الخرطوم – شوقي عبد العظيم (التغيير) – تشهد ولاية الخرطوم منذ مساء أمس الأحد ندرة شديدة في السيولة النقدية "الكاش" وامتدت الأزمة إلى صباح اليوم الأثنين، وخلت ماكينات الصراف الآلي من النقود بينما أغلقت عدد من البنوك الماكينات نهائيا، في الوقت الذي استمرت فيه الأزمة في الولايات إلى أسابيع، واشتكى مصرفيون من عدم تزويدهم من بنك السودان بالكاش لأيام، متخوفين من تفاقم الأزمة في الايام المقبلة لعدم توريد العملاء أي مبالغ نقدية ، كما اشتكت الشركات المناط بها توريد ماكينات نقاط البيع مع عدم توفير بنك السودان دولار لاستيرادها. و قال عبد الرؤوف عباس –موظف- ل( التغيير) أنه بحث في أكثر من عشر صرافات في منطقة الرياض وشارع الستين شرق الخرطوم ولم يعثر على ماكينات صراف بها نقود، وأضاف "أحتاج نقود لشراء أغراض أساسية لحركة المواصلات لي وللأسرة ولا أجد منذ يومين". وأغلقت أبواب عدد من ماكينات الصراف الآلي، ويرى البعض أن البنوك تخوفت من تحطيمها من قبل المتظاهرين، وتشهد المدن السودانية بما فيها العاصمة الخرطوم احتجاجات شديدة استمرت لخمس أيام وأزمة السيولة النقدية أحد أسباب الاحتجاجات، وجرى فعليا تحطيم عدد من ماكينات الصراف الآلي في مناطق مختلفة، كما أحرق فرع بنك السودان بولاية القضارف بجانب حريق عدد من البنوك التجارية. وقال مدير لأحد بنوك فرع فيصل –طلب حجب اسمه- ل(التغيير) أن بنك السودان لم يعد يغذي خزينة البنك بأي مبالغ نقدية لأيام، إلا أموال محدودة لشراء النقد الأجنبي و لتغذية الصرافات الآلية، وقال " لم نعد نتحكم في حجم السيولة النقدية في البنك وهذا الشهر البنك المركزي اعتذر عن توفير دفعيات من الكاش لنا، وما يتوفر للصرافات الآلية تشرف لجنة للتأكد من تغذية الماكينات به". ومضى قائلا "ما يودع في الصرافات يقل باستمرار والآن يمثل أقل من ثلث ما كان يودع في سبتمبر الماضي". وقال مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش في مؤتمر صحفي الجمعة أن بداية حل أزمة السيولة النقدية سيكون في يناير المقبل وأنها ستنتهي في أبريل، ولم تعلق وزارة المالية على حديث مدير جهاز الأمن. و توقع مصرفي ببنك الخرطوم – طلب حجب اسمه- تحدث ل(التغيير) أن تتفاقم الأزمة مع بداية العام الجديد، وقال "منذ الصباح وحتى نهاية اليوم لا يودع أي عميل كاش، وبنك السودان لا يوفر أي سيولة، و اتوقع كمصرفي أن تشتد الأزمة مع مطلع العام الجديد، لزيادة حوجة الناس للنقود" وأشار إلى أن التضخم يتطلب مزيد من الحوجة للنقد. واعلن رئيس الوزراء ووزير المالية معتز موسى، أن الحكومة بعد أسبوع من اليوم الأثنين 24 ديسمبر لن تتعامل بالكاش، وقال في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة " سيكون يوم 31 ديسمبر آخر يوم للتعامل بالكاش في تعاملات الحكومة"، ودعا معتز المواطنين للتعامل عبر ماكينات نقاط البيع والتخلي عن التعامل بالكاش، لعودة النقد للمصارف. وكشف مصدر من أحدى الشركات المسؤولة عن توريد ماكينات نقاط البيع، أنهم لن يتمكنوا من توفير الماكينات قريبا، ورهن استيرادها بتوفير بنك السودان دولار بالسعر الرسمي "47.5" جنيه ،وبلغ سعره في السوق السوداء (75) جنيه، وقال المصدر " بنك السودان لا يملك دولار، ويريد أن تستورد الشركات الماكينات وتبيعها للتجار والشركات بالسعر الرسمي للدولار، بعد أن تحصل على الدولار من السوق، هذا لا يمكن". وقال المصدر أن تكلفة الماكينة أكثر من (200) دولار، ويبلغ سعرها حال توفر دولار بالسعر الرسمي أكثر من (12) ألف جنيه، وتوقع أن يبلغ سعرها (20) ألف جنيه عند حصول الشركات للدولار من السوق السوداء، وأشار إلى أن وزارة المالية وبنك السودان طلبوا توفير (17) ألف ماكينة كدفعة أولى يوزع أكثر من 50% منها في الخرطوم . ومنذ تفاقم أزمة السيولة احجم التجار و الشركات عن توريد مبالغ نقدية في البنوك، وتراجعت ثقة العملاء في البنوك بشكل غير مسبوق، واضطر الأمن الاقتصادي إلى تنفيذ حملات مداهمات وايداع أموال التجار في حساباتهم في المصارف، وأشار تقرير رسمي لبنك السودان أن 98% من الكتلة النقدية خارج المصارف. وقالت رجاء مصطفى – في العقد الخامس- كانت تجلس في عتبات بنك النيلين فرع السوق العربي جوار الصراف الآلي، قالت " لم أعد أحتمل الوقوف في الصف، بعد ثلاث ساعات من الوقوف المتواصل" وقالت أنها استسمحت السيدات في الصف أن تجلس لأنها تعاني من آلام غضروف في الظهر على أن تأتي عندما يحين دورها وأفادت رجاء بأنها تقف في الصف قبل أن يتم تغذية الصراف، سألناها لماذا لا تشتري من نقاط البيع عبر بطاقة الصراف قالت " اسكن في منطقة أم القرى في أطراف أم درمان ولا توجد محلات بها ماكينات بيع، والوصول إلى البقالات الكبيرة التي بها مكنات البيع صعب و مكلف مع أزمة المواصلات، كما أننا لا نقدر على الأسعار في تلك المحلات". وانتشرت في السودان وبالذات في ولاية القضارف تعاملات ربوية، بسبب أزمة السيولة النقدية، وذلك عبر بيع الشيكات بأموال نقدية " كاش" وحذر علماء السودان عبر بيان نشر في الصحف من مغبة التعامل الربوي، وأشار البيان إلى أن بيع الشيك بالكاش يدخل ضمن التعامل الربوي. ورغم توجيهات الحكومة للمواطنين بالتعامل الإلكتروني في المعاملات التجارية، غير أن السودان يعاني من فقر شديد في البنية التحتية للتعامل الالكتروني. و قال خبراء اقتصاديون أن الخطوة لن تنجح قبل أن تتوفر البنية التحتية للبيع الالكتروني، و يرى البعض صعوبة توفيرها في ظل الأزمة الاقتصادية وشح الدولار. وشهدت أمس منطقة وسط الخرطوم جوار بنك النيلين والبنك الصناعي أمام الصرافات الآلية صفوف لافتة للنظر، بينما انعدمت السيولة في المناطق الطرفية بالخرطوموأم درمان وبحري، و تتسبب الأزمة في إرهاق شديد للناس بحسب مواطنين تحدثوا ل(التغيير). وفي أغسطس الماضي وعد معتز موسى بحل المشكلة في أكتوبر .