انتقدت نائبة رئيس حزب الأمة القومي، مريم الصادق المهدي، الحوار الوطني، وشددت على انه لن يأتي بأي فائدة للسودان، لغياب الجهات الأساسية التي قام من أجلها الحوار، مشيرة إلى أن الحوار الناجح لا بد أن يكون شاملاً، ولا يهيمن عليه أحد، بمثل ما جرى في حوار الداخل الذي هيمن عليه الحزب الحاكم. واعتبرت، الوثيقة الوطنية التي انتهى إليها الحوار، عبارة عن "نص إنشائي يعبر عن معاني ليس هناك خلاف حولها من القوى السياسية"، مبينة انها لم تتحدث عن كيفية إنزالها إلى أرض الواقع، كما سكتت عن الممارسات القائمة، كتمكين الحزب الحاكم، وممارسات الأجهزة القمعية، حسب قولها- إضافة إلى مسألة الإفلات من العقاب وكيفية فك العزلة الدولية التي يعيشها السودان. وقالت إن أخطر ما انتهت إليه وثيقة الحوار، هو تكريسها لاستمرار الحروب، لأن مخرجوها اعتبروها نهائية لحل المشكلات، بينما لا يزال حملة السلاح خارجها، مضيفة: "ما يعني انها تدفع الأطراف إلى الاستمرار في المواجهة". الجريدة مواجهة ساخنة بين "المنصورة" و"ممتاز" ما بعد مخرجات الحوار الوطني.. "الأمة" يتهم و"الوطني" يترافع الخرطوم: جاد الرب عبيد انتقلت خلافات حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر الوطني إلى ملعب جديد، فقد شهدت ندوة (ما بعد مخرجات الحوار الوطني.. استشراف للرؤى والمآلات)، التي نظمها طلاب جامعة النيلين أمس، مواجهة ساخنة بين الأمين السياسي للمؤتمر الوطني حامد ممتاز، ونائب رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي حول مدى جدية الحكومة في حل الأزمة السياسية بالبلاد، وتداعيات قضية اعتقال "الصادق المهدي" عقب خطاب الوثبة الشهير، فضلاً عن ما سمي بالدعم السياسي الذي يقدمه "حزب الأمة" للحركات حاملة السلاح. تفضيل ممتاز: المواجهة كانت حامية الوطيس منذ البداية، فحسب البرنامج المرتب للندوة كانت الكلمة الأولى لعضو آلية الحوار الوطني بشارة جمعة، ومن ثم حامد ممتاز ومريم الصادق المهدي، وفي الختام عضو الآلية تاج الدين نيام، إلا أن مقدم الندوة خالف الترتيب ما أدى إلى احتجاج مريم في استهلالية كلمتها، وقالت إن رئيس المنبر عرض علينا أن يجري هذا التغيير، وقلت له اترك الترتيب ولا تغيره، لكن مقدم الندوة رد بأنه أرجأ كلمة ممتاز إلى الأخيرة لأنه ممثل عن الحزب الحاكم، وأن الجميع اتفقوا على ذلك، ما أثار استغراب "نيام" و"مريم" اللذين أشارا بأيديهما اعتراضاً على موافقتهما على مثل هكذا اتفاق. شفافية الحوار: واستهلت مريم كلمتها بانتقاد ثلاث نقاط حددتها، أولاً: التصريح الذي أدلى به الناطق الرسمي للحكومة أحمد بلال في صحف "اليوم" بأن كل من يرفض الحوار سوف يذهب به إلى مزبلة التاريخ، وتهديدات الأجهزة الأمنية، مقروناً مع حديث الرئيس في احتفال الساحة الخضراء، معتبرة أن شفافية الحوار انتهت منذ بداياته بصورة درامية، وذلك باعتقال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي لأنه أكثر الدعاة إلى الحوار الصحيح، معتبرة اعتقال المهدي، إسقاطاً لفكرة الشفافية التي تحدثوا عنها. لكن حامد ممتاز رد على هذا الأمر بالقول: إن الحوار جريء وشفاف وبناء، وسبق المؤتمر الوطني في الدفاع عنه، كل أهل السودان والقوى السياسية والحركات المسلحة المشاركة فيه، ورأى في الحوار، أعظم مشروع استراتيجي يضعه أهل السودان. وعن مقاطعة الإمام الصادق للحوار، قال ممتاز إن الإمام خرج بذكاء من الحوار، وإن بعض الدول الخارجية ساهمت في إخراجه من الحوار بطرق مختلفة حتى لا يستقر السودان. تفنيد الوثيقة: وفندت مريم الوثيقة الوطنية الصادرة عن مؤتمر الحوار، واعتبرتها نصاً مشابهاً يعبر عن معانٍ لا اختلاف عليها خاصة في تسع قضايا منها، ورأت أن قضايا السودان لا تحل إلا عبر الحوار الوطني، ولكنها أشارت إلى أن هذه المبادئ نفسها تدعي الحكومة بأنها موجودة في النظام الحالي بينما الحوار لم يتحدث عن كيف يتم تنزيلها إلى أرض الواقع، وأضافت أن الوثيقة لم تتطرق للتخلي عن ممارسات قائمة استمرت (27) سنة من القمع والقهر مثل وجود التمكين لحزب واحد، ووجود أجهزة قمعية سائدة، وعلاقاتنا الخارجية المتقلبة، بالإضافة إلى إدانة السودان بأكثر من (70) قراراً دولياً بموجب البند السابع مما تسبب في عزل السودان، وأردفت أن الوثيقة ادعت معاني غير صحيحة، وهي أن اللقاء جامع ومشهود والمبادرة تدافعت لها جميع القوى لتحقيق الحكم الوطني، وهذا ليس صحيحاً، وأشارت إلى أن الوثيقة بها عيوب مهمة، وأوضحت أن الوثيقة تعتبر أن الحوار انتهى، والخيار المتاح للذين لم يشاركوا هو التطبيع أو المواجهة، مؤكدة أن الحكومة تخلت تماماً عن خارطة الطريق التي تم التوقيع عليها، ووصف الوثيقة "بالشكل الهلامي"، يريد النظام به إعلان موقف يسمى قومياً، وهو ليس كذلك، بل من أجل تخوين (المعارضة)، ومن أجل أن يقول مسؤولو الحكومة: "فلتذهبوا لمزبلة التاريخ وأنتم جناح بعوضة"، وغيرها من المصطلحات السائدة لدى مسؤولي الحكومة في الهجوم على المعارضة. واعتبرت الحوار خطة علاقات عامة للنظام بنهجه المعلوم ل(27) سنة، ليغير رؤية التوجه الحضاري لرؤية تسمى بالتوجه القومي وبثمن باهظ وغالٍ جداً من المال ومن الوقت والجهد. مطالب ذاتية: لكن ممتاز أكد أن الممانعين طال الزمن أو قصر سوف ينضمون إلى الحوار الوطني، وأن هذه القوى الممانعة مقاطعة الحوار في الظاهر فقط، ولكن موجودة في الباطن، مستشهداً بحديث الصادق المهدي عندما قال إن المخرجات جاءت أكثر مما كنا نتوقعه، وهنا قالت مريم إن الصادق المهدي لم يؤمن على المخرجات بل أمن على الإيجابيات التي بها ولم يقطع بموافقته عليها، لكن ممتاز قال إن مخرجات الحوار شفاء لكل مشكلات السودان الحديث، وأكد أنهم جادون في تنفيذ المخرجات، وأن الأسبوع القادم سوف يشهد المرحلة الافتتاحية في تنفيذها، مؤكداً أنهم سوف يدعون الذين قاطعوا خلف مطالبهم الذاتية للتوقيع على الوثيقة الوطنية، وأشار إلى أن الممانعين يخشون المحاسبة السياسية التي تأتي من الخارج. وهنا ردت مريم بالقول إن هناك وصايا دولية كبيرة من المجتمع الدولي على حكومة السودان بالإضافة إلى ضغوط دولة أمريكا، مشيرة إلى وجود (35) ألف جندي أجنبي في دارفور، وفي وبعض ولايات السودان، وقالت: يجب ألا نكذب على أنفسنا، وأن نتعامل مع الواقع الذي نعيش فيه. مشاركة مشروطة: وقال ممتاز إن تاريخ الصراع بالسودان بدأ بالصراع على الموارد بدخول قوات محمد علي باشا السودان في القرن (19)، والاستقلال جاء بانقسام سياسي وغابت الأحزاب السياسية وسيطرت على المشهد الطرق الصوفية الممثلة في الطريقة الختمية والطريقة الأنصارية، بالإضافة إلى أن كل الحكومات التي تعاقبه في حكمها على السودان واجهتها العديد من المصاعب التي ألقت بظلالها على الواقع الموجود الآن، لذلك أدركنا في حزب المؤتمر الوطني خطورة الواقع، لذلك دعونا الحوار الوطني. وبالنسبة لحديث الدكتورة مريم عن خروجهم من الحوار الوطني بداعي عدم الالتزام بخارطة طريق الحوار، أكد ممتاز بأن الإمام الصادق المهدي خرج بذكاء بداعي أن يكون الحوار شاملاً في حل القضايا، وزاد: "كل الأحزاب المنخرطة في الحوار دعت الأطراف الممانعة للمشاركة بالحوار". وطرح ممتاز على القوى الممانعة خيارين؛ الحوار أو الدواس، مفضلاً الحوار لحل مشكلات البلاد، فيما اشترطت مريم للمشاركة في الحوار إطلاق سراح الحريات، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والمحكومين سياسيين أو حركات مسلحة، ووقف العدائيات بحوار مباشر بين الحركات المسلحة بالخارج والحكومة، وفتح الممرات للنازحين في دارفور، مشيرة إلى عدة قضايا اعتبرتها ما تزال معلقة مثل أوضاع الحريات وحقوق الإنسان. مصروفات الحوار: وخلال الندوة طالب أحد المداخلين من بشارة جمعة وهو ممثل الأمين العام للحوار الوطني أن يكشف لهم كم صرف على الحوار الوطني منذ بداياته وحتى الآن، وكان رد بشارة أن ما صرف على الحوار الوطني هو أبسط تكلفة من الخسائر التي تلحق بالبلاد من الحرب، وردت عليه مريم قائلة يجب أن نضع الشعب السوداني في المشهد، ونكشف لهم كم صرف على الحوار، وكشفت أنهم على علم بمصروفات الحوار الوطني، وأكدت أنهم ملمون ومتابعون لكل التفاصيل، فيما قال تاج الدين نيام أن لا خيار للممانعين سوى المشاركة في الحوار الوطني، وأكد أن نداء السودان لا يوجد له رئيس الآن، وأن الأحزاب المقاطعة مثلتها الأحزاب المنشقة منها في الحوار الوطني، مؤكدا أن المشاركين في الحوار لم يزعموا بأن الحوار الوطني شامل للجميع، ولكنهم يؤكدون على أن الحوار ناقش كل القضايا الوطنية. الصيحة