وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد صورة نادرة تجمع عبود والنميري: وقفات مع ذكرى (17) نوفمبر.أسرار وحقائق تُنشر لأول مرة
نشر في سودان موشن يوم 18 - 11 - 2016

يبدو أن ملامح الخريطة السياسية بدأت تتشكل منذ قيام اول ثورة بعد استقلال السودان (ثورة الفريق ابراهيم عبود) في 17 نوفمبر 8591م ... بالرغم التقاطعات هنا وهناك على
منهج الوفاق الوطني بين الاحزاب حينها من خلال السعي نحو أكبر قدر ممكن من التوافق السياسي.... هكذا تبدو الصورة أكثر وضوحاً في غالب الحراك الذي دار تحت جسر الاحزاب.... والذي لم يتبلور حتى الان....مازالت الاحزاب تتناحر فيما بينها وتتشرذم الى مجموعات كثيرة من جسم واحد....بالرغم من مطالبة الجميع بأرضية مشتركة وحد أدنى من التوافق، فالأوضاع السياسية في اول حكومة بعد الاستقلال كانت مضطربة وغامضة والثقة مفقودة بين كل مكونات الساحة السياسية.. مما ينذر بحدث قادم...نسائم التغيير من الداخل...
شهدت أخريات عهد الديمقراطية الأولى شداً وجذباً بين الحكومة والمعارضة وافتقدت الثقة بينهما ... واصبحت العلاقة (فاترة) بين حزبي الأمة والشعب الديمقراطي المؤتلفين في حكومة واحدة (متشاكسة)، وابرز الخلافات حينها كانت عند عرض المعونة الأمريكية أيّدها حزب الأمة وعارضها حزب الشعب الديمقراطي...وعلى مستوى العلاقات الخارجية كان حزب الشعب وثيق الصلة بمصر وقياداتها ...وكانت علاقة حزب الأمة فاترة بها لا سيما بعد أحداث حلايب والمواجهة التي أعلنها السيد عبد الله خليل... كما كانت هنالك جهود من القيادة المصرية لتوحيد قيادتي حزب الشعب الديمقراطي والوطني الاتحادي في ائتلاف وابعاد عبدالله خليل عن السلطة...
جانب آخر...
وكان هنالك تيار يقوده الصديق المهدي رئيس حزب الأمة ساعياً لإعفاء سكرتير الحزب عبد الله خليل عن رئاسة الوزراء بعد الخلافات المتكررة ...واستبداله بالدكتور مأمون حسين شريف وزير المواصلات ... وهناك قول آخر بأن ذات التيار الذي يقوده السيد الصديق كان ينادي بالائتلاف بين حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي لتشكيل حكومة ائتلافية تعهد رئاستها بالانتخاب من داخل البرلمان للسيد إسماعيل الأزهري وهذا يعني إقصاء السيد عبد الله خليل وإبعاده من رئاسة الحكومة وفض الائتلاف مع حزب الشعب الديمقراطي الذي يتحول تلقائياً للمعارضة...كل هذه التداعيات للتغيير جعلت الأميرلاي عبد الله خليل يحسُّ بالغبن مدركاً أن كل التيارات كانت تسعى لإقصائه من السلطة....
بداية المحاولات...
كانت المحاولات عديدة لاستلام الجيش للسلطة مع تدهور الاوضاع في الحكومة... وحسب الروايات ان الفريق عبود كان متردداً في البداية ...لكنه اقتنع في النهاية ...واعتبر أن هذا أمر واجب التنفيذ ... وبحسب افادة الفريق إبراهيم عبود امام لجنة التحقيق التي شكلت للتقصي في وقوع انفلاب 17 نوفمبر قال(قبل أيام من استئناف البرلمان لأعماله، اتصل بي رئيس الوزراء عبدالله خليل...وأخبرني أن الوضع السياسي يسير من سيئ إلى أسوأ، وأن أحداثاً خطيرة ومهمة قد تنشأ نتيجة لهذا الوضع، ولا يوجد مخرج غير استلام الجيش للسلطة).... كانت الأوضاع السياسية تشير إلى أن مساعي التقريب بين الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديموقراطي على وشك أن تنجح في تشكيل حكومة جديدة تقصي حزب الأمة بقيادة عبدالله خليل من الحكومة... لذا قرر عبدالله خليل التضحية بالنظام الديموقراطي قبل أن تعتلي السلطة الحكومة الجديدة.
