ريال مدريد ينهي خلافه مع مبابي    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    تدني مستوى الحوار العام    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبج : في اكبر ميزانية للانقاذ صرفت 18 مليون جنيه للزراعة من جملة مصروفات تبلغ 22 مليار جنيه
نشر في سودان موشن يوم 24 - 01 - 2014

اكد الاستاذ محمد ابراهيم عبده كبج ان سلطة الانقاذ اهملت تنمية الزراعة اهمالا تاما .
وفى حوار شامل مع صحيفة (حريات) ننشره على حلقتين، قدم كبج كنموذج اكبر ميزانية من ميزانيات الانقاذ – ميزانية عام 2008م – التى خصصت للزراعة مبلغ 360 مليون جنيه، اى ثلث مليار من جملة 22 مليار، والأنكى من ذلك عند الدفع العملي دفع للزراعة فقط 5% من الميزانية المخصصة اي 18 مليون جنيه فقط. 18 مليون جنيه من جملة مصروفات تساوي 22 مليار .
واضاف الخبير الاقتصادى كبج ان سد مروي كلف 1.6 مليار دولار كقرض لم ندخرها من اموال البترول للاجيال القادمة ، وصاحبته مشاريع طرق وكباري ومستشفى ومطار دولي للعمرة والحج ومشروعات اخرى كلفت 1.6 مليار دولار اخرى، أي سد مروي والمشروعات المصاحبة دفعنا له 3.2 مليار دولار. فى حين تكلف تعلية خزان الروصيرص 500 مليون دولار ، ولو اننا لم نذهب في طريق سد مروي والمشروعات المصاحبة بل في طريق تعلية الروصيرص لتمكننا من الاستفادة من نصيبنا من مياه النيل .
وقال كبج ( ... مشروع الرهد وكنانة كانت الانقاذ في ايامها الأولى تريد اقامته عن طريق الطوارى ولكن حينما اتيحت الأموال بالدولار لم تسعفهم للقيام بهذا المشروع الهام وحجمه 2.6 مليون فدان وهو اكبر من مشروع الجزيرة الذي هو اكبر مشروع في الشرق الأوسط وأفريقيا. وكان ممكن يكون منتج. الآن أسعار العلف في بورتسودان ارتفعت الى 600-700 دولار للطن ، لو زرعناه علف فقط ونحن نحتاج للعلف لمواشينا وكذلك صدرناه لما كان هناك هذا الشح في العملة. فالشح ناتج من سوء السياسات. لو كنا اقمنا مشروع الرهد وكنانة لكنا الآن في أطيب الأحوال، ولكن اموال البترول اهدرت في غير اسبقياتها المهمة وعليه فان هذه الحكومة تتحمل بالكامل هذا الضيق والشح في كل الأشياء وفي ضعف الموارد المالية لانها حينما كانت الاموال متوفرة اهدرت ولم تستثمر في اولويات ذات قيمة كتطوير وتنمية القطاع المطري التقليدي وتعلية خزان الرصيرص ومشاريع كالرهد وكنانة كانت سوف تعطينا باكثر مما اعطانا البترول ... ) .
( نص الحوار ادناه )
الحلقة الأولى من الحوار مع الأستاذ محمد ابراهيم عبده (كبج) حول الميزانية
: ... حدثنا عن ميزانية 2014م أستاذ كبج..
جرت العادة في الكتابات عن الميزانيات المختلفة أن نقوم بمقارنة ارقام ميزانية العام الحالى مع أرقام ميزانية العام السابق وحتى في ذلك الزمن كان يتم بحذر شديد لمعرفة ما اذا كانت هناك زيادة في الابواب المختلفة للميزانية وكان ذلك يتم بحذر شديد خاصة في فترة الانقاذ لأن قيمة الجنيه السوداني كانت في هبوط متواصل نتيجة لاتباعهم لسياسة تضخمية فعندما كان عبد الرحيم حمدي وزيرا للمالية كان يطبع ويضخ أموالا ويدفعها إلى الحكومة من غير المقاييس العلمية، عليه كنا نقوم بذلك بحذر. في اغسطس 96 وصلنا في السودان لتضخم يساوي 166% وهذا مستوى تضخم لم يحصل في تاريخ السودان وهو لم يتم اعتباطا فقد كانوا يعتقدون ان دفع المزيد من العملة المطبوعة يمكن أن يساعد في التنمية وهو في الحقيقة يخفض قيمة العملة بشكل متواصل، والمفهوم البسيط للتضخم هو أنه اموال كثيرة تجري وراء سلع قليلة.
في يوليو 1996 جاء لوزارة المالية د عبد الوهاب عثمان وهو لم يغير سياسة التحرير الاقتصادي ولكنه اتبع سياسة متحفظة في طبع المزيد من العملة للاقتصاد وأحدث تقشفا حقيقيا في المنصرفات الحكومية، وتواصل وجوده في الوزارة، في عام 97 كان هناك تحسن في وضع العملة السودانية مما ادى ذلك الى وضع قيمة للدولار الحكومي في السوق الاسود ما يمكن ان نقول عليه انها سياسة كان واجب اتخاذها منذ فترة طويلة انزلت التضخم الى رقمين ثم إلى رقم واحد وكان انجازا جيدا برغم انه تم فى اطار سياسة تحرير اقتصادي. عبد الرحيم حمدى كان يتبع سياسة الصدمة عن طريق الدفعات القوية بدون التدرج مما اضر كثيرا خاصة بأوضاع الفقراء والمساكين عندما ذهب عبد الوهاب عثمان جاءت ايدي كثيرة تؤمن بسياسة حمدي مما ادى لزيادة التضخم وزيادة الدولار بالتالي، وهذا ما حدث الان. فما تم من سياسات نقدية أدى لتدهور قيمة الجنيه السوداني بطريقة مخلة جدا بالاقتصاد السوداني.
في السنة الماضية تمت زيادة سعر الدولار الرسمي من 3 الى حوالي 6 جنيه هذا ادى – باعتراف وزير المالية – الى انخفاض الجنيه إلى نصف قيمته . حتى الدولار نفسه قيمته تختلف بحسب السياسات وقيمته ليست قيمته في كل وقت، حينما قام الاتحاد الأوربي كانت قيمة الدولار أعلى من اليورو ب25% بعدها استمر الدولار في الهبوط إلى أن وصل الى 71 سنت لأنهم يحتاجون ان تكون صادراتهم لأوربا تنافسية عندما يكون سعر الدولار عالي مقابل اليورو سيكون عاليا ولا ينافس ولكن الآن صار هناك تنافس، وهذا فن التلاعب بالعملة، ومن الأشياء المهمة جدا ان نذكر ان العملة الامريكية هي عملة وطنية في امريكا ولكن لها طابع عالمي فعندما يحصل مثل هذا التلاعب في الدولار هذا يضر بمصالح الآخرين.
بالنسبة للجنيه السوداني الجنيه في 2007م يساوي الان 30 قرش من قيمته الشرائية وهذا يجعل الاشياء التي كنا نشتريها بجنيه في 2007 الان نشتريها ب3 جنيه وزيادة وهذا ما جعل عملة الميزانية هذا العام ليست كالعام السابق فكما قال وزير المالية تم خفضها الى 50 قرشا. ثانيا وزير المالية قال عندما أصبح بنك السودان يشتري الذهب من المنتجين الصغار ليقوم بتصديره بدأ في شراء الذهب بأسعار السوق العالمي ويعطيهم مقابل كل دولار بالسوق الاسود وحجته بأن يستحوز على الذهب بدون ان يمكنهم من تهريبه حيث يحضرون الدولار للسوق السوداني أو لغيره ولكن وزير المالية قال إن هذا الاجراء أضعف الجنيه السوداني اكثر مما يجعل المقارنات أيضا غير مناسبة.
