وجه عدد من الكتاب انتقادات لاذعة لمسلسل عشم السوداني الذي يعرض حاليا في قناة السودانية 24 فيما اعتبره البعض يحمل بين طياته بصيص أمل في مستقبل أفضل للدراما في البلاد. المسلسل من تأليف ريم صلاح اخراج محمد كمال. وشن خالد الاعيسر هجوما على المسلسل في مقال ساخرله نشر بصحيفة الراكوبة "ان الاسم الأفضل لهذا العمل الفني هو مسلسل "وهم" وليس "عشم"، لأن العمل يوهم المشاهد بواقع لا يعبر عن ثقافة غالبية المغتربين ناهيك عن الشعب السوداني كله". ويمضي الاعيسر مسلسل "عشم" لم يعتمد الفكرة والقصة كأساس وانما شكليات وحالات شاذة لفئة محدودة لا يمكن إسقاط ممارساتها وسلوكياتها على المغتربين أو المهاجرين بصورة عامة . واضاف خالد "ولكن من الواضح ان كاتب السيناريو لهذا المسلسل ركز جهده في تماهي الشباب مع الوتيرة المتسارعة للانحرافات الثقافية، واختزل جُلّ العادات والتقاليد العريقة في ممارسة شرائح -محدودة- من بين المقيمين خارج السودان، أولئك الذين تأثروا بثقافات عربية أو ربما أجنبية دخيلة على الواقع السوداني بشكله التقليدي. الا انه اشار الى نقاط مضيئة " بكل صدق أرى ان الايجابيات التي شملها المسلسل تكمن في ظهور وجوه شابة جديدة بإمكانها إثراء المشهد الدرامي السوداني، ولا يجب ان يحبطها التعرض للنقد البناء من زوايا ثقافية، وهنا لابد ان نعترف انه لا تثريب على الأداء الفني للأفراد" وفي السياق كتب الاستاذ فايز السليك على صفحته في الفيس بووك دراسة نقدية تحت عنوان جودة التمثيل وترهل المشاهد موضحا " اذا ما نجح ثنائي العمل في عرض القصة الرئيسية، إلا ان العمل فشل في التطور الرأسي عبر حفر أكثر عمقاً، واثراء الدراما بالتفاصيل ، والعمل الدرامي يعتمد على التشويق في عرض القصة، وإبراز الحبكة، مع الاثارة في طريقة العرض، وكلما كثرت القصص داخل النص الواحد زادت نسبة التشويق، مع خطورة هذا الإتجاه لأنه صعب الإمساك بكل الخيوط ووجود عقدة كبيرة تجمع كل التفاصيل المتناثرة والقصص المبعثرة والخيوط المتباعدة والمتشابكة. ويواصل السليك" ولن تكون الدراما بمعزل عن حال الانحطاط في ازمنة المشروع الحضاري الأكذوبة، والهوس الديني ولذلك من حقناً أن نحتفي بأي عمل يحمل بين طياته بصيص أمل في مستقبل أفضل، وأن يكون " العشم" مفتوحاً نحو واقع مغاير، " أما مسلسل " عشم" فقد عاني في بنائه الدرامي وتمدد النص رأسياً بإحكام العقد، وأفقياً في خلق قصص موازية ومكاملة حتى لا يكون النص صورة واحدة. أما على مستوى الإخراج يقول فايز؛ فعاب العمل " البطء، تكرار المشاهد، تكرار الحوارات، والترهل؛ مثل أن تحكي روان عن تجربتها في السودان مثلاً فتعيد أخرى ذات التجربة بصورة كربونية، كما عاب العمل كثرة التشويق والاثارة والأكشن" وتحفيز الخيال عبر تعدد المشاهد، الأماكن، الحركة، الابهار عن طريق المؤثرات الصوتية والبصرية، فجاءت معظم المشاهد" جلوساً في المنازل، أو المكتب، وقلة المشاهد أفقدت النص ميزة تنقل الكاميرا في الشوارع، أو الميادين، أو المقاهي المفتوحة". ونوه السليك "ومع ذلك فقد تميز النص بروح الجرأة في التمثيل والأزياء، وشخصياً لم سمع بأسماء الممثلين والممثلات قبل تقديم مسلسل " عشم" ومع ذلك فقد كان التمثيل ممتازاً جدا، بلا تكلف، أو رهبة، كما مثلت الأزياء عاملاً مهماً لجذب المشاهدين باعتباره خروجا عن المألوف في الدراما السودانية خاصة أزياء النساء والشابات، إلأ أن " عشم " كان متحرراً جداً من العقد المعروفة و"التابوهات" التي تقمع كل عمل درامي سوداني إلى اليوم. واختتم فايز مقاله "من المؤكد أن تقديم أعمال جيدة وناضجة ستواجه بواقع صعب، ومن الأرجح أن يتعذر تقديم كل الأعمال عبر قنوات الخرطوم لظروف سياسية، لذلك يمكن اللجوء الى الأعلام البديل و إلى قنوات "اليوتيوب" التي تحظى بنسبة مشاهدة مقدرة. على صعيد متصل كتب معمر حسن محمد نور "أقوى رسائل المسلسل ، وإن كانت لكل الفئات ، فإنها لأجيال الآباء. الذين يقفون موقفاً سلبياً من شباب اليوم . وينظرون إليه من خلال قصات شعرهم التي لا تعجبهم وازيائهم واهتماماتهم وانشغالهم بجوالاتهم.ويبنون ذلك على بؤس ما تلقوه من تعليم مقارنة بما نالوه هم في المدارس. وبالتالي اليأس الكامل من مستقبل البلاد التي سيتسلمها هؤلاء!! فقد فاجأهم شباب لم يعرفوه، بأداء تلقائي كانوا ينتقدون غيابه لدى كبار الممثلين السودانيين . ولا أدري لم استغرب الناس. فهم شباب السلفي واللايف واليوتيوب. الرسالة الثانية والمهمة ، كانت لأدعياء صياغة الشباب عبر ما أسموه بالمشروع الحضاري!! والذين استنوا قانون النظام العام ، ليختاروا له مظهره ، ويقهروه عبره. فظهر الممثلون والممثلات بازياء تعبر عن أمزجتهم وأذواقهم وثقافة عصرهم. ويقول معمر هذا المسلسل في تقديري ، صورة من صور مراكمة العمل الثوري بلا تحفظ. فهو يعبر عن تجاوز للواقع الماثل تماماً.ورافض له ومتمرد عليه .واندهاشنا منه. يعادل اندهاشنا بظاهرة محمود عبد العزيز وصناعتها . وشباب العصيان في نوفمبر ونجاحهم بتحريك الساحة حين توقف الآخرون. وشباب مبادرة شارع الحوادث.وتكامل هذه العوامل وشبيهاتها، هو الباب الذي ستأتي منه رياح الثورة في السودان لا محالة