صباح جديد في الحكم...
في صباح 17 نوفمبر 1958م وهو اليوم المقرر لانعقاد البرلمان أذاع الفريق إبراهيم عبود بيانه الأول وأعلن استلام الجيش للسلطة... حينما استلم السلطة... أوقف العمل بالدستور، وألغى البرلمان، وقضى على نشاط الأحزاب السياسية، ومنح المجالس المحلية المزيد من السلطة وحرية العمل... وبارك انقلابه القادة الدينيون في ذلك الوقت لأكبر جماعتين دينيتين: السيد عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار، والسيد علي الميرغني زعيم طائفة الختمية...ولكن انخرطت في معارضته معظم الأحزاب وقاد المعارضة السيد الصديق المهدي رئيس حزب الأمة.... اتجه حكمه باتجاه التضييق على العمل الحزبي والسياسي وقد حل الأحزاب وصادر دورها. كما اتخذ سياسة فاقمت من مشكلة جنوب السودان حيث عمل على أسلمة وتعريب الجنوب ... الا ان الانقلاب لم يهنأ حيث تمت مواجهته بمعارضة قوية أدت الي اعتقال كثير من الشخصيات السياسية كما واجه عدة انقلابات عسكرية من ضباط كبار تجاهلهم تكوين مجلس قيادة الانقلاب(المجلس الاعلى للقوات المسلحة) مما اضطر عبود لاحلال وابدال في أعضائه بعد المحاولة الانقلابية ضد حكومته والتي قادها اللواء أحمد عبدالوهاب ومحي الدين أحمد وشنان عام 1960 ثم تعرض النظام لانقلاب قامت به مجموعة من الضباط(على حامد وكبيدة) وامين عام الاخوان المسلمين الرشيد الطاهر المحامي عام1963وتم اعدام البعض وسجن الاخرون...
وقد عد ذلك الانقلاب الذي كان الأول في إفريقيا جنوب الصحراء حينه، مجافياً للتقاليد البريطانية التي أسس عليها الجيش السوداني ومنها استقى مهنيته وإدراكه للعلاقة مع المدنيين الذين يتربعون على سدة الحكم... و أرسى ذلك التدخل لعلاقة ظل فيها حكم العسكريين أمراً غالباً طوال فترة ما بعد الاستعمار... حتى غدا وقوع انقلاب في السودان ينظر إليه بحسبانه جزءاً طبيعياً من العملية السياسية.... كما اصبح تعاقب المدنيين والعسكريين على السلطة يعرف (بالباب الدوّار)، النمط السائد في العمل السياسي .
الأحزاب وعبود...
واجه نظام نوفمبر معارضة قوية من القوى السياسية، فقد طالبت في مذكرتين للمجلس العسكري في نوفمبر 1959 ونوفمبر 1960 بإقامة انتخابات...قامت الحكومة على إثر ذلك باعتقال عدد من زعماء الأحزاب، وأصدرت الحكومة العسكرية في يونيو 1961 قانوناً حدت بموجبه من نشاط النقابات... وتطورت الاوضاع في الجنوب باتجاه حرب عصابات تقودها حركة الأنانيا في عام 1963، كما وجد الانقلاب معارضة من الحزب الشيوعي..ففي اليوم الثاني من الانقلاب 18 نوفمبر 1958 أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي بياناً بعنوان 17 نوفمبر انقلاب رجعي، جاء في ذلك البيان: أن الانقلاب الذي جرى صباح 17 نوفمبر لم يكن متجاوباً مع مطالب شعبنا ومصالحه، ولم تكن ثورة الجيش جزءا من التحولات الوطنية الديمقراطية ضد تحكم الإقطاعيين والاستعماريين، بل كان، (أي الانقلاب)، تسليماً سلمياً للسلطة من يد عبدالله خليل لقيادة الجيش تماماً، كما فعل إسكندر ميرزا في الباكستان.
انقلاب رجعي...
