لعل موضوع الخطأ والصواب من أكثر المواضيع التي أثيرت حولها التساؤلات طيلة مسيرة تطور البشرية؛ فمفهوم الخطأ والصواب متغير من ثقافة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر؛ فما يراه البعض خطأ يراه البعض صوابا في مكان آخر، والعكس صحيح. ثقافة الدول العربية والإسلامية لديها معايرها الخاصة فيما يتعلق بالصواب والخطأ، خصوصا في علاقة الرجل بالمرأة؛ فأخطاء الرجال في المجتمعات الشرقية تعد صغيرة مهما بلغت درجتها، ولاتحتاج لطلب غفران مجتمعي، وأخطاء النساء لامعة جداً لدرجة أنها تحتاج لصكوك الغفران المجتمعي، حتى وإن كانت متناهية في الصغر. الديانات السماوية؛ كواحدة من اهم معاير تحديد مفهوم الصواب والخطأ، لم تفرق بين الرجال والنساء في مفهوم الخطأ، لكن المجتمع أعطى نفسه حق هذا التميز؛ فيتربى الرجل على أساس أنه (راجل). وبما أنه كذلك لديه الضوء الأخضر ليفعل ما يشاء، ودائما ماتتردد مقولة: (إن ليس للرجل ما يعيبه مهما فعل). هذا السماح المجتمعي اغرى كثير من الرجال بقطع الشارات الحمراء دونما اكتراث، ولماذا يكترثون طالما أن ثمة مجتمع مهيأ نفسيا ليتجاوز عن كل اخطائهم.!! أما المرأة فتربى على أساس أنها إمرأة، وكونها هكذا فهذا يطلب منها أن تضع نفسها في السياق الذي وضعه ورسمه لها المجتمع، وألا تحاول الخروج منه. سياق يحاول تجريدها من انسانياتها واختزلها في مجرد جسد مثير لشهوات الرجال، لذا عليها أن تتجنب الوقوع في الخطأ، لأن المجتمع لن يتعامل مع خطاياها بعيدا عن التمييز النوعي. ومن الازدواجيات الغريبة أيضاً في تعاطي المجتمع مع الخطأ هو أن خطأ الرجل فردي، كأن يقال: (أخطأ فلان وفعل كذا)؛ فيسب فلان. أما إذا اخطأت إمرأة فإن اللعن والسب يطال كل النساء؛ فالعقل الجمعي للمجتمع يفكر في المرأة على أساس أن المرأة لا يأتي من ورائها خيراً؛ فخطأ واحدة فقط ممكن أن يستخدم كدليل لتأييد نظرية متجزرة في لاوعي المجتمع، وهي أن المرأة عبارة عن خطيئة تمشي على قدمين. فإن كان خطأ المرأة مقبولاً دينيا: بمعنى إن الله يقبل توبة المخطئي دونما إشارة إلى أن الله يقبل توبة الرجل ويرفض توبة المرأة؛ فباب التوبة مفتوح أمام النساء والرجال عند المولى عزّ وجل، أما في المجتمع فباب التوبة مفتوح أمام الرجال ومغلق أمام النساء. ونحن نستظل بشهر مارس الشهر الذي اختير يومه الثامن كيومٍ عالمي للاحتفاء بالمرأة والتوعية بقضايها، ولفت الانتباه للمعاناة التي تعيشها في أماكن كثيرة من العالم، اعتقد أن أكبر قضية يحب أن نتحدث فيها بصوتٍ عالٍ ونجترح بشأنها التوعية هي قضية الغفران المجتمعي. فإن توافق مجتمع ما على تجريم سلوك من ناحية دينية أو مجتمعية أو عرفية: يجب عندها أن نتعامل مع هذا الخطأ على أساس الخطأ وليس على أساس تميز نوعي لمرتكب الخطأ: هل هو رجل أم امرأة؟ يجب ألا ندخل الرجال تحت مظلة الغفران المجتمعي ونلفظ المرأة بعيدا، ومادام رب العباد فتح أبواب المغفرة؛ فلماذا نوصدها نحن. ملحوظة: ليس ثمة أخطاء لامعة وأخرى أقلّ لمعان، فقط لأن مرتكبها رجل!! حاجة أخيرة : نون النسوة في تلك الرسالة لاتليق بي،. اصدقك القول حتي لو كانت ياء المخاطب ما عادت تعنيني.