان هذا الامر اذا لم يعاد فيه النظر فهي سوف تسجل للاسلام او شيئ من هذا القبيل ؟! هكذا تحدث قادة الامم الاخري منافحين عن قيم المساواة والحريات وعدم التمييز في المعاملة بين الاديان ذاكرين الاسلام علي وجه التعيين رغم كونهم لا ينتمون لدين الاسلام فما بال وزير خارجية السودان يتواري محيلا التصريح للناطق الرسمي باسم الوزارة ليخرج علينا ببيان لا يكاد يشفي الغليل؟!. وما بال رئيس البلاد نفسه يمتنع عن الحديث في امر جلل كان ينبغي ان يكون له فيه مقال إن لم يكن اعلاءا للدين واظهاراً لمجده فليكن انتصاراً لكرامة الشعب السوداني وقيمه ومبادئه التي تتعرض لاقسي اختبار؟!!.
ونحن إذ نرقب ردود الافعال الجريئة التي تتوالي من مختلف قادة العالم ورؤسائة بازاء قرارات الرئيس ترمب في شأن الهجرة فاننا نري بانه حق لا بل واجب علي السلطة التي تحكمنا، لا بل تتحكم فينا، أن تخرج عن صمتها لتقول شيئاً سيما وأن هنالك أمر جلل يمس هوية الامة السودانية يستدعي الحديث ولم يقال فيه مقال ؟!
وفي سياق كهذا يجدر بنا استدعاء الحديث القدسي: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ، لا يَقُومُ بِهِ فَيَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَيَقُولُ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : يَا رَبِّ ، خَشْيَةُ النَّاسِ . قَالَ : إِيَّايَ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَى" . )
إذا فإن مطالبة ادارة ترمب ومن خلفه الحزب الجمهوري الحاكم بضرورة احترام الحريات الدينية ورعاية مبادئ حقوق الانسان والمساواة بين الاديان بما فيها المسيحية واليهودية والاسلام تبقي أمر لا يمكن السكوت عليه او التغافل عنه من باب الخشية ، ذلك انه قد وضح جليا بان القرارت الصادرة عن ادارة ترمب تعمل علي تكريس التمييز الديني ضد المسلمين وتستهدفهم علي نحو خاص لا بل تضعهم جميعا في موضع اشتباه بالانتماء الي الارهاب وهو تصنيف موغل في الجور مما يستدعي رفضه والاجتهاد لمناهضته من قبل قادة الدول والقوي المحبة للتعايش السلمي بين الاديان قبل أن يكون فرض عين علي النشطاء في مجال حقوق الانسان.
ثم أن ما يستدعي الشجب والادانة هنا أن الاجراءات الامريكية طالت فيمن طالت سيدة سودانية محترمة ، الاستاذة نسرين الامين، التي تم تفتيشها في اماكن حساسة من جسدها ، علي حسب قولها ، ومن ثم تقييدها بالسلاسل مما دفعها للانخراط في نوبة من البكاء مع العلم ان السيدة المعنية من حملة البطاقة الخضراء وتملك بالتالي اقامة دائمة بامريكا وتعمل علي انجاز دراسة عليا في علم الاجناس البشرية Anthropology ، والحال هكذا فلا اقل من ان تحتج الخارجية السودانية علي المعاملة غير اللائقة التي تلقتها الاستاذة نسرين في مطار JFK . ويكتسب الاحتجاج حجيته من باب ان السلطات الامريكية تمتلك من التقنيات الكاشفة ما يعينها علي اجراء مسح كامل لجسم المشتبه به دون لمس شعره من جسده فما بالك بتقييد سيدة بالسلاسل ، غض النظر عن جنسيتها ، والطواف بها بين ردهات المطار ؟!.