ويشير المراقبون الى ان معارضة الحزب الشيوعي للانقلاب جاءت لكونه انقلاباً رجعياً، ولم تنبع المعارضة من موقف مبدئي من أي انقلاب أو ديكتاتورية عسكرية تصادر الديمقراطية، سواء كانت رجعية أو تقدمية، كما أن الحزب لم يطرح موضوع استعادة الديمقراطية والحريات الأساسية، بعد وقوع الانقلاب مباشرة، ولكنه طرح برنامجاً يشجع أي انقلاب تقدمي يطيح بالمجموعة الرجعية التي نفّذت انقلاب 17 نوفمبر، لذا فإن (طبيعة الانقلاب) هي التي تحدد الموقف منه المعارضة إذا كان رجعياً، والتأييد (المشروط وغير المشروط) إذا كان وطنياً أو يسارياً، أي أن الحزب وقتها لم يبلور موقفاً نظرياً ومبدئياً متماسكاً للدفاع عن الديمقراطية ومعارضاً للتفكير الانقلابي من حيث المبدأ، سواء كان رجعياً أو تقدمياً....معارضة الحزب الشيوعي لنظام عبود دفعت الشيوعيين للتحالف مع كل من يعادي ذلك النظام، ومن بين أولئك الضباط الأحرار... ومن ناحية أخرى يبدو أن الحزب خطط ليكون له وجود داخل الجيش، وذلك بهدف منع استخدام سلطات الجيش ضد الحزب.. وقد أفلح في بناء علاقات، تتفاوت درجة قوتها، مع عدد مقدر من الضباط والجنود، وقد كان هؤلاء الضباط هم المحور الذي تطوّر حوله تنظيم الضباط الأحرار والذي ضم كثيراً من الضباط الذين لم يكونوا على علم بعلاقة زملائهم بالحزب الشيوعي.
اما الاخوان المسلمون تشير الروايات الى اتجاه الرشيد الطاهر بكر إلى العمل وسط الجيش لتغيير نظام عبود، بعد أن رفض مكتب الاخوان مقترحه بإنشاء مليشيا شعبية، وما عضّد الاهتمام بالعمل وسط الجيش، عند المراقب العام، أن أبا المكارم عبدالحي، حينما جاء إلى السودان في عام 1955، كان متأثراً بتجربة الإخوان المسلمين في مصر، واقترح الاهتمام بالمؤسسة العسكرية، والاستفادة من تجربة النظام الخاص في مصر... ونتيجة لذلك التحق بعض شباب الاخوان بالكلية الحربية... ومضى الرشيد الطاهر في مشروع الانقلاب الذي كان مخططاً له في 9 نوفمبر 1959، لكن كشفت الخطة، وجرى اعتقال المخططين صباح يوم التنفيذ... يتضح من موقف الاخوان، وتخطيط المراقب العام لمحاولة انقلاب 1959، أن معارضتهم لنظام عبود لم تتأسس على إطاحته نظاماً ديموقراطياً، أو أنه موقف مبدئي ضد الانقلاب.
وفي شهادته على نظام عبود وصف عراب الاسلاميين الراحل د/ حسن الترابي عبود بالنموذج الطيب الذي لم يمد يده إلى المال العام طوال فترة حكمه (19581964)، وأنه (كما دخل إلى الحكم خرج منه)، وبأنه كان رحيما بالناس واهتم ببناء المدارس والسدود وغيرها، ويرجع هذه الصفات لكون الرجل كان مهندسا ولم يكن عسكريا صرفا..
تأييد مرحلي!!
وأيّد السيّدان علي الميرغني وعبدالرحمن المهدي الانقلاب، الأمر الذي يشير إلى التوجه السياسي المحافظ لمنفذي الانقلاب..
