مناظير – زهير السراج الإستعلاء الثورى !! * اتفق تماماً مع دعوة تجمع المهنيين لجماهير الشعب للاستعداد للعصيان المدنى والاضراب العام في مواجهة محاولات المجلس العسكرى للتمسك بالسلطة واجهاض الثورة، وتجريدها من اهم اهدافها الذى يتمثل في تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تعبّر عن المحتوى الإجتماعى والسياسى للثورة وتلبى تطلعات الجماهير في الحرية والسلام والعدالة، وتكفل الحياة الكريمة لكل المواطنين بدون تمييز!! * جاءت هذه الدعوة في بيان اصدره التجمع فجر أمس (الثلاثاء 21 مايو، 2019 ) بعد فشل جولة المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكرى في الاتفاق على رئاسة المجلس السيادى ونسب التمثيل العسكرى والمدنى في عضوية المجلس، بسبب تعنت المجلس العسكرى وإصراره على الحصول على الاغلبية في المجلس السيادى ورئاسته، ورفضه لمقترح قوى الحرية والتغيير بتساوى نسب التمثيل والتناوب على الرئاسة، إلا أن المجلس العسكرى أصر على موقفه وأودى بالمفاوضات الى الفشل رغم الاتفاق على تكوين لجنة مشتركة من الطرفين لتجاوز الأزمة، وهى في رأيى محاولة أخرى من محاولات المجلس العسكرى المتواصلة لفرض الامر الواقع في حكم البلاد، وإتاحة المزيد من الوقت لسدنة النظام المخلوع للهروب الى الخارج، ولأعداء الثورة لتنظيم صفوفهم والإصطفاف خلف المجلس العسكرى لإجهاض الثورة، وتسليم زمام البلاد لقوى اجنبية لا يعجبها وجود نظام مدنى ديمقراطى في السودان!! * يبتدر البيان الحديث الى جماهير الشعب بلغة إنشائية قائلا : " انتهت بالأمس جولة جديدة من التفاوض بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري، ونستطيع أن نقول بكل وضوح إن المجلس العسكري لا يزال يضع عربة المجلس السيادي أمام حصان الثورة، ويصر على إفراغها من جوهرها وتبديد أهداف إعلان الحرية والتغيير وتحوير مبناه ومعناه. إننا في تجمع المهنيين السودانيين نرى أنه لا مناص من إزاحة العربة لينطلق حصان الثورة نحو خط النهاية، فالمجلس السيادي الذي يشترط المجلس العسكري متعنتاً أن يكون برئاسة عسكرية وبأغلبية للعسكريين، لا يوفي شرط التغيير، ولن يعبِّر عن المحتوى السياسي والاجتماعي للثورة" ثم يستمر بنفس هذه الطريقة حتى وهو يتحدث عن المفاوضات وتعنت المجلس العسكرى بدون ذكر أى معلومات، الى أن يخلص الى دعوته للجماهير بالاستعداد للتصعيد الثورى لمواجهة هذا التعنت، قائلا: "لهذا، ومن أجل تمام الوصول للانتصار نفتح دفتر الحضور الثوري للإضراب السياسي العام ونؤكد على أن ترتيباتنا التي ابتدرناها منذ بدايات حراكنا الثوري تُستكمل من أجل تحديد ساعة الصفر وإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام بجداول معينة، وندعو الجهات والمكونات التي لم تكتمل إتصالاتها مع قيادات الإضراب في القطاعات المهنية والحرفية والخدمية كافة والتي أعلنت جاهزيتها إلى التوقيع ورفع التمام". إنتهى * أكرر مرة أخرى أننى اتفق مع التصعيد الثورى بكل الوسائل السلمية المتاحة حتى تحقيق الهدف النهائى، ولكن بصراحة شديدة فإن الطريقة التى خاطب بها تجمع المهنيين جماهير الشعب والمعتصمين في الميدان فيها الكثير من الإستعلائية والغموض، فهو يمتنع تماما عن ذكر اى معلومات أو وضع الجماهير في الصورة، ما عدا الحديث عن تعنت المجلس العسكرى وتمسكه بالاغلبية ورئاسة المجلس السيادى، ثم يطلب بكل غرور من هذه الجماهير التى يتعمد تغييبها الى الاحتشاد خلفه والاستعداد للاعتصام المدنى والإضراب العام، الأمر الذى أثار الكثير من الإستياء العام!! * لولا البيان الذى أصدره الحزب الشيوعى والمعلومات التى نشرها عضو الحزب وعضو لجنة التفاوض (صديق يوسف) عن ملابسات الجلسة الاخيرة، لما عرف الشعب شيئا عن المفاوضات التى التى تجرى باسمه. نفس هذا الإستعلاء والتغييب ظلت تمارسهما قوى الحرية والتغيير في كل بياناتها ومؤتمراتها الصحفية عن مسيرة المفاوضات مع المجلس العسكرى، وما تم وما لم يتم الاتفاق عليه، بدون حتى ذكر الخطوط العريضة دعك من بعض التفاصيل المهمة!! * صحيح ان حساسية الموقف وتعقيدات الاوضاع قد تفرض أحيانا التكتم والسرية بغرض تحقيق النجاح، ولكن أن تُعلن للناس قرب الوصول الى اتفاق نهائى، وتبشرهم بأن 90 % من النقاط تم الاتفاق حولها بدون ان تعطى اى تفاصيل، ثم تصدر بعد بضعة أيام بيانا تتحدث فيه عن تعنت الطرف الآخر بدون ذكر اى تفاصيل أيضا، ثم تطلب منهم الإستعداد للإضراب والعصيان وكأنهم قطيع يسير وراءك ويتتبع خطواتك ويلبى اوامرك بدون عقل او فهم، فهو أمر غير مفهوم وغير مقبول، ولا شك انه سيضعك في نظرهم في نفس الخانة مع النظام البغيض الذى ثاروا ضده، ويعيقك عن الوصول الى الأهداف العظيمة التى فوضوك لتحقيقها !! * لا بد لتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير أن تحترم جماهير الشعب التى ثارت من أجل أن تكون صاحبة الكلمة والرأى فى إتخاذ القرار، وليس مجرد تابع يؤمر فيطيع، وإلا لماذا ثارت، ولماذا طالبت بالحرية والسلام والعدالة، ولماذا كان مطلبها الاول مدنية وديمقراطية الدولة؟! الجريدة