لا يستطيع احد بالطبع ان ينكر علي السلطات الامريكية أن تتخذ ما تشاء من اجراءات للحفاظ علي سلامتها وامنها ولكن هذا لا ينبغي ان يكون علي حساب كرامة الانسان ، اي انسان، ناهيك ان يكون في مواجهة سيدة محترمة هي في طريقها للحصول علي الجنسية الامريكية في غضون أعوام قلائل مما يقتضي معاملتها بعيدا عن اساليب (الفظاظة) ووفق قواعد اللياقة والتهذيب . ومن باب حرصنا علي الإعلاء من شأن قيم الكرامة الانسانية فاننا نرفع صوتنا عاليا بالاحتجاج من منصة المجتمع المدني السوداني علي المعاملة غير اللائقة التي لقيتها نسرين الامين وربما المئات من جنسيات أخر . وفي سياق متصل ربما سمعنا بقصة الطفل الايراني البالغ من العمر خمسة اعوام وهو يعاني من الاحتجاز في مطار دالاس مما دفع المحيطين به ان يحتفوا بعيد ميلاده الذي صادف اوان الاحتجاز ، وهو ما يضاف الي العديد من القصص والغرائب التي سمعنا بها الامر الذي يتنافي مع روح المواطن الامريكي العادي الذي يمقت الغلو ويجنح نحو التسامح والاعتدال ؟.!!
ونود أن نسجل هنا باننا لا نملك الا أن نحتفي بحيدة القضاء الامريكي ونزاهته واستقلاله اذ لولا حكم القاضية الامريكية بابطال قرار الرئيس ترامب لكان مقضياً علي نسرين، والطفل الايراني، فضلا عن مئات الاشخاص ، أن يظلوا رهن المعاناة والاحتجاز وسائر الوان المعاملة القاسية حتي يومنا هذا ؟!. وعلي كل حال تبقي حيدة القضاء الامريكي ونزاهته مدعاة للفخر ليس لأمة الامريكية لوحدها وانما لسائر شعوب المعمورة التي تطمع في الأخذ باكثر الفضائل والقيم الامريكية سبقا وتقدما وهذا ما سنفرد له مساحة اخري للتحليل. في سياق مقال بعنوان (لم لا نأخذ من امريكا أفضل ما لديها من قيم).
وفي سياق استعراض التصريحات المساندة للسودان نجد لزاماً علينا الاحتفاء بشهادة عظيمة النفع تفضل بها بروفسور قندرمان رئيس قسم الاشعة واستاذ الاشعة الاكلينكية بجامعة انديانا الذي شرف البلاد مؤخرا في اطار مبادرة كريمة من قبل اختصاصي الاشعة بالتعاون مع الباشمهندس وداد يعقوب وابنتها الدكتورة راضية جمال عثمان التي تجري تخصصا في الاشعة بامريكا والدكتورة درية الريس حيث حظينا جميعا باحتفالية رائعة في فندق السلام بمشاركة بروفيسور قندرمان في مسع كريم لاستقطاب الدعم لتأهيل قسم الاشعة بمستشفي سوبا.
ما لقيه الزائر قندرمان وزملائه الكرام من الوان الاحتفاء خلال زيارتهم القصيرة للبلاد كان كفيلا بان يجعل منه رسولا للسلام والتعاون والمحبة حيث كتب مقالا رصيناً يخاطب فيه الرئيس الامريكي ترمب والشعب الامريكي يشهد فيه بما رآه في السودان ويدون فيه انطباعاته عن السودانيين والاسلام منتقدا في ذات الوقت قرار الرئيس الامريكي... زيارة بروف قندرمان وصحبه التي جاءت بمبادرة كريمة من قبل الباشمهندس وداد يعقوب والدكتورة راضية واختصاصي الاشعة وادراة مستشفي سوبا لهي بادرة ممتازة قمينة بالاشادة والتقدير مما يحفزنا للدعوة بتكرارها باعتبارها احد افضل النماذج في مجال الدبلوماسية الشعبية لبناء وتوطيد العلائق بين الامم والشعوب.