وتشير رواية اخرى ان ماتم ليس انقلاباً بل عملية (تسليم وتسلم) خطة بدأ تنفيذها عبدالله خليل ...حيث كان الصديق المهدي خارج السودان عندما بدأ الحدث.... وكان للإمام عبد الرحمن مكانة خاصة عند السيد عبد الله خليل وجلس معه مرات وأخبره أنه قد اتفق مع القائد العام للجيش على تولي السلطة لأمد محدود وفترة انتقالية قصيرة.. وقد نال عبد الله خليل موافقة ومباركة الإمام عبد الرحمن لعملية التسليم الانتقالية وكما هو معروف فإن الفريق عبود من شايقية الشرق من مواليد سنكات وهو من أبناء الختمية وأن عدداً من زملائه من كبار الضباط من أبناء الختمية أيضاً وقد التقى عبد الله خليل بالحسيب علي الميرغني ،وجلس معه طويلاً ونال رضاه ومباركته لعملية التسليم والتسلُّم للقائد العام للجيش وكبار الضباط وقادة الوحدات وإحاطتهم علماً بما جرى الاتفاق عليه.. والمعروف أن اللواء أحمد عبد الوهاب نائب القائد العام كان أنصارياً من أسرة عرفت بالانتماء للأنصار وقد لعب دوراً كبيراً في تنفيذ الانقلاب بحكم صلته الوثيقة برئيس الوزراء وصلته الوثيقة أيضاً بالقائد العام وأضحى بعد نجاح عملية التسليم نائباً لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزيراً للداخلية حتى أُبعد أو ابتعد في عام 1959م... ومن هنا ترجح الكفة بأن العملية كانت تسليماً وتسلُّماً ولم تكن انقلابا عسكرياً بالطريقة المتعارف عليها، ويتضح أيضاً أن عبد الله خليل بك ساهم إلى حد كبير في تغيير مسار تاريخ السودان الحديث، وكان هو مدبر ومنفذ خطة تسليم السلطة للجيش....
اختلال الميزان...
تؤكد العديد من البيانات ان عبد الله خليل كان يأمل في تكوين مجلس سيادة تكون رئاسته دورية يضمه هو والسيد إسماعيل الأزهري وآخرين بعد تنفيذ التسليم والتسلم، وأنه أقنع عبدالرحمن المهدي بأن نجاح الانقلاب يؤدي إلى تنصيبه رئيساً لجمهورية السودان، الا ان الاوضاع لم تسر كما خطط لها... فبعد أداء رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة القسم أمام فضيلة مفتي الديار وقاضي القضاة بالإنابة بدأوا في مباشرة مهامهم ،ورفضوا منذ البداية بالإجماع قيام مجلس سيادة من القادة الحزبيين المدنيين ،باعتبار ان قيامه فيه ثنائية وازدواجية ويغدو السودان برأسين للدولة، ممايشير الى ان العساكر قرّروا أن يكونوا هم الممسكين بكل الخيوط دون أن يكونوا أداة طيّعة في يد أي جهة، مع رفض أي وصاية من الأحزاب التي حلّوها فور إعلانهم استلام السلطة.
تنظيم غير شرعي..
وقال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي يوسف حسين إن السلطة الانقلابية في نوفمبر ضربت الحريات السياسية والنقابية والصحفية، وبدأت في محاكمة عدد من الناس في النقابات على رأسهم الشهيد الشفيع أحمد الشيخ وقادة الحزب الشيوعي على رأسهم محمد إبراهيم نقد وحكمت عليهم بالسجن، وكانت الذريعة التي وضعوها اتحاد النقابات الديمقراطي أو اتحاد العمال الديمقراطي العالمي أن هذا تنظيم غير معترف به وغير شرعي وبالتالي الاجتماع كان غير شرعيا.
عدم الإيفاء بالعهد!!