(حريات): وماذا عن البترول؟ وشحه في ميزانية 2014م؟
منذ الانفصال اصبح هناك اهتزاز ، بترول الجنوب جميعه ذهب للجنوب كما نصت اتفاقية السلام الشامل أنه بعد الاستفتاء يذهب بترول الجنوب يذهب للجنوب. ومن ناحية اخرى بعد الانفصال نجد ان بترول شمال السودان الذي هو الآن كل بترول جنوب السودان اصبح 107 الف برميل في اليوم، وهذه ليست كلها نصيب الحكومة، فاتفاقية التعاقد مع المستثمرين من صينيين وماليزين وهنود اتفاقية تدعو لقسمة الإنتاج، فعندما تم انتاج اول مليون برميل في السودان كان نصيب المستثمرين 80% والحكومة 20% يأتيها مجانا لا تدفع فيه ولا سنت واحد، ياتيها لأنها وقعت للاستثمار في البترول دون تحمل اية نفقات مالية، ونفس الاتفاقية نصت أن نصيب الشركات المستثمرة تنخفض من 80% باستمرار، وهذا يعني ان ال20% للحكومة تزاداد، حتى وصلت الآن الحكومة لها 60% والشركات لها 40% ولكن كل البترول الذي وصل الحكومة جاء للحكومة مجانا، والمصافي في السودان لكي تعطينا الكميات الاكبر من الاستهلاك المحلي تحتاج الى 90 الف برميل ولكن ما تركته اتفاقية السلام الشامل ادى ان يكون نصيبنا في اليوم 107 الف برميل في اليوم نصيب حكومة السودان 60 الف برميل تقريبا والباقي يذهب للشركات، وهذا يعني انه لم يكن لدينا بترول خام من مصادرنا الا ما يكفي لاحتياجنا المحلي وعليه فحكومة السودان لجأت للمستثمرين لتبيع لهم 30 الف برميل لتصبح الكمية المتوفرة لها 90 الف برميل، ولكن عن طريق الطلب عن طريق السلف والدين لم تكن تستطيع ان تدفع لهم مباشرة، وهذا يعني اننا نشتري بترول سوداني من انتاجنا من المستثمرين للاستهلاك المحلي وهذا عبء أكبر للميزانية، والمشكلة أنهم لا يدفعوا حتى تراكمت الديون ووصلت الديون بالنسبة للصينيين مليار دولار وصاروا يحتجون ويتململون. تم ترتيب قرض لحكومة السودان ب2 او 3 مليار دولار (لست متأكد من الرقم) من بنك في الصين وبضمانة الشركة الصينية وهي ضمانة قوية جداً، عندما جاء ذلك القرض سددت منه الشركة الصينية كل ديونها ولكن أيضا هناك ديون اخرى لأنهم تواصلوا في سحب كميات من المستثمرين عن طريق الشراء الآجل الدفع. ولكن من المهم ان نذكران المصافي في السودان تصفي أغلبية البترول وهو بترول مزيج النيل ومعه الزيت الخام الذي يأتي من بليلة ويذهب مباشرة لأنابيب خاصة للمصافي، اي ان بترول بليلة لأنه بترول خام ثقيل بسعر منخفض في العالم الخارجي كان من العقل ان يوجه للاستهلاك المحلي لكن ايضا تُدفع له كمية من مزيج النيل ذي الإنتاجية العالية من المشتقات البترولية.
اضف لذلك ان النوع الثاني (بليلة) يخلط ويعطينا للاستهلاك المحلي ولكنه لا يعطينا الكفاية من الجازولين وهو مهم في الزراعة والصناعات وللعربات التي تعمل بالديزل وهذا أدى لأننا كنا باستمرار وحتى مع وجود نصف بترول الجنوب قبل اتفاقية السلام الشامل حيث كان كل بترول السودان يذهب لحكومة الخرطوم كان هناك نقص في الجازولين.