وبغض النظر عن الموقف من النظام الحاكم، موالاة ام معارضة، فانه من المعلوم أن وطئة العقوبات والمقاطعة الامريكية القت باثارها السالبة علي الوطن والمواطنين اكثر من تاثيرها علي السلطة الحاكمة ومنسوبيها. وفي هذا السياق ينبغي ان لا يغيب عن الاذهان انه في الوقت الذي استبشرت فيه الامة السودانية بانفراج وشيك في العلاقات السودانية الامريكية من بعد طول خصام فقد جاءت القرارات الامريكية الخاصة بالهجرة لتسد الطريق امام تواصل مرجو كانت فصائل الشعب السوداني تعتزم اجراؤه خلال الاشهر القادمات لضمان سريان القرارات الايجابية التي اتخذتها ادارة اوباما مؤخرا بحق السودان. وبموجب قرارات ترامب ربما لا يكون بمقدور العاملين في مجال الاعمال من رجال ونساء، والمهندسين والاطباء وما سواهم من اصحاب المهن التواصل مع رصفائهم الامريكان مما يضعف من فرص قيام حوار تفاعلي بناءConstructive interactive Dialogue) ) بين الطرفين الامريكي والسوداني خلال فترة الاختبار المتبقية المقدرة بنحو خمسة اشهر خاصة وان قرارات ترمب سوف تسري لمدة لا تقل عن اربعة اشهر تقريباً وفي حالة كهذه لن يكون متاحا للحكومة الامريكية سوي التلاقي والتفاكر مع الدبلوماسيين وممثلي المؤسسات الرسمية والامنية .
جانب اخر لا يقل اهمية وهو أن مؤسسات المجتمع المدني التي تحمل الصفة الاستشارية لدي المجلس الاقتصادي الاجتماعي للامم المتحدة لن يكون في مقدورها التواصل مع رصفائها من الشركاء في هيئة الامم المتحدة وهو حق اصيل كفلته مواثيق الامم المتحدة مما يحتم علي الحكومة الامريكية تيسيره لا عرقلته خاصة وهي تستضيف المقر الرئيس لهيئة الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بنيويورك . وبالمحصلة النهائية فانه مقدر لصوت المجتمع المدني والمؤسسات غير الرسمية وطوائف الشعب السوداني الاخري أن يبقي خافتا او مغيباً علي المستوي الامريكي والاممي فيما يتم التقرير في شأن ما ينبغي ان تؤول اليه العلاقات السودانية الامريكية في المستقبل المنظور.
وفيما تطمح فئات الشعب السوداني الي ارتياد افاق جديدة في العلائق السودانية الامريكية فهي تطالب برفع قرارت الرئيس ترامب بشأن الهجرة مما يكفل استئناف التواصل البناء بين الشعبين السوداني والامريكي . وفي هذا الاطار نحن ندعو لبناء الثقة ، ونبذ الخطاب المتطرف الذي شاب العلاقات الامريكية السودانية خلال بعض حقب الانقاذ علي شاكلة (امريكا دنا عذابها ) علي ان تسود في محله شعارات وخطب جديدة تدعو الي التعايش السلمي والتسامح والتعاون البناء بما يعود بالنفع علي الشعبين السوداني والامريكي ، إجراء كهذا هو أقل ما ينبغي ان ينهض به قادتنا لا ان يركنوا لهذا الصمت المريب. ونحن اذ نؤكد علي هذه المعاني السامية نؤكد بانه من الخطل بمكان استبدال (شعارات الافراط ) التي كانت سائدة خلال عهود العداء والخصومة بين البلدين (بشعارات التفريط ) التي يود البعض ان يفرضها علينا نهجا في التعامل مع الحكومة الامريكية وشعبها خلال الحقبة القادمة .
وتبقي الرغبة في تطوير العلاقات بين البلدين وتعزيزها هي رغبة صادقة مما يحتم علي الطرفين الامريكي والسوداني علي مستوي الحكومات والشعوب العمل علي خدمتها وتجسيدها بنفس الهمة وبذات القدر في واقع البلدين، ذلك ان مهمة كهذه ليست مسئولية الطرف السوداني لوحده وانما هي مسعي مشترك يتناصر في النهوض بمسئوليته كلتا البلدين...
وبما أن امريكا التي نعرفها دائما ما تطمح للمعالي وتجنح الي تأسيس علائقها من موقع العزة والاعتداد ، فلا ينبغي لنا كأمة أن نقنع بالتموضع في موضع المزلة والهوان والارتكاس ، ولن نرضي بدورنا لعلاقة مطردة نرجوها لامتنا مع الامريكان أن تتأسس أو تنمو الا وفق مرتكزات وقيم الكرامة والوعي والعزة والاقتدار.
د. فتح الرحمن القاضي
ناشط حقوقي
رئيس جماعة مدافعون عن حقوق الانسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.