واضاف حسين ان حراك الحزب الشيوعي وسط العمال كان مؤثرا مما حفزهم على الإضراب، فقد تمكن عمال السكك الحديد عام 1961 من تنفيذ أهم إضراب شامل آنذاك امتد إلى أسبوع كامل مما أدى إلى شلل تام في حركة النقل الداخلي، لكن النظام واجه ذلك وفقا لقانون دفاع السودان الذي أصدره بسجن قادة العمال وتشريدهم ،كما عمد إلى خطط أخرى باصطناع قيادات بديلة غير أن حركة العمال لم تخمد، فقد بدأت اولى مراحل التململ بالمذكرات ثم الإضرابات وصولا إلى أولى المظاهرات الجماهيرية ضد النظام احتجاجا على قرار تهجير أهالي حلفا بموجب اتفاقية إنشاءالسد العالي بين مصر والسودان، حسب الدراسات جاءت توصية النظام السوداني بنقل أهالي مدينة وادي حلفا لموطن جديد خوفا من أن تغرقها بحيرة السد العالي، ووفقا للدراسات الفنية وبعد زيارة الفريق إبراهيم عبود لمنطقة حلفا فقد مُنح المواطنون حق اختيار موطنهم الجديد ووعد عبود بدفع تعويضات مجزية ومتفق عليها، لكن نظام عبود نكث عن وعوده، و أجبروا اهالي حلفا على موطن جديد لم يختاروه وأجبروا على الرحيل وانتزعت حصة كبيرة من التعويضات المتفق عليها ،فثارت ثائرة الأهالي على نظام عبود وخرجت المظاهرات عام 1960 في حلفا والخرطوم وبعض المدن الأخرى ليستخدم الشعب وسيلة جديدة لمقاومة النظام العسكري وهي المظاهرات..
تغيير المواقف داخل حزب الأمة...
أدت التطورات التي حدثت إلى تغيير موقف حزب الأمة أكبر القوى السياسية آنذاك والذي أيد نظام عبود في البداية إلى مطالبته في عام1960 العسكر بتسليم السلطة للمدنيين، فأرسل الصديق عبد الرحمن المهدي زعيم حزب الأمة بمذكرة شهيرة لعبود هي الأولى من زعيم سياسي إلى النظام ،طالبه فيها بتسليم الحكم والرجوع إلى الثكنات بعدما زالت برأيه حسب بيان الانقلاب الأول أسباب بقاء الحكم العسكري، تبع ذلك مذكرة أخرى بعثها أول رئيس لجمهورية السودان بعد الاستقلال الزعيم إسماعيل الأزهري ،مطالبا الحكم العسكري بالتنحي بيد أن عبود تجاهل المذكرتين مما مهد لقيام جبهة الأحزاب في ذات العام، والتفت القوى السياسية حول الإمام الصديق المهدي وبدأت تنظم صفوفها، وحاول النظام التفاوض معه لكنه رفض التنازل، الا ان القيادي الاسلامي والخبير الاسراتيجي د/ ربيع حسن قال :كان اليسار في ذلك الوقت بقيادة الحزب الشيوعي يبحث في خطوط التقاء مع نظام عبود. وقرر عام 1962 الانسلاخ عن جبهة الأحزاب ليتحول من المعارضة إلى مهادنة النظام ومحاولة المشاركة في صنع القرار...
عصف بآمال الديمقراطية...
عصف انقلاب 17 نوفمبر بالآمال المعقودة على الديمقراطية الوليدة، ليشكل سابقة جديدة في العلاقات العسكرية المدنية في إفريقيا ...ومثل انقلاب نوفمبر 1958 حلقة في ظاهرة تعاقب المدنيين والعسكريين في السلطة ...
شرارة الثورة ضد عبود..
بالرغم من صرامة نظام عبود العسكري لم يستطع أن يمنع الانفلاتات داخل المؤسسة العسكرية فبدأ التململ داخلها... وشهد مارس عام 1959 أول محاولة انقلابية على نظام عبود، ثم تنوعت أدوات مقاومة النظام العسكري بالمذكرات والإضرابات وصولا إلى أولى المظاهرات الجماهيرية... واستمر الشد والجذب بين السياسيين العسكريين حتى انطوت صفحة الحكم العسكري بعد ثورة أكتوبر 1964م...بتمدد النشاط المدني ضد العسكر في الجامعات وتحديدا من طلاب جامعة الخرطوم ... فقد ادى نقاش أوضاع الجنوب في جامعة الخرطوم إلى مظاهرات طلابية قتل فيها القرشي الذي كان شرارة ثورة أكتوبر التي أنهت الحكم العسكري
أطاحت به ثورة أكتوبر الشعبية1964 م، وقال الخبير الإستراتيجي محمد حسين أبو صالح إن نظام عبود لم يتعامل بحكمة مع الجنوب الذي توجد به مصالح إستراتيجية غربية...
الصحافة
تقرير: نفيسة محمد الحسن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.