بعد ان تخرجنا وبحثنا عن كل الوظائف الممكنة والمستحيلة القريبة والبعيدة وكل الدروب جربناها ومشينا كل الخطاوي الممكنة وبنقدر عليها ونعرفها وحاولنا وتعلمنا من اخطائنا دروس وعبر اضحت هي فيما بعد مددا لنا باليقين علي ضرورة مجابهة الفساد وجها لوجه ودون اختباء خلف اية امال او احلام لايمكن ان تجد طريقا امام من تمادوا في قتلها بل وأدها في المهد قبل حتى ان ترى النور او تتبلور في وجوهنا ابتسامة امل مريحة تنفرج لها اساريرنا ولو لثوان معدودة .وقطعت الطريق على كل من كان يحدثنا عن جدوى الحل الذاتي والفردي لها باعتبار ان تسير وتمهد لنفسك الطريق وبعدها تفكر في الحل العام للاشكالات فاضحى يقيننا راسخا بان مشكلة الفرد السوداني التي يعانيها لاتحل الا عن طريق واحد بانخراطه في العمل من اجل الحل العام للاشكالات في الوطن بمفهومه العريض والمختلف والواحد . لكن الجانب الغاصب للاحلام والامال وسارق القوت باسم القدسية والكهنوت كان قد سبقنا خطوة اخرى وهي خطوة انه بعد ان سرق كل الحلم بات يبيع ما توافر لديه من احلامنا للحالمون انفسهم وكانت هذه بدعة ماسبقهم بها احد من العالمين وكان لابد لنا ان نسير من جديد لنتعلم بالطريقة الاكثر صعوبة والاكثر رسوخا في ذات الوقت فكان حتما ان نخوض التجربة وقد كان ذاك في لحظة يأس وقنوط لمحنا اعلانا يبرق في احدى الصحف الاعلانية المنتشرة في ذاك الزمان ونصه الاتي: (عقودات لعمال في شركة الحفر الوطنية برواتب مغرية والفرص محدودة سارع بالتسجيل، كل المطلوب جواز سفر ساري المفعول وصورتين فوتوغرافيتين وثمن العقد يدفع بعد اجراء المعاينة الاولية التي سيقوم بها ممثلين لوزارة العمل ومندوب عن الشركة الخليجية ومندوب الوكالة ). المكان: الخرطوم بحري –شارع البلدية_ عمارة طلب_وكالة الوفاق للاستقدام والاستخدام الخارجي الزمان :17 يناير 2010 وسارعنا بالتقديم ارفقنا الصور الفوتوغرافية والجوازات في ملف كتب عليه اسم مقدم الطلب والوظيفة المراد الالتحاق بها عامل حفر –سائق تاكسي وكنت انا من عمال الحفر باعتبار انني درست هندسة الحفر وكان يوم التقديم حافلا بالاحداث. استيقظت باكر واتصلت بصديق لي وانا في طريقي نحو محطة الباصات والتقينا هناك واتجهنا الى مدينة بحري نحسب الدقائق والثواني كي نصل الى الوكالة كي نقدم اوراقنا ونعد انفسنا لوظيفة رغم انها لاتتناسب مع مؤهلاتنا لكنها اضحت بعد سنوات (العطالة) حلما لايصدق . وصلنا هناك ووجدنا الكثيرون يحملون اوراقهم ويتسابقون الى المكتب ويقدمون اوراقهم الى عدد من الموظفات يأخذن بعض البيانات بصورة الية - رقم تلفونك كام؟ - .......... - خلاص خلى التلفون فاتح عشان حانتصل بيك ونحدد ليك يوم المعاينة وهكذا مضت الامور بشكل عادي والتقيت هناك كثير من زملاء الدراسة والمعارف ممن لم التقيهم من فترة طويلة وكل يحكي لي عن سوء حاله واضمحلال احلامه حتى صار يحلم بعمل يؤمن له مواصلاته وسجائره او احدهما فقط دون جدوى واغلب من كان هناك يعمل في السوق تجارة رصيد يركضون وراء لقمة تسد الرمق ويطاردهم البوليس والكشات ايضا بحثا عن مايسد رمقهم مظلوم يظلم مظلوم في عهد صار فيه الظلم كائنا له الف الف قدم وساق ويد وعين واعتادت عفونته الانوف فماعاد يبين من رائحة الصرف الصحي الطافح في موقف الخرطوم والناس تعبر فيه بصورة تلقائية كانه حوض زهور وياسمين فتجد بعض الفتيات يضعن ايديهن في انوفهن ليظهرن انهن غير مستسيغات الرائحة الكركرية المتعافنة وهذا فقط ليبدين انهن مازلن رقيقات واجهزة الاحساس تعمل لديهن بشكل فعال وهذا مفهوم للحفاظ على ماتبقي من ادمية للانسان السوداني المطحون تحت وطأة الظالمين . ولابد من الشراسة لتنال ما تعدي به يومك الحالى كما كان يقول احد الظرفاء في الحي (العمة في الكتف والعيشة ختف). ملحوظة : كل الوقائع هنا حقيقية والاسماء سليمة لتعرية الفساد وكشفه وتوضيحه للناس عل ذلك يعالج مافينا ويخزي الفاسدين ويشفي صدور قوم مظلومين ونواصل ,,,,,,,,,,,,,,, حسن العمده هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته