شن القيادي بقوى الحرية والتغيير كمال كرار هجوماً عنيفاً على وزير المالية ابراهيم البدوي وطالبه بالتنحي عن منصبه على خلفية اصراره على رفع الدعم وقال كرار في حواره مع (الجريدة): إما موازنة تشبه الثورة وإما وزير يشبه الثورة واستدرك قائلاً: لكن القضية أكبر من الموزانة، وأرجع وصفه للوزير بأنه لا يشبه الثورة لجهة أن إحدى شعاراتها الأساسية العدالة والعدالة قضية اقتصادية وليست قانونية فقط بجانب أن شرارة الثورة اندلعت بسبب زيادة أسعار الخبز في عطبرة بحجة رفع الدعم وأردف: (بالتالي فان الموازنة تحمل نفس ملامح نفس موازنة النظام البائد ولا تشبه الثورة بشكل مطلق). وأكد كرار وجود بدائل لسياسة صندوق النقد الدولي واستدرك: ولكن ان لم يكن لوزير المالية من فكرة بخلاف الارتهان لصندوق النقد الدولي فيجب أن يخلي مقعده لمن يستطيع أن يدير الاقتصاد بروح ثورية. حاورته: سعاد الخضر * استطاعت قوى الحرية اقناع وزير المالية بالتراجع عن رفع الدعم كيف تم ذلك ؟ في أول ديسمبر اختار المجلس المركزي للحرية والتغيير مجموعة من الاقتصاديين كيما تقارن الموجهات التي أصدرتها وزارة المالية بشأن موازنة 2020م مع البرنامج الاسعافي الذي سلمته قوى الحرية للحكومة الانتقالية وأعقب هذا التكوين سلسلة اجتماعات عقدتها لجنة الخبراء الاقتصاديين مع وزير المالية والطاقم الفني بالوزارة لمناقشة تفاصيل مشروع الموازنة وكان الرأي ان هذه الموازنة بالمقترحات التي تضمنتها ستعيد انتاج الأزمة الاقتصادية وستفاقم من الضائقة المعيشية ولن تحقق أي من أهداف الثورة على الصعيد الاقتصادي على سبيل المثال فان الزيادات التي إقترحتها الموازنة على سلع هامة مثل البنزين والجازولين والكهرباء ستسهم في رفع المستوى العام لبقية الأسعار وبالتالي يزداد معدل التضخم كما إن انعكاساتها سلبية على القوة الشرائية للجنيه السوداني وعلى مستوى الأجور فالبتالي فانها ستخلق وضعاً قاسياً على المواطنين، أما المقترحات بشأن تخفيض سعر الجنيه أو كما سمته الميزانية توحيد سعر الصرف فانها ستزيد تكاليف الواردات بمافيها مدخلات الانتاج وستسهم في رفع معدل التضخم أيضاً وسيزداد عجز الميزان التجاري أيضاً وعجز الموازنة العامة من جراء هذه السياسات وسندخل في نفس الدوامة القديمة المزيد من الاستدانة الداخلية والخارجية لتغطية النفقات الضرورية. * كيف تنظرون لمقترح وزير المالية الخاص بالدعم النقدي ؟ قلنا أيضاً لوزير المالية إن هذه السياسات ستجعل من مقترحات زيادة الأجور أو الدعم النقدي للمواطنين ( 300 جنيه ) غير ذات قيمة وسيبتلعها السوق في وقت وجيز، وعليه طالبنا ببدائل منطقية وعدم الارتهان لشروط صندوق النقد الدولي بما يعني سياسة اقتصادية وطنية تعتمد أولاً الموارد المحلية المتاحة واستنهاض السودانيين بالداخل والخارج والاستفادة من الامكانيات التي كانت غير مستغلة مع التأكيد على ضرورة أن تتبع كل المؤسسات الاقتصادية التابعة للأجهزة الأمنية أو التي كانت تتبع للمؤتمر الوطني لولاية وزارة المالية ( وهي أكثر من 370 شركة أو مؤسسة ) وجاء من ضمن الاقتراحات فرض ضرائب نوعية على شركات الاتصالات ( 15 % عن أرباح الأعمال بدلا عن 7 % ) وضرائب على النشاط الاستثماري العقاري مع ضرورة اعادة النظر في اتفاقيات امتياز التنقيب عن المعادن والذهب بما يضمن نصيباً من الانتاج للدولة، هذه المقترحات في اعتقادي لم تجد أذناً صاغية من وزير المالية في وقتها الذي حاول تمرير مشروع الميزانية بشكلها المرفوض عبر اجتماعات موازية مع لجان المقاومة وتجمع المهنيين واتحاد أصحاب العمل وكلهم رفضوا المشروع وخرجت بيانات من جهات سياسية أخرى ترفض سياسة رفع الدعم وتطالب باقالة الوزير وتغيير الموازنة، في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي انعقد اجتماع بين وفد ممثل للمجلس المركزي للحرية والتغيير والخبراء الاقتصاديين مع رئيس الوزراء وبعض من الوزراء توصل الاجتماع الى اتفاق برفض رفع الدعم أو تخفيض الجنيه وايجاد بدائل أخرى دون المساس بالامتيازات الخاصة بزيادات الأجور خلال العام الحالي أو توسيع الخدمات الصحية والتعليمية على أن ينعقد مؤتمر اقتصادي في مارس القادم يضع سياسة وطنية تنسجم مع أهداف ثورة ديسمبر وتنعتق من الاشتراطات الدولية ولكن صدرت تصريحات أخرى من وزير المالية خلال الأيام الماضية توحي بأن قضية رفع الدعم ستطرح مرة أخرى بعد المؤتمر الاقتصادي وكأنما تأجل تنفيذ القرار حتى مارس بينما كان الإتفاق ينص على عدم زيادة أسعار السلع بحجة رفع الدعم الى نهاية الموازنة وأن المؤتمر المعني لا شأن له بالموافقة أو عدمها على رفع الدعم وانما للتخطيط الاقتصادي السليم ووضع خارطة طريق لمسار اقتصادي يحكم الفترة الإنتقالية على ضوء اعلان الحرية والتغيير. * كيف تنظر لتراجع وزير المالية بعد اتفاقكم معه على الدعم النقدي..؟ في تقديري ان وزير المالية بالاصرار على مشروع الميزانية المرفوض شعبيا فان هذا الأمر لا يعني غير استنتاج واحد وهو أنه قدم تعهدات لصندوق النقد الدولي باتخاذ سياسات محددة نظير الحصول على قروض أو معونات أو تعهدات بالغاء جزء من ديون السودان السابقة على الرغم من أننا قد أكدنا على ضرورة انفتاح السودان على العالم بمافيه صندوق النقد الدولي أو البنك ولكن وفق مصالح الوطن وارادة الشعب دون الارتهان للشروط واضعين في البال هذا السودان يذخر بامكانيات اقتصادية كبيرة وأن النظام البائد اتخذ منهج تحطيم القطاعات الانتاجية لفائدة الرأسمالية الطفيلية ومتى ماكانت هنالك خطة عملية لاعادة تأهيل القطاع الزراعي والصناعي فان الاقتصاد سيوضع على مسار صحيح، أيضاً اعادة النظر في الإستثمارات الأجنبية بالبلاد وقوانين الإستثمار نفسها بما يجعل الإستثمار داعما للاقتصاد الوطني وليس خصماً عليه وقلنا بالواضح إما موازنة تشبه الثورة وإما وزير يشبه الثورة لكن في تقديري القضية أكبر من الموازنة. * لماذا جئتم بوزير وتصفونه بأنه لا يشبه الثورة ؟ لا يشبه الثورة لأن إحدى شعاراتها الأساسية العدالة والعدالة قضية اقتصادية وليست قانونية فقط والأمر الثاني إن شرارة الثورة اندلعت بسبب زيادة أسعار الخبز في عطبرة بحجة رفع الدعم وبالتالي فان الموازنة تحمل نفس ملامح نفس موازنة النظام البائد ولا تشبه الثورة بشكل مطلق. * هناك سؤال جوهري يفرض نفسه الا توجد حلول اقتصادية سوى التبعية لصندوق النقد الدولي..؟ نعم توجد دول كثيرة خرجت من طوق التبعية واتخذت القرار الوطني فيما يتعلق بتطوير اقتصادها بما في ذلك أثيوبيا ولكن ان لم يكن لوزير المالية من فكرة بخلاف الارتهان لصندوق النقد الدولي فيجب أن يخلي مقعده لمن يستطيع أن يدير الاقتصاد بروح ثورية المهم أن الشعب السوداني الذي صنع ثورة استشهد فيها المئات لن يبخل على الحكومة بالدعم المالي ان احتاجت وكانت مقترحاتنا قد تضمنت انشاء صندوق اعمار وطني تنموي يساهم فيه السودانيون بالداخل والخارج بودائع مستردة لفترة زمنية محددة لاستخدامها في تمويل مشروعات التنمية وبخاصة في المناطق المتأثرة بالحرب. * ماهي البدائل التي اقترحتموها بدلاً من رفع الدعم ؟ اقترحنا أن تطلق الحكومة نداء للسودانيين للمساهمة في دعم الاقتصاد من خلال صندوق ودائع لأجل زمني محدد (3 الى 5 سنوات) ويتم استردادها بدون فوائد بعد نهاية الفترة هذه الفكرة تغنينا عن المزيد من الديون والاشتراطات الخارجية. إذاً كيف تقرأ استمرار الجدل حول رفع الدعم على الرغم من سقوط النظام بسببه ؟ هذه القضية أكبر من الميزانية وهي في تقديري صراع بين مشروعين اقتصاديين التحرير الاقتصادي، واخراج الدولة من النشاط الاقتصادي، الثاني الاقتصاد المختلط والذي يقوده القطاع العام بالاضافة الى قطاعي التعاوني والخاص وفق خطة اقتصادية ذات مدى زمني محدود وهذا ما كان متفق عليه في برنامج السياسات البديلة لاعلان قوى الحرية والتغيير، إذاً الموازنة كانت تعبر عن المشروع الأول وهي تتناقض مع البرنامج الإقتصادي لقوى اعلان الحرية والتغيير وبالتالي فقد استحق وزير المالية لقب وزير لا يشبه الثورة، هذه الموازنة التي قدمها الوزير قبل أن ترفضها قوى الحرية رفضتها الجماهير عبر لجان المقاومة. * برأيك لماذا ظلت حكومات السودان تعتمد روشتة صندوق النقد الدولي؟ سياسات صندوق النقد الدولي ليست جديدة في السودان فقد استمرت طيلة 41 عاماً كانت نتيجتها المباشرة افقار غالبية الشعب السوداني، وتدمير الاقتصاد كما تنبيء به كل المؤشرات السالبة في الاقتصاد (عجز الميزان التجاري، عجز ميزان المدفوعات، عجز الموازنة، ارتفاع معدلات التضخم، انهيار سعر العملة الوطنية الخ)، لا يمكن أن نجرب المجرب وقلنا ذلك، وسياسات الصندوق نفسها وهو ذراع الإمبريالية العالمية التي تريد اخضاع الشعوب ونهب الثروات والتحدي الآن أمام الشعب السوداني وكل الشعوب التي ترفض الهيمنة أن لا ترهن القرار الإقتصادي لمشيئة واشنطون وأن تدير السياسة الاقتصادية بحسب تطلعاتها و آمالها والسؤال هل يستطيع أهل السودان أن يخرج من الفخ الإمبريالي؟ نعم يستطيع. * وهل يترتب على عدم تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي عقوبات كأن يتسبب ذلك في عدم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب؟ أقصى مايستطيع الصندوق وغيره من المانحين يمتنع عن تقديم قروض أو يحرض الآخرين على عدم مساعدتك اقتصادياً، ممكن تحدث ضغوط سياسية، ولكن كل ما يمكن أن نخسره من جراء تلك الضغوط لايعادل خسارة المشروع الوطني الإقتصادي الذي اتفقت عليه كل القوى السياسية المعارضة من 2014 م والذي ينادي بالابتعاد عن التبعية الاقتصادية واستنهاض الزراعة والصناعة والاعتماد على الامكانات الذاتية من أجل النهضة الاقتصادية وتحقيق الحياة الكريمة للمواطن السوداني. * وماذا عن وضع الشركات التابعة للنظام البائد..؟ طالبنا وزير المالية بالزام منظومة الصناعات العسكرية بالبلاد لدفع نسبة مقدرة من أرباحها للمالية والغاء حصولها على أي إستثناءات للاعفاءات الجمركية والضرائب، ووضع يد المالية على الشركات الأمنية والدفاعية والتابعة للمؤتمر الوطني المحلول وتم تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين للمكون العسكري والمدني بالسيادي وأضيف لها ثلاثة من قوى الحرية والتغيير بخلاف لجنة تفكيك الانقاذ للنظر في مصير شركات النظام البائد. وأبلغنا وزير المالية بأن تلك اللجنة الهدف منها التوصل الى حلول لوضع تلك الشركات وشددنا لاسترداد الأموال المنهوبة والتي ورد تفاصيل كثير منها في تقرير المراجع العام وبالأسماء بالاضافة الى المذكرات التي يقدمها تحالف المزارعين والتي تم فيها حصر الأصول والممتلكات اضافة الى الشركات والجهات التي كانت خارج الموازنة لمنحها استقلالية مالية ولا تقوم بتوريد عائداتها للخزينة العامة وأبرزها الكهرباء والإمدادات الطبية حيث كانت ايراداتها مجيرة لصالح الوطني، وتقدمنا بمقترح لوزير المالية لاحتكار الذهب للحكومة عبر شركة مساهمة عامة تشرف على تصدير الذهب لضمان استفادة البلاد من عائداته في حل أزمة النقد الأجنبي. * ولكن الا يتعارض ذلك مع سياسة التحرير الاقتصادي؟ طالبنا وزير المالية بايقاف تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي واحلال السياسات الوطنية التي سيخرج بها المؤتمر الاقتصادي محلها.