ولا بد من الاشارة أيضا الى أن البترول ذهب جزء كبير منه للصادرات السودانية وكانت كل الدولارات التي تأتينا لا ندفع مقابلها سوى للانابيب وهي دخل حكومي. واستهلاكنا الذاتي من البترول يكلف الحكومة فقط أجرة المصافي في الخرطوم الجيلي والأبيض وأحيانا كان يتم تشغيل مصفاة بورتسودان وكلها ممتلكات حكومية فتشغيل المصافي لم يذهب هدرا بل تاتي مكاسب لصالح تلك المصافي وذهب جزء منها للميزانية كايرادات لتلك المصافي التي هي ممتلكات سودانية ، بالنسبة للأبيض وبورتسودان، وعندما انشئت مصفاة الجيلي كانت شراكة بين حكومة السودان والصينيين وسددنا قيمتها لهم بترولياً وأصبحنا نمتلك الجزء الأكبر بعد أن كنا نمتلك فقط نصف مصفاة الجيلي.
(حريات): يقول محللون أن انفصال الجنوب وفقدان إيرادات النفط هو السبب الأساسي في عجز الميزانية منذ 2011م والأعوام التالية، والسؤال هو: هل كان بالإمكان تغيير هذا المصير المظلم إذ طالما كان الانفصال متوقعاً هل كان من الممكن اتخاذ سياسات اقتصادية معينة تغير وضعنا الحالي؟
في 2008م كانت اعلى ميزانية ، في ذلك الوقت كانت عائدات النفط تساوي 66% من جملة ايرادات الميزانية وكل الايرادات الاخرى من ضرائب وخلافه تساوي 34% من جملة الايرادات في ذلك العام، ولكن نجد ان الميزانية في ذلك الوقت لم تعط الزراعة نصيبها الوافر من تلك المدخولات. لأننا ظللنا باستمرار نتحدث عن ان الدول العربية التي تمتلك البترول لا تستثمره في السودان وكنا ننتقد باستمرار ذلك المسلك، وبعد ان صارت لنا مدخولات بترول بالدولار تذهب لبنك السودان اسئنا إدارة المال العام الذي اتى فجأة ولم تتمتع به اي حكومة في تاريخ السودان من قبل فكل الميزانيات السابقة كانت تعتمد على الضرائب المباشرة وغير المباشرة وبعض الإيرادات الضعيفة الأخرى.
وهنا هو مربط الفرس، حقيقة ان حكومة السودان تتحدث عن منصرفات عالية جدا في الإنفاق على الامن والدفاع والشرطة ولكنها قبل تصدير البترول في أغسطس 1999م كانت حكومة السودان تدبر حالها بمدخولاتها التقليدية بدون بترول. هذه الهبة السماوية التي اعطتنا كل هذا الخير لم يحسن استثمارها. فالميزانية سقطت لأنهم لم يديروا إيرادات البترول بطريقة سليمة.
لو ذهبت ايرادات البترول للزراعة وتعلية خزان الروصيرص التي تعطينا تخزين اضافي للمياه 4 مليار متر مكعب وهذا يتيح لنا لأول مرة ان نقوم باستهلاك كل نصيبنا من مياه النيل وهو 18 مليار وخمسمائة متر مكعب. ولكن الأمطار في السودان حسب الارصاد الجوي تساوي 1200 مليار متر مكعب. أي ان نصيبنا من مياه النيل 18 مليار متر مكعب لا يساوى الا 1.5% فقط من الأمطار التي تهطل في السودان وكان يمكننا تحضير مواعين تسمى حصاد المياه، سدود صغيرة ومتوسطة وكبيرة في الخيران، بدلا عن ان تذهب سدى وللمياه الجوفية ونحن نحتاج لها في القطاع المطري التقليدي، الذي كان لا بد أيضا ان يتم تطويره من اموال البترول وفيه النسبة العالية من الزراعة التقليدية وهي 20 مليون فدان يسكنها ثلثي سكان السودان حوالي 65% ويعيشون على الزراعة لكن بإنتاجية ضعيفة جدا. كان يمكن ان ننشيء المواعين التي تحفظ المياه. وكان من الممكن ان تذهب ال1200 مليار من مياه الامطار التي تهطل سنويا للزراعة وترفع الانتاجية. لأنه في بعض الأحوال القطاع المطري قد يزرع 10 مليون فدان ولكن نسبة لضعف الأمطار في بعض الأماكن لا يجدون الماء الذي يكمل مرحلة النمو حتى الحصاد وحصل في بعض السنين ان 10 مليون فدان يحصدون منها 55% فقط، أي 5,500,000 فدان وهذا ضياع كبير للموارد الطبيعية حيث لم ندرك حصاد المياه وأيضا لم ندرك المياه التي تكفي المزارعين في القطاع المطري التقليدي على الدوام لمرحلة الحصاد وكان هذا سيزيد انتاج ال20 مليون فدان ، الآن تعطينا 5.5% من الناتج المحلي الاجمالي، بينما 2 مليون فدان فقط من الاراضي حول النيل في الشمالية أو الجزيرة تعطينا 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي ، هذا نتيجة لضعف الإنتاجية ولعدم وجود الأمطار حينما يحتاجونها .
هذا الفرق في الإنتاجية أدى للفقر في هذا القطاع مما أدى للحرب التي أهرقت كثير من الموارد. القطاع المطري التقليدي 20 مليون فدان بها ثلثي سكان السودان بها هذا الفقر .
في الزراعة حول النيل هناك سماد ومبيدات حشرية وتمويل كافٍ للإنتاج، ولكن القطاع المطري التقليدي ليس له اي نوع من هذه المدخلات وحتى وزير الزراعة السابق وعدنا في العام الماضي أن يعطي كل فدان في القطاع المطري التقليدي جوال واحد للسماد ولا اعتقد انه نفذ وعده ولو بطريقة جزئية.
وأضيف أن 18 مليون فدان تزرع في القطاع المطري شبه الالي وهي المشروعات الكبيرة ومناطق كبيرة تزرع بواسطة مستثمرين سودانيين وتجار سودانيين وقد خدمت كثيرا السودان لتكون تلك المناطق سلة غذاء السودانيين من الذرة الذي كان وما زال الاستهلاك الأكبر من الحبوب في السودان. لكن ايضا هذه ال18 مليون فدان تعطينا في الناتج المحلي الاجمالي 1.5% لأن الأرض لا تتم صيانتها بطريقة متواصلة وبطبيعة المستثمرين فإنهم يقللون من المدخلات الزراعية وبالتالي لا يحتفظون بكل الثمار الجيدة التي تأتي بصيانة التربة والمدخلات الزراعية. هذا يعني ان 20 مليون فدان في القطاع التقليدي و18 مليون فدان في شبه الآلي اي 38 مليون فدان تعطينا 7% فقط وهذا اهدار فظيع للموارد الطبيعية في السودان وللقوى التي تمثل ثلثي سكان السودان. وعليه فإن الوضع في الحالتين يحتاج لتدبير. وعليه ان اموال البترول كان يجب ان تذهب لتطوير القطاع المطري التقليدي وادخال تكنلوجيا بسيطة مجرورة بالحيوان.
عندما قامت فكرة النفرة الزراعية والنهضة الزراعية كتبت كثيرا وقلت إن الثورة الزراعية الحقيقية هي في تعمير القطاع المطري التقليدي لان ذلك سيؤدي لقفزة كبيرة في محاربة الفقر، وسيجعل الناس مستقرين وسيتم انتاج اوفر من الإنتاج الذي يتم الآن بل يمكن أن يكون عشرة اضعافه وسيكون في مصلحة السودان وتلك المنطقة التي تعاني من الفقر والفقر المدقع وهو القوة الدافعة للحرب لأن تلك المناطق خاصة مع تطور وسائل الاعلام المختلفة تعرف ماذا يدور في الخرطوم والشمالية والجزيرة والنيل ويقارنون مع ما يحدث لهم وهذا يزيد من الغبن التنموي اذا لم يتم معالجته. ثانيا تتحدث الحكومة عن زيادة إنتاج المحاصيل غير البترولية وهذا اتجاه سليم ولكن كيف يتم ذلك وحتى مشروع الجزيرة كان ينتج مليون بالة من القطن ووزارة المالية تأخذه من مسلمات العملات الحرة الان وصل انتاجه اقل من 15 الف بالة. زراعة الفول كانت تعطينا قبل الانقاذ امكانية أن نصدر الفول بعد تغطية الاستهلاك الذاتي ونصدر زيوت ونحن الان نستورد زيوت، وكان سيعطي فرصة لاستيعاب كل العاطلين حتى خريجي الجامعات والمدارس الثانوية لان ادخال التكنلوجيا يحتاج لاستيعاب كميات كبيرة من البشر لشرح التكنلوجيا وصيانتها .
وزير المالية السابق جاء من والي لجنوب دارفور واصبح وزير المالية الاتحادي.
يوضح جهاز الإحصاء التوقع للتلاميذ في عمر ست سنوات، السيد علي محمود الوالي حينها قبل 50% فقط من العدد الذي تم استلامه من الجهاز المركزي للاحصاء مع ان الرئيس عمر البشير وقع على اهداف الالفية التنموية في الأمم المتحدة ، وهو برنامج اقرته الامم المتحدة في البلاد الفقيرة لتتمكن من تقليل الفقر ، وهي ثمانية اهداف الاول تقليل اعداد الفقراء للنصف والا يكون هناك اي فقراء مدقعين في 2015 ولا تكون هناك ضربات الجوع وكل ضربات الجوع في القطاع المطري التقليدي، والهدف الثاني ان يكون التعليم للأطفال في سن 6 الى 13 جميعهم في 2015 داخل الفصول، وايضا أن تكون وفيات الامهات ان تقلل الى ثلث ما كانت عليه وهذا شيء هام في السودان، والهدف الرابع هو تقليل وفيات الاطفال لأقل من خمسة سنوات ونجد أن هذا لا يحدث للنساء والاطفال فى السودان نتيجة لان هناك نسبة عالية جدا من سوء التغذية ابرزتها وزارة الزراعة في تقريرها حول الأمن الغذائي، ووزير الصحة قبل اشهر عديدة في داخل مجلس الوزراء قال ان في السودان 5,200,000 مواطن لا يجدون غذاء كافيا .
وفي السودان مع الأمطار الوافية والي شمال دارفور يتحدث دائما عن وجود مجاعة والغذاء لا يكفي لحاجته ويستنهض الجهات التي تاتي بالاغاثات .
وايضا محاربة الايدز وكثير من الامراض الموجودة في السودان بما فيها البلهارسيا .
والهدف السادس هو العناية بالبيئة وهذا هدف هام لانه حتى قبل انفصال جنوب السودان الغابات في السودان تساوي ثلثه واغلبيتها الساحقة كانت في الجنوب والان صارت 10% في شمال السودان وهذا يحتاج لانفاق اكثر في الغابات لتحسين البيئة وعدم انجراف الأراضي. تغيرات المناخ لا يمكن تكون عذرا للحكومة لتترك الناس في حالها لا بد من العمل على حصاد المياه وغيرها من الاعمال التي تواجه تغييرات المناخ ، ولكن تركوا السودانيين ليقعوا تحت غضبة الطبيعة.
كل العاطلين – وهم مشكلة كبيرة جدا – من خريجي الثانوي والجامعات كان يمكن تدريبهم في اشهر بسيطة ليدخلوا التكنولوجيا للمزراعين غير المتعلمين .
والاهم من كل ذلك سقوط شعار ناكل مما نزرع. فعندما رفع هذا الشعار في 1991 كان استيرادنا من الغذاء من مختلف انواعه بما في ذلك القمح والدقيق والألبان وغيرها 72 مليون دولار لان الحكومة الديمقراطية عندما تمت الإطاحة بها كان هنالك احتياطي استراتيجي تسلمته حكومة الانقاذ مليون طن من الذرة وهذه تساوي 11 مليون جوال من الذرة، وحكومة الانقاذ منذ مجيئها تتحدث عن الاحتياطي الاستراتيجي ولم تتمكن طيلة السنوات الماضية التي قاربت ربع قرن ان تجعل مستوى الاحتياطي الاستراتيجي ازيد من 400 الف طن، هذا مع اعتبار ان عدد سكان السودان قد تضاعف وكان لا بد ان يتضاعف عدد العاملين في الزراعة والاحتياطي الاسترايتجي وكنا نصدر ذرة وفول وصرنا نستورد ذرة ودخن. وهذه أكبر جريمة ارتكبتها حكومة الانقاد غيرت عادات الناس من الذرة والدخن، وهناك تجربة من ناحية علمية تم اثباتها تماما بمعالجة الذرة والقوار، وحتى مجيء الانقاذ اقصى ما استوردناه 250 الف طن من القمح، وفشلت الانقاذ تماما ليس فقط فى تنفيذ شعار توطين القمح انما ايضا في عام 2010 استوردنا قمحا يساوي 2500 الف طن قمح اي عشرة اضعاف فهل تضاعف سكان السودان عشرة اضعاف؟ الحقيقة ان استمراء استيراد القمح لأنه مدعوم هذا الدعم يفترض يذهب لتطوير إنتاج الذرة والدخن، بناء على تقرير وزارة الزراعة نحن الان نستهلك ما يزيد قليلا عن 3 مليون طن من الذرة وبين 750 الف طن من الدخن ونحن جيل تربى على الكسرة والدخن ونحن افضل صحة من الذين تربوا على القمح الان وعلى العموم هذه الفكرة اصبحت وباء عليهم . وكما اسلفت في 1991م استوردنا 72 مليون دولار مواد غذائية ووضعت الحكومة الخطة العشرية من 1991 الى 2002م لنمزق فاتورة القمح وايضا لاعطاء العالم الغذاء فكل العالم يعترف ان السودان وكندا واستراليا لديهم من الامكانات الطبيعية ما يمكنهم من حل مشكلة الغذاء في العالم الذي فيه ما يزيد عن مليار فرد من الجوعى.
هذا هو المشروع الرئيسي الذي كنت اتحدث فيه طيلة فترة البترول في السودان وهذه نصيحة لم يقبلها النظام ويقول ان المعارضة سلبية تنتقد فقط ولا تعطي حلولا. هذه الحلول لم يتم الاستماع لها.
الان المعارضة تعد الناس بان هذا سيكون الهدف الأول لأي تغيير في السياسات في السودان وهو إعمار القطاع المطري التقليدي وهي فكرة جوهرية.
الانقاذ اهملت تنمية الزراعة بتاتا. ميزانية 2008م التي اهملت الزراعة وضعها وزير المالية الأسبق الزبير أحمد حسن، وضعت للزراعة مبلغ 360 مليون جنيه، فهي ميزانية ثلث مليار من ميزانية 22 مليار، والأنكى من ذلك عند الدفع العملي دفع لهم فقط 5% منها اي 18 مليون جنيه فقط. 18 مليون جنيه من ميزانية تساوي 22 مليار وهذا يوضح كم هي مهملة المناطق المهمشة في السودان. الميزانية وضعها الزبير ولكن جاء عوض الجاز وتعهد بتنفيذها فيما سمى بالنهضة الزراعية ولكن اعطاها 5% فقط.
لدينا ثروة حيوانية حوالي 42 مليون راس وكان لا بد من اعادة اعمار القطاع المطري التقليدي وإعمار المراعي الطبيعية ولا بد من ان نجتهد اكثر في زيادة مساحة الغابات واضيف اننا لدينا ازيد من 40 مليون بقرة ولكن نستورد الالبان من هولندا والدنمارك لديهم 5 مليون بقرة لكل دولة منها ولكننا أبقارنا غير متطورة ولم تنفذ عليها بحوث لادرار الالبان ولحوم الصادر كل الابقار تذهب في مشاوير بعيدة من اجل الكلا مما يضر باللحوم وانتاج الالبان.
سد مروي كلف 1.6 مليار دولار كقرض لم ندخرها من اموال البترول للاجيال القادمة. ايضا صاحبه مشروع طرق وكباري ومستشفى ومطار دولي للعمرة والحج ومشروعات اخرى مصاحبة لسد مروي كلفت 1.6 مليار دولار اخرى، أي سد مروي والمشروعات المصاحبة دفعنا له 3.2 مليار دولار. تعلية خزان الروصيرص كلفت 500 مليون دولار بقرض ايضا، وحتى ما يتم من اعمال هندسية في ستيت كمصدر لمياه يتم بقروض أجنبية وليس من مصادرنا التي جاءت من البترول فاين ذهبت هذه الاموال التي جاءت من البترول لأشياء أهم من هذا؟ 3.2 مليار لو انفقت على تعلية الروصيرص كان سيتبقى منها 2.7 مليار دولار، والآن النهضة الزراعية تبحث عن 2,1 مليار دولار لإقامة مشروع الرهد وكنانة. وتصوروا لو اننا لم نذهب في طريق سد مروي والمشروعات المصاحبة بل في طريق تعلية الروصيرص لتمكننا من الاستفادة من نصيبنا من مياه النيل.
مشروع الجزيرة استقطعت منه 500 الف فدان نتيجة لعدم وجود الري والعطش بعد التعلية استعدناها للمشروع. وأيضا مشروع الرهد وكنانة كانت الانقاذ في ايامها الأولى تريد اقامته عن طريق الطوارى ولكن حينما اتيحت الأموال بالدولار لم تسعفهم للقيام بهذا المشروع الهام وحجمه 2.6 مليون فدان وهو اكبر من مشروع الجزيرة الذي هو اكبر مشروع في الشرق الأوسط وأفريقيا. وكان ممكن يكون منتج. الآن أسعار العلف في بورتسودان ارتفعت الى 600-700 دولار للطن ، لو زرعناه علف فقط ونحن نحتاج للعلف لمواشينا وكذلك صدرناه لما كان هناك هذا الشح في العملة. فالشح ناتج من سوء السياسات. لو كنا اقمنا مشروع الرهد وكنانة لكنا الآن في أطيب الأحوال، ولكن اموال البترول اهدرت في غير اسبقياتها المهمة وعليه فان هذه الحكومة تتحمل بالكامل هذا الضيق والشح في كل الأشياء وفي ضعف الموارد المالية لانها حينما كانت الاموال متوفرة اهدرت ولم تستثمر في اولويات ذات قيمة كتطوير وتنمية القطاع المطري التقليدي وتعلية خزان الرصيرص ومشاريع كالرهد وكنانة كانت سوف تعطينا باكثر مما اعطانا البترول.
هذه مقدمة لا بد منها عن الذي يتحمل مسئولية ما يحدث الآن هي حكومة السودان لكنها تحاول بمختلف الطرق تحميلها المواطن العادي فوق طاقته . وقلت لثلاث صحف قبل المظاهرات العام الماضي ان ما يسمى برفع الدعم وهو حقيقة ليس رفع دعم لأن البترول اتانا مجانا ولكنه رفع للأسعار لأن الحكومة محتاجة لإيرادات إضافية وهو سيحرك الشارع، ولكن هذه الحكومة لا تقرا الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.