شهدت داخلية الشهيد حسين حسن حسن لطلاب جامعة الخرطوم الأسبوع المنصرم احداثاً تناقلتها وسائل الإعلام بأوجه متعددة خاصة بعد إخلاء الشرطة لساكنيها في الساعات الأولى من الصباح الباكر من ذلك اليوم، وقد انتقدت جهات عديدة هذه الواقعة وتعاطفت مع المعتقلين، بل وصل الأمر لقبة البرلمان، حيث سرب النائب البرلماني عمر آدم عن دائرة شطاية بجنوب دارفور تصريحات للصحافيين بعزمه رفع توصية بسحب الثقة من وزير الداخلية. «حوادث وقضايا» ب «الإنتباهة» جلست للاطراف المعنية، ومن داخل داخلية حسين حسن حسين استمعنا للأستاذ حسين سليمان مبروك مدير المجمع الذي قال: «إن المجمع مخصص لطلاب جامعة الخرطوم فقط، ويشمل ست داخليات، والمعنية بالأحداث هي داخليات الوسط التي تبلغ سعتها «1651» طالباً، ويسكن بالمجمع أكثر من «2000» طالب، وبما انه يقع في قلب العاصمة فقد اصبح مرغوباً لدى كثير من الطلاب واقاربهم واصدقائهم حتى من الجامعات الأخرى، فهذه الزيادة تؤثر على مستوى خدمات طلاب جامعة الخرطوم، خاصة عند استخدامهم للمرافق العامة والمياه وغيرها، وشعرنا بأن الداخلية بوضعها الحالي تعاني جملة عيوب وتؤثر بشكل مباشر على طالب جامعة الخرطوم صاحب الحق في هذه المساكن، فاتخذنا قراراً بإعادة تأهيل وصيانة الداخليات مستفيدين في ذلك من تعليق الدراسة بجامعة الخرطوم، ومستندين في ذات الوقت إلى لائحة الصندوق القومي لرعاية الطلاب التي تنص على أن وجود الطلاب في الداخليات مربوط بالتقويم الدراسي للجامعات، كما أننا قررنا أن تكون الداخلية مخصصة لطلاب الجامعة المعنية فقط، لذلك شملت أعمال الصيانة تقسيم الداخليات إلى ثلاث وحدات قائمة بذاتها حسب الكليات، ليتم إحكام دخولها بالبطاقة فقط، وحتى نتمكن من عمل هذا الأمر تم إعلان الطلاب الموجودين بالداخليات بالإخلاء لأغراض الصيانة، وهذا الإعلان شمل الصحف اليومية والإعلانات المباشرة بالداخليات واللقاءات المباشرة، وخصصنا ممثلاً لنا لمعالجة أمر الطلاب الذين لا يستطيعون السفر إلى ذويهم، إلا أن الأمر كان غير ذلك، ولم يأت لنا طالب من جامعة الخرطوم فمعظمهم من خارج الجامعة، وبينهم موظفون لا علاقة لهم بالتعليم العالي، كما أن هذه الخطوة تم اتخاذها لصالح طلاب جامعة الخرطوم لا غيرهم، وقد تم التنسيق لهذه الخطوة بالترتيب مع عمادة شؤون الطلاب بالجامعة واتحادهم وادارة الجامعة، وقد باركوا جميعاً هذا العمل، ونؤكد أن طلاب الوسط الذين تم إخلاؤهم «2450» طالباً لم يسجل منهم سوى «664» طالباً، منهم «69» فقط من المستحقين للسكن بالداخلية». } الإخلال بالسلامة دونت النيابة بلاغاً تحت المادة «77» الإخلال بالأمن والسلامة العامة، تقدم به الصندوق القومي لرعاية الطلاب، وأفاد فيه بأن هناك طلاباً يقيمون بداخلية حسين حسن حسين بطريقة غير قانونية، وإن الدراسة معلقة بجامعة الخرطوم، ويريد الصندوق القومي لرعاية الطلاب إخلاء هذه الداخليات لإجراء الصيانة، ووجود الطلاب يعرقل ذلك. وبناءً على توجيهات النيابة وإنفاذاً للقانون توجهت الشرطة لتنفيذ أمر الإخلاء، واوقفت «329» شخصاً كانوا بالداخليات. وكشف مصدر بالاتحاد العام للطلاب السودانيين أنهم عندما توجهوا لأقسام الشرطة لاطلاق سراح طلابهم وجدوا بينهم «93» طالباً فقط والبقية من غير فئات الطلاب، أي حوالى «70%» من كانوا بالداخليات ليسوا طلاباً. وتم إخلاء سبيل الطلاب فوراً واستكمال بقية إجراءات الآخرين. ويضف مصدر شرطي أن الشرطة نفذت أمر الإخلاء بناءً على بلاغ من الجهة المعنية ووفق سلطات منحها لها القانون، حيث ورد في الفصل الرابع من قانون الشرطة لسنة 2008م، حسب المادة «31»، تكون واجبات قوات الشرطة على الوجه الآتى: « أ» المحافظة على أمن الوطن والمواطنين، «ب» سلامة الأنفس والأموال والأعراض، «ج» منع الجريمة واكتشاف ما يقع منها، «د » ترسيخ سيادة حكم القانون، «ح»، مباشرة واتخاذ الإجراءات والتدابير لوقاية وحماية الممتلكات والمرافق العامة والمنشآت الخاصة، وقد تم توجيه تهم تحت المادة. 77 «1» الإزعاج العام التي تنص على: يعد مرتكباً جريمة الإزعاج العام من يقع منه فعل يحتمل أن يسبب ضرراً عاماً أو خطراً أو مضايقة للجمهور أو لمن يسكنون أو يشغلون مكاناً مجاوراً أو لمن يباشرون حقاً من الحقوق العامة. العميد الشاذلي يكتب عن فقيد الدفعة «49» الزمان: عصر يوم 1/2/1982م ..المكان: كلية الشرطة كان هذا أول يوم لمنسوبي الدفعة «94» آنذاك بكلية الشرطة، وبعد يوم شاق وطويل ومتعب قضيناه في ترتيبات إدارية وتوزيع المهمات والتوزيع على الثكنات والفصائل وغيرها، تناولنا الغداء وجلست لوحدي وبدأت أفكر في مقبل أيامنا بالمؤسسة العريقة. وسمعت أحداً يلقي عليَّ التحية وقطع عليَّ التفكير، فإذا أمامي شاب نحيل الجسم وضيء القسمات جميل المحيا سلّم عليَّ وجلس وعرفني بنفسه قائلاً: أخوك حسن محمد أحمد البشير من أبناء الحاج عبد الله، وقمت كذلك بتعريف نفسي له. بعد ذلك دلفنا للأحوال الاجتماعية، وفي هذا الأثناء سمعنا النداء لصلاة العصر بمسجد الكلية بالناحية الغربية من موقعنا الذي نتجاذب فيه الحديث، فذهبنا سوياً للمسجد، وأتذكر أن الذي أمَّ الصلاة في ذلك اليوم هو السيد النقيب آنذاك العادل العاجب «الفريق الآن ونائب مدير عام قوات الشرطة». وبعد الصلاة توجه هو إلى غرفته بثكنات السرية الأولى وذهبت أنا لثكنات السرية الثانية حيث هو بالفصيلة الثالثة وأنا بالفصيلة الخامسة، ومنذ ذلك اليوم تحاببنا في الله واستمر تواصلنا منذ ذلك اليوم وحتى يوم أن تلقيت إشارة وفاته عصر الجمعة 7/2/2012م. إنه الأخ العميد حسن محمد أحمد البشير الرجل الأمة الذي كان عنواناً للصبر والإخاء النبيل مع سعة الصدر والقوة في الحق ولين في غير ضعف، وكان ذا نجدة ومروءة، فيستحيل أن يجدك في معضلة أو بلوى فيتهرب أو يزوغ منك. وكان لا يهتم بسفاسف الأمور ولا يميل إلى مباهج الحياة، ومنذ أن عرفته ما رأيته يشتغل بلهو لا بغناء ولا سينما ولا حفلات. ولم يضعف أمام الملذات التي لا يخلو منها الشباب إبان قوتهم، وكان له في ذلك رأي صارم، فقد كان مستقيماً في مسلكه فلم يرمه أحد بريبة أو بفاحشة أو بخيانة أمانة أو غلو، كان بسيطاً في بيته وفي مسكنه ومشربه وسائر شؤون حياته.. كان صبوراً على الناس لا تراه في مكتبه أو مسكنه إلا محاطاً بأصحاب الحاجات، يدِّخر لكل سؤال منهم إجابة ولكل سائل منهم عطية. فقد كان رحمه الله بشوشاً ودوداً حمَّال أثقال جوال آفاق. رطب اللسان بكلام الحكم والمواعظ، ينشرح صدره لحديث الأئمة في المنابر.. كان رحمه الله للفقير عاطفاً وللمسكين واهباً ولليتيم والحزين مفرحاً وللمعسر مفرجاً. كان متواضعاً في شخصه وأميناً في نفسه ومع غيره، وكان طاهراً في روحه وجسده. وقد كان أخونا حسن يتمثل قول الإمام الشافعي حين أنشد يقول: وأفضل الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات قد مات قوم وماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات وكان آخر تواصل بيني وبينه يومي الثلاثاء والأربعاء قبل وفاته بيومين في أمر والله لم يكن أمر دنيا بل كان في موضوع اجتماعي يخص أحد الإخوة. وكان صباح الجمعة يوم وفاته حيث وصلتني فيه آخر رسالة منه ضمن تواصل الجمعة، حيث جاءت في الرسالة موعظة تقول: «من آمن بالله وعرف حقيقة دنياه وطن نفسه على احتمال المكاره ومواجهة الأعباء مهما ثقلت وحسن ظنه بربه، وأمل فيه جميل العواقب وكريم العوان، كل ذلك بقلب لا تشوبه ريبة ونفس لا تزعزعها كربة واثقة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أمر المؤمن كله خير». تلك هي مشيئة الله تعالى ولا راد لمشيئته، وكان قضاء الله النافذ ولا نملك إلا أن نسلم لقضائه ولا نملك إلا أن نردد ما ورد في الأثر النبوي «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا حسن لمحزونون، ونردد في نفس الوقت «الموت نقاد بيده لآلئ يختار منها الجياد». أخي حسن لم تفقدك أسرتك لا زوجتك المكلومة ومصطفى وإخوته، فوالله افتقدناك وتركتنا نذرف الدموع وبنا ما بنا من أحزان، ولكنه المصير المحتوم «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» سورة الرحمن الآية «6 7». اللهم اغفر له وارحمه وانزل عليه شآبيب رحمتك. «إنا لله وإنا إليه راجعون». عميد شرطة شاذلي محمد سعيد الدفعة «49»