أرجع بعض المراقبين تأخير إعلان حكومة الوفاق الوطني في السودان لخلافات في قوائم الأحزاب المشاركة، وصراع على السلطة. وأعلن الرئيس السوداني، عمر البشير، قبل أكثر من أسبوع، اكتمال المشاورات حول تشكيل الحكومة، مؤكداً أن إعلانها سيكون خلال أيام، لكن ذلك لم يحدث. وشهدت الساحة السياسية في البلاد معارك عديدة بسبب اقتسام كعكة السلطة التي وصفها الرئيس نفسه بأنها «صغيرة» في وجود أياد كثيرة. وحسب مؤتمر الحوار الوطني الذي تتم على أساسه المشاركة في الحكومة ينتظر 77حزبا و34 حركة مسلحة و75 شخصية قومية مناصب تنفيذية أو تشريعية. وبدأت ملامح الخلاف في حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي أعلن قائمة ممثليه في الحكومة والتي شملت ثلاثة وزراء وثمانية أعضاء في البرلمانين (القومي ومجلس الولايات). وتسبب هذا الإعلان في استقالة أمينه السياسي لأسباب متعلقة بملف الحريات. وضرب الخلاف، الحزب الاتحادي (الأصل) وذلك بتقديم قائمتين للمشاركة، وهنالك رواية أخرى، تفيد أن الحزب طالب بتمثيل أرفع في الحكومة المقبلة. أما الحزب «الاتحادي الديمقراطي»، فقد وصلت صراعاته إلى المحاكم وهو السيناريو نفسه الذي أصاب حزب «الأمة» الذي يشارك في الحكومة برئاسة الدكتور الصادق الهادي، فقد رفع الأخير دعوى قضائية ضد مبارك المهدي بحجة أنه يستخدم اسم الحزب في لقاءاته ومشاوراته مع الحكومة. وحسب الكاتب الصحافي محمد وداعة، فإن «أكبر الإشكالات التي تواجه الحكومة المقبلة هي عدد الراغبين بدخولها وقلة الحقائب، إضافة لاختلاف القادمين الجدد وعدم وجود قاسم مشترك بينهم سوى السعي للسلطة». وأضاف، أن «المؤسف هو الخلافات التي عصفت بالمجموعات المشاركة»، مشيرا إلى أنها «خلافات في المناصب وليس حول الحريات ومعاش الناس». وتابع:«حتى الحزب الحاكم لم ينج من هذه الخلافات حيث حملت الأخبار أن مكتبه القيادي لم يتفق حتى الآن على أسماء ممثليه في الحكومة». وأعتبر أن «ما يحدث الآن يؤكد صحة موقف الجماعات والأحزاب التي لم تشارك في الحوار، وذلك محاولة لإضاعة الوقت وإطالة لعمر الحزب الحاكم». وأكد أن «الخاسر الأكبر في ما يحدث الآن هو الشعب السوداني»، مؤكداً أن «ممثلي الأحزاب والحركات المسلحة في الحكومة المقبلة سيكونون نسخة من أعضاء حزب البشير وسيبصمون على كل القرارات». وقال المحلل السياسي، محمد الفكي سليمان إن «الحكومة المقترح اعلانها بنيت بصورة أساسية على حوار امتد لسنوات». وأضاف: «من المعروف لجميع المتابعين أن الفكرة الأساسية للحوار كانت محاولة إعادة الترابي (عراب الانقلاب) للملعب السياسي بصورة تحفظ له ماء وجهه، لذلك أرجح أنه كان يحتوي على تفاهمات سرية مثله مثل كل تحركات الحكومة». وقال أن «رحيل الترابي المفاجئ أثناء مؤتمر الحوار الوطني، جعل الحوار بدون قيمة، إذ أصبح مسرحا للحكومة وحلفائها، وكانت الحكومة قد حشدت عدد غير معقول من الساسة المغمورين لترجيح كفتها ثم لم تعد تحتاج لهم بعد أن فقد الحوار معناه، بينما يرى هؤلاء الساسة أصحاب الأوزان شبه معدومة أنهم قاموا بعملهم كاملا وبالتالي لا دخل لهم بتقديرات الحكومة. وهم الآن يطالبون بالثمن». واعتبر أن «رحيل الترابي خلق حالة سيولة عالية داخل المؤتمر الشعبي، الحزب صاحب الثقل الأكبر في الحوار، وأصبح الحزب الآن مثل صف دراسي من المشاغبين بعد خروج المعلم. وشهدنا لأول مره في تاريخ الحزب ملاسنات بين أعضائه بل وتطاولهم على الأمين العام». ورأى أن «كل الأمور حاليا مرشحة للانفجار في كل الجهات المشاركة في الحكومة، فإذا أضفت ما يحدث داخل الاتحاد الأصل الذي لا تعرف الحكومة مع من تتحدث فيه». ويبين الفكي أن «براعة الحكومة في اللعب بالبيضة والحجر ضعفت جدا في ظل فوضى عظيمة صنعتها بأجهزتها وهو الأمر الذي يربك المشهد السياسي برمته الآن». ///